نهب وقتل وتهجير.. عفرين عام من جرائم تركيا بحق السوريين

الأحد 01/نوفمبر/2020 - 02:14 م
طباعة نهب وقتل وتهجير.. علي رجب
 

اكد المرصد السوري لحقوق الإنسان ان لأوضاع في مدينة عفرين السورية تشهد أسوء اوضاعها، في ظل سيطرة الفصائل السورية وقتوات الاحتلال التركية، لافتا الى هناك العديد من الانتهاكات والأعمال العدوانية الدموية والجرائم الموجهة ضد المواطن السوري والأراضي السورية من قبل تركيا وميليشياته.

ورصد المرصد  المرصد في تقرير له عن الاوضاع في عفرين خلال عام، منذ اكتوبر 2019  وحتي إلى أواخر شهر أكتوبر2020 العديد من الانتهاكات ابرزها ، عمليات الاعتقالات والاختفاء القصري والتعذيب والتهجير و فرض الإتاوات في ظل حالة من التوترات والانفلات الأمني.

الانفلات الأمني

شهدت مدينة عفرين عدد من التوترات والاضطرابات التي أدت إلى انخفاض معدل الاستقرار وازدياد الانفلات الأمني، وقد تمثلت في الاشتباكات بين الفصائل المتناحرة، وكذلك الاشتباكات بين عناصر هذه الفصائل، وقد وثق المرصد عدد منها، ففي 25/10/2019 رصد المرصد اشتباكات جرت في قريتي جب النعسان والسكرية الكبيرة بريف حلب الشمالي الشرقي، بين عناصر من حركة أحرار الشام من جهة وعناصر من فصيل الحمزات من جهة أخرى، ويذكر أن خلافات كانت بسبب معابر التهريب، وقد استخدمت القذائف خلال الاشتباكات، وفي 6/11/2019 أفادت مصادر المرصد بحدوث اشتباكات عنيفة استخدمت فيها الأسلحة والرشاشات الخفيفة والمتوسطة وسط مدينة عفرين بين عناصر فصيل “الجبهة الشامية” و”أحرار الشرقية” وسط حالة ذعر تسود المنطقة نتيجة الرصاص الطائش.

 

كذا أكد المرصد 24/9/2020 نشوب عراك مسلح بالأسلحة الخفيفة والرشاشات الثقيلة لأسباب مجهولة بين “فرقة الحمزات” من جهة، و حركة “أحرار الشام” الإسلامية من جهة أُخرى في قرية “جولقان” التابعة لناحية جنديرس ضمن المناطق الخاضعة لسيطرة القوات التركية والفصائل الموالية لها في ريف عفرين شمال غرب حلب، مما أدى لجرح عنصرين من الفصائل.

 

هذا إلى جانب عمليات الاعتقال التي تطال المواطنين دون تبرير واضح ولأسباب واهية، فخلال الشهر يمكن أن يتم اعتقال 100 شخص طلبًا للفدية، حيث وثق المرصد في هذا الإطار 21/8/2020 مداهمة مجموعة مسلحة تابعة لـ”الجيش الوطني” المدعوم من تركيا، عددًا من المنازل في قرية “عرب شيخو” التابعة لناحية معبطلي في ريف عفرين شمال غرب حلب، واعتقلت 6 مواطنين من سكان القرية الأصليين، لأسباب غير معروفة، وقد تم إطلاق سراح ثلاثة منهم بعد دفعهم مبالغ مالية، ويذكر أن هناك عدد كبير من المعتقلين تم نقلهم من سجن راعي والسجون التركية إلى سجن ماراتيه لتدهور أوضاعهم وإصابتهم بالسل، هذا علاوة على عمليات التفجير المتكررة التي يشهدها أهالي عفرين بين الحين والآخر فلا يمضي شهر، إلا وتشهد المنطقة تنفيذ عملية أو عمليتين تفجيريتين يقضي إثرها العشرات من الضحايا، ناهيك عن عمليات الاختطاف والاختفاء القسري التي تم خلالها القبض على أكثر من 6000 شخص بينهم نساء وأطفال.

