اعتقال تعسفي واختفاء قسري وتقييد للحريات...الخارجية الأمريكية تفضح انتهاكات أردوغان لحقوق الإنسان

السبت 14/مارس/2020 - 11:13 ص
طباعة اعتقال تعسفي واختفاء فاطمة عبدالغني
 
سلّط تقرير صادر عن مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل التابع للخارجية الأمريكية حول حالة حقوق الإنسان في العالم، الضوء على انتهاكات أردوغان لحقوق الانسان.
وأشارت الخارجية الأمريكية في تقريرها السنوي بخصوص حقوق الإنسان في تركيا والذي نشرته الأربعاء 11 مارس إلى أن السلطات المدنية حافظت على سيطرة فعالة على تطبيق القانون، لكن آليات التحقيق والمعاقبة على الانتهاكات والفساد ظلت غير كافية، كما ظل الإفلات من العقاب معضلة كبيرة.
وأوضح التقرير الحقوقي أنه بموجب التشريع الواسع لمكافحة الإرهاب، قيدت الحكومة التركية الحريات الأساسية وعرضت سيادة القانون للخطر، وأشار التقرير إلى أنه منذ محاولة الانقلاب عام 2016، فصلت السلطات التركية أو أوقفت أكثر من 45000 شرطي وعسكري وأكثر من 130.000 موظف حكومي، وفصلت ثلث السلطة القضائية، واعتقلت أكثر من 80.000 مواطن، وأغلقت أكثر من 1500 منظمة غير حكومية لأسباب تتعلق بالإرهاب، في المقام الأول لعلاقات مزعومة مع حركة رجل الدين فتح الله غولن، الذي تتهمه الحكومة بتدبير محاولة الانقلاب .
وشملت قضايا حقوق الإنسان الهامة ما يلي: تقارير عن عمليات الاختفاء القسري والتعذيب؛ الوفيات المشبوهة للأشخاص المحتجزين الاعتقال والاحتجاز التعسفي لعشرات الآلاف من الأشخاص بمن فيهم أعضاء المعارضة السابقون في البرلمان والمحامون والصحفيون والمواطنون الأجانب والموظفون في البعثة الأمريكية لصلتهم المزعومة بالجماعات "الإرهابية"، المشاكل المتعلقة باستقلالية القضاء؛ والقيود الصارمة على حرية التعبير والصحافة والإنترنت، بما في ذلك العنف والتهديد بالعنف ضد الصحفيين، وإغلاق المنافذ الإعلامية، والاعتقالات غير المبررة أو الملاحقة الجنائية للصحفيين وغيرهم بسبب انتقادهم سياسات الحكومة أو المسؤولين والرقابة، حجب المواقع ووجود قوانين تشهير جنائية؛ والتتقييد الشديد لحريات التجمع وتكوين الجمعيات والتنقل، والعنف ضد النساء وأفراد الأقليات الأخرى.
وأشار تقرير الخارجية الأمريكية إلى أنه كانت هناك ادعاءات موثوقة بأن الحكومة التركية ساهمت في مقتل مدنيين فيما يتعلق بحربها ضد حزب العمال الكردستاني في الجنوب الشرقي، على الرغم من انخفاضها بشكل ملحوظ مقارنة بالسنوات السابقة.
ووفقا لمجموعة الأزمات الدولية، في الأشهر الـ 11 الأولى من العام، قتل 26 مدنيا و 82 من أفراد قوات الأمن و 343 من مقاتلي حزب العمال الكردستاني في المقاطعات الشرقية والجنوبية الشرقية في اشتباكات ذات صلة بالحزب . 
وقالت جماعات حقوق الإنسان إن حكومة اردوغان لم تتخذ إجراءات كافية لحماية أرواح المدنيين في قتالها مع حزب العمال الكردستاني في الجنوب الشرقي. وفي أحد هذه الحوادث في أغسطس 2019، فتح جنود أتراك في طائرة هليكوبتر النار في مقاطعة هكاري الحدودية، مما أسفر عن مقتل شاب يبلغ 14 عامًا وإصابة شخص آخر.
وفي أكتوبر من العام ذاته، أطلقت القوات المسلحة التركية عملية "نبع السلام" في منطقة الحدود الشمالية السورية.  وأفادت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ومنظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش بمزاعم من نشطاء حقوقيين محليين وإقليميين ومنظمات إعلامية بأن القوات التركية والجماعات المسلحة المدعومة منها تسببت في وقوع إصابات بين المدنيين، بما في ذلك الهجمات على البنية التحتية المدنية  والهجمات على المناطق السكنية، وكذلك بعض عمليات القتل خارج نطاق القانون، ونهب وحجز الممتلكات في المناطق الخاضعة للسيطرة التركية حديثًا  
في المقابل رفضت الحكومة أردوغان هذه التقارير، وأقرت بالحاجة إلى إجراء تحقيقات ومساءلة فيما يتعلق بهذه التقارير، وذكرت أن الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا قد أنشأ آليات للتحقيق والانضباط.
