اشتباكات عنيفة في محيط القصر الجمهوري في الخرطوم/ليبيا بين صندوق الانتخابات وتكريس المصالحة/ ضغوط داخلية وخارجية على «حماس» لتنضم إلى «الجهاد» في القتال مع إسرائيل

السبت 13/مايو/2023 - 10:09 ص
طباعة اشتباكات عنيفة في إعداد: فاطمة عبدالغني- هند الضوي
 
تقدم بوابة الحركات الإسلامية، أبرز ما جاء في الصحف ووكالات الأنباء العربية بخصوص جماعات الإسلام السياسي وكل ما يتعلق بتلك التنظيمات بكافة أشكال التناول الصحفي (أخبار – تعليقات – متابعات – تحليلات)  اليوم 13 مايو 2023.


الخليج: اشتباكات عنيفة في محيط القصر الجمهوري في الخرطوم

تجددت الاشتباكات، أمس الجمعة، في الخرطوم، وشن الطيران الحربي السوداني غارات على مواقع لقوات الدعم السريع في مدينه بحري، ودارت اشتباكات عنيفة بين الجانبين في محيط القصر الجمهوري، على الرغم من التفاؤل بالتوصل الى وقف إطلاق النار في أعقاب توقيع الطرفين على اتفاق المبادئ الإنساني.

في دارفور غرب البلاد، اندلعت بشكل مفاجئ مجدداً اشتباكات بين جماعات مسلحة محلية في مدينة الجنينة، مع إطلاق نار على الأحياء، واستخدام المدفعية لقصف المدينة للمرة الأولى، وذلك بعد هدوء نسبي استمر أسبوعين.

وفي أجزاء أخرى من دارفور، قال الناشط أحمد قوجة في دارفور، إن اتفاق أمس الخميس قد يساعد في تثبيت وقف إطلاق النار الذي جرى ترتيبه محلياً لكنه حذر من أن غياب آليات مراقبة تنفيذه سيعرقل تحسن الأوضاع.

وأضاف قوجة أن القليل من المساعدات الإنسانية وصلت إلى مدينتي نيالا والفاشر الرئيسيتين في دارفور حيث لم يتلق العاملون أجورهم لشهرين.

وفي الجنينة، دُمرت البنية التحتية المحلية وتعطل النظام الصحي تماماً.

ومنذ اندلاع الاشتباكات بشكل مفاجئ في 15 إبريل/ نيسان، لم يبد أي من الجانبين استعداداً لتقديم تنازلات لإنهاء القتال الذي أودى بحياة المئات، ويهدد بالزج بالسودان في أتون حرب أهلية شاملة.

وقال محمد عبد الله (39 عاما) الذي يعيش في جنوب الخرطوم «كنا نتوقع أن يهدئ الاتفاق الحرب لكننا استيقظنا على نيران المدفعية والضربات الجوية».

ودوت الأصوات نفسها في مدينة بحري المجاورة.

وذكرت منظمة الصحة العالمية أن 600 على الأقل قتلوا وأصيب أكثر من خمسة آلاف في القتال لكنها أشارت إلى أن الأعداد الحقيقية أكبر من ذلك بكثير على الأرجح. وقالت وزارة الصحة إن ما لا يقل عن 450 قتلوا خلال اشتباكات اندلعت في ولاية غرب دارفور.

فرار 200 ألف وتجدد القصف.. هل ينجح اتفاق جدة في إنهاء صراع الفرقاء في السودان؟

بعدما ذكرت مصادر إعلامية، الخميس، أن الجيش السوداني وقوات الدعم السريع وقعا على اتفاق مبادئ أولي في جدة لخفض التصعيد، وأكد خلاله الجانبان التزامهما بسيادة السودان ووحدته، وتعهدا في «إعلان جدة» باحترام المرافق العامة والخاصة في بلديهما، والسماح لجميع المدنيين بمغادرة مناطق الأعمال العدائية. هل سينجح هذا الاتفاق في إنهاء صراع الفرقاء المسلح هناك، ويوقف آلة الحرب وقرع طبولها من الجانبين، ويحقق هدنة شاملة يتبعها عودة اللاجئين والنازحين الذين فروا إلى الدول المجاورة، وعودة حركة الطيران والنشاط التجاري والاقتصادي والزراعي.

200 ألف نازح
وقالت متحدثة باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، الجمعة، إن نحو 200 ألف شخص فروا من السودان إلى دول الجوار منذ اندلاع أعمال العنف الشهر الماضي، من بينهم أطفال كثيرون يعانون سوء التغذية وصلوا إلى تشاد في الأيام القليلة الماضية.

وذكرت أولجا سارادو المتحدثة باسم المفوضية في إفادة صحفية إن نحو 60 ألفاً وصلوا إلى تشاد عبر الصحراء، بما في ذلك 30 ألفاً في الأيام القليلة المنصرمة.

وأضافت أن قرابة 90 في المئة ممن وصلوا مؤخراً من النساء والأطفال، وخمس عدد الأطفال الصغار يعاني سوء التغذية.
وأردفت: «تدعو المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى تقديم دعم مالي عاجل لتفادي كارثة إنسانية».
وتابعت: «كان الدعم من القطاع الخاص بطيئاً بالمقارنة مع حالات الطوارئ الأخرى، على الرغم من مدى إلحاح الأزمة وخطورتها.. من المتوقع إطلاق مناشدة جديدة بعد دعوة المفوضية إلى جمع 445 مليون دولار الأسبوع الماضي».
وفي الإفادة نفسها، قال متحدث من منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) إن النيران التهمت مصنعاً في العاصمة السودانية الخرطوم كان ينتج الغذاء للأطفال الذين يعانون سوء التغذية.
وأضاف المتحدث جيمس إلدر: «هذا العرض هو الأكثر قتامة ووضوحاً حتى الآن حول كيف يهدد هذا الصراع حياة الأطفال بطرق متعددة». وقال إلدر إنه لا يعلم إذا كان المصنع قد أحرق عمداً.