فرض الإتاوات 

لا يزال الأهالي يضجون من الإتاوات التي تفرضها الفصائل الموالية لأنقرة في عفرين، وفي هذا السياق علم المرصد 14/12/2019، أن عناصر من الفصائل الموالية لتركيا تواصل انتهاكاتها بحق أهالي عفرين، وذلك عبر التضييق“لواء صقور الشمال” الموالي لتركيا على المزارعين من أهالي قرية خوروز التابعة لناحية بلبل بريف عفرين لدفع رشاوى مالية، وحصة من محصول الزيتون، كما قاموا بقطع أكثر من 80 شجرة زيتون في قرية دراكير بناحية معبطلي، كذلك علم المرصد 19/2/2020 أن الفصيل ذاته أجبر سكان محليين في قريتي قزلباش و بيلان على دفع مبالغ مالية لـ “دار القضاء” التابع للفصائل والمتواجد ضمن ناحية راجو تحت وطأة التهديد بالاعتقال في حال رفض الأهالي دفع المبالغ المالية المطلوبة منهم، فيما تقوم عناصر الفصيل بإجبار المدنيين على كسح أشجار الزيتون وتقليم كروم العنب وتشغيل جراراتهم بنقل الحطب من الأحراش والبساتين المستملكة من قائد الفصيل دون مقابل مادي، وفي سياق متصل يتعرض سائقو السيارات والشاحنات على طريق ناحية بلبل – مركز مدينة عفرين لابتزاز مالي متواصل، أثناء مرورهم على الحواجز المنتشرة، وفي غالب الأوقات لا يتمكنون من متابعة طريقهم إلا بعد دفع مبالغ مالية، في حين أقدم فصيل “فيلق الشام” الإسلامي الموالي لتركيا على قطع أكثر من 3000 شجرة زيتون من جذورها في القرى التابعة لناحية بلبل منها 2000 شجرة في مركز الناحية فقط حيث يتم بيعها كـ حطب للتدفئة، كما أفادت مصادر المرصد السوري لحقوق الإنسان 25/8/2020 بأن مسلحين من الفصائل الموالية لتركيا، عمدوا إلى اقتحام منزل مواطن في قرية “سنارة” التابعة لناحية الشيخ حديد في ريف مدينة عفرين شمال غرب حلب، واعتدوا عليه بالضرب المبرح قبل أن يقوموا بسلب أمواله، ومن ثم لاذوا بالفرار، كذلك حصل “المرصد” 29/10/2020 على شهادة أحد أبناء منطقة “شيخ الحديد”، أكد فيها أن فصيل “أبوعشمة” يضغط على أهله الذين نزحوا من منطقة الشهباء ويطالبهم بدفع مبلغ ٥٠٠ يورو، بحجة أن لديهم ابنًا يعيش في أوروبا.

التنكيل بالنساء والأطفال والعجائز

وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان عدة وقائع تكشف انتهاك حقوق المدنيين عمومًا، والمرأة والطفل على وجه الخصوص، حيث رصد في 20/11/2019 العثور على جثة مواطنة جرى قتلها ورمي جثتها في قرية “الشيخ عبد الرحمن” بريف مدينة عفرين شمال غرب حلب، وسط ظروف غامضة حول حادثة القتل، وفي استمرار لعمليات القتل ضمن المنطقة والتي كان من بينها قتل فتاة كردية متطوعة في الدفاع المدني أو ما يعرف بـ “الخوذ البيضاء”، كما اعتقل فصيل الحمزات الموال لتركيا في نيسان 2020، عددًا من النساء المسنات من أهالي قرية “داركير” التابعة لناحية معبطلي في ريف عفرين”، وأخلي سبيلهن بعد دفعهن غرامات مالية بعد ثلاثة أيام من اختطافهن، كذلك أفادت مصادر المرصد 15/5/2020 قيام عنصرين مسلحين مخمورين من الفصائل الموالية لتركيا باقتحام منزل يسكنه نساء وأطفال فقط وسط مدينة عفرين شمال غرب حلب، في محاولة منهم للاعتداء على النساء، كما أكد المرصد 29/5/2020 وجود عشرات النساء العاريات في معتقلات فرقة الحمزة.

وفي السياق ذاته تم اغتصاب فتاة عفرينية بقرية “كوتنلي” في ريف عفرين 2/6/2020 من قبل عناصر فصيل “السلطان مراد” الموالية لتركيا، وقد هددوا بتصفية عائلتها إذا لم يتم التكتم على الأمر.

وعن حوادث قتل الأطفال كشف المرصد 9/7/2020 طريقة جديدة لقتل الأطفال إلى جانب قتلهم في الانفجارات والاجتياحات وعمليات الاقتتال بين الفصائل، وهي “الرمي من شاهق”، فقد توفي طفل من مهجري ريف دمشق، بعد إلقاءه من قبل مجهولين من الطابق السادس، وقبل ذلك توفي أيضاً طفل بالطريقة ذاتها، كما أصيب 3 آخرين لنفس الأسباب، ووفقاً لأحد الأطفال الذين أصيبوا، فقد أكد أن سيدة هي من تقوم بدفعهم من علو شاهق ليسقطوا أرضاً، كما رصد المرصد 24/8/2020 هجومًا لمسلحين من فرقة “السلطان مُراد” على منزل يأوي عائلة من مهجري “معرة النعمان”، إلى ناحية “بلبل” بريف مدينة عفرين شمال غرب حلب، حيث عمد عناصر الفصيل بالاعتداء بالضرب المبرح على النساء والأطفال المقيمون في المنزل، بالإضافة إلى توجيه شتائم لهم، وذلك بعد تأخر العائلة المهجرة عن إخلاء المنزل الذي ينوي فصيل “السلطان مُراد” اتخاذه مقرا عسكريا له.

