العائلة المقدسة في قلب وفكر بطاركة الكنيسة

الخميس 01/يونيو/2023 - 05:47 ص
طباعة العائلة  المقدسة روبير الفارس
 
* البابا ثاؤفيلوس ال23 اول من كتب مسار رحلة العائلة المقدسة لمصر 
*البابا شنودة الثالث : العائلة المقدسة لم تسير في خط واحد وهكذا تقدست كثير من مدن مصر
*البابا تواضروس : الكنيسة القبطية حافظت وتحافظ على مسار وتراث هذه الرحلة منذ بدايات القرن الأول الميلادي

المكانة الخاصة التى تحتلها زيارة السيد المسيح لمصر تتجلي في الاهتمام الراسخ لبطاركة الكنيسة القبطية الارثوذكسية في الفضل الاول في تدوين مسار هذه الرحلة يعود للبطريرك ثاؤفيلوس  وهو البابا رقم 23 علي كرسي مارمرقس  ويقول الباحث اشرف صالح لقد كان إختيار ثاؤفيلوس، للجلوس على الكرسي المرقسي، في يوم 22 مسرى، الموافق 16 أغسطس من عام 385م.وفي عهده تم إندثار العبادة الوثنية وزوالها لقد حدث ان بدأت المعارضة المسيحية الرافضة لوجود االوثنية، في عهد ثيؤدوسيوس الأول في عام 381م، بعد أول عامين من حكمه في الإمبراطورية الرومانية الشرقية.ففي ثمانينيات القرن الرابع الميلادي، كرر ثيودوسيوس الأول الحظر الذي فرضه قسطنطين على بعض ممارسات الدين الروماني، وأعلن أن القضاة الذين لم ينفذوا القوانين ضد تعدد الآلهة سيتعرضون للملاحقة الجنائية، وقضى على بعض الجمعيات الوثنية، ولم يعاقب منفذي الإعتداءات على المعابد الرومانية. في عام 360 م جرّم الامبراطور ثيودوسيوس الأول المثلية الجنسية، إستنادًا إلى إدانة العهد الجديد لها. وفي الفترة ما بين عامي 389 و392م، أصدر المراسيم الثيودوسية، والتي أحدثت تغييراً كبيراً في سياساته الدينية، والتي أزاحت المسيحيين غير النيقيين من الكنيسة وألغت آخر الأشكال المتبقية من الدين الروماني عن طريق جعل العطلات الدينية الوثنية أيام عمل، وحظر تضحيات الدم، وأغلق المعابد الرومانية، وصادر ثروات المعابد الوثنية، كما  يُحسب للبابا "ثاؤفيلوس" - أنه الأول في باباوات الكنيسة القبطية، الذي أطلق على كنيسة الاسكندرية إسم - أومُصطلح "الكنيسة القبطية".ويقول الاب القمص اثناسيوس جورج فهمي  ان اقدم مصدر تحدث عن دخول العائلة المقدسة لمصر ، جاء فى ميمر منسوب للبابا ثاوفيلس ال23 (412-385م) ، وقد ورد مدونا فى مخطوط ڤاتيكان عربى 698 ، و الذى يرجع لسنة 1371م بحسب چورج جراف George Graff .وايضا ورد فى مخطوط 503 ميامر مكتبة دير الانبا بيشوى بوادى النطرون مؤرخ سنة 1352م.  ويضيف القمص اثناسيوس قائلا كذلك يوجد نص اقدم جاء فى مخطوط فاتيكان عربى 57 من القرن 14.ايضا يذكر كواستن عالم الابائيات Patrology ان رؤية ثاؤفيلس البطريرك السكندري ، هذه عبارة عن Spurious Writing ، اى انها منسوبة اليه ، وهي منحولة وقد تكون مترجمة عن عربى إذ لم يوجد لها نصاً اصلياً يونانياً .ومما هو جدير بالذكر ان افضل من درس هذا النص هو العلامة ميكيلنجكو جويدى ، كذلك تحقيق المخطوط للعلامة وديع ابوالليف الفرنسيسكاني . ويضيف القمص اثناسيوس جورج قائلا يتحدث هذا المخطوط عن زيارة البابا ثاوفيلس ال 23 لجبل قسقام المقدس ( دير السيدة العذراء مريم الشهير بالمحرق في القوصية ) ، حيث قضى هناك عيد السيدة العذراء البتول واقام هناك ومعه عشرة من اساقفة الصعيد ، وتجمع رهبان عددهم ثلثمائة راهب ... مجدوا الله فى هذا الجبل المقدس القوى العالى الذى آوى المسيح  وتشرف بسكناه .عندما جاءت السحابة السريعة التي هي العذراء والدة الاله ، محمولا عليها السيد المسيح ، فاهلك اوثان المصريين وكل مصنوعات الايادي ، واخرجهم من ظلمة الضلالة ، وخلصهم من الفساد ، حالما اضاء عليهم بمجد لاهوته ، وصارت مصر ضمن مواضع تاريخ تدابير الخلاص الالهي الثمين ، فلاجل هذه الخيرات ، اجتمع البابا ثاؤفيلس والاكليروس في جيل قسقام ، ومجدوا الزائر الالهي الضابط الكل لانه اختار هذا الجبل كما اختار جبل طابور وجيل الجلجثة وجبل الزيتون .وقد تمت فيه نبوات وصار جبل قسقام دائم المسرة والبركة الالهية.تاتي اليه كل الشعوب ليغتنموا البركة والغفران .حيث صاحب ورب الناموس علا فيه على كل الشوامخ ، ووجد فيه راحته وصيره برية حياة .ومعه الملكة المتسربلة بالشمس والقمر والكواكب على رأسها "المسيح الهنا وكنيسته والمعمدان والرسل" .
