قرار ولاية هيسن الألمانية.. لماذا يعد انهاء التعامل مع «ديتيب» خسارة استراتيجية لأردوغان في أوروبا؟

السبت 16/مايو/2020 - 12:05 ص
طباعة قرار ولاية هيسن الألمانية..
 

قررت حكومة ولاية هيسن، وسط ألمانيا، انهاء التعامل مع  الاتحاد الإسلامي التركي "ديتيب"، المشرف على حصص تدريس الدين، من مدارسها، بسبب خضوعه للرئيس التركي رجب طيب أردوغان وعلاقته بالإخوان.

في أواخر أبريل الماضي ، أعلنت ولاية هيسن الألمانية أنها ستنهي تعاونها لمدة ثماني سنوات مع الاتحاد التركي الإسلامي للشؤون الدينية (DITIB) المشرف على تدريس مادة الدين الاسلامي في المدارس الولاية.

وارجعت حكومة ولاية هيسن السبب الرئيسي في انهاء التعاقد بسبب السياسية المتبعة من قبل"ديتيب" وعلاقته بالنظام التركي وتنظيم الاخوان المتطرف.

 

من هي ديتيب؟

منظمة ديتيب أو الاتحاد الإسلامي التركي إحدى المؤسسات التابعة لهيئة الشؤون الدينية في أنقرة والمعروفة باسم "ديانيت" التي تنشط في ألمانيا، وتعد منظمة غير رسمية، تم تأسيسها في مدينة كولونيا، الواقعة غربي ألمانيا، في عام 1984,

ويدير شؤون الاتحاد الإسلامي التركي مجلس إدارة مكون من ستة أعضاء ورئيس، ويضم لجانًا وأقسام مختلفة، مثل اللجنة الاستشارية، وقسم الإعلام، وقسم الحج والعمرة، وقسم المرأة والأسرة والخدمات الاجتماعية، وقسم الشباب، وقسم البناء والعقار.

وتزعم المنظمة عبر موقعها الرسمي بأنها تهدف إلى تعزيز الحوار بين الأديان، ومساعدة أفراد مختلف الثقافات على التعايش معًا، وتقديم الخدمات الدينية والاجتماعية للمواطنين المسلمين الموجودين في ألمانيا، وتضم في عضويتها 930 جمعية في 16 ولاية ألمانية، تتفق معها في الأهداف والرغبات والتطلعات، ولكنها مستقلة عنها قانونيًا وماليًا، وهو أسلوب معتاد لدى التنظيمات المشابهة.

وتعد حكومة هيسن، أكثر الولايات الألمانية تعاونا مع ديتيب، وتسند للاتحاد التركي تولي مهمة تدريس مادة الدين في 56 مدرسة ابتدائية و12 مدرسة ثانوية على أراضيها منذ 2012 رغم الانتقادات الكبيرة لهذه التعاون.

 

 

لماذا يشكل انهاء التعامل مع "ديتيب" ازمة لأردوغان؟

يرى مراقبون انهاء ولاية هيسن الألمانية، التعامل مع "ديتيب" ضربة لاستراتيجية  التركية القائمة على الاختراق النام للمجتع الألماني والاوروبي، وأزمة كبيرة في سياسة أردوغان الخارجية.

وأضاف المراقبون ان اردوغان يقترب من خسارة النفوذ الديني وغطاء اجتماعي واسع يسهل له عمليات التجسس واستهداف المعارضين له في أوروبا، وكذلك يسخر نفوذ استراتيجي كانت توفره له "ديتيب.

 

وأوضح كمال بوزاي ، أستاذ العلوم الاجتماعية والسياسية في دوسلدورف ، لموقع "مونيتور" انه بعد دخول التعليم الإسلامي المدارس الألمانية في تسعنيات القرن الماضي، كان "ديتيب"،  مشاركا ومشرفا على تصميم المناهج التعليمية الخاصة بمادة الدين الإسلامي، وتوفير المعلمين القائمين على تدريس هذه المادة ضمن اتفاقية مع حكومات الولايات الألمانية.

