"كورونا" والحرب في ليبيا.. من المنتصر؟

الخميس 19/مارس/2020 - 11:08 ص
طباعة كورونا والحرب في حسام الحداد
 
على الرغم من إعلان القيادة العامة للجيش الوطني الليبي، الأربعاء، إغلاق الحدود مع السودان وتشاد والنيجر والجزائر حتى إشعار آخر، بسبب الرعب من فيروس كورونا الذي هو عدو للجميع ولا يفرق بين البشر بسبب أيديولوجيته أو دينه أو حتى أحقيته في الحياة، ورغم انشغال العالم أجمع بهذا الفيروس سريع الانتشار يواصل طرفي الصراع الليبي التصعيد ضد بعضهما البعض، فاستمرت المناوشات بين المعسكرين التابعين للجيش الوطني الليبي وحكومة الوفاق في طرابلس، على وتيرتها المتصاعدة لليوم الثاني، بعد أن هدأت جبهات شرق مصراتة، التي شهدت تصعيداً لافتاً في الأيام الماضية.
وفي أبرز التطورات الميدانية، كشف المكتب الإعلامي للكتيبة 128 التابعة للجيش الليبي عن "استهداف سرية المدفعية التابع لها تجمعاً للمرتزقة السوريين الذين دفع بهم أردوغان لمساعدة الوفاق رغم التحذيرات الأممية، في محور عين زارة جنوبي العاصمة طرابلس". مضيفاً أن " مدفعية السرية أصابت أهدافها بدقة "، ويشهد هذا المحور تركيزاً كبيراً عليه من قبل قوات الجيش في الفترة الماضية، لتمركز أغلب المقاتلين الأجانب الذي جلبتهم تركيا إلى ليبيا مؤخراً في هذا المحور. ولا يبدو أن هذا المحور سينعم بفترات هدوء في الفترة المقبلة، بعدما صرح عقيلة الصابر، عضو مكتب الإعلام في غرفة عمليات اجدابيا التابعة للجيش أن "القيادة العامة أرسلت تعزيزات ضخمة للقوة المتمركزة في محور عين زارة". وأوضح الصابر، أن "التعزيزات شملت مدرعات مصفحة حديثة الصنع، بالإضافة إلى عتاد لتطوير القتال والعمليات ضد من وصفهم بـ" قوات المستعمر التركي وميليشيات حكومة الوفاق". في السياق ذاته، قامت قوات الجيش الليبي بنشر فيديو يبين سيطرتها على محور الرملة، وأظهر تجول عربات وجنود تابعين للجيش داخل المحور. ونشر اللواء التاسع التابع لمدينة ترهونة الفيديو، على صفحاته الرسمية بمواقع التواصل الاجتماعي، موضحاً أنه "تم طرد قوات الوفاق من المحور والسيطرة عليه بشكل كامل".
وفي سياق متصل، أفادت المفوضية الدولية لشؤون اللاجئين، بأن "أكثر من 150 ألف ليبي نزحوا من منازلهم منذ بدء معارك العاصمة الليبية، في إبريل من العام الماضي".
وقالت المفوضية في بيان مرئي، تلته إحدى منتسباتها أول أمس الثلاثاء 17 مارس 2020، إن " المنظمة الأممية توفر للنازحين واللاجئين مواد الإغاثة والمساعدة الطبية والنقدية"، مشيرة إلى "حاجة ليبيا إلى سلام دائم يخلصها من هذه (المعاناة الهائلة)".
وبيّنت المفوضية "وجود بضعة آلاف من المهاجرين غير القانونيين في مراكز الإيواء في طرابلس"، وأن "مبادراتهم ساعدت في إطلاق سراح 1800 شخص، ونقل الآلاف من ليبيا، حاثة الحكومات على دعم أكبر لجهودها".
ومن جانبها دعت الأمم المتحدة وتسع دول، الثلاثاء الفائت، أطراف النزاع في ليبيا، إلى "وقف الأعمال العدائية من أجل تمكين الأجهزة الطبية المحلية من الاستجابة سريعاً لفيروس كورونا المستجد".
وفي بيان مشترك دعا سفراء الجزائر وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وهولندا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وبعثة الاتحاد الأوروبي إلى ليبيا وحكومتا تونس والإمارات، إلى "إعلان وقف فوري وإنساني للقتال".
ودعا البيان إلى "وقف النقل المستمرّ لجميع المعدات العسكرية والأفراد العسكريين إلى ليبيا، من أجل السماح للسلطات المحلية بالاستجابة لتحدّي الصحة العامة غير المسبوق، الذي يشكله فيروس كورونا المستجدّ".
ورحّبت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بالبيان المشترك، مناشدة "جميع الليبيين توحيد صفوفهم فوراً وقبل فوات الأوان لمواجهة هذا التهديد المهول والسريع لانتشار الفيروس، الأمر الذي يتطلب تضافر جميع الجهود والموارد للوقاية منه، والتوعية وتوفير العلاج لمن قد يصيبهم هذا المرض".
ولم تسجل حتى الآن أي حالة إصابة مؤكدة في ليبيا بفيروس كورونا المستجد، ولكن أطراف النزاع في شرق ليبيا وغربها، اتخذا إجراءات احترازية بإقفال المنافذ البرية والجوية، وفرض الحجر الإجباري للوافدين إلى البلاد من الخارج لمدة أسبوعين، إضافة الى تعطيل الدراسة في المدارس والجامعات الليبية كافة، وتعليق نشاطات التجمعات البشرية.
واعتبر الصحفي الليبي هشام يوسف في حديث لـ"اندبندنت عربية"، "أن الأزمة الليبية دخلت فيما يعرف بمرحلة الجمود، موضحاً أن "استقالة غسان سلامة عطلت تماماً المسار السياسي، وأصابته في مقتل، بينما الحل العسكري لا يبدو في أفق قريب للحسم من أي طرف".
وأضاف "المشهد بات أكثر تعقيداً مع عامل أزمة وقف إنتاج النفط، والإجراءات المتعنتة التي اتخذتها سلطة طرابلس بإيقاف المرتبات عن الليبيين متحججة بهذا العامل، ما تسبب في انخفاض سعر الدينار وظهور بوادر أزمة اقتصادية ومعيشية قريبة".
وهو ما أيده علي جمعة قائلاً "بصراحة المشهد بات بحاجة لمن يلقي حجراً ليحرك المياه الراكدة، وبانشغال العالم بفزع الكورونا، نُسي الملف الليبي كما نُسي كل شيء آخر غير مواجهة الفيروس الفتاك، وبالتالي سيبقى الحال على ما هو عليه في الأشهر القليلة المقبلة على الأقل حسب هذه المعطيات".
مبيناً أن "الطرفين سيستمران في المناوشة، من دون المجازفة بتجاوز خطوط التماس الحالية، خشية اللوم الدولي وتحمل تبعات انتهاك القرارات الأممية، التي بنيت ما اتُفق عليه في مؤتمر برلين، بالتالي لا أتوقع جديداً في المسارين السياسي والعسكري قريباً، وسيبقى مصير أزمة ليبيا معلقاً حتى إشعار آخر".

شارك