اللاجئون السوريون.. مخاوف ألمانيا من تكرار سيناريو 2015

الجمعة 13/مارس/2020 - 11:47 ص
طباعة اللاجئون السوريون.. أميرة الشريف
 
أزمة اللاجئين على الحدود التركية اليونانية لا زالت محل الجدل والنقاش وبالأخص في ألمانيا، حيث هناك تخوفات من تكرار نفس سيناريو 2015، فالعوامل السياسية والاقتصادية في ألمانيا تدفعها  إلى عدم تكرار أزمة اللجوء التي خاضتها برلين في العام 2015، في ظل الأوضاع المضطربة التي تعيشها سوريا.
 وبعد إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان فتح الحدود للاجئين، وتوجههم بالآلاف إلى الحدود اليونانية - التركية، وجّهت وزارة الداخلية الألمانية، رسائل عبر شبكات التواصل الاجتماعي، أعلنت فيها أن الحدود الأوروبية ستبقى مغلقة. 
وكتبت الوزارة على موقعها بـ "تويتر" بأربع لغات، بينها العربية والإنجليزية والفارسية: "نحن بحاجة إلى النظام على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، سنُساعد اليونان بكل قوتنا، إن حدود أوروبا ليست مفتوحة أمام اللاجئين القادمين من تركيا، وهذا ينطبق أيضاً على حدودنا الألمانية".
المخاوف الألمانية عادت من جديد لتؤكدها تقارير عدة، حيث ذكرت  DW عربية أنها حاورت عددا من اللاجئين ممن قدموا إلى ألمانيا وأوروبا بعد عام 2015.
فقد تباينت أراء اللاجئين ممن قدموا بعد عام 2015 في ألمانيا، حول الأزمة، فبينما عبّر بعضهم عن أمله بتقديم يد العون، إلا أن البعض اتخذ موقفاً أكثر حزماً يتشابه مع موقف الاتحاد الأوروبي باعتبار أزمة اللاجئين الحالية هي محاولة "ابتزاز سياسي".
بعض اللاجئين في ألمانيا يؤيدون القدوم إلىيها بطرق شرعية، بسبب خطورة طرق التهريب.
ووفق آراء دوتشيه فيلية الألمانية، يقول حسن المصري، وهو لاجئ سوري قدم إلى أوروبا عام 2015، إن استقبال اللاجئين حالياً يجب أن يكون مشروطاً، "من يملك إقامة وعملاً في تركيا لا يحتاج إلى لجوء في ألمانيا" على حد تعبيره، ويضيف: "القادمون من إدلب يعانون ولهذا فإن الترحيب بهم واجب، إلا أن من بين المتواجدين على الحدود أشخاصاً يعيشون بظروف جيدة في تركيا".   
ويعتقد أن على الحكومة الألمانية اختيار من يتم استقبالهم بشكل حذر، معقباً أن "ألمانيا ليست جنة".
من جهة أخرى، فإن المصري يجد التعامل مع اللاجئين منذ عام 2015 حتى الآن قد تغير، "بسبب بعض السلوكيات غير المقبولة من بعض اللاجئين، فإن معدل العنصرية في ألمانيا ارتفع"، مشيراً إلى أن هذه "التصرفات" يجب الحد منها عن طريق
لاجئ سوري آخر هرب من دمشق بعد اعتقاله وتعذيبه في معتقلات سوريا، أحمد محمود، يلقي باللوم على تركيا "لافتعال" الأزمة الحالية، "لست متعاطفاً مع هذه الموجة من اللاجئين، لأن أردوغان يقوم بلعبة سياسية للحصول على أموال".
ويدافع المتحدث عن رأيه بأن الأزمة لم تكن "نتيجة حرب" كما في السابق، بل توعد أنقرة بفتح الحدود هو الذي أشعلها، مضيفاً أن "طرق التهريب الحالية صعبة"، وتعرّض حياة  اللاجئين إلى الخطر، "إن قدمت حالات إلى ألمانيا يجب أن تأتي بشكل شرعي، يجب ألا يخاطروا بحياتهم".
ويؤيد اللاجئ السوري "الطرق الشرعية"، فقد غادر محطته الأولى في كردستان العراق بعد أقل من سنتين، "لولا اقتراب داعش إلى حدود المدينة التي أقمت بها، وفقدان عملي نتيجة لهذا، لما قدمت إلى ألمانيا".
ويعتقد محمود أن أي موجة لجوء جديدة "قد تغذي الأحزاب اليمينية المتطرفة في ألمانيا"، وقد يؤثر هذا بشكل "غير مباشر على اللاجئين الحاليين".
من جهة أخرى، يرى لاجئون أن هناك فئة بين الألمان وغيرهم ترفض تقديم المعونات للاجئين غير الفاعلين.
 يتفق العديد من اللاجئين المقيمين في ألمانيا، أن تركيا استغلت النازحين الحاليين لتحقيق "مآرب سياسية"، إلا أن أحد اللاجئات ترى أن من واجب ألمانيا الإنساني استقبالهم، مضيفة أن "الأخبار الإعلامية لا تقدم معلومات واضحة حول ما يجري"، مما خلق موجة من الإشاعات والفوضى، على حد تعبيرها.
إعلان ألمانيا عن استعدادها استقبال 1500 طفل لاجئ يتمتعون بصحة جيدة وبدون ذويهم، يشير إلى احتمالية توجه جديد يتعلق باستقبال الأيدي العاملة المحتملة، وفي هذا يذكر الخبير في شؤون اللجوء والاندماج ابراهيم السيد للإذاعة الألمانية دوتشيه فيلية ، أن "ألمانيا تبحث عن طاقات جديدة في سوق العمل، ومن هنا تأتي فكرة استقبال القاصرين".
ويجد السيد أن ألمانيا تتمتع بقدرة استيعابية لاستقبال أعداد جديدة، مشيراً إلى أزمة عام 2015، حينما استقبلت العاصمة برلين نحو 1000 لاجئ يومياً، وكانت رغم هذا قادرة على التعامل مع هذه الأرقام، "لهذا فإن استقبال مئات من الأطفال سيكون ممكناً بسبب توفر البيوت والمأوى".
إلا أن الخبير يرى في الحياة السياسية الألمانية سبباً قد يعرقل نوعاً ما أي خطوة لتقديم العون، "هناك جهات تعارض وجود اللاجئين، ولكنها ليست أصوات الأكثرية"، مشيراً في نهاية حديثه بأن لدى أوروبا وألمانيا واجب أخلاقي لتحمل أعباء اللاجئين.
وتشير تقارير إعلامية، إلي أنه أمام هذا الواقع، يبدو أن حماية الحدود الخارجية باتت أكثر أهمية من القيم الأوروبية، في ظل التحديات الكبيرة التي تواجهها برلين والائتلاف الحكومي بقيادة المستشارة أنجيلا ميركل، الساعية لعدم تكرار مشهد 2015، بعدما أنفقت قدراً كبيراً من الطاقة السياسية والمال لتخفيف مأساة المهاجرين، وعانت لدمجهم. 

شارك