تنافس على الخراب.. صراع تنظيم «داعش» مع «القاعدة» لبناء دولة خلافة فى أفريقيا

الأحد 20/أغسطس/2023 - 08:23 م
طباعة تنافس على الخراب.. حسام الحداد
 
منذ القضاء على تنظيم الدولة «داعش» فى سوريا والعراق على مستوى الأرض، اختار التنظيم مسرحا جديدا للظهور فيه، خصوصا وأن عددا من الجماعات الإرهابية فى القارة السمراء كان قد أعلن ولاءه لتنظيم الدولة «داعش»، حينها بدأ الصراع يأخذ شكلا جديدا بين التنظيمين الإرهابيين الأكثر خطورة فى العالم على الأراضى الأفريقية.
ويرجع ذلك لتمركز العديد من الجماعات الإرهابية فى عدد كبير من البلدان الأفريقية وهذا لأسباب عدة أهمها أن البيئة تبدو شبه مواتية لنشاط هذه الجماعات، وذلك نتيجة لغياب الدور المؤثر للمؤسسات فى تلك الدول، وهشاشة النظام الأمنى السائد، أو وجود مؤسسات غير قادرة على وضع تدابير تخفف من الصراعات والنزاعات المرتبطة بالهوية الإثنية والقبلية.
بالإضافة إلى أن هياكل الدول لا تسعفها قدراتها على التقليل والتخفيف من حدة النزاعات والصراعات المرتبطة بالحدود القبلية والإثنية، وهو الأمر الذى جعل هذه الجماعات فى بعض الأحيان بديلاً لمؤسسات الدولة من خلال توفيرها الحماية والخدمات للسكان المحليين.
كذلك تتيح المناطق الحدودية غير المراقبة فى معظم الدول الأفريقية فرصة لهذه التنظيمات للتحرك بحرية عبر الحدود، فضلاً عن وصول السلاح إليها من الموردين الخارجيين. ليس هذا فحسب، بل إن الصراعات الحدودية بين الدول، وانتشار الجماعات المسلحة، أتاح فرصًا لهذه الجماعات الإرهابية للنمو والتكاثر وجذب التأييد، والدخول فى تحالفات وعلاقات، سواء مع بعض الحكومات أو بعض الجماعات المسلحة، فى تبادل مصالح.
كذلك تمنح البيئة الأمنية الهشة فرصة لممارسة هذه الجماعات الأنشطة غير المشروعة للحصول على الدعم والتمويل. على سبيل المثال، تعمل هذه الجماعات فى الترويج لتجارة المخدرات وتجارة السلاح بعيدًا عن مراقبة الدول، والاتجار بالبشر، والجريمة العابرة للحدود، فى ظل حدود يصعب مراقبتها. وارتفاع كبير فى بؤر التوتر والصراع، وأخيرًا غياب المشاريع التنموية.
كذلك تتيح البيئة الاجتماعية مجالًا لهذه التنظيمات للانتشار والتغلغل بين السكان المحليين، فهم يقدمون بعض الخدمات الاجتماعية التى تعجز الدول عن الوفاء بها، مثل الصحة والتعليم والمساعدات.
وإجمالاً يمكن القول إن تلك العوامل سهلت بدرجة كبيرة مهمة هذه الجماعات إلى الوصول إلى مبتغاها من خلال الاعتماد على التنسيق والتعاون مع السكان المحلين مقابل أن توفر لهم الحماية وتؤمن لهم التجارة غير المشروعة.
كل هذا وغيره جعل تنظيم الدولة «داعش» يفكر جديا فى إعادة إنتاج خلافته المزعومة على الأراضى الأفريقية خصوصا فى منطقة الساحل، ويعد تنظيم الدولة «داعش» فى الساحل ثانى أكثر الجهات المسلحة نشاطا – بعد منافسته لتنظيم القاعدة جماعة نصرة الإسلام والمسلمين «القاعدة» فى الصراع الإقليمى فى منطقة الساحل.
