هل يعيد الاتحاد الأوروبي ابنائه المحتجزين في سوريا..؟

الخميس 29/أكتوبر/2020 - 05:12 ص
طباعة هل يعيد الاتحاد الأوروبي حسام الحداد
 
دراسة حديثة للخبيران بشؤون المتطرفين في "معهد إيغمونت"، توما رينار وريك كولسايت، تكشف أعداد الاطفال الأوروبيين من أباء وأمهات ينتمون لتنظيم داعش واحتمالات مستقبل هؤلاء الأطفال خصوصا بعدما رفضت فرنسا على سبيل المثال عودتهم لأوطانهم.
وأكّد الباحثان البلجيكيان في دراسة نشرت الأربعاء أن أكثر من 600 طفل من أبناء متطرفين أوروبيين، ثلثهم تقريباً فرنسيون، محتجزون حالياً في مخيّمين يخضعان لسيطرة الأكراد في شمال شرق سوريا، مندّدَين بـ"تقاعس" دولهم.
وقال توما رينار وريك كولسايت، الخبيران بشؤون المتطرفين في "معهد إيغمونت" في بروكسل، في دراستهما إن "ما بين 610 و680" طفلاً من مواطني الاتحاد الأوروبي محتجزون حالياً مع أمهاتهم في مخيّمي روج والهول في شمال شرق سوريا.
وأضافت الدراسة أن هؤلاء الأطفال احتُجزوا اعتباراً من 2019 مع أمّهاتهم اللواتي كنّ، في قسمهن الأكبر، يقاتلن في صفوف تنظيم داعش.
وإذا ما أضيف هؤلاء الأطفال إلى حوالي 400 بالغ - بينهم متطرفون معتقلون على وجه الخصوص في مدينة الحسكة السورية - يصبح هناك في المجموع حوالي 1000 أوروبي محتجزين في المنطقة العراقية-السورية، وفقاً للدراسة التي استندت إلى بيانات رسمية وتقديرات خبراء وإحصاءات لمنظمات غير حكومية ميدانية.
ويتصدر الفرنسيون قائمة هؤلاء المحتجزين الأوروبيين إذ هناك ما بين "150 إلى 200" بالغ و"200 إلى 250" طفلاً، غالبيتهم العظمى في سوريا.
ويلي الفرنسيين من حيث العدد الألمان ثم الهولنديون ثم السويديون ثم البلجيكيون فالبريطانيون، وفقاً للدراسة التي لفتت إلى أن هناك ما لا يقل عن 38 طفلاً بلجيكياً محتجزاً و35 قاصراً بريطانياً.
واعتبر الباحثان أنه في ما يخصّ المتطرفين البالغين الذين قاتلوا في صفوف تنظيم داعش والذين استبعدت دولهم إمكانية استعادتهم، فإنّ احتجاز هؤلاء "خارج أي إطار قانوني دولي" والغموض الذي يكتنف إمكان حصولهم على محاكمة حيث هم، يُذكّر بقضية المعتقلين في معسكر غوانتانامو الأميركي.
وقال توما رينار لوكالة "فرانس برس": "نشهد اليوم مع هؤلاء المعتقلين الأوروبيين وضعاً مماثلاً" لوضع معتقلي غوانتانامو، داعياً إلى النظر في إمكانية محاكمة هؤلاء أمام محاكم تابعة للإدارة الكردية.
أما الأطفال، كما يقول الباحث، "فهُم ضحايا خيارات آبائهم وضحايا الحرب والظروف الصعبة للغاية في هذه المخيمات، وكذلك ضحايا تقاعس الحكومات الأوروبية".
وشدّد رينار على أن الحكومات الأوروبية "تدرك تماماً وضعهم ولكنها اختارت عدم إعادتهم إلى أوطانهم، غالباً خلافاً لتوصيات إداراتها وأجهزتها المتخصّصة بمكافحة الإرهاب".
ورفض الباحث الفكرة القائلة بأنّ هؤلاء الأطفال سيكونون بمثابة "قنابل موقوتة" إذا ما أعيدوا إلى بلدانهم.
وقال: "60 إلى 70% منهم هم دون الخامسة من العمر، وجميع الآخرين تقريباً تقلّ أعمارهم عن 12 عاماً، وليست هناك سوى حفنة من المراهقين".
يذكر أنه في سبتمبر الماضي وفي مبادرة برلمانية فرنسية، دعا 76 نائباً من أحزاب سياسية مختلفة لإعادة أطفال داعش الفرنسيين وأمهاتهم إلى وطنهم فرنسا على أن يتم تقديم الرعاية اللازمة للصغار وعرض الأمهات على القضاء الفرنسي لمحاكمتهن.
وتزامنت هذه المبادرة مع رسالة مفتوحة موجهة إلى الرئيس إيمانويل ماكرون نشرتها عائلات ٢٠٠ طفل فرنسي من أطفال داعش محتجزين في مخيمات في سوريا.
فيما أشارت صحيفة لوباريزيان إلى أن العائلات الفرنسية نظمت وقفة احتجاجية أمام سكرتارية الدولة للطفولة متزامنة مع إطلاق الرسالة التي طالبت الحكومة بحماية الأطفال وإعادتهم إلى وطنهم الأم.
يشار إلى أن فرنسا تتبع مبدأ دراسة كل حالة على حدة في إرجاع أطفال داعش من العراق وسوريا، وتضع شرط أن يكون الطفل يتيماً.
أما إذا كان أحد الوالدين على قيد الحياة فيتطلب الأمر أخذ موافقته، وهو ما يعترض عليه البرلمانيون الذين يرون أن على الدولة استقبال جميع الأطفال مع أمهاتهم وتقديم الرعاية اللازمة لهم وعرض الأمهات على القضاء الفرنسي لمحاكمتهن.
بدوره، أشار النائب بيير موريل لويسيه الذي أطلق المبادرة في تصريح خاص لـ "العربية نت"، إلى أن النواب الفرنسيين الذين وقعوا على العريضة يرفضون نظرية دراسة كل حالة على حدة فيما يخص أطفال داعش ويريدون أن تستعيد فرنسا جميع الأطفال الفرنسيين مع أمهاتهم.
كما شدد على أن ترك الأطفال هناك في مخيمات سوريا يعني تعريضهم لخطر الوقوع في يد داعش الذي قد يعمل بدوره على استعادتهم وتجنيدهم.
وقال: "لقد رأينا سابقا أن بعض النساء عُدن والتحقن من جديد بالتنظيم الإرهابي وفي حال اصطحابهن للأطفال فسنراهم في سن السادسة قد تحولوا إلى جنود دواعش".
الدولة متمسكة بقرارها
يشار إلى أنه ومنذ انهيار التنظيم المتطرف في آذار/مارس الماضي استقبلت فرنسا ٢٨ طفلا من المخيمات في سوريا، حيث تم تسليم هؤلاء الأطفال إلى السلطات القضائية الفرنسية وخضعوا لمتابعة طبية ورعاية خاصة فور وصولهم إلى فرنسا، وهم إما قصّر أو أيتام أو لديهم حالات إنسانية خاصة.
ورغم الأصوات المعارضة التي علت من نخبة واسعة من السياسيين الفرنسيين، تتمسك الدولة بقرارها، وتُجرى مشاورات مستمرة من أجل الضغط على الحكومة للحصول على حق جميع الأطفال في العودة إلى وطنهم.

شارك