تواصل القصف
المتحدث باسم العملية السياسية في السودان خالد عمر، أكد الخميس، أن طرفي الصراع «اقتربا من الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار»، مؤكداً أن «ملايين السودانيين يتطلعون للمحادثات وهي تقترب من أولى خطواتها بالتوصل إلى اتفاق على قضايا إنسانية، وحماية المدنيين».
وعلى الرغم من التوقيع على إعلان مبادئ في السعودية في ساعة متأخرة الخميس، بعد محادثات استمرت لما يقرب من أسبوع بين الجانبين، فإنه لم يصدر أي من الطرفين حتى الآن بيانات تعترف بالاتفاق، وتواصل القصف الجوي والمدفعي في الخرطوم الجمعة، على الرغم من إعلان الطرفين التزامهما بحماية المدنيين والسماح بعبور المساعدات الإنسانية.
ومنذ اندلاع الاشتباكات بشكل مفاجئ في 15 إبريل/نيسان، لم يبد أي من الجانبين استعداداً لتقديم تنازلات لإنهاء القتال الذي أودى بحياة المئات ويهدد بالزج بالسودان في أتون حرب أهلية شاملة.
ومع هذا، قال ممثل الأمم المتحدة الخاص للسودان فولكر بيرتس إنه يتوقع استئناف محادثات وقف إطلاق النار اليوم أو غداً. وأوضح أن اتفاقات وقف إطلاق النار السابقة لم تصمد بسبب شعور كل طرف بقدرته على تحقيق النصر، لكنه أضاف أنه لاحظ تغيراً في موقفيهما.
لكن هذا الشعور بالتفاؤل يتناقض مع خيبة أمل كثيرين في العاصمة.
وقال محمد عبدالله (39 عاماً) الذي يعيش جنوبي الخرطوم: «كنا نتوقع أن يهدئ الاتفاق الحرب، لكننا استيقظنا على نيران المدفعية والضربات الجوية». ودوت الأصوات نفسها في مدينة بحري المجاورة.
وفي دارفور غربي البلاد، اندلعت بشكل مفاجئ مجدداً اشتباكات بين جماعات مسلحة محلية في مدينة الجنينة، مع إطلاق نار على أحياء واستخدام المدفعية لقصف المدينة للمرة الأولى، وذلك بعد هدوء نسبي استمر أسبوعين.
وفي أجزاء أخرى من دارفور، حيث تدور حرب منذ عام 2003 أودت بحياة 300 ألف وشردت 2.5 مليون، بدا وقف إطلاق النار الذي تم ترتيبه محلياً بين الجيش وقوات الدعم السريع صامداً فيما يبدو.
وتضمن الاتفاق الذي تم التوصل إليه، الخميس، وهو نتاج محادثات جرت بوساطة سعودية وأمريكية في جدة، التزامات بالسماح بعبور آمن للمدنيين والمسعفين والإغاثة الإنسانية، وتقليل الضرر الذي يلحق بالمدنيين والمرافق العامة.
وقال مسؤولون أمريكيون، الخميس، بحسب «رويترز» إن التوقيع ستتبعه مفاوضات بشأن وقف لإطلاق ووصفت السعودية الاتفاق بأنه «خطوة أولى».
وذكر أحد المشاركين في جهود الوساطة إن الوسطاء دفعوا الجانبين للتوقيع على إعلان المبادئ الخاص بحماية المدنيين بهدف تخفيف التوترات في ظل استمرار الخلاف بشأن التوصل إلى وقف أوسع لإطلاق النار.
وقال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأمريكية الخميس: إن الطرفين متباعدان جدا، وأضاف أنهم لا يتوقعون امتثالاً كاملاً للمبادئ الواردة في الإعلان.
واتفق الطرفان على إخلاء المنازل والممتلكات الخاصة الأخرى، لكن أسرة في بحري قالت إن مقاتلي قوات الدعم السريع حاولوا الاستيلاء على منزلها صباح الجمعة.
وقالت الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والهيئة الحكومية للتنمية لدول شرق إفريقيا (إيغاد): «يتعين على الطرفين نقل تعليمات واضحة لا لبس فيها للرتب الأدنى في سبيل تنفيذ الاتفاق».
وشهدت الإعلانات السابقة لوقف إطلاق النار انتهاكات متكررة، ما ترك المدنيين وسط مشهد مرعب من الفوضى والقصف في ظل انقطاع إمدادات الكهرباء والمياه وشح الغذاء وانهيار النظام الصحي.
وأوقف الكثير من وكالات الأمم المتحدة ووكالات إغاثة أخرى المساعدات للسودان خاصة في العاصمة الخرطوم في انتظار ضمانات لسلامة المؤن والعاملين.
وذكرت منظمة الصحة العالمية، أن 600 على الأقل قتلوا وأصيب أكثر من 5 آلاف في القتال، لكنها أشارت إلى أن الأعداد الحقيقية أكبر من ذلك بكثير على الأرجح.
وقالت وزارة الصحة إن ما لا يقل عن 450 قتلوا خلال اشتباكات اندلعت في ولاية غرب دارفور وحدها.
وفي دارفور، قال الناشط أحمد قوجة إن اتفاق الخميس، قد يساعد على تثبيت وقف إطلاق النار الذي جرى ترتيبه محلياً، لكنه حذر من أن غياب آليات مراقبة تنفيذه سيعرقل تحسن الأوضاع.
وأضاف قوجة، أن القليل من المساعدات الإنسانية وصلت إلى مدينتي نيالا والفاشر الرئيسيتين في دارفور، حيث لم يتلق العاملون أجورهم لشهرين. وفي الجنينة، دُمرت البنية التحتية المحلية وتعطل النظام الصحي تماماً.
وتقول الأمم المتحدة إن أكثر من 700 ألف سوداني نزحوا داخلياً.

تجارة الذهب وأسعار الوقود
تسببت الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع في العاصمة الخرطوم بإغلاق المطار والمصارف وانقطاع الكهرباء عن الشركات وتعطيل الشحن بعد تعرض مكاتب ومصانع ومخازن للنهب على يد مسلحين.
وتحتاج البلاد بشدة للعملة الصعبة التي تجنيها من الصادرات، وخاصة تجارة الذهب التي تقدر قيمتها بنحو ملياري دولار، لتتمكن من استيراد الوقود والقمح والأدوية والأغذية في ظل ما تشهده من كارثة إنسانية. وستفاقم المشكلات التي تواجهها التجارة مأساة بلاد يعتمد نحو ربع سكانها على المساعدات الغذائية حتى من قبل اندلاع القتال الشهر الماضي.
ويعاني السودانيون توقف الخدمات الأساسية وشح السيولة وإمدادات الغذاء، فضلاً عن التزايد الحاد في أسعار الوقود.
وقال أحد وكلاء الشحن: «أي شيء يمر عبر الخرطوم لا يمكنك القيام به»، مشيراً إلى أن البنوك تعرضت للنهب، كما تعطلت الأنظمة المصرفية والجمركية المركزية، فيما لم تعد عمليات السحب والإيداع متاحة إلا في الضواحي.
وأوضح مسؤول في ميناء بورتسودان، وهو مركز الملاحة البحرية الرئيسي بالبلاد، أن عمليات الشحن التجارية عبر الميناء توقفت بالكامل مع وقف شركات الشحن الكبرى للحجوزات الجديدة.
وقال وزير المالية السوداني جبريل إبراهيم إن مسؤولين من كل من الحكومة والميناء والقطاع المصرفي في بورتسودان يحاولون حل المشكلة.
وأضاف الوزير: «نؤكد للناس أنه السلع حتنساب... حتتخلص بصورة طبيعية، ما هيكون في شح في السلع بسبب إجراءات مالية معقدة»، دون التطرق إلى توقف نشاط الشحن.