كما أفادت منظمات حقوق الإنسان الوطنية والدولية بوجود أدلة موثوقة على التعذيب والمعاملة اللاإنسانية، ولا سيما للمعتقلين المحتجزين، مؤكدة أن السلطات التركية لم تتخذ إجراءات كافية ضد الانتهاكات ولم تنشر الحكومة معلومات عن جهودها لمعالجة الانتهاكات من خلال الإجراءات التأديبية والتدريب. أوضحت المنظمات الحقوقية أن المسؤولين في بعض الحالات اعترضوا أو أرهبوا الأفراد الذين قدموا ادعاءات بوقوع انتهاكات في المحاكم المدنية.
هذا فيما أبلغت جماعات حقوق الإنسان المحلية والدولية عن حالات اختفاء خلال العام الماضي زعم بعضها أنه لدوافع سياسية. 
وأشار التقرير الحقوقي إلى أن الدستور والقانون التركي يحظر التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، لكن جماعات حقوقية محلية ودولية أفادت أن بعض ضباط الشرطة وسلطات السجون والوحدات العسكرية والاستخبارية استخدموا هذه الممارسات.
هذا كما جاءت إفادات جماعات حقوق الإنسان عن تعذيب وسوء معاملة للأشخاص المحتجزين لدى الشرطة مؤيدة لذلك، وأشارت التقارير الحقوقية إلى أن الشرطة أساءت معاملة المعتقلين خارج مباني مراكز الشرطة وأن سوء المعاملة والتعذيب المزعوم كانا أكثر انتشاراً في بعض مرافق الشرطة في أجزاء من الجنوب الشرقي. 
فيما أكدت هيومن رايتس ووتش بأن تخويف المعتقلين أمر شائع وأن الضحايا ترددوا في الإبلاغ عن الانتهاكات بسبب الخوف من الانتقام. وأفادت وكالة حقوق الإنسان بشكل منفصل أنها تلقت في الأشهر الـ 11 الأولى من العام الماضي نحو 840 شكوى من الانتهاكات على أيدي قوات الأمن، بما في ذلك 422 شكوى تزعم التعذيب والمعاملة اللاإنسانية.
وأشار تقرير الخارجية الأمريكية إلى معاناة بعض المجندين العسكريين من الإساءة الجسدية والإيذاء الجسدي والتعذيب الذي أدى في بعض الأحيان إلى الموت أو الانتحار.
وفيما يتعلق بأوضاع السجون ومراكز الاحتجاز، لفت التقرير الحقوقي إلى أن مشكلة ازدحام السجون ظلت عقبة كبيرة خاصة بعد حملة الاعتقالات الجماعية التي أعقبت محاولة الانقلاب في عام 2016 التي أدت إلى زيادة طلب السجناء على الرعاية الصحية مع عدد أقل من الموارد المتاحة لتلبية احتياجات السجناء. 
كما أفادت تقارير منظمات حقوق الإنسان إلى أن بعض الأطباء لم يوقعوا أسماءهم على التقارير الطبية التي تدعي التعذيب بسبب الخوف من الانتقام. ونتيجة لذلك، لم يتمكن الضحايا في الغالب من الحصول على وثائق طبية من شأنها أن تساعد في إثبات ادعاءاتهم.
أما فيما يتعلق بالاعتقال أو الاحتجاز التعسفي فبحسب تقرير الخارجية الأمريكية أشارت جماعات حقوق الإنسان إلى أنه بعد محاولة الانقلاب في عام 2016، واصلت سلطات أردوغان اعتقال مئات الآلاف من الأفراد واعتقالهم ومحاكمتهم لعلاقتهم المزعومة بحركة غولن أو حزب العمال الكردستاني، وغالباً بمعايير إثبات مشكوك فيها ودون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة بالكامل بموجب القانون.
وعلى صعيد إجراءات الاعتقال ومعاملة المحتجزين أفاد المحامون الخاصون ومراقبو حقوق الإنسان عن التنفيذ غير المنتظم للقوانين التي تحمي الحق في محاكمة عادلة، لا سيما فيما يتعلق بالوصول إلى المحامي.  وفي أبريل 2019 أفادت هيومن رايتس ووتش أن سلطات أردوغان رفضت بشكل متكرر وصول المحتجزين إلى محام في القضايا المتعلقة بالإرهاب حتى استجوبت قوات الأمن المشتبه فيه المزعوم.
وذكر بعض المحامين أنهم كانوا مترددين في تناول قضايا المشتبه بعلاقاتهم مع حزب العمال الكردستاني أو حركة غولن، بسبب الخوف من انتقام الحكومة، بما في ذلك المقاضاة.
