بتحويل "آيا صوفيا" إلى مسجد... أردوغان يغرس شوكة في مبادئ التعايش والسلام بين الأديان

الثلاثاء 14/يوليو/2020 - 08:16 ص
طباعة بتحويل آيا صوفيا فاطمة عبدالغني
 
أدان الاتحاد الأوروبي قرار النظام التركي برئاسة رجب طيب أردوغان، بتحويل متحف آيا صوفيا التاريخي إلى مسجد، وذلك خلال جلسة لوزراء خارجية الاتحاد، الاثنين 13 يوليو، لمناقشة عدد من الملفات الملحة، في مقدمتها تعديات تركيا على سيادة دول المتوسط وتدخلاتها في الأزمة الليبية.
وكان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أعلن الجمعة 10 يوليو، تحويل متحف "آيا صوفيا" إلى مسجد، عقب صدور قرار قضائي قوبل برفض وانتقاد واسعين على المستوى الدولي.
وانتقدت الحكومة اليونانية، قرار القضاء التركي، واصفة الخطوة بـ"استفزاز للعالم المتحضر".
وقالت وزيرة الثقافة اليونانية، لينا مندوني، في بيان إنّ النزعة "القومية التي يبديها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تعيد بلاده ستة قرون إلى الوراء".
وأدانت اللجنة الأمريكية للحريات الدينية الدولية، قرار القضاء التراكي، قائلة إنه يشكل تسيسا "صريحا" لمنشأة ذات "تاريخ معقد وتنوع غني".
وصرح نائب رئيس اللجنة، توني بيركنز، في بيان، بأن هذه الخطوة التركية تبعث على الأسف، وتثير حفيظة الأقليات الدينية في تركيا.
وأضافت اللجنة؛ وهي مستقلة أستحدثت من قبل الكونغرس، أن هذا القرار يأتي في ظل هجوم متزايد على الأقليات، كما أن أفراد هؤلاء الجماعات يشعرون بنوع من التهميش، على عهد الرئيس أردوغان.
وفي المنحى نفسه، أدان عضو مجلس الشيوخ الأمريكي، بوب مينينديز، الخطوة التركية، داعيا أردوغان إلى التراجع عن القرار، حتى تظل آيا صوفيا إرث لجميع الناس من مختلف الأديان.
وفي السياق ذاته، أعربت الحكومة الألمانية عن أسفها إزاء تحويل متحف آيا صوفيا إلى مسجد.
وقال المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن زايبرت الاثنين 13 يوليو في برلين: "آيا صوفيا لها أهمية تاريخية ثقافية كبيرة، ولها أهمية دينية كبيرة، سواء بالنسبة للمسيحية أو الإسلام، ونحن نضع أهمية كبيرة على هذا الحوار بين الأديان".
وذكر زايبرت أن وضع "آيا صوفيا" كمتحف منح أتباع كافة التوجهات العقائدية فرصة لدخول حر لهذه التحفة الرائعة والتراث الثقافي العالمي في كافة الأوقات، مضيفا أنه يبقى الآن انتظار كيف سيُجرى تشكيل القرار في هذا الشأن.
وفي نفس الوقت أدان وزير خارجية لوكسمبورج جان أسيلبورن، قرار القضاء التركي، وقال أسيلبورن إن قرار تركيا بإعادة فتح المبنى، الذي ظل متحفا منذ عام 1935، لاستقبال المصليين، هو بمثابة انتكاسة في علاقات البلاد مع الاتحاد الأوروبي ومكانة تركيا في العالم بشكل عام، وأضاف "إنها ضربة ضد تحالف الحضارات".
ومن جانبه، دعا مجلس الكنائس العالمي، الذي يضم 350 كنيسة، الرئيس التركي ورئيس حزب العدالة والتنمية، رجب طيب أردوغان، بالتراجع عن قرار تحويل آيا صوفيا من متحف إلى مسجد.
وبحسب ما ذكرته جريدة "تلى 1" التركية، أفاد نائب رئيس مجلس إدارة مجلس الكنائس العالمي، د. لوان صاوجا، في خطاب موجه للرئيس التركي أردوغان، أن قرار تحويل آيا صوفيا لجامع سيفتح نيران الانفصال والتباعد.
وتابع لوان قائلًا إن "مجلس الكنائس يشعر بالحزن الشديد من اتخاذ تركيا لقرار كهذا دون الالتفات إلى رأي منظمة اليونسكو".