عجز تجاري وخسائر اقتصادية ضخمة
وبلغ العجز التجاري في السودان 6.7 مليار دولار العام الماضي، وتسببت إصلاحات كانت تهدف إلى جذب التمويل الأجنبي في انهيار سريع في قيمة الجنيه مع ارتفاع التضخم لأحد أعلى المعدلات في العالم.
وكان المستثمرون يضعون خططاً لإقامة مشروعات جديدة خاصة في مجال الزراعة بهدف الاستفادة من الأراضي مترامية الأطراف الصالحة للزراعة وغير المستغلة والتوسع في عمليات معالجة المواد الخام لتنويع الصادرات.
وقال مصدر للحوم: «إذا استمرت الحرب ستخرج الشركات السودانية من سوق اللحوم بالكامل لأن المستوردين لن ينتظروا»، وأشار إلى أن فرصة الابتعاد عن تصدير الماشية إلى تصدير اللحوم صارت مهدرة الآن.
وبالفعل أعلنت مصر، وهي مستورد كبير للماشية السودانية، أنها تبحث سبل تنويع مصادر الاستيراد.
وعلى المدى الأطول ستقوض الأضرار التي لحقت بالمنطقة الصناعية الرئيسية في البلاد بمدينة بحري، حيث تعرضت مصانع كبرى للإحراق أو النهب، محاولات التعافي.
وقال أحد التجار الذين يتعاملون في السمسم والبذور الزيتية والسكر وتتكبد شركته خسائر يومية من جراء عدم الالتزام بالتعاقدات ونهب المستودعات وتضرر البنية التحتية: «إذا انتهت الحرب سيحتاج القطاعان الخاص والصناعي لوقت طويل ولدعم كبير للعودة لما كانا عليه».
ويشكو سكان في السودان من غياب الشرطة عن المشهد، بينما تبادل طرفا الصراع الاتهامات بالمشاركة في أعمال النهب.


البيان: ليبيا بين صندوق الانتخابات وتكريس المصالحة

تعددت خلال هذه الأيام، مسارات الحل السياسي في ليبيا بين صناديق الانتخابات وعناق المصالحة.

فيما ينتظر الشارع المحلي ما ستفرزه الاجتماعات المعلنة والسرية في داخل البلاد وخارجها من توافقات على رزنامة المرحلة القادمة المتعلقة بالمصالحة الوطنية وإجلاء المرتزقة وتوحيد المؤسسة العسكرية وتنظيم الانتخابات.

وعلمت «البيان» أن خطوات مهمة يتم قطعها لعقد اجتماع تحضيري لمؤتمر المصالحة الوطنية في أواخر يونيو القادم تحت إشراف الاتحاد الأفريقي والبعثة الأممية وبحضور أهم الفاعلين السياسيين والميدانيين والقوى الاجتماعية في كامل أرجاء ليبيا.

وبالتزامن مع وصول وفد من الاتحاد الأفريقي بقيادة وزير خارجية الكونغو جان كلود غاكوسو ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي البروفيسور محمد حسن لابات إلى العاصمة طرابلس للبحث في إجراءات التحضير لمؤتمر المصالحة الوطنية الشاملة في ليبيا، دعا المبعوث الأممي عبدالله باتيلي.

جميع قادة ليبيا لتقديم التنازلات الضرورية للوصول إلى تنظيم انتخابات شاملة في البلاد، يعوّل عليها لإنهاء الصراع المستمر في البلاد وتحقيق الاستقرار والنظام، وشدد خلال لقائه أول أمس الخميس مع رئيس مجلس الدولة الاستشاري خالد المشري على ضرورة دعم عمل لجنة 6+6 المكلفة بصياغة القوانين الانتخابية والتسريع في أعمالها.

الإطار

واتفق باتيلي مع رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، على سرعة إعداد الإطار التشريعي للانتخابات، وقال إنه «استعرض مع صالح التطورات على الصعيد السياسي في ليبيا»، مجدداً التأكيد على ضرورة تسريع وتيرة عملها في إعداد الإطار التشريعي للانتخابات الشاملة.

كما بحث مع رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي ما أسماه «التقدم الحاصل للوصول إلى الانتخابات بعام 2023، وذلك من خلال تعزيز المصالحة الوطنية وتوحيد المؤسسة العسكرية والآلية الوطنية، لإدارة عوائد النفط ودعم لجنة (6+6) لتنجز مهامها قريباً».

وقال باتيلي: «مستمر في التواصل مع مختلف الجهات الفاعلة في ليبيا للمساعدة على إحراز تقدم في العملية السياسية، وهنا أشدّد على أن الملكية الوطنية هي مفتاح النجاح»، في إشارة واضحة إلى أن المجتمع الدولي لن يسحب من القوى الداخلية الليبية أحقيتها في أن تكون صاحبة القرار الأخير عندما يتعلق الأمر بالحل السياسي.

ويشير مراقبون، إلى أن السلطات الليبية سواء في طرابلس أو في المنطقة الشرقية، عملت على إقناع عواصم إقليمية ودولية بضرورة احترام حق الليبيين في إدارة المرحلة الحالية وتحديد مسارات الحل من دون تدخل خارجي، وهو ما أعربت عنه وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش خلال جولتها الخارجية الأخيرة التي قادتها إلى عدد من الدول ومن بينها تونس والجزائر.