وفيما يتعلق بالاعتقال التعسفي على الرغم من أن القانون يحظر احتجاز المشتبه فيه تعسفا أو سرا، فقد وردت تقارير عديدة تفيد بأن الحكومة التركية لم تلتزم بهذا الحظر. وأفادت جماعات حقوق الإنسان أن قوات الأمن احتجزت مواطنين بدون سجل رسمي في المناطق الخاضعة لحظر التجول أو "مناطق أمنية خاصة"، مما جعل المحتجزين أكثر عرضة لخطر الانتهاكات التعسفية. 

وعلى صعيد الاحتجاز السابق للمحاكمة ،لاحظ المدافعون عن سيادة القانون أن الاستخدام الواسع النطاق للاحتجاز السابق للمحاكمة قد أصبح شكلاً من أشكال العقوبة الموجزة، لا سيما في القضايا التي تنطوي على تهم الإرهاب بدوافع سياسية
 كما أوضح تقرير الخارجية الأمريكية أن جماعات حقوق الإنسان التي تركز على اللاجئين أفادت أن السلطات التركية منعت المهاجرين المحتجزين ومراكز العودة من الاتصال بالعالم الخارجي، بما في ذلك أفراد أسرهم ومحاموهم، مما أوجد إمكانية الإعادة القسرية حيث يقبل المهاجرون العودة إلى الوطن لتجنب الاحتجاز إلى أجل غير مسمى.
أما فيما يتعلق السجناء والمعتقلون السياسيون فبحسب تقرير الخارجية الأمريكية استخدمت السلطات التركية قوانين مكافحة الإرهاب على نطاق واسع ضد أعضاء الأحزاب السياسية المعارضة، ونشطاء حقوق الإنسان، ووسائل الإعلام، والمتعاطفين مع حزب العمال الكردستاني المشتبه فيهم، وأعضاء حركة غولن المزعومين أو الجماعات المنتسبة إلى حركة غولن، من بين آخرين، بما في ذلك الاستيلاء على أصول الشركات أو المؤسسات الخيرية أو الشركات. 
وأوضحت جماعات حقوق الإنسان أن العديد من المعتقلين ليس لديهم صلة جوهرية بالإرهاب وتم اعتقالهم لإسكات الأصوات الناقدة أو إضعاف المعارضة السياسية لحزب العدالة والتنمية الحاكم، وواجه الطلاب والفنانون وأعضاء الجمعية تحقيقات جنائية في أنشطة مزعومة تتعلق بالإرهاب، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى مشاركاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي. 
وبحسب تقارير موثوقة تعرض بعض الأشخاص الذين سجنوا بتهم تتعلق بالإرهاب لانتهاكات، بما في ذلك الحبس الانفرادي الطويل، والمنع من الخروج خارج الزنزانة، ومنع الوصول إلى المكتبة ووسائل الإعلام، وبطء العناية الطبية، وفي في بعض الحالات الحرمان من العلاج الطبي. كما زعمت تقارير إعلامية أن زوار السجناء المتهمين بجرائم تتعلق بالإرهاب واجهوا الإساءات، بما في ذلك محدودية الوصول إلى الأسرة، وعمليات التفتيش والتعري، والمعاملة المهينة من قبل حراس السجن.
وأشار تقرير الخارجية الأمريكية إلى أن اللاجئون المشردون والسوريون المقيمون في تركيا واجهوا قيوداً على حريتهم في التنقل وكما وردت أنباء عن اعتقالات على نطاق واسع لأفراد، بمن فيهم الأفغان والسوريون والعراقيون داخل تركيا.
 وأفادت العديد من المنظمات غير الحكومية المعنية بحقوق المرأة والمهاجرين أن الأطفال اللاجئين ومعظمهم من السوريين لا يزالون عرضة للاعتداء الاقتصادي والجنسي.
ولم يُسمح للأقليات القومية أو الدينية أو العرقية الأخرى بما في ذلك الآشوريون والجعفريون واليزيديون والكرد والعرب والغجر والشركس، بممارسة حقوقهم اللغوية والدينية والثقافية بالكامل.
وعانى بعض المجندين العسكريين من الإساءة الجسدية والإيذاء الجسدي والتعذيب الذي أدى في بعض الأحيان إلى الموت أو الانتحار.
وبقيت جميع الصحف وقنوات التلفزيون ومحطات الإذاعة الخاصة باللغة الكردية تقريباً مغلقة لأسباب تتعلق بالأمن القومي بموجب مراسيم حكومية.
وواجه الصحفيون المنتسبون أو المنتسبون سابقاً إلى وسائل الإعلام الموالية للأكراد ضغوطاً حكومية كبيرة، بما في ذلك السجن.

شارك