 وأضاف "بوزاي"  أن أهم الانتقادات الموجهة إلى المؤسسة التركية لا تتعلق بممارساته الدينية بل بهويته كممثل للدولة التركية والسياسات الدينية، موضحا أنه على الرغم من أن هيسن هو أول من أنهى مثل هذا التعاون ، إلا أنه قد يشكل سابقة بسهولة لولايات ألمانية أخرى وأيضا حكومات أوروبية.

وأظهرت صحيفة "بيلد" الألمانية، في تقرير لها، أن المدارس الألمانية تتعرض للاختراق من قبل الدولة التركية عبر "محاضرات تعليم الدين الإسلامي"، التي يشرف عليها الاتحاد الإسلامي التركي "ديتيب" في مقاطعات ألمانية مختلفة.

وأبرزت الصحيفة تقريرًا صادر عن وزارة التعليم في ولاية هيسن، الواقعة وسط البلاد، يحذر من انفراد الاتحاد الإسلامي التركي بتدريس الدين الإسلامي في مدارس الولاية منذ 6 سنوات، إذ تتبع "ديتيب" مؤسسة حكومية تركية تخضع بدورها لأوامر مباشرة من النظام التركي، ما يعني تأثير الحزب الحاكم في أنقرة على فكر الطلاب الألمان في حالة استمرار التعاون.

كما وضعت وكالة الاستخبارات الألمانية منظمة "ديتيب" تحت المراقبة الشديدة منذ مطلع عام 2019، بعد أن قامت بتنظيم مؤتمر خاص بالإسلام السياسي المتشدد في ولاية كولونيا، مسقط رأسها، ما أثار حكومة ويستفاليا، التي طالبت المنظمة بالتوقف عن التوجه الإخواني لها والتبعية للسلطات التركية.

وأكد البرلمان الألماني عبر تقرير صادر عن مركز الدراسات التابع له، في عام 2018، وجود ارتباط مباشر وقوي ما بين مديرية الشؤون الدينية التركية الخاضعة لإشراف رجب طيب أردوغان وبين منظمة "ديتيب"، ويتم دفع رواتب العاملين به عن طريق القنصلية التركية في برلين.

 

 

 

واعتمادًا على هذه الشكوك، خفضت الحكومة الألمانية الدعم المقدم منها للمنظمة التركية، إذ تقلص إلى 300 ألف يورو فقط خلال العام الماضي 2018، مقارنة بمليون ونصف المليون يورو في عام 2017، وفقًا لما نقلته الإذاعة الألمانية.

وكشف ناشط باحث تركي ألماني إلى المونيتور شريطة عدم الكشف عن هويته قائلا: " معظم المسؤولين في معهد ديتيب ، يشجعون معاداة السامية والكراهية ضد الاخر والسخرية من القيم المسيحية والتجسس على جيرانهم الذين لا يلتزمون بالممارسات الإسلامية أو ينتقدون أردوغان".

 

كما شرح مدير برنامج التطرف في جامعة جورج واشنطن ، لورينزو فيدينو ، المزيد من التفاصيل حول "ديتيب"  انها اصبحت تابعة للسياسة التركية بعد سوات من الاستقلاليى، وهي تشبه في سياستها  جمعية "ميلي غوروس" وهي جمعية سياسية ينتمي إليها الرئيس رجب طيب أردوغان،  وجماعة الإخوان المسلمين، واصبحت بدلا من مناهضة هذه أفكار الاخوان وميلي غورس، اصبح تتوافق معهم وتدعهم.

واضاف "فيدينو" إلى ان هذا التحول من قبل "ديتيب" الى الافكار المتطرفة واتباع سياسة اردوغان، بينما نظمت "ديتيب" في 2004أول مسيرة إسلامية في ألمانيا لمكافحة الارهاب والتطرف، رفضت نفس المنظمة في عام 2017 الانضمام إلى مسيرة إسلامية شعبية ضد الإرهاب والتطرف، وهو ما يشكل علامة فارقة في نهج "ديتيب".

كانت صحيفة بيلد الأوسع انتشارا في ألمانيا وصفت في وقت سابق، تدريس ديتيب للدين الإسلامي في مدارس ولاية هيسن بأنه "اختراق تركي للمدارس الألمانية، ومحاولة لتصدير أفكار أردوغان المتطرفة للمجتمع".

 

 

 

 

 

شارك