 نهب ممتلكات السوريين

ازدادت معدلات الفقر بين المواطنين في عفرين نتيجة عمليات السلب والنهب وفرض الجباية وانتزاع الممتلكات كالأراضي والبيوت التي تمارسها الفصائل الموالية لتركيا ضد المواطنين، حيث يرزح 47% من المواطنين السوريين تحت خط الفقر، إضافة إلى ارتفاع معدلات البطالة التي تجاوزت 70%، وفي ضوء هذا نشر المرصد 23 /8/ 2020 مطالبة مسلحين من لواء السلطان “محمد الفاتح” الموالي لأنقرة، صاحب أحد المنازل بإخلائه في قرية “كوركان الفوقاني” بريف عفرين ضمن مناطق نفوذ القوات التركية وفصائل عملية “غصن الزيتون”، وذلك بحجة أن زوجته كانت تعمل إبان سيطرة القوات الكردية على عفرين في كومين قرية “كورونا الفوقاني”، كما امهلوه فترة زمنية لتسليم زوجته المتواجدة حالياً في مدينة حلب، وإلا سيتم طرده من عفرين بشكل كامل، ويذكر أن مصادر أهلية أبلغت المرصد في 6/8/2020 أن فصيلي أحرار الشرقية والسلطان مراد، عمدوا إلى سرقة موسم “الجوز” للأهالي من قُرى “تل طويل – جومكي – قجوما – ماراتيه – برج عبدالو” في ناحية “جنديرس” بريف عفرين ، وذلك من خلال قيام عناصر الفصيلين بقطاف أشجار “الجوز” وبيعها بريف عفرين، كذلك كشف المرصد 30/9/2020 استيلاء مسلحين من فرقة “السلطان مُراد” على ماكينات ضمن معمل خياطة في مدينة عفرين، وعلى صعيد متصل، استولى عناصر الفصائل الموالية لتركيا على 4 محلات تجارية يملكها مواطن عفريني بعد إهانته، في قرية شيخ الحديد بريف عفرين.

تهجير الأهالي والتغيير الديموغرافي للمنطقة

 

تعمل تركيا جاهدة بعد احتلالها عفرين على تغيير التركيبة السكانية للمنطقة بحيث تتواكب مع الأطماع التركية، وقد تابع المرصد هذه المحاولات، والتي بدأت في 13 مارس/ آذار 2018 في الداخل السوري وكان باكورتها حي “القدم” في جنوب العاصمة “دمشق”، لتتالى بعدها عمليات التهجير وفقا لصفقات واتفاقات بين ممثلين عن المناطق التي جرى فيها التهجير وفصائها وبين الروس والنظام، ووثق المرصد السوري لحقوق الإنسان تعداد المُهجرين من مناطقهم نحو الشمال السوري بـ120 ألف مهجر من الغوطة الشرقية وجنوب دمشق وريف دمشق الجنوبي والقلمون الشرقي وريف حمص الشمالي وريف حماة الجنوبي، ووثق المرصد وصول الجزء الأكبر من النازحين إلى منطقة “عفرين” التي هُجِّر مئات الآلاف من سكانها بفعل عملية “غصن الزيتون” التركية، حيث جرى توطين عشرات الآلاف من المهجرين الجدد في منازل المدنيين والمزارع المملوكة للمواطنين الكرد الذين فروا من الانتهاكات التركية وانتهاكات الفصائل الموالية لها، ورصد “المرصد” كذلك توطين السلطات التركية المهجرين من القلمون الشرقي وغوطة دمشق الشرقية في منطقة “عفرين”، ضمن عملية شاملة للتغيير الديموغرافي في المنطقة، كذلك حصل المرصد 17/9/2020 على مقطع صوتي قديم يحض على الكراهية بين مكونات الشعب السوري، عقب الانفجار الذي ضرب دوار كاوا وسط المدينة والذي راح ضحيته عشرات الشهداء والجرحى، حيث كان المرصد قد نشره قبل عامين، ويدعو من خلاله مسؤول الطوارئ بالفرقة 23 سابقًا، لتهجير جميع الأكراد من مدينة عفرين وضواحيها، واعتبر “مسؤول الطوارئ” أن تهجيرهم حق مشروع لهم، قائلاً: “متل ما شبابنا وأهلنا تهجرت لازم نهجرهم ونشردهم”.، وهذا مايبرر لجوء القوات التركية والفصائل الموالية لها إلى عمليات السلب والنهب لممتلكات المواطنين وفرض الإتاوات والضرائب المبالغ فيها في محاولة لدفع المواطنين على ترك أراضيهم بهدف الاستيلاء عليها وإحلال سكان جدد مكانهم، حتى أنه وللمرة الأولى تعترف خلالها “الحكومة المؤقتة” بشكل رسمي عن وجود انتهاكات بحق أهالي عفرين منذ السيطرة عليها خلال “لجنة رد المظالم” ولجنة الحقوق التابعة لوزارة الدفاع في “الحكومة السورية المؤقتة، اللتين وثق المرصد تعميمهما 25/10/2020 الموجه للفصائل الموالية لتركيا المسيطرة على ريف حلب، يقضي بمنع أخذ ضرائب على الأشجار المثمرة من المدنيين في عفرين.

