غزو الليرة التركية... تتريك ممنهج ومساعي لطمس الهوية السورية

الثلاثاء 16/يونيو/2020 - 12:29 ص
طباعة غزو الليرة التركية... فاطمة عبدالغني
 
تتريك ممنهج يتعرض له الشمال السوري، ورغبة تركية لا تتوانى عن تغير هذه المنطقة وهويتها منذ وطئتها بآلياتها العسكرية، ففي ظل أزمة تتعرض لها الليرة السورية مع قرب تطبيق قانون قيصر الأمريكي لفرض عقوبات على الحكومة السورية وحلفائها تستغل أنقرة هذه الظروف لتمرر جزء من مخططها.
فكانت أبرز الجوانب التي لجأ إليها أردوغان في سوريا لتنفيذ مخططاته أن أوعز من خلال سلطاته لميليشياته في سوريا بفرض التداول بالليرة التركية على كافة المعاملات التجارية والمالية في شمال سوريا.
وأكدت أوساط معارضة أن هذه الخطوة بدأت منذ الأسبوع الماضي، وجاءت توازياً مع حملة ترويج بدأتها المجالس المحلية في ريف حلب الشمالي، تدعو السكان إلى التعامل بالليرة التركية بدلاً من السورية.
من ناحية أخرى أوضحت مصادر إعلامية أن العملة التركية كانت حاضرة في التعاملات التجارية وتحويل الأموال في تلك المناطق، ولكن بفئات كبيرة فقط، فيما لم تكن هناك وفرة في الفئات الصغيرة، وخاصة المعدنية، بشكل يتيح دخولها التعاملات اليومية، مشيرة إلى أنه من شأن الخطوة المرعيّة رسمياً من أنقرة، أن تكون مدخلاً لطرح "استبدال العملة" بشكل شبه كامل.
وتحدثت أوساط محلية عن توجّه لتسعير الخدمات ــ وعلى رأسها الكهرباء ــ بالليرة التركية، فيما سجّلت الأسواق توجّه بعض المحالّ إلى التسعير بالليرة التركية.
كما بدأت مجالس محلية مدعومة من الاحتلال التركي باعتماد الليرة التركية في تقييم أجور العمال اليومية والمُنتجات الزراعية.
وفي السياق ذاته أصدر المجلس المحلي لمدينة مارع بيانا إلى الأهالي من أجل التعامل بالليرة التركية، بحجة أنها "الأكثر تداولا في المنطقة المحررة".
وبرر المجلس المحلي لمدينة مارع قراره بتحويل المعاملات النقدية داخل المدينة من الليرة السورية إلى التركية، بأن الأخيرة "أصبحت أكثر ثباتا".
وقال نائب رئيس المجلس المحلي لمدينة مارع، عمر كور: "العملة السورية تتدهور منذ نحو شهرين وتتغير بشكل يومي، انخفاض مع ارتفاع، مما دفع المجلس المحلي إلى إصدار لبيان موجه لأهالي المدينة للتعامل بالليرة التركية، كونها العملة الأكثر تداولا بالمنطقة المحررة".
وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان حددت شركة "وتد" المستوردة للمحروقات في مناطق نفوذ ما يعرف بهيئة تحرير الشام، أسعار بيعها بالليرة التركية، حيث بلغ سعر ليتر البنزين والمازوت المستوردين 3.7 ليرة تركية، وبحسب "وتد"، فإن المحروقات ستباع بالليرة التركية أو ما يعادلها بالليرة السورية.
وفي سياق ذلك، حددت السلطات المحلية سعر ربطة الخبز بأصنافه الثلاث بالليرة التركية أيضا، وكانت السلطات المحلية أعلنت في وقت سابق عن بدء صرف رواتب الموظفين لديها بالليرة التركية.
على صعيد متصل، أفاد المرصد بوصل كميات كبيرة من الفئات الصغيرة من الليرة التركية إلى أسواق مناطق نفوذ الفصائل الموالية لتركيا في ريف حلب وإدلب، حيث سيتم تغير العملة بشكل تدريجي.
ويرى المراقبون أن ذلك يأتي في إطار ترتيبات تنتهجها أنقرة لطمس هوية الشمال السوري سواء عبر محاولات تغيير التركيبة السكانية أو من خلال ابتلاع الاقتصاد.
فلم يقتصر الأمر فقط على التعامل بالعملة التركية على الأراضي السورية، وإنما امتد ليصل إلى "العلم التركي". ويتصدر علم تركيا الواجهة في مكتب بريد تركي أنشئ على الأراضي السورية.
يشار إلى أن هذه السياسة هي ذاتها التي يتبعها الاحتلال التركي في مدن عفرين والباب وإعزاز وجرابلس التي تم احتلالها في وقت سابق حيث بدأ بفرض تداول العملية التركية ثم تغيير أسماء الشوارع والساحات وكافة المنشآت وفرض المناهج التركية على المدارس وغيرها من مظاهر التتريك في تلك المناطق.
وهو الأمر ذاته الذي أكده رئيس المكتب السياسي للمقاومة السورية ضد الاحتلال التركي، ريزان حدو، حيث أوضح أن النظام التركي أرسل كميات كبيرة من العملة التركية إلى المناطق التي يحتلها في إدلب وعفرين واعزاز و مارع والراعي والباب وجرابلس و تل أبيض وأس العين، علماً بأن أغلب العاملين في المجالس المدنية والعسكرية التابعة لما يسمى الائتلاف، والتي تشرف عليها حكومة النظام التركي بشكل مباشر، يتقاضون رواتبهم بالعملة التركية.
واعتبر حدو أن تركيا وبهذه الخطوة تستكمل خطواتها نحو ضم الأراضي السورية إليها بعد الاحتلال العسكري، وتسعى لتكريس التتريك والاحتلال الاقتصادي، لتتحول المناطق السورية المحتلة رويداً رويداً إلى مدن و بلدات تركية، حسب مخططاتها.
وأشار حدو إلى أن الخطة والمشروع التركي باختصار، هو احتلال عسكري يتلوه ربط اقتصادي، ثم تغيير ثقافي، ثم ضم كامل عبر استفتاء مشبوه، مؤكداً أنه لابديل عن مقاومة الاحتلال التركي، وإلا سنكون أمام تكرار لسيناريو لواء اسكندرون المحتل، أو سيناريو قبرص وما تبعه من إعلان تركي عن تشكيل دولة شمال قبرص.

شارك