كما أبلغه القائد العام للجيش الوطني المشير خليفة حفتر للمسؤولين الأوروبيين خلال زيارته إلى روما الأسبوع الماضي. ويضيف المراقبون، إن ملف المصالحة الوطنية عاد بقوة إلى صدارة المشهد السياسي في ليبيا ليكون البديل في دائرة الاهتمام عن الاستحقاق الانتخابي في حال عدم التوصل إلى اتفاق نهائي بشأنه.

وأكد السفير الأمريكي ريتشارد نورلاند خلال اتصال هاتفي مع نائب رئيس المجلس الرئاسي عبدالله اللافي «دعم الولايات المتحدة الكامل لليبيا لإنجاح مشروع المصالحة الوطنية، بقيادة المجلس الرئاسي، وأهمية هذا الملف في إنجاح العملية السياسية والانتخابات الرئاسية والتشريعية، وكذلك تقديم الدعم في مجال الأمن والاستقرار».

وجدد اللافي التأكيد على عزم المجلس على الاستمرار في استكمال كل مسارات المصالحة الوطنية، معتبراً أن طريق الانتخابات الحرة والنزيهة، يبدأ من نجاح هذا المشروع، للعبور إلى مرحلة الاستقرار، وبناء دولة ديمقراطية.

وفي الأثناء، تواصل اللجنة المشتركة لإعداد القوانين الانتخابية 6+6 اجتماعاتها للتشاور حول النقاط العالقة في القاعدة القانونية للانتخابات، ولا سيما المواد المتصلة بشروط الترشح للاستحقاق الرئاسي الخاصة بالعسكريين وأصحاب الجنسيات المزدوجة.


الشرق الأوسط: مآلات الانتخابات الليبية في ظل الحرب السودانية

خفت الحديث في ليبيا قليلاً، الأيام الماضية، عن إجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية في أعقاب اندلاع الحرب السودانية، بينما بدا المشهد السياسي الليبي يتحرك بخطى وئيدة بين طموحَي أولئك المطالبِين بضرورة إجرائها في الموعد المحدد أممياً قبل نهاية العام الحالي، والذين يعتقدون بأن إتمام هذه الخطوة «أمر غير واقعي». الزيارات المكّوكية المعتادة للوفود الدولية إلى طرابلس العاصمة لم تعد كما كانت عليه خلال الأشهر التي سبقت الصراع السوداني، كما أن كبار الساسة انصرفوا إلى انشغالات محلية وخدمية، وأخرى تتعلق ببحث تأمين الحدود الليبية مع دول الجوار. ومع اقتراب انتصاف العام، وقبل أقل من شهر على المُهلة الأممية الممنوحة للجنة «6 + 6»، المعنية بإنجاز قوانين الاستحقاق المُنتظر، خلا المشهد العام من أي تفاعل يشير إلى أن ثمة انتخابات ستشهدها ليبيا، باستثناء تحركات أممية وأميركية على مستويات مختلفة، بجانب لقاءات محدودة أجرتها اللجنة، لم تنتج عنها، حتى الآن، نتائج ملموسة.

ماذا عن لجنة «6 + 6»؟

لا يخفي كثيرون من الليبيين دهشتهم لانقضاء قرابة نصف العام، وبقاء شهر واحد يفصلهم عن الموعد المحدد لانتهاء لجنة «6 + 6» من إعداد القوانين اللازمة للانتخابات - قبل نهاية يونيو (حزيران) - من دون أن تثمر اللقاءات المحدودة شيئاً إلاّ «تقارباً في وجهات النظر». ولذا يقول عبد الرؤوف بيت المال، رئيس حزب «ليبيا النماء» إن «الواضح لنا عدم وجود أي نية لإجراء الانتخابات»، قبل أن يستدرك فيقول: «ولكن إذا توافرت الإرادة الحقيقية من الليبيين والأطراف الإقليمية والدولية المؤثرة في القرار المحلي، فستُجرى».

بيت المال يفترض في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه إذا قرّرت هذه الأطراف إجراء الاستحقاق، «فسيكون ذلك بعد 6 إلى 8 أشهر، بما يعني نهاية العام الحالي، أو بداية 2024»، وتابع: «أتمنى بعد هذه المدة أن تكون الحرب السودانية قد انتهت. فالربط بين ما يحدث هناك وإجراء الانتخابات الليبية ليس في محله».

هذا، ويُنظر إلى اللجنة المعنية بإعداد قوانين الانتخابات على أنها «تتحرك ببطء»، فهي لم تعقد منذ تشكيلها سوى 3 اجتماعات، آخرها كان منتصف الأسبوع الماضي، مع عماد السائح رئيس المفوضية العليا للانتخابات، الذي استمع إلى ملاحظاتها الفنية حول القوانين لـ«أخذها بعين الاعتبار»، بحسب ما صرح به عبد الله بليحق، المتحدث باسم مجلس النواب. وسبق لعبد الله باتيلي، المبعوث الأممي إلى ليبيا، إعلان «خريطة طريق» جديدة وواضحة للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المؤجلة، بحلول منتصف يونيو المقبل. وهو الموعد الذي يفترض أن تكون لجنة «6 + 6» قد انتهت خلاله من أعمالها. وقال باتيلي «إن الأجسام السياسية (المنتهية ولايتها) والحكومات المتعاقبة هي سبب عدم الاستقرار في ليبيا وتعرِّض الوضع للخطر».

وكانت اللجنة قد اجتمعت في الثالث من مايو (أيار) الحالي، في مقر فرع ديوان مجلس النواب بمدينة طرابلس، وجرى الاتفاق، حينذاك، على آلية عملها بما يشمل التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية، وقال بليحق، إن اجتماعها «شهد تقارباً في وجهات النظر بين أعضائها». يشار إلى أن مجلس النواب أعلن في 20 مارس (آذار) الماضي، تسمية 6 أعضاء ممثلين له في اللجنة المشتركة مع «الأعلى للدولة» (6 + 6)، المكلفة إعداد القوانين لإجراء الانتخابات المنتظرة.

«السلام الهش»... والجيش «المنقسم»بموازاة التحركات التي تجريها لجنة «6 + 6» - حتى وإن بدت محدودة - هناك مسارات أمنية، وكذلك جهود لتوحيد المؤسسة العسكرية المنقسمة، وكلها تهدف إلى التمهيد لإجراء الانتخابات، وفق الرؤية الأممية. وخلال الأسابيع الماضية كثرت اجتماعات كبار القادة العسكريين بالجيش الليبي، بين شرق البلاد وغربها على نحو غير مسبوق، منذ إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي عام 2011، مدفوعة بدعمين دولي وأممي كبيرين. وعلى الأثر تجددت لقاءات الفريق أول عبد الرازق الناظوري، رئيس أركان قوات القيادة العامة لـ«الجيش الوطني الليبي» ونظيره رئيس أركان القوات التابعة لحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة الفريق أول محمد الحداد، تلتها لقاءات على مستوى رؤساء الأركان النوعية.