ويقول القمص اثناسيوس ان البابا ثاوفيلس  راي فى رؤياه ان العذراء مريم  ظهرت له وحدثته عن رحلتها فى الطريق لمصر وكيف حملت ابنها الحبيب على كتفها ومعها سالومى التي كانت تحمله ساعة بعد ساعة ، وكيف ان العذراء امه الطاهرة عانت وتعبت فى مشقة رحلتها ، حيث كانت تضعه على الارض لتعلمه المشى مثل الاطفال .
وكان المسيح  يمشى يسيراً ويتعلق بهدب ثوبها وينظر اليها لتأخذه وترفعه الى حضنها على ذراعيها وتقبله وتناغيه فرحه مسرورة .
اما الشيخ يوسف المبارك فكان يحمل الذي يحمل الكل ، يحمله عن العذراء.وقد خدم هذا السر العظيم الذى تعجز عنه افهام البشريين .
البابا شنودة 
في عام  1982 قررت مجلة الهلال الاحتفال برحلة العائلة المقدسة الي ارض مصر وذلك في عددها الصادر في اول يونيو حيث ذكري عيد دحول السيد المسيح لمصر فاستكتبت البابا شنودة الثالث  البطريرك رقم 117 لكرسي مارمرقس  فكتب قداسته مقالا حول الرحلة  ذكر فيه  ان  السيد المسيح عاش في فلسطين ولم يغادرها إلى أي إقليم آخر، والإقليم الوحيد الذي انتقل إليه غير أرض موطنه هو مصر، أتى إليها في طفولته مع أمه مريم العذراء ويوسف النجار، وكان السبب في الخروج أن جماعة من المجوس أتوا من المشرق إلى أورشليم "القدس" بعد مولد السيد المسيح بقليل، وقالوا: أين المولود فإننا رأينا نجمه وأتينا لنسجد له.
خاف هيرودس الملك، وحسب هذا المولود منافسا له، ولما لم يستدل عليه أمر بقتل أطفال بيت لحم "البلدة التي ولد فيها المسيح" ليكون بين المقتولين.واضاف البابا شنودة قائلا لهذا انتقلت العائلة المقدسة كلها إلى مصر بناء على رؤيا مقدسة وأمر إلهي، أتوا إلى مصر من الشرق طبعا مارين على العريش والفرما ولم يسيروا في خط واحد يمكن تتبعه، ولم يستقروا في مدينة واحدة، وكانت المدن التي مروا بها نحو عشرين مدينة ومنطقة.وهكذا تقدست كثير من مدن مصر بزيارة السيد المسيح والسيدة العذراء، واستمرت الرحلة 4 سنوات من 2 إلى 6 ميلادية تقريبا إلى أن مات هيرودس الملك، الذي كان يبعث برسله لمطاردتهم في مصر.ومن هنا كان تنقل العائلة المقدسة بين المدن أسبوعا أو بضعة أيام، وفى مدينة أخرى شهرا أو أكثر، وكانت أطول مدة قضوها في منطقة بجبل قسقام، حيث بنى دير المحرق فيما بعد، وحكي البابا شنودة مسار الرحلة بطريقة مبسطة فقال  الأول مدينتان على الحدود الشرقية الشمالية هما العريش والفرما، اتجهت بعدها إلى تل بسطا بالشرقية، واستظلوا بالشجرة وتفجر بجانبها ينبوع ماء، ومنها إلى مسطرد، وفيها أيضا نبع ماء استحم فيه السيد المسيح وبنيت بها كنيسة العذراء ومرت بها الرحلة عند الرجوع.
