طالبان وإيران.. هل تضع نهاية لعلاقة طهران بكابول؟

الأحد 02/أغسطس/2020 - 01:02 م
طباعة طالبان وإيران.. هل علي رجب
 
علاقة خفية ترتبط بين حركة طالبان الافغانية والنظام الايراني، تثير غضب حكومة الرئيس الأفغاني أشرف غني، في ظل ارتفاع موجة الرفض للتدخل الايراني في الشؤون الافغانية.
أمس السبت شهدت طهران تظاهرة لعدد من مؤيدي تنظيم طالبان في حديقة ملت وسط طهران، رافعين علم التنظيم، وذلك مع بدء تطبيق وقف إطلاق النار لمدة ثلاثة أيام بين التنظيم والحكومة الأفغانية بمناسبة عيد الأضحى وفق ما ذكرت وكالة ”ركنا“ الإيرانية.
تجمع تنظيم ”طالبان“ في طهران  أثار غضبا شعبيا ورسميا في كابول، وسط اتهامات للنظام الإيراني بدعم التنظيم المتطرف وإضعاف الحكومة الأفغانية.
وندد عدد كبير من النواب والمسؤولين والناشطين الأفغان، باستقبال طهران لمؤيدي تنظيم طالبان ورفع علم التنظيم، فيما وجهوا اتهامات للنظام الإيراني بدعم وتأييد التنظيم المتشدد على حساب الحكومة الأفغانية.
وقال النائب في البرلمان الأفغاني، ستار حسيني تعليقا على واقعة وقفة تأييد تنظيم طالبان في طهران ”إن النظام الإيراني يُضعف الحكومة الأفغانية بدعمه لتنظيم طالبان، إذ إن قادة هذا التنظيم يمتلكون منازل في مختلف المدن الإيرانية ومنها قم ومشهد ويزد، وحتى أن المصابين من هذا التنظيم يعالجون في المستشفيات الإيرانية“.
وأضاف حسيني في تصريحات نقلها موقع ”إيران واير“ المعارض أن ”النظام الإيراني لطالما سعى في إضعاف الهوية الأفغانية بدعمه للجماعات المسلحة، في الوقت الذي يجب فيه على إيران كإحدى دول الجوار أن تبذل قصارى جهدها لإقرار السلام في أفغانستان”.
وأدان الصحفي الأفغاني، علي شير شهير استقبال إيران لعناصر تنظيم طالبان في الوقت الذي ترحّل فيه السلطات الإيرانية العمال الأفغان، وكتب على صفحته على موقع ”فيسبوك“، إن المهاجرين الأفغان يتم تعذيبهم في إيران يوميا بسبب جريمة بحثهم عن لقمة العيش، في حين أن أعضاء طالبان يتلقون الدعم والاستقبال في قلب طهران دون سؤال من السلطات حتى عن بطاقات هويتهم“.
من جانبه، وصف المستشار الثقافي للرئيس الأفغاني، شاه حسين مرتضوي رفع علم طالبان في طهران بمناورة دعم إيران للتنظيم، وقال عبر ”فيسبوك“: ”إن طالبان ترفع عَلمها بكل حرية في طهران، رغم تورط هذا التنظيم في عمليات مسلحة وحتى استهداف دبلوماسيين إيرانيين“.
الحديث عن علاقة إيران بحركة طالبان  ليس جديداً ولا غريباً أيضاً، فقد سبق أن تم الكشف عن بعض جوانب العلاقة من قبل، كما تم افتتاح مكتب للحركة في مدينة زهدان عام 2012؛ ولكن الغريب وما يثير الشكوك هو أن كل طرف يتحدث علناً عن عدائه للآخر، بل هناك سوابق تظهر علاقة العداء هذه، فقد دعمت إيران قوات تحالف الشمال الأفغانية وأمدتهم بالسلاح والمال في محـاربتهم لـ طالبان إبان الاحتلال الأمريكي لأفغانستان، وقامت بتزويد القوات المعارضة للحركة – بما فيها الأمريكية وفق مراقبين – بخرائط تظهر مواقع القوات والقواعد التابعة للحركة، ومن ثم فإن إيران ناصبت العداء لـ طالبان قولاً وعملاً آنذاك، لكن كيف تحولت إلى ملاذ آمن لبعض قيادات الحركة وعناصرها وعوائلهم.
الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط ماهان عابدين، رأت أن مصالح إيران في أفغانستان ضيقة في بعض النواحي؛ فقد ركزت طهران جهودها تقليديًا على تمكين الناطقين باللغة الفارسية في البلاد وحماية الشيعة الأفغان الذين تعرضوا في السنوات الأخيرة لهجمات مروعة من قبل المسلحين السنة وعلى رأسهم تنظيم داعش الإرهابي. ومن الجدير بالذكر أن خمس الأفغان ينتمون إلى المذهب الشيعي.

وأضافت عابدين في تحليل لها بمجلة "فورين أفيرز" الأمريكية ، أن علاقة إيران بطالبان قد قطعت شوطًا طويلًا منذ التسعينيات، وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة تتهم إيران بشكل دوري بالتعاون مع طالبان، إلا أن القليل من الأدلة الموثوق بها تشير إلى هذا التعاون. غير أن الكثير من الأدلة تشير إلى تحسن العلاقات السياسية بين إيران وطالبان. 
وقالت إنه رغم  وجود فصائل طالبان تحمل العداوات ضد الأفغان الشيعة وضد إيران، لكن القيادات ترى في علاقة مع طهران علاقة "مصالح" ويعطي الدبلوماسيون الإيرانيون قيادة طالبان المزيد من الأسباب للثقة بهم، فعلى سبيل المثال تجاهر إيران باعترافها بأهمية طالبان؛ فقد أثار وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، غضب حكومة غني عندما أصر على التلفزيون الإيراني في يناير 2019 أن على طالبان أن تلعب دورًا في أي تكوين سياسي مستقبلي في أفغانستان.
وتختتم عابدين بالقول إنه قبل عشرين عامًا، وحتى قبل عشر سنوات، لم يكن من الممكن تصوّر مثل هذا الخطاب من وزير الخارجية الإيراني، لكن إيران أعادت ضبط أولوياتها في أفغانستان وستحاول الوصول إلى تسوية مع طالبان بغض النظر عما حققته الولايات المتحدة أو فشلت في تحقيقه؛ فبعد أسبوع واحد فقط من انهيار المحادثات مع الولايات المتحدة في سبتمبر الماضي، وصل وفد من طالبان إلى طهران. إن إيران تعرف جيدًا أنه يجب عليها أن تُبقي خصومها السابقين على مقربة لإبقاء أعداء أكبر في مأزق.

شارك