واعتبر سياسيون هذه اللقاءات «خطوةً جادةً» على طريق «توحيد» الجيش المنقسم، وتفتح الباب أيضاً أمام مصالحة وطنية جادة، ومن ثم المضي باتجاه الانتخابات، التي يرى رئيس «تكتل إحياء ليبيا» أن عقدها «ليس فقط أمراً ممكناً، بل هو أمر ضروري لصيانة السلام الهش في ليبيا، وإعلاء السيادة الوطنية، وتوطيد وحدة البلاد، وترميم النسيج الاجتماعي، من خلال المصالحة الوطنية الشاملة».

وعلى هذا النحو رأى عبد الله اللافي، النائب بالمجلس الرئاسي، أن «طريق الانتخابات الحرة والنزيهة، تبدأ من نجاح مشروع المصالحة الوطنية، للعبور إلى مرحلة الاستقرار، وبناء دولة ديمقراطية». وأردف اللافي، خلال لقائه رئيس وأعضاء «تجمع ليبيا والانتخابات» أن مشروع المصالحة الوطنية يعد «السبيل الوحيد لضمان تحقيق السلم الأهلي لليبيا وشعبها»، مؤكداً عزم مجلسه على الاستمرار في استكمال كل مساراته.

في المقابل، يلاحظ ليبيون محدودية تحركات المبعوث الأممي، لا سيما بعد اندلاع الصراع السوداني، بينما تتمحور رؤيته في العموم حول ضمان الأمن في ليبيا أثناء الانتخابات العامة والفترة التي تليها. ولذا أقدم على تيسير سلسلة من الاجتماعات في تونس وطرابلس وبنغازي وسبها جمعت اللّجنة العسكرية المشتركة ( 5 + 5)، والجهات الأمنية والعسكرية من الأقاليم الثلاثة في ليبيا، وهي الخطوة التي أثنى عليها النايض، لجهة حصوله على «تعهدات منهم بحماية الانتخابات ونتائجها».

المسار الأمميالنايض، وهو مرشح رئاسي، يرى أن الصراع السوداني «لن يفسد الانتخابات الليبية، بل يؤكد ضرورة إجرائها». ويقول إن على المبعوث الأممي إحراز «تقدم ملحوظ» في الملف الليبي، بخطوات «في غاية الأهمية، مع تمسكه بإجرائها حتى لو تطلب الأمر تجاوز مجلسي النواب و(الأعلى للدولة) إذا لم يتعاونا»، بالإضافة إلى «التواصل مع النسيج الاجتماعي والمجتمع المدني، لتأكيد وجود حاضنة داعمة وضامنة للانتخابات». وأضاف النايض أن الأوضاع الأمنية والقانونية والاجتماعية في ليبيا، هي الآن «في أفضل حالاتها لإجراء الانتخابات»، وأن الحل في ليبيا والسودان واحد، وهو «اللجوء إلى صناديق الاقتراع، بدلاً عن صناديق الذخيرة».

ملف «المرتزقة»

بموازاة الجانب المتفائل، رأى عدد من الساسة الليبيين أن الحرب في السودان تضيف عبئاً جديداً على بلادهم، إلى جانب عقبات أخرى، من بينها «الأجسام الراهنة». ويتخوف هؤلاء من تعطّل ملف إخراج «المرتزقة» والمقاتلين الأجانب من البلاد، بالإضافة إلى توجّسهم أيضاً من تسرّب «محتمل» للمقاتلين والإرهابيين عبر الصحراء الليبية المترامية. وكان باتيلي، أجرى زيارة إلى الخرطوم نهاية مارس الماضي، التقى خلالها رئيس «مجلس السيادة الانتقالي» في السودان، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، بحضور وزير الخارجية المكلف، السفير علي الصادق، وبحث معه ملفات عديدة من بينها «المرتزقة»، ومساعي الأمم المتحدة لحل الأزمة الليبية.

ومعلوم أن عناصر «المرتزقة» الموجودة في ليبيا من جنسيات عدة تلقي بظلالها القاتمة على المشهد في البلاد، في ظل مخاوف من تصاعد نفوذ شركة «فاغنر» الروسية، واستثمارها في هذا المناخ المضطرب بحسب متابعين. إلى ذلك كشفت السفارة الأميركية في طرابلس أن مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، باربرا ليف، تحدثت مع المشير حفتر حول «الحاجة الملحة لمنع الجهات الخارجية، ومن بينها مجموعة (فاغنر) الروسية، المدعومة من الكرملين، من زيادة زعزعة استقرار ليبيا أو جيرانها، بما في ذلك السودان». والمخاوف ذاتها عبّر عنها عيسى عبد المجيد، رئيس الكونغرس التباوي، واعتبر في تصريح صحافي أن الوضع في السودان سيؤثر في الأمن القومي الليبي.

ويرى الأكاديمي الليبي حافظ الغويل، وهو زميل أول بمعهد الدراسات الدولية في جامعة جونز هوبكنز الأميركية، أن ما يحدث في السودان «سيعرقل ما يحدث في ليبيا، وسيكون له تأثره في دول المنطقة». وأردف الغويل في لقاء مع «الشرق الأوسط» أنه من «الصعب جداً» إجراء انتخابات في ليبيا هذه السنة، وأنه لا يرى أن «الأجسام السياسية الموجودة في البلاد منذ 2012، وسبق لها عرقلة كل الإجراءات والمحاولات الدولية في عقد الانتخابات الماضية... ستتغير». وبشأن لجنة «6 + 6» لفت الغويل إلى أنه «لم ينتج عنها شيء حتى الآن (...) لقد اقتربنا من منتصف العام. ولا أرى أي فرص حقيقية لإجراء الانتخابات (...) ولو فُرضت بطريقة أو بأخرى، فلن تكون نزيهة أو شفافة».

من جهة أخرى، من الذين يرون أن الحرب السودانية «سيكون لها تأثير كبير في الأوضاع بليبيا»، طلال الميهوب، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي في مجلس النواب، الذي قال عقب اندلاعها، إن لجنته ستعرض على جلسة مجلس النواب المقبلة تقريراً مفصلاً يتعلق بما يجب اتخاذه لحماية الحدود بين البلدين. وفي ظل انعدام الإحصائيات الرسمية عن عدد السودانيين الذين دخلوا ليبيا، قالت الأمم المتحدة على لسان رؤوف مازو، مساعد المفوض السامي لشؤون العمليات بمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إن نحو 73 ألفاً فروا بالفعل إلى الدول المجاورة للسودان، من بينها ليبيا، بالإضافة إلى جنوب السودان وتشاد ومصر وإريتريا وإثيوبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى. وسجلت مصفوفة تابعة للمنظمة الدولية للهجرة رصد نزوح ما يقرب من 700 شخص إلى الكفرة هرباً من الاضطرابات الأمنية في بلادهم.

> أمضى الليبيون ما يزيد على 12 سنة منذ رحيل الرئيس الراحل معمر القذافي في البحث عن حل لمعضلة بلدهم، في ظل نزوع بعض الساسة والعسكريين للوصول إلى السلطة، بعقد «الصفقات السياسية» و«التفاهمات الجهوية». وما بين هذا وذاك، شهدت البلاد جهوداً أممية ومحلية عديدة على مدار السنوات التي تلت «ثورة 17 فبراير (شباط)» عام 2011، لتفكيك هذه المعضلة، إما بطرح المبادرات والمفاوضات، أو باللجوء للحرب أحياناً، لكن كل ذلك انتهى إلى لا شيء، ليحفل «دفتر أحوال ليبيا» بتفاصيل عديدة، هنا أهمها:

- انفتحت ليبيا تماماً أمام التدخلات الأجنبية بكل أجهزة استخباراتها، بينما شهدت البلاد سنوات من الاشتباكات والاقتتال الدامي انعدمت معها سبل الحياة الآمنة كلها، وانتشرت الجريمة والعمليات الإرهابية بأشكالها المختلفة.

- لسنوات عديدة، والأمم المتحدة تدفع بمبعوثيها، بداية من عبد الإله الخطيب وزير الخارجية الأردني الأسبق، وحتى عبد الله باتيلي، المبعوث الحالي، إلى ليبيا؛ أملاً في تفكيك المعضلتين السياسية والأمنية.

- كانت السنوات الدامية التي تلت «ثورة فبراير» كفيلة بتفكيك سلطة الدولة الموحّدة، لتسيطر عليها حكومتان: الأولى في العاصمة طرابلس، والثانية في مدينة طبرق (أقصى شرق البلاد). ولتشهد البلاد مزيداً من التدخلات الخارجية بقصد حماية وفرض مصالحها.

- شهدت ليبيا منذ 24 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2011 حتى العام الحالي تولّي 8 حكومات، بداية من عبد الرحيم الكيب، وعلي زيدان... ومروراً بحكومة فائز السراج في طرابلس، وأخرى موازية بقيادة عبد الله الثني في شرق ليبيا، ووصولاً إلى حكومتي عبد الحميد الدبيبة وفتحي باشاغا المتنازعتين على السلطة.

- حاول عديد المبعوثين الخاصين للأمم المتحدة جمع الأطراف المتنازعة على طاولة المفاوضات، ونجحت المحاولات في نهاية المطاف في عقد مؤتمرين عن ليبيا في برلين (بين عامي 2020 و2021) نظمتهما ألمانيا.

- في فبراير من عام 2021، اتفق الفاعلون الليبيون على حكومة مؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، ضمن السلطة التنفيذية التي تضم محمد المنفي رئيساً للمجلس الرئاسي، مهمتها إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في ديسمبر (كانون الأول) من العام ذاته.

- فشلت السلطة التنفيذية، في عقد الانتخابات الرئاسية والنيابية، لتدخل ليبيا مرة ثانية دوامة الانقسام السياسي بين حكومتي الدبيبة، التي تتخذ من طرابلس مقراً لها، وباشاغا «المستقرة» بين مدينتي سرت وبنغازي.

- تقول البعثة الأممية إلى ليبيا برئاسة عبد الله باتيلي، إن السنوات الـ12 الماضية شهدت أزمة لم تستثنِ أحداً من الليبيين، غير أنها أكدت كذلك تطلع الشعب للديمقراطية والسلام والعدالة. ولا تزال هذه الآمال قائمة، لكن دخول البلاد في دوامة من المراحل الانتقالية، فاقم من صعوبات الحياة اليومية للناس على المستويات كلها.

- ترى البعثة أن الاقتصاد الليبي بات غير مستقر، والخدمات الأساسية، مثل الماء والكهرباء، غير منتظمة، بالإضافة إلى أن الرعاية الصحية تعاني من نقص حاد في الموارد، وتلفت إلى أن الإجراءات القضائية باتت شبه معطلة، كما أن حقوق الإنسان غير مكفولة وسط مخاوف أمنية.

- لا يزال عديد من أزمات البلاد من دون حل، من بين ذلك توحيد مؤسسات الدولة، خصوصاً المؤسسة العسكرية المنقسمة بين شرق ليبيا وغربها، بالإضافة إلى وجود عديد من التشكيلات المسلحة التي لا تزال تعمل في البلاد، وتجد الحماية والإسناد من قوى سياسية وعسكرية على الأرض.

- انتهت البعثة الأممية إلى أنه لا يزال من الممكن الاستجابة لتطلعات الشعب الليبي وتحقيق سلام مستدام. لكن يتوجب على قادة ليبيا وضع مصالحها فوق مصالحهم الشخصية، ووضع حد للجمود السياسي الراهن، وتمكين الليبيين من اختيار قادتهم، خلال عام 2023، من خلال انتخابات شاملة وحرة ونزيهة. عناصر «المرتزقة» الموجودة في ليبيا من جنسيات عدة تلقي بظلالها القاتمة على المشهد في البلاد، في ظل مخاوف من تصاعد نفوذ شركة «فاغنر» الروسية
مفاوضات ومبادرات... «دفتر أحوال» ليبيا منذ رحيل القذافي

فرض الوضعُ الراهنُ في السودان تحدياً جديداً على دول «الجوار»، وفي مقدمتها ليبيا، خصوصاً لجهة الاهتمام بالملف الأمني والحدود المشتركة. وهذا الأمر أعاد طرح السؤال على النخب الليبية المتعارضة حول مدى إمكانية عقد الانتخابات المُنتظرة، في ظل الأجواء المضطربة بالخرطوم، وهل طبيعة الأزمة الليبية، حالياً، أمنية أم سياسية؟

جانب من النخبة السياسية، التي تحدثت إلى «الشرق الأوسط» بدت متفائلة، بإمكانية إجراء الانتخابات إذا ما «توفرت الإرادة»، لكن هذا تَقاطعَ مع آراء آخرين اعتبروا أن ذلك «صعب» لأسباب عدة، من بينها المعضلة الأمنية، وبقاء الأجسام السياسية - التي يُنظر إليها على أنها سببٌ في إفشال الاستحقاق السابق - على حالها دون تغيير.

