بعد تحويله متحف آيا صوفيا لمسجد.. انتفاضة دولية تحطم آمال أردوغان

الثلاثاء 14/يوليو/2020 - 11:18 ص
طباعة بعد تحويله متحف آيا أميرة الشريف
 
أثار قرار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتحويل متحف آيا صوفيا لمسجد، وفقا لحكم المحكمة الإدارية العليا، الغضب في أوساط المسيحيين في تركيا واليونان المجاورة.
ووقع الرئيس التركي على مرسوم بتحويل آيا صوفيا في مدينة اسطنبول إلى مسجد، وهو المرسوم الذي أعقب قرارا للمحكمة الإدارية العليا بتركيا، بإلغاء وضع المتحف الذي منح لهذا المبنى على مدار عقود ماضية.
وأصدر مجلس الدولة التركي، والذي يمثل أعلى محكمة إدارية في البلاد، قرارا في وقت سابق، يبطل فيه الوضع الذي كانت آيا صوفيا توصّف بموجبه كمتحف، وجاء قرار المجلس بناء على طلبات، تقدمت بها عدة منظمات بإبطال قرار حكومي، يعود للعام 1934 ويعطي أيا صوفيا وضع المتحف.
وقالت المحكمة، إن آيا صوفيا مسجّلة كمسجد، في سندات الملكية التي تحمل اسم مؤسسة محمد الفاتح، وهو السلطان العثماني الذي كان قد ضم القسطنطينية إلى الدولة العثمانية، خلال القرن الخامس عشر، مشيرة إلى أن هذا التصنيف غير قابل للتعديل وفق وكالة آنباء الأناضول التركية.
وجاء رد الفعل الأقوى من اليونان المجاورة لتركيا، إذ قال رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، إنه يندد "بأشد العبارات"، بقرار تركيا تحويل متحف آيا صوفيا في إسطنبول إلى مسجد.
واعتبر البطريرك المسكوني برثلماوس، الزعيم الروحي للمسيحيين الأرثوذكس في العالم ويقيم في إسطنبول، أن تحويل الأثر "سيخيب آمال المسيحيين ويحدث شقاقا بين الشرق والغرب".
ودعا حزب "الحل اليوناني"، إلى تحويل مكان ولادة مؤسس الجمهورية التركية، مصطفى كمال أتاتورك، في مدينة سالونيك اليونانية إلى متحف، لتخليد ذكرى الإبادة الجماعي اليونانية في منطقة بونتوس المطلة على البحر الأسود.
ووصف الاتحاد الأوروبي، قرار أردوغان بأنه مؤسف، في حين قال وزير الخارجية الفرنسي جان-إيف لودريان، إن بلاده "تأسف" لقرار السلطات التركية، وأشار لودريان إلى كل من قرار المحكمة وقرار أردوغان بشأن أيا صوفيا قائلا "هذان القراران يشكّكان في أحد أكثر الإجراءات رمزية لتركيا العصرية والعلمانية".
 أما المنظمة الدولية للتربية والعلوم و الثقافة "اليونسكو" فقد حذرت من جانبها بأن لجنة التراث العالمي ستراجع موقف آيا صوفيا بعد إعلان الرئيس التركي لقراره.
من جانبه رفض أردوغان، كل الانتقادات الدولية التي طالته بفعل القرار، معتبرا أن الأمر هو ضمن "حقوق بلاده السيادية"، وقال إن "الذين لا يحركون ساكنا في بلدانهم حيال معاداة الإسلام ينتقدون رغبة تركيا في استخدام حقوقها السيادية"، وأضاف "اتخذنا هذا القرار ليس استنادا إلى ما سيقوله الآخرون بل في ضوء حقوقنا كما فعلنا في سوريا وليبيا وأي بلد آخر".
ووفق مراقبون  فإن ذلك الانقسام، في أوساط الناشطين العرب، على وسائل التواصل الاجتماعي، بشأن الخطوة التركية، يأتي غير بعيد عن الأجواء السياسية، وعن حالة الاستقطاب الاقليمي، التي يخلقها النفوذ التركي المتزايد في الممنطقة العربية، متمثلا بدوره القائم في ليبيا حاليا.
ورفض المعسكر الداعم لقرار أردوغان في المنطقة العربية، فكرة أن الخطوة تمثل استعداء لمسيحيي العالم، وأبرز هؤلاء من المعلومات التاريخية، ما يفيد بأن السلطان العثماني محمد الفاتح، كان قد دفع أموالا مقابل شراء "آيا صوفيا" وأرضها، وقارن هؤلاء بين تحويل آيا صوفيا إلى مسجد، وما حدث بالنسبة للعديد من المساجد التي حولت لكنائس في أوربا، خاصة في إسبانيا والتي قامت جيوشها بعد انتهاء حكم العرب للأندلس، بتحويل معظم مساجدها إلى كنائس.
من جانبه، دعا مجلس الكنائس العالمي، ويضم 350 كنيسة، الرئيس التركي إلى التراجع عن قرار تحويل متحف آيا صوفيا إلى مسجد مرة أخرى.
وأعرب الأمين العام الانتقالي لمجلس الكنائس العالمي، لوان ساوكا، عن شعور منظمته بالحزن وخيبة الأمل جراء القرار التركي.
ووصف ساوكا ذلك القرار بأنه "دليل على الانقسام والتفرد في اتخاذ القرار، وهو ما يقوض الجهود المبذولة لتقريب أتباع الأديان المختلفة من بعضها البعض".
ويحذر معلقون أتراك من"تبعات وخيمة" لقرار تحويل أيا صوفيا لمسجد على العلاقات تركيا الدولية، خاصة مع الغرب، قائلين إن قرارات اردوغان ستزيد من عزلة بلادهم وستذكي خطاب الكراهية الديني ضد المسلمين".
وبنيت آيا صوفيا قبل حوالي 1500 عام، ثم تحولت إلى مسجد مع الغزو العثماني في القرن الخامس عشر، لكنها تحولت إلى متحف مرة أخرى في ثلاثينيات القرن الماضي.
و آيا صوفيا هو تحفة معمارية تاريخية، وكان البيزنطيون قد شيدوها في القرن السادس ، وبعد استيلاء العثمانيين على القسطنطينية في 1453 ، وتغييرهم اسم العاصمة السابقة للامبراطورية البيزنطية إلى إسطنبول، حولوا الكاتدرائية مسجدا في العام نفسه، وقد بقيت كذلك حتى العام 1934 حين أصبحت متحفاً بقرار من رئيس الجمهورية التركية حينذاك مصطفى كمال أتاتورك .


شارك