خامس المدن هي بلبيس، واستظلت فيها العائلة بشجرة سميت فيما بعد شجرة مريم، ومرت بها العائلة عند العودة إلى أورشليم، ثم منية حنا ومنية سمنود، وقد استقبل شعبها العائلة المقدسة استقبالا حسنا، ومنها إلى منطقة سخا بكفر الشيخ حاليا، وفيها ظهر قدم السيد المسيح على حجر، وأنشأ فيها دير المغطس، أما تاسع منطقة فهي وادى النطرون غرب الدلتا، ومنها إلى القاهرة.وفي المطرية، استظلت العائلة بشجرة مريم، ونبع فيها نبع ماء شرب منه السيد المسيح وغسلوا ثيابهم، ومنها إلى مصر القديمة حيث منطقة بابليون.
وكانت منف المحطة الثانية عشرة، وفيها تحطمت الأصنام من قدسية الزيارة، ومنها إلى المعادي، حيث انتقلوا إليها عن طريق مركب في النيل، ومنها تحركوا جنوبا إلى الصعيد حيث البهنسا، ثم جبل الطير، ثم الأشمونيين، ثم ديروط الشريف وقرية قسقام إلى منطقة مير إلى المنطقة العشرين جبل قسقام حيث دير المحرق، وفيها ظهر الملاك ليوسف النجار وطلب منه العودة إلى أورشليم، حيث كان الملك هيرودس قد مات».
البابا تواضروس 
في مقدمته لكتاب "رحلة العائلة المقدسة في أرض مصر" الذي أعده الدكتور إسحق إبراهيم عجبان عميد معهد الدراسات القبطية، وصدر  عن دار نشر أنباء روسيا "المؤسسة المصرية للثقافة والعلوم".عام 2021  كتب قداسة البابا تواضروس الثاني، إن من المميزات الهامة التي تنفرد بها الكنيسة القبطية هي رحلة العائلة المقدسة لأرض مصر، حيث تباركت مصر بزيارة السيد المسيح ووالدته العذراء مريم والبار يوسف النجار، وتنقلوا خلال هذه الرحلة في أرض مصر، شمالًا وجنوبًا وشرقًا وغربًا.وأضاف البابا تواضروس قائلا : "نظرًا لأهمية هذه الرحلة المباركة لبلادنا وكنيستنا، فحظيت بأبحاث ودراسات وكتابات كثيرة، منها ما كتبه بطاركة الكنيسة القبطية وأساقفتها وآبائها قديمًا وحديثًا، وما أصدره أديرتنا القبطية سواء أديرة الرهبان أو الراهبات، وما وضعه الآباء والعلماء والباحثين من المصريين والأجانب من جنسيات عديدة وبلغات متعددة".
وأشارالبابا تواضروس قائلا  "الكنيسة القبطية المصرية هي التي حافظت وتحافظ على مسار وتراث هذه الرحلة المقدسة للعائلة المقدسة منذ بدايات القرن الأول الميلادي".
وأوضح: "وفي التاريخ المسيحي المصري فإن البابا ثاؤفيلس البطريرك الـ23 في أواخر القرن الرابع وأوائل القرن الخامس الميلادي، كان يصلي للرب لكي يعرف تفاصيل هذه الرحلة، وقد أعلنت له السيدة العذراء تفاصيل هذه الرحلة، ومنها عرفنا أن العائلة المقدسة عاشت في مصر حوالي 3 سنوات و6 أشهر".
وأكد: "رحلة العائلة المقدسة هي سبب البركة لبلادنا مصر، كانت بركة في الماضي ومازالت بركة في الحاضر، وبركة للمستقبل لأن العمل على الاهتمام بمسار العائلة المقدسة هو من عوامل الجذب للسياحة الدينية في مصر، كما أن زيارة هذه الأماكن المقدسة تساعد على تقوية الإيمان لدى كل إنسان".
وتابع قائلًا: "إن الكثير من المصريين يشعرون بوجود العائلة المقدسة معهم في كل يوم، لأن بعضهم يسكن في البلاد التي زارتها العائلة المقدسة، وبعضهم الآخر يواظب على الصلوات والتسابيح في الأديرة والكنائس التي أقيمت في مسار هذه الرحلة المقدسة".

شارك