رياح الأوروبيين تأتي بما لا تشتهي تركيا.. أوروبا تغلق الأبواب أمام محاولات ابتزاز أردوغان لها بورقة اللاجئين

الثلاثاء 10/مارس/2020 - 01:19 م
طباعة رياح الأوروبيين تأتي فاطمة عبدالغني
 
بعد أن فشلت تصريحات أردوغان العدائية في ابتزاز دول الاتحاد الأوروبي للحصول على المزيد من دعم المجتمع الدولي، سعى الرئيس التركي لتهدئة خلافات ساهم في تأجيجها مع الأوروبيين بشأن اللاجئين خلال زيارته أمس الاثنين 9 مارس لعاصمة الاتحاد الأوروبي "بروكسل".
فبعد اجتماع دام نحو ساعتين مع الرئيس التركي أردوغان، أعلنت المفوضية الأوروبية تمسكها باتفاقية اللاجئين، التي وقعتها مع تركيا عام 2016. 
وقالت رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين في مؤتمر صحفي عقب الاجتماع إن "الاتفاقية لا تزال سارية والآن سنقوم بتحليل الأجزاء التي لم يتم تنفيذها وسبب ذلك". 
ومن جهته أضاف رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال أن الخلافات في الرأي المتعلقة بتنفيذ الاتفاقية سيقوم بتوضيحها جوزيف بوريل منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي ووزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو مع فريق من الخبراء خلال الأيام المقبلة.
وامتدح ميشال وفون دير لاين المباحثات التي عقداها مع أردوغان، ووصفتها رئيسة المفوضية الأوروبية بـ"البناءة". غير أن الاثنين لم يذكرا أين نتائج ملموسة لتلك المحادثات.
بدورها، أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية، ضرورة إعادة فتح قنوات الحوار مع تركيا، مضيفة أن اللقاءات هي من الشروط الأساسية لحل الأزمة على الحدود اليونانية.
من ناحية أخرى، وعلى خلاف ما ورد في الاعلان الرسمي الاوروبي في عدم العودة عن الاتفاق كما لم ترد ولو اشارة لاحتمال توقيع اتفاق جديد، اطلقت وسائل الاعلام التركية حملة تضليل جديدة، اذ ذكرت وكالة انباء الاناضول- الذراع الاعلامية لحزب العدالة والتنمية الحاكم- ان  تركيا والاتحاد الأوروبي  اتفقا على مراجعة اتفاق 18 مارس 2016 بشأن الهجرة، عقب قمة جمعت أردوغان مع مسؤولين أوروبيين.
وأكدت الوكالة أن الممثل الأعلى للاتحاد للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، جوزيف بوريل سيبدأ مع وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، العمل حول اتفاقية الهجرة الموقعة في 2016.
ولكنها أوضحت أن الغاية من هذا العمل يتمثل في الوصول إلى فهم مشترك من قبل الأطراف المعنية، لاتفاق 18 مارس.
في غضون ذلك، أعلنت الحكومة الألمانية أن تحالفا من دول الاتحاد الأوروبي يعتزم استقبال ما يصل إلى 1500 مهاجر قاصر تقطعت بهم السبل حالياً في الجزر اليونانية.
ودعت الحكومة الألمانية أمس، دولاً أوروبية للانضمام إلى ما أسمته "تحالف الراغبين في انتشال الأطفال والقصر من مخيمات اللجوء على الجزر اليونانية والحدود الأوروبية التركية".
جاء ذلك، في ورقة قدمتها حكومة برلين للصحفيين عقب اجتماع للائتلاف الحاكم المكون من المحافظين والاشتراكيين الديمقراطيين مساء أمس الأول، على خلفية الأوضاع الكارثية لمئات آلاف اللاجئين على الحدود اليونانية - التركية وعلى الجزر اليونانية القريبة من الأراضي التركية. 
ووفق القرار الذي أعلنته الحكومة الألمانية، فإن طرفيها اتفقا على البدء بإجراءات جلب الأطفال والقصر من مخيمات اللجوء؛ وذلك في إطار ما أطلقا عليه "تحالف الراغبين"، وهو مصطلح أطلقته الحكومة الألمانية في دعوة منها إلى الدول الراغبة في المساهمة بحل هذه المشكلة. 