تدمير المواقع الدينية والأثرية

 

حتى المواقع الدينية والأثرية لم تسلم من الانتهاكات التركية، حيث كشف “المرصد” أن أعمال التنقيب عن الآثار وحفر وتخريب المزارات الدينية تتواصل بحثًا عن تحف أثرية في عفرين، وقد رصد المرصد 11 /11/2019 ، عمليات سرقة وسلب ونهب ممنهجة لآثار “عفرين” مقابل مبالغ مالية ضخمة، حيث أكدت مصادر موثقة أن الفصائل الموالية لتركيا أطلقت يد منقبي الآثار في المدينة مقابل مبالغ مالية ضخمة، وأفادت المصادر بأن قطعاً أثرية تم العثور عليها في موقع النبي “هوري” أو(سيروس) أو(قورش) والتي تعود إلى عدة حضارات أقدمها من الفترة الهلنستية عام 280 ق.م جرى سرقتها، كما أن عمال التنقيب استخدموا آلات للحفر وأجهزة متطورة للكشف عن أماكن تلك القطع الأثرية، فيما قالت مصادر “المرصد” إن المنقبين عثروا على لوحات فسيفسائية تم تهريبها إلى تركيا عبر تجار بتسهيلات مشتركة من القوات والفصائل المسيطرة على تلك المنطقة، كما تعرضت المناطق الأثرية في عفرين لعمليات القصف من قبل القوات التركية منذ اليوم الأول لعملية “غصن الزيتون” في يناير/كانون الثاني 2018، وحتى سيطرة الفصائل الموالية لتركيا على المنطقة وبدء عملية سلب وتخريب هائلة لها، وقد كشف “المرصد” 12/12/2019 اختفاء نصب الأسد البازلتي من موقع “عين دارة” الأثري في مدينة عفرين السورية، أما في 15 /4/2020 قام مسلحين من فصيل السلطان سليمان شاه “العمشات” بعمليات حفر بهدف التنقيب عن الآثار في تل “أرندة الأثري” الواقع في ناحية “الشيخ حديد” في ريف عفرين الغربي، ويذكر أن التل يتعرض بشكل شبه يومي لعمليات حفر بمعدات ثقيلة بحثًا عن الآثار من قبل عناصر فصيل السلطان سليمان شاه، الأمر الذي أدى لتضرر التل بشكل كبير وإحداث دمار هائل به نتيجة عمليات البحث العشوائية المتواصلة، وفي سياق متصل، شهد مزار “شيخ حميد” في قرية قسطل جندو التابعة لناحية شران في ريف عفرين أعمال حفر وتخريب، ويعتبر المزار مكانًا مقدسًا للكرد الإيزيديين، كما يرتاده مسلمو المنطقة، ويعد من المعالم التاريخية لمنطقة عفرين، وقد اتهم الأهالي عناصر الفصائل بالقيام بأعمال الحفر التخريبية بتسهيل من المخابرات التركية.

 

وتستمر بذلك مأساة “عفرين” ومواطنيها ممن فضلوا البقاء على التهجير طالما بقيت القوات التركية والفصائل التابعة له جاثمين على صدور أهالي المدينة، ومستغلين لمقدراتهم، ومانعين كل متنفس للحرية، لذا تتصاعد دعوات المرصد السوري لحقوق الإنسان بضرورة التصدي للانتهاكات التي ترتكبها القوات التركي والعناصر التابعة لهم، ورفع هذه الانتهاكات إلى المنظمات الدولية المعنية للبت فيها واتخاذ التدابير اللازمة لوقف الانتهاكات التركية.

 

فعلى الرغم من كل تلك الانتهاكات والتحذيرات من جانب المرصد السوري لحقوق الإنسان ومنظمات حقوقية دولية أخرى، فإن العالم لم يحرك ساكنا حتى الآن لإنقاذ مواطني “عفرين” من الانتهاكات التي يتعرضون لها، وحماية آثارها وحماية المنطقة بالكامل من عمليات التغيير الديموغرافي التي تجري هناك.

شارك