وأضاف: "المجلس يشعر بالقلق من أن يلهم قرار آيا صوفيا الجماعات التي تريد تغيير الوضع الراهن وتغذي فكرة تقسيم الطوائف الدينية".
وعلى صعيد متصل، أعربت روسيا عن أسفها لقرار القضاء التركي،  وقال مساعد وزير الخارجية الروسي، ألكسندر جوريشكو، إن روسيا تشعر بغاية الأسف حيال قرار تحويل متحف آيا صوفيا إلى مسجد وفتحه للعبادة، معربًا عن أمله أن تكون تركيا على قدر المسئولية لتحمي هذا الصرح التاريخي الذي صنفته مؤسسة اليونسكو بأنه ميراث ثقافي عالمي.
وأضاف وزير الخارجية الروسي، في تصريحاته التي نقلتها صحيفة "قرار" التركية: "لم يبق في العالم الحديث الكثير من تلك الأصرح التاريخية التي ظلت صامدة علي مدار السنين، وشهدت الكثير من الأحداث والتطورات البشرية مثل ذلك المتحف، ولذلك يجب أن نحترم هذه الأصرح التاريخية وقيمتها الحضارية لأقصي درجة".
ونوه وزير الخارجية الروسي، إلى أن وجود آيا صوفيا على أراض تركية لا يعني أبدًا أنها ملكية تركية فقط، لكن هي ملك للعالم أجمعين، علاوة على قيمتها الدينية والروحانية في قلوب الكثير من الأشخاص على مستوى العالم.
وأشار إلى أنه كان يأمل أن تكون تركيا على قدر المسئولية لتحمي هذا الصرح التاريخي وتسهل على السائحين إمكانية دخوله بكل سهولة.
ومن جانبه، قال مستشار مفتي جمهورية مصر العربية، إبراهيم  نجم، إن قرار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بشأن تحويل معلم آيا صوفيا التاريخي في إسطنبول إلى مسجد "لعبة سياسية خطيرة".
وبحسب ما ذكرته جريدة "تي 24" التركية، أكد نجم، في حديث للصحافة الروسية، أن تحويل آيا صوفيا إلى مسجد إجراء يجب النظر به في سياق الهدف السياسي الذي حدده أردوغان.
وأوضح نجم أن توقيت وملابسات هذا الحدث تشير إلى أن هذا القرار يحمل فقط طابعًا سياسيًا ويمكن اعتباره محاولة من قبل الرئيس التركي، أردوغان،  لعرض نفسه بطلاً يزعم أنه يحمي المقدسات الإسلامية ويحي عظمتها.
وأشار مستشار المفتي إلى أن الكثيرين يتحدثون الآن حول الجوانب التاريخية والقانونية للخطوة التي اتخذها أردوغان، لكن كل ذلك يمثل جدالَا تاريخيا غير مجد لأنه يصرف الاهتمام عن "السياق الحقيقي لهذه اللعبة السياسية الخطيرة".
وفي السياق ذاته، قال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الأرمينية، عننا ناغدايلان، إن بلاده تشعر بحالة من القلق الشديد عقب قرار تحويل متحف آيا صوفيا الذي يمثل ميراثًا ثقافيًا عالميًا إلى مسجد. مؤكدًا أن الرأي العام الغربي والعالمي متحد ضد القرار.
وأضاف ناغدايلان أن آيا صوفيا ليس مجرد صرح تاريخي وثقافي فقط، بل أنه يحمل في ثناياه عبق التاريخ، ويتمتع بمكانة ثقافية وسياسية كبيرة، كما أن وضعه على قائمة الميراث الثقافي العالمي يعد رسالة لأن تتحد البشرية في سبيل الحفاظ على الميراث التاريخي الذي يمثل رمز من رموز العراقة وليس من أجل إشعال نار الحقد بين الشعوب.
وأردف المتحدث باسم الخارجية الأرمينية أنه مع الأسف فإن القرار الأخير الذي أقره المسؤولون الأتراك حيال آيا صوفيا يمثل نهاية لمهمة المعلم التاريخي الحقيقية. كما ناشد المجتمع العالمي وبخاصة اليونسكو أن تتعقب الأماكن المدرجة على قائمة الميراث الثقافي العالمي عن قرب.

شارك