ابتزاز تركي بخصوص اللاجئين.. والاتحاد الأوروبي يستعد للرد

الأربعاء 04/مارس/2020 - 01:01 م
طباعة ابتزاز تركي بخصوص خاص - برلين
 
تزايد الغضب الأوروبي من تنصل الوعود التركية بالاتفاقية المبرمة مع الاتحاد الأوروبي بخصوص اللاجئين، وقام كل من رئيسة المفوضية الأوروبية اورزولا فون دير لاين ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال ورئيس البرلمان الأوروبي دافيد ساسولي بزيارة بعض المواقع باليونان قرب الحدود التركية، للتضامن مع اثينا فى أزمتها الحالية، وبحث خطوات عاجلة للتعامل مع الموقف.
تنصل انقرة مع اتفاقها مع الاتحاد الأوروبي بخصوص وقف تدفق اللاجئين وخاصة السوريين إلى اوروبا، منح الضوء الأخضر للحكومات الأوروبية فى التعامل مع الموقف، وبحث سبل فرض عقوبات مع أنقرة، ومطالبتها بإستعادة الأموال التى سبق وان خصصتها دول الاتحاد الأوروبي منذ سنوات، كما يجري مراجعة وتقييم كافة الاتفاقات الموقعة مع أنقرة خشية تراجعها وعدم الوفاء بها مستقبلا.

من جانبها أكدت فون دير لاين على التضامن الأوروبي الكامل مع اليونان، فى ضوء إعلان تركيا من جانب واحد عدم عرقلة تدفق اللاجئين إلى اليونان وبلغاريا من أراضيها، وهو ما يهدد أوروبة بموجة جديدة من اللاجئين كما حدث فى اكتوبر 2015.
شددت فون دير لاين على أنه سيتم كل أشكال الدعم اللازم لليونان لمساعدتها في مواجهة تدفق اللاجئين القادمين عبر تركيا المجاورة، والإشارة إلى أن من يسعون إلى اختبار وحدة أوروبا سيخيب أملهم، موضحة بقولها " لن تضعف الضغوط من عزيمتنا، ووحدتنا ستنتصر".

بينما قام المفوض السامي للشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل والمفوض الأوروبي لإدارة الأزمات يانيز ليناريتش بزيارة إلى أنقرة لإجراء محادثات "على مستوى رفيع" حول الوضع في سوريا.
ويسعي بوريل إلى الحصول على وعود تركية بالتراجع عن قرارها الأخير، احتراما للاتفاقيات الموقعة بين  أنقرة والاتحاد الأوروبي، وإلا سيكون هناك خطوات تصعيدية، خاصة وأن الاتحاد الأوروبي لا يتهاون فى مثل هذه الأمور، خاصة وأنه مشكلة ستعانى منها كل دول الاتحاد وليس دولة بعينها.
هذا الموقف الحاد هو نفس ما اقدم مستشار النمساوي سيباستيان كورتس، والذى رفض الخطوات التركية الأخيرة، معتبرا بأنها "ابتزاز" الاتحاد الأوروبي عبر فتح حدودها أمام آلاف المهاجرين واللاجئين الساعين للتوجّه إلى أوروبا. 
شدد على أن ما حصل يعد بمثابة "هجوم تشنّه تركيا على الاتحاد الأوروبي واليونان، فهم  يُستخدمون للضغط على أوروبا، لا ينبغي أن يكون الاتحاد الأوروبي عرضة للابتزاز".

كانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وصفت الخطوات التركية الأخيرة بأنه من غير المقبول أن يعبر أردوغان وحكومته عن استيائهم على حساب اللاجئين، بدل التعاطي معنا كاتحاد أوروبي".