وفي أول لقاء لمبعوث الولايات المتحدة وسفيرها لدى ليبيا، ريتشارد نورلاند، مع محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي، منذ اندلاع الحرب السودانية - وإن جاء عبر تقنية «زوم» - لم يخلُ من بحث مخاطرها جميعها، ما دفعهما إلى الاتفاق على «أهمية تشكيل قوة مشتركة لتسيير دوريات على الحدود الجنوبية، وضمان ألا تُستخدم ليبيا منصةً للتدخل في السودان». كذلك تطرق نورلاند والمنفي، إلى مناقشة الاستقرار الإقليمي، ودور «المصالحة الوطنية» في التقارب المأمول قبل الذهاب إلى الانتخابات المرجوّة، بجانب تحسين عملية إدارة الإيرادات لضمان استفادة الليبيين جميعاً من ثروة بلادهم. وأكد نورلاند دعم واشنطن العملية السياسية التي تيسرها الأمم المتحدة لتنظيم استحقاق مبكر في ليبيا.

هنا يرى عارف النايض، رئيس «تكتل إحياء ليبيا»، أن «النكبة السودانية المؤلمة تذكير لهم بضرورة الإسراع في إجراء الانتخابات الليبية، بشكل عاجل، العام الحالي». واعتبر النايض، في حوار مع «الشرق الأوسط» ما سماها «الفتنة المسلحة» الدامية بين الأشقاء في السودان، دليلاً آخر على أن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المباشرة، هي «السبيل الوحيد» لتجديد الشرعية المستمدة من الإرادة الشعبية من خلال صناديق الاقتراع، وأيضاً «دليلاً على خطورة المماطلة في الاحتكام إلى الإرادة الشعبية الحرة، ومحاولة الالتفاف حول تلك الإرادة من خلال الصفقات والتفاهمات والاقتسامات».

ولكن، هنا تتباين رؤى الليبيين حول طبيعة أزمة بلادهم بين مَن يراها أمنية، في مواجهة مَن يعتبرها سياسية. وهناك أيضاً مَن اعتبر أن الحديث عن إجراء انتخابات نهاية العام - دون تحسين ملموس بالجانب الأمني- ليس إلاّ مجرد «رفع لسقف الطموح والآمال وامتصاص للغضب الشعبي».

وعلى صعيد آخر، من دون إعلان رسمي، نقلت مصادر إعلامية قريبة من «الجيش الوطني الليبي» أن قائده المشير خليفة حفتر وجه فور اندلاع الحرب في السودان بإغلاق الحدود المشتركة معه، وأرسل تعزيزات عسكرية إلى مدينة الكفرة، جنوب شرقي البلاد.

لماذا تحولت الزاوية إلى ساحة اقتتال في غرب ليبيا؟

رغم التحركات الأخيرة للسلطة التنفيذية والعسكرية في غرب ليبيا من أجل السيطرة على الانفلات الأمني بمدينة الزاوية، من خلال وضع «خطة عاجلة لمحاربة الجريمة»، فإن تجدد الاقتتال في المدينة، التي تعد البوابة الغربية لطرابلس، يطرح مزيداً من الأسئلة عن أسباب ذلك.

ويشتكي سكان الزاوية منذ سنوات، من تغوّل الميليشيات المسلحة في أنحاء مدينتهم وتوسّع نفوذها، لكن السلطات لم تكن في تلك الأثناء، بحسب مصدر أمني بشرق ليبيا، تلتفت لنداءاتهم المتكررة، بالنظر إلى أن عناصر هذه التشكيلات كانت تقف مجتمعة في ظهر الحكومات المتعاقبة، وآخرها حكومة «الوحدة الوطنية»، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، قبل أن تدخل في نزاع على السلطة مع حكومة فتحي باشاغا.

وأَضاف المصدر لـ«الشرق الأوسط»، أن «تغيّر الولاءات لبعض قادة المجموعات المسلحة، ونزوعهم نحو توسيع نفوذهم على الأرض حوّل الزاوية خلال الأشهر الماضية، إلى ساحة اقتتال من وقت إلى آخر»، ورأى أن السلطة في طرابلس «أهملت المدينة، ورفعت يدها عن محاسبة المتورطين في ارتكاب عديد الجرائم هناك».

وعادة ما يتجدد الاقتتال بين كتيبة «الإسناد الأولى»، بقيادة محمد بحرون الملقب بـ«الفار»، والتابعة لمديرية أمن مدينة الزاوية، وعناصر فرع «جهاز دعم الاستقرار» بالمدينة التي يقودها عبد الغني الككلي الملقب بـ«غنيوة»، والتابع لوزارة داخلية حكومة الوحدة الوطنية. وعادة ما تستخدم في مثل هذه الاشتباكات الأسلحة المتوسطة والثقيلة، مما يحول الزاوية إلى ساحة حرب حقيقية تخلّف في الغالب عدة قتلى وجرحى.

كما تنتشر تشكيلات أخرى في المدينة، من بينها ميليشيا «الكابوات» التي يقودها المعروف بـ«روبي»، إلى جانب «سرية النصر» التي يقودها محمد كشلاف، المعروف بـ«قصب»، الذي اتهمه تقرير سابق لخبراء تابعين للأمم المتحدة بأنه «متورط في تهريب خام النفط من مصفاة الزاوية».

كما يعد «الفار» من قادة التشكيلات المسلحة، التي تلعب دوراً أساسياً على مسرح الاقتتال المتكرر بالزاوية، وهو من مواليد 1989، وتعددت نشاطاته في أعقاب «ثورة» 17 فبراير (شباط) عام 2011. وبعد خروجه من رحم ميليشيا «إبراهيم احنيش»، بات واحداً من المؤثرين في منطقته، بل ومن المقربين من الدبيبة، وبعض قادة غرب ليبيا.