وأضافت الحكومة أنها تجري مشاورات مع حكومات أوروبية أخرى لتوسيع نطاق هذا التحالف، معربةً عن استعدادها في هذا الإطار إلى تحمل جزء كبير من المسؤولية عن مصير هؤلاء الأطفال والقصر. 
وبحسب رئيسة حزب المستشارة الألمانية المسيحي الديمقراطي انغريب كرامب كارنباور، فإن دولا أوروبية أخرى مستعدة للمشاركة في هذا التحالف.
وقالت كارنباور في تصريحات إعلامية، إن "هناك بلداناً أخرى ألمحت أيضاً للمشاركة في هذا التحالف من بينها فرنسا"، مضيفة "أنا متفائلة بأن هذا التحالف لن يتكون فقط من دولتين" في إشارة منها إلى بلادها وحليفها الأول في الاتحاد الأوروبي فرنسا. 
وجاء في الورقة "هذا الاتفاق يرمي إلى مساعدة اليونان، نظراً للوضع الإنساني الصعب على إيواء من 1000 إلى 1500 طفل في مخيمات اللجوء".
ومن جانبها، أعلنت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل اعتزامها تجنب وصول أزمة الهجرة الراهنة على حدود أوروبا إلى نفس الأحوال التي كانت عليها قبل خمسة أعوام.
وخلال منتدى اقتصادي ألماني يوناني، أمس الاثنين  قالت ميركل في برلين: "2020 ليست 2015"، وذلك في إشارة إلى عام 2015 الذي شهد ذروة أزمة الهجرة واللجوء عندما تجاوز عدد اللاجئين الذين قدموا إلى ألمانيا آنذاك مليون شخص.
وأضافت ميركل أن المواطنين بمقدورهم أن ينتظروا من رجال السياسة أن يتمكنوا من تنظيم الهجرة واللجوء وتوجيه حركة الهجرة وتقليصها، مشيرة إلى أن هذا هو الهدف من العديد من المحادثات التي أجرتها منذ 2015 والتي تجريها في هذه الأيام.
ووصفت المستشارة الألمانية تصرف تركيا على الحدود اليونانية بأنه "غير مقبول"، وقالت رغم تفهمها للعبء الكبير الذي تتحمله تركيا بإيواء 3.6 مليون لاجئ من سوريا، فإنها لا يمكن أن تفهم محاولة تركيا حل مشاكلها الذاتية على "عاتق" اللاجئين العالقين على الحدود.
ورأت ميركل أن اليونان تتحمل "مسؤولية كبيرة" حيال أوروبا كلها وتستحق التضامن والدعم الكاملين، ولفتت إلى قرار زعماء أحزاب الائتلاف الحاكم في ألمانيا الخاص بإيواء أطفال المهاجرين الذين ليس لهم مرافق. واختتمت تصريحاتها قائلة إن الشيء الأكثر أهمية هو محاربة أسباب اللجوء حتى يجد الناس في أوطانهم آفاقا مستقبلية مرة أخرى.
وعلى صعيد متصل، قال رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، أمس، إن بلاده والاتحاد الأوروبي لن يقبلا التعرض للابتزاز بواسطة تركيا بسبب أزمة اللاجئين، وقال ميتسوتاكيس خلال قمة اقتصادية ألمانية يونانية في برلين أمس، إنها "لحظة حرجة بالنسبة لليونان وأوروبا"، وطالب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالإسهام في خفض التصعيد.
وأشار إلى أن تركيا تحاول تحويل عشرات الآلاف من المهاجرين إلى دخلاء غير شرعيين، مؤكداً ضرورة حماية الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي. 
ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن ميتسوتاكيس دعوته تركيا لاستعادة المهاجرين غير الشرعيين الذين تم القبض عليهم داخل الأراضي اليونانية. ورحب ميتسوتاكيس بخطط الحكومة الألمانية لدعم اليونان، فضلاً عن الاستقبال، بالاشتراك مع دول أخرى بالاتحاد الأوروبي، ما بين ألف و1500 طفل يعيشون داخل مخيمات في جزر بحر إيجه اليونانية.
يذكر أن الرئيس التركي أردوغان كان قد أعلن في 29 فبراير الماضي فتح حدود بلاده أمام اللاجئين الراغبين في التوجه صوب الاتحاد الأوروبي، وعلى إثر ذلك اتجه آلاف الأشخاص نحو الحدود اليونانية.

شارك