أوضحت أنه غير المقبول أن يتم تحميل هذا الآن على كاهل اللاجئين الذين وضعوا الآن في موقف يذهبون فيه إلى الحدود وينتهي بهم إلى طريق مسدود فعليًا".، معتبرة أن الحل هو التفاوض مع تركيا "حتى نعود إلى الوضع الذي كنا عليه سابقًا، وخصوصًا أن تحترم أنقرة "التزاماتها بدعمنا حتى مع ازدياد العبء".
ويري مراقبون أن هذه الخطوات التركية ما هى إلا محاولة ابتزاز صريحة من أنقرة للحصول على مزيد من الأموال، وهى ما اعتدات عليه تركيا فى السنوات الأخيرة، وهو ما كشف عنه كريستيان براكل، مدير مؤسسة هاينريش بول الألمانية بقوله "الاتحاد الأوروبي هو الذي جعل نفسه قابلاً للابتزاز من قبل تركيا، فلو اتفقت الدول الأوروبية على سياسة لجوء موحدة، لم يكن سيبقى لأردوغان سوى إمكانيات ضغط أقل بكثير".
أضاف بقوله احتمالية تنفيذ أردوغان لتهديداته أقل مما قد يعتقد هو نفسه، رأينا أن عشرات الأشخاص شقوا طريقهم اليوم إلى الحدود اليونانية والبلغارية، لكن لا يمكن الحديث عن موجة لجوء جماعية، وهذا دليل على أنه ليس من السهل التحكم بحركات جماعية لأشخاص من سوريا وأفغانستان، على عكس ما يدعي أردوغان دائماً". 
أمام جوست ناومان، باحث ألماني وخبير بشئون اللاجئين بقوله: وحدة الاتحاد الأوروبي الآن على المحك، وإما أن يتم تقديم موقف واضح ومحدد لمنع أردوغان من  المضي قدما فى تهديداته، وإلا ستكون هناك إشكالية كبري لدى دول الاتحاد خلال الفترة المقبلة.
طالب ناومان بضرورة استعادة الأموال التى سبق وحصلت عليها أنقرة فى السنوات الأخيرة، ومحاسبتها على التنصل من هذه الالتزامات، فما تم انفاقه ليس منحة او هدية مجانية، وإنما وفقا لالتزامات محددة، وطالما لم تفي بها قنرة فلابد من إستعادة هذه الأموال سريعا.
شددة على ضرورة أن تقوم دول الاتحاد الأوروبي باتخاذ تدابير مستقبلية لمنع تراجع انقرة او غيرها من الدول التى لها التزامات مع الاتحاد الأوروبي، فالعالم اليوم بمر بالعديد من الأزمات، ومنها انتشار فيروس كورونا وما قد يسببه من تراجع النمو الاقتصادى العالمى، ولذا ليس من المقبول الدخول فى أزمات جديدة من دول لا تفي بالوعود مثل آنقرة.

حتى الآن أشار كل من الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة إلى أن أنقرة لم تعلن "رسمياً" عن تغيير موقفها بالنسبة للحدود، إلا أن هناك مخاوف من نقض أنقرة لاتفاقية اللاجئين التي وقعتها مع الاتحاد الأوروبي في 2016، إلا أن كل الأمور تشير إلى أن اتفاقية اللاجئين قد انتهت إذا نظر إليها المرء كما كانت مكتوبة بالضبط.
 
وتتصاعد المطالب فى الأوساط الألمانية بضورةر محاسبة أنقرة على هذه الخطوة والرعونة فى التعامل مع الموقف، ودعا قيادات من الحزب المسيحي الديمقراطي إلى ضرورة التوصل إلى عمل أوروبي متضافر وعاجل من أجل تخفيف حدة الوضع بالنسبة لأزمة اللاجئين على الحدود التركية-اليونانية.

أوضح أرمين لاشت، المرشح لرئاسة للحزب  خلفا لكرامب كارنباور زعيمة الحزب ووزيرة الدفاع الألمانية الحالية، على أهمية الوصول لحلول إنسانية،  ضرورة الحيلولة دون أن "يتم استخدام اللاجئين كوسيلة ضغط مثلا ضد ألمانيا وأوروبا".

طاالب كل من روسيا وتركيا بصفة خاصة يمثلان أطرافا فاعلة خارجية "تتسبب في تهيئة وضع حول إدلب ينشأ عنه حركات لجوء جديدة، والتوقف  عن اتخاذ خطوات تعمل على تصعيد الحرب الأهلية في سورية، لاسيما على حساب الناس، يجب التواصل معها بخطوات دبلوماسية".

شارك