ووقعت الاشتباكات التي شهدتها الزاوية ليلة أمس (الخميس)، بعد ساعات من زيارة أجراها الفريق محمد الحداد، رئيس أركان القوات التابعة لحكومة «الوحدة»، رافقه فيها آمر المنطقة العسكرية الساحل الغربي، اللواء صلاح الدين النمروش، وعدد من قيادات هيئة العمليات، وجهاز حرس المنشآت النفطية، وكان في استقبالهم رئيس وأعضاء اللجنة الأمنية، وقوة مهام المنطقة الغربية.

وعقد الحداد اجتماعاً حضره أعضاء اللجنة، وتنسيقية حراك شباب الزاوية، والأعيان والحكماء، وناقش فيه مطالب الحراك، وسير عمل اللجنة الأمنية بغرفة العمليات المشتركة.

ويرى سياسيون ليبيون أن الاشتباكات المسلحة في الزاوية ستظل تتجدد طالما لم تُقدم السلطات في طرابلس على «تفكيك هذه المجموعات، أو حتى محاسبتها على جرائم تهريب النفط والمتاجرة في المهاجرين، واستخدام المرتزقة».

ضغوط داخلية وخارجية على «حماس» لتنضم إلى «الجهاد» في القتال مع إسرائيل

كشفت مصادر سياسية في تل أبيب أن حركة «حماس»، التي امتنعت حتى الآن عن المشاركة في إطلاق صواريخ على إسرائيل، تتعرض لضغوط شديدة من الداخل والخارج لتغيير موقفها.
ونقل موقع «واي نت» الإخباري، التابع لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، عن مسؤول أمني كبير تأكيده أن المخابرات الإسرائيلية على علم بهذه الضغوط، وتواجهها بضغوط مقابلة عن طريق نقل رسائل واضحة بأن دخولها إلى الحلبة سيلحق بها ضرراً استراتيجياً. وكانت مصادر إسرائيلية قد أشارت، في بداية تبادل القصف يوم الثلاثاء الماضي، إلى أن «حماس» لن تشارك في هذه الجولة أيضاً، كما حدث في مرتين سابقتين. وادعت أن قطر زادت المنحة الشهرية لها بنسبة 50 في المائة وهي لا تريد أن تخسر مكاسبها كحزب سلطة في القطاع، وليست معنية بحرب تدمر البنى التحتية من جديد، إذ إنها لم تستطع حتى الآن ترميم الدمار الذي حدث في العملية الحربية في عام 2014. وبالفعل، لم تشارك «حماس» في إطلاق صواريخها، واكتفت بفتح المجال أمام «الجهاد الإسلامي» بإطلاق الصواريخ، وتفعيل غرفة عمليات مشتركة تقدم من خلالها الدعم المعنوي. وقد تقبلت إسرائيل هذا الوضع ولم تقصف أي مرافق لحركة «حماس». وعلى الرغم من الضغوط التي مارستها قوى اليمين المتطرف في الحكومة الإسرائيلية لتوجيه ضربات إلى «حماس»، فإن القيادة العسكرية والمخابرات الإسرائيلية عارضت جر «حماس» إلى القتال، وعدّت الأمر منزلقاً لحرب شاملة لا يريدها أحد من اللاعبين المحليين.
وخلال النقاشات الداخلية في إسرائيل، ذكر مسؤولون أمنيون أن «الجهاد الإسلامي» معنيّ بوقف النار، لكنه يتعرض لضغوط من إيران للاستمرار. وقالت إن طهران تمارس ضغوطاً أيضاً على «حماس» لتنضم إلى القتال، لكن «حماس»، خصوصاً قيادتها المحلية في قطاع غزة، ترفض الانصياع. وفسر مسؤول أمني هذا الموقف قائلاً: «(حماس) تتصرف كمسؤول سيادي في القطاع، لا يريد التورط في حرب تفقده مواقعه ومكاسبه. فاليوم يوجد تحسن ملموس في حياة السكان بسبب خروج 17 ألف عامل إلى إسرائيل في كل يوم يعودون بمداخيل تنعش الاقتصاد، وهناك تفعيل للمعبر يساعد على الحياة الطبيعية، حيث يتاح للمرضى الحصول على علاج في إسرائيل أو الضفة الغربية والقدس الشرقية، ويتاح للطلبة الوصول إلى الجامعات وللتجار إدارة أعمالهم وصفقاتهم... وغير ذلك. وهذا فضلاً عن التوجه القائل إنه وإن كان لا بد من خوض الحرب فيجب أن نكون مستعدين لها وليس الانجرار وراء أحد فيها، لا من الجهة الإسرائيلية ولا الفلسطينية ولا الإيرانية».

المعروف أن «حماس» تمتلك عدداً أكبر من الصواريخ، ونوعية أفضل وأكثر دقة من صواريخ «الجهاد». فإذا دخلت المعركة فستكون الحرب أقسى للطرفين، الإسرائيلي والغزي. وربما تفتح جبهة أخرى في لبنان، ولو بمشاركة محدودة من الفصائل الفلسطينية التي تعمل من هناك، كما حدث قبل شهر.
وقد هدد المسؤولون الإسرائيليون «حماس» بأنها في حال الانجرار وراء الضغوط والمشاركة في القتال، ستدفع ثمناً باهظاً. ونُقل على لسان أحدهم قوله: «إسرائيل تعرف أن هناك قوى عدة في قطاع غزة وفي الخارج، وخصوصاً من جهة إيران، تمارس ضغوطاً على (حماس) وتضيق الخناق عليها لكي تنضم للعمليات الحربية. ونحن جاهزون لتطور كهذا، وسنرد عليها بقوة غير مسبوقة، لا بل قد تبادر إسرائيل نفسها إلى ضرب (حماس) إذا لم تأخذ زمام الأمور، وتتصرف كحاكم فعلي في قطاع غزة وتلجم (الجهاد)». يذكر أن المفاوضات الجارية بالوساطة المصرية دخلت إلى طريق مسدودة بعدما بادرت قوات «الجهاد» إلى قصف منطقة القدس. فقد أبلغت إسرائيل المصريين بأنه لم يعد مكان للتفاوض. لكن مصادر مطلعة قالت إن المفاوضات مستمرة بين الطرفين وإنه لا يستبعد رؤية الأطراف تفاجئ وتعلن عن وقف النار؛ فهذه المعركة استنفدت الجهود والأهداف، ولم تعد هناك فائدة من الاستمرار فيها.

شارك