حراس الليل.. ميليشيا أردوغان المسلحة لقمع معارضيه

السبت 13/يونيو/2020 - 10:27 م
طباعة حراس الليل.. ميليشيا فاطمة عبدالغني
 
بعد أربعة أشهر من السجال الحاد في الشارع التركي وتحت قبة البرلمان وصل حد العراك بالأيدي، مرر حزب العدالة والتنمية الحاكم وحليفه حزب الحركة القومية قانونًا يمنح صلاحيات واسعة لقوات "بيكشي" الأمنية أو قوات حراس الأحياء أو حراس الليل، وهي صلاحيات تشبه إلى حد كبير صلاحيات جهاز الشرطة الأمر الذي رفضته أحزاب المعارضة.
وقال البرلمان التركي، الخميس 11 يونيو، إن القانون الجديد يتضمن زيادة عدد قوات "بيكشي" من 28 إلى 200 ألف، ليتحولوا بذلك إلى ثاني أكبر قوة أمنية في البلاد، حيث تتساوى أعدادها مع قوات "الدرك" المكونة من نحو 200 ألف جندي أيضا، بعد الشرطة البالغ قوامها 250 ألف جندي، فيما منح القانون "حراس الأحياء" صلاحيات واسعة، ظاهرها حفظ النظام والأمن وباطنها حماية نظام أردوغان باعتقال كل من يخالفه الرأي، إذ تتجاوز صلاحيات الحراس تلك الممنوحة للقوات الأمنية الأخرى، من بينها الشرطة، وسيكون بإمكانهم حيازة واستخدام الأسلحة النارية، في تهديد مباشر لحياة المعارضين للنظام التركي.
وبموجب القانون الجديد أيضًا يسمح لقوات "بيكشي" بطلب بطاقات الهوية من المواطنين وتفتيشهم واعتقالهم والتدخل في حال وقوع جرائم وإطلاق نار إذا تطلب الأمر والحفاظ على الأدلة في مسارح الجريمة بعد أن كانت مهمتها تقتصر على حراسة الأحياء والأسواق واستدعاء الشرطة عند الحاجة.
هذا وقد دفعت هذه الصلاحيات بخصوم أردوغان لاتهامه ببناء ميليشيا أمنية تدين له بالولاء على اعتبار أن معظم منتسبيها من أنصار الحزب الحاكم.
وفي هذا السياق قال ماهر بولات النائب عن حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة، إنهم "يستخدمون مؤسسة حراس الأحياء لإنشاء ميليشيات. هناك مشكلة مرتبطة بالأمن في هذا البلد لذلك يجب تعزيز الشرطة والدرك".
أما النائب حقي سرحان أولوش من حزب الشعوب الديموقراطي القريب من الأكراد، فقد رأى أنه "عبر تعزيز الحراس، يوجدون الشروط لزيادة الضغط على المجتمع والإبقاء على السلطة وإضعاف دولة القانون بشكل أكبر".
فيما عبّرت أحزاب المعارضة عن مخاوفها من أن يتحول هؤلاء الحراس، وهم أشخاص غير مؤهلين، إلى ميليشيات موازية لقوات الأمن يديرها الحزب الحاكم، ويُستخدمها أداة لتقييد حرية المواطنين وحماية الفساد.
يشار إلى أن قوات "بيكشي" أسست في عهد الدولة العثمانية لكن الحزب الحاكم بزعامة أردوغان أعاد إحياءها بعد محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها البلاد صيف 2016.
ويعتقد محللون أن الدافع الأول وراء استحداث وتوسيع صلاحيات قوات بيكشي هو عدم ثقة أردوغان بجهاز الشرطة الذي أثبتت محاولة الانقلاب أنه مخترق ولا يزال من قبل جماعة فتح الله جولن،  ويشبه هذا السيناريو كثيرا ما حدث في إيران، إذ سعى نظام الملالي إلى تكوين ميليشيات موازية للقوات الحكومية، لأنه يشك في ولائها له ويعتقد أنها قد تنقلب عليه.
وعلى صعيد متصل، قالت صحيفة "لاريبوبليكا" الإيطالية: إن موافقة البرلمان التركي الخميس على قانون "حراس الأحياء والأسواق الشعبية" هو بداية لإقامة قوة أمنية موازية لحماية نظام الرئيس رجب طيب أردوغان.
ونشرت الصحيفة تقريرًا، الجمعة 12 يونيو، تحت عنوان "حراس أردوغان.. شرطة موازية ستحمي النظام"، أشارت فيه إلى تصريح أردوغان، الذي قال فيه:" أريد سماع صافرة الحارس في الشارع وأنا نائم، أريد أن أسمع أنه عندما ينام مواطننا في المنزل، فإن هناك شخصًا ينتظره في الشارع، وأن أمنه وسلامته في أيد أمينة".
وأضافت:" هكذا قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ووزير داخليته سليمان صويلو.. وتركيا تحول كل همسات القادة إلى قوانين.. هؤلاء الحراس هم نوع من قوى الشرطة الموازية، فأولئك الذين يخافون من تحول الحراس إلى ميليشيا شخصية للزعيم أردوغان، ليسوا قليلين".
وبحسب تقارير صحفية تشهد تركيا الآن تحولا كاملا بعد إقرار البرلمان التركي، قانون "حراس الليل"، حيث يشير هذا القانون إلى تهميش الجيش والشرطة التركية، فمنذ عام 2002 يحاول أردوغان تهميش الجيش والشرطة التركية، وبناء ميليشيات موالية له، وظهرت هذه القوات بشكل واضح على جسر إسطنبول في 15 يوليو 2016، عندما ظهر أشخاص بزي مدني ومدججين بالسلاح وقاموا بقتل الشعب التركي المعارض والرافض لأردوغان، ومن ثم يشير التاريخ والصورة إلى أن أردوغان يعمل على تأسيس وبناء ميليشيا خاصة به فقط، تسمع وتنفذ أوامره، وبعيدة عن الجيش والشرطة، تنقل له ما يدور في الشارع التركي، وتدب الخوف في قلوب المواطنين.
فبعد تزعزع منصب ومركز أردوغان في الفترة الأخيرة، من الطبيعي أن يفكر في حماية نفسه ومعرفة كل كبيرة وصغيرة تدور بين الشعب ومعارضيه، لذا من المحتمل كما تقر المعارضة أن يكون حراس الليل بمثابة مليشيات لتوطيد وترسيخ مكان الديكتاتور - كما تصفه المعارضة على العرش.

شارك