من موطنه الاستراتيجى فى المنطقة الحدودية بين مالى والنيجر، حيث تعتبر قرى مثل إن عربان وأكابار وإنفوكاريتان قواعد مهمة، يعمل تنظيم الدولة «داعش» فى الساحل بشكل أساسى فى منطقة ليبتاكو-غورما. وقد أصبحت الجماعة الجهة الفاعلة المهيمنة فى العديد من المناطق التى تشمل هذه المنطقة، بما فى ذلك منطقتا جاو وميناكا فى مالى، ومقاطعتا أودالان وسينو فى بوركينا فاسو، ومنطقتا تيلابيرى وتاهوا فى النيجر، فضلا عن المناطق المتاخمة للمنطقتين المذكورتين أعلاه.
الوجود
بالنسبة لوجود تنظيم الدولة «داعش» فى الساحل وطوال الفترة بين عامى ٢٠١٥ و ٢٠١٩، عندما كان يعرف باسم ISGS، كانت علاقاته مع داعش المركزية – فى العراق والشام- ضعيفة فى أحسن الأحوال. وعلى الرغم من هذا الانفصال العلنى الواضح، والذى تجلى فى غياب «الاستراتيجية الدولية لمعلومات الإحصاء فى سوريا» عن العمليات الإعلامية لتنظيم «الدولة «داعش”»، إلا أن العنف والوحشية اللذين أظهرهما التنظيم أظهرا ولاءه المستمر واستعداده للتحالف مع التنظيم الأم. وقد تغير هذا الرابط الضعيف فى مارس ٢٠١٩، عندما تم دمج الجماعة رسميا فى البنية التحتية التنظيمية لتنظيم الدولة «داعش» باعتبارها فصيل الصحراء الكبرى التابع لتنظيم الدولة «داعش» فى تنظيم «الدولة فى العراق والشام»
حدث اندماج المجموعة كجناح مستقل لـ ISWAP على خلفية التوسع المسلح للجماعة فى جميع أنحاء منطقة الساحل. فى الفترة التى أعقبت دمج تنظيم الدولة «داعش» فى الساحل، لوحظ تغيير كبير فى قدرات تنظيم الدولة «داعش» فى الساحل عندما هاجم التنظيم واجتاح العديد من المواقع العسكرية فى منطقة ليبتاكو- جورما على مدار عام بين مايو ٢٠١٩ ومايو ٢٠٢٠، مما أسفر عن مقتل أكثر من ٤٠٠ جندى من بوركينا فاسو ومالى والنيجر.
ويبدو أن الحملة العنيفة كانت مدفوعة بالمنافسة المتزايدة بين تنظيم «الدولة «داعش”» فى منطقة الساحل وجماعة نصرة الإسلام والمسلمين، حيث سعت الأولى إلى تحدى هيمنة نظيرتها فى تنظيم «القاعدة»، التى كانت لسنوات حليفا يواجه خصوما مشتركين بين القوات الدولية والقوات الحكومية المحلية والميليشيات الموالية للحكومة.
وردا على الفتك المتزايد لتنظيم «الدولة «داعش» فى منطقة الساحل والعجز الواضح للقوات الحكومية عن مقاومة التنظيم بشكل فعال، وجهت فرنسا عمليات عسكرية واسعة النطاق لاحتواء التهديد المتزايد من تنظيم «الدولة «داعش» فى منطقة الساحل، خلال حملة عسكرية شنت بين أوائل عام ٢٠٢٠ ومنتصف عام ٢٠٢١ ضد الجماعة، عانى تنظيم الدولة «داعش» فى الساحل من استنزاف كبير، ودمرت قيادته الأساسية التاريخية للصحراء الغربية إلى حد كبير.
وكان من بين القتلى خلال هذه الحملة مؤسس تنظيم الدولة «داعش» فى الساحل أبو وليد الصحراوى، الذى قتل فى غارة جوية عسكرية فرنسية فى غابة دانجاروس فى ١٧ أغسطس ٢٠٢١.
ومع ذلك، وكما هو الحال مع الحملات العسكرية السابقة ضد تنظيم الدولة «داعش» فى الساحل، رافقت هذه العمليات أعمال عنف عشوائية من قبل قوات الدولة المحلية التى خلفت مئات القتلى المدنيين فى غضون أشهر.
علاوة على ذلك، لم تتمكن القوات الحكومية أبدا من استعادة الأراضى المفقودة وإعادة تأسيس وجود دائم كاف. وبدلا من ذلك، ستصبح المنطقة ساحة معركة مهمة فى حرب نفوذ شاملة بين تنظيم «الدولة «داعش”» فى منطقة الساحل وجماعة نصرة الإسلام والمسلمين، حيث يتنافس كلاهما على النفوذ والهيمنة فى المنطقة الحدودية ذات الدول الثلاث.
أصبح الصراع بين داعش فى الساحل وجماعة نصرة الإسلام والمسلمين مميتا ومطولا بشكل خاص، حيث تم الإبلاغ عن ما يقرب من ٢٠٠ اشتباك أسفر عن مقتل أكثر من ١.١٠٠ مقاتل منذ اندلاع القتال فى منتصف عام ٢٠١٩.
فى حين اكتسبت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين الهيمنة فى عام ٢٠٢٠، تحول المد لصالح تنظيم الدولة «داعش» فى الساحل فى الأشهر الأخيرة من ٢٠٢٢، حيث ألحق مقاتلو داعش فى الساحل خسائر كبيرة فى صفوف جماعة نصرة الإسلام والمسلمين فى سلسلة من المعارك الكبرى فى منطقتى غاو وميناكا وعلى طول الحدود بين بوركينا فاسو ومالى بين سبتمبر ونوفمبر ٢٠٢٢، وقد سمح ذلك لمقاتلى تنظيم «الدولة «داعش”» فى الساحل بالعودة إلى المناطق التى كانوا غائبين فيها إلى حد كبير بعد طردهم من قبل جماعة نصرة الإسلام والمسلمين خلال قتال عام ٢٠٢٠.
كما تم تسجيل نشاط متقطع آخر ل تنظيم «الدولة «داعش”» فى الساحل فى الجزائر وبنين ونيجيريا المجاورة. فى الجزائر، شارك تنظيم الدولة «داعش» فى الساحل فى عدد قليل من الأحداث فى عامى ٢٠١٩ و٢٠٢٠ بعد محاولته استعادة موطئ قدم فى المناطق التى كان سلفه حركة التوحيد والجهاد فى غرب أفريقيا موجودا فيها فى ٢٠١١.
كانت الأنشطة فى الجزائر مدفوعة بخطة لتوسيع العمليات خارج المعقل التقليدى للجماعة فى المنطقة الحدودية ثلاثية الدول، فى محاولة على ما يبدو لإنشاء مركز تنسيق من خلال توحيد القوات مع المقاتلين الليبيين وربما القيام بمحاولة قصيرة الأجل لإحياء ولاية الجزائر التابعة لتنظيم الدولة «داعش».
يتم تفسير النشاط القليل للتنظيم فى شمال غرب نيجيريا فى عام ٢٠١٩ بعدة عوامل:
أولا: يعد الطريق بين سنام ودوجوندوتشى وسوكوتو طريق إمداد مهم للمجموعة.
ثانيا: وصل مقاتلون من داعش فى الساحل إلى سوكوتو فى عامى ٢٠١٨ و٢٠١٩ لمساعدة المجتمعات التى تربطهم بها روابط قرابة ضد اللصوصية.
ثالثا: وفر شمال غرب نيجيريا فرصا للتجنيد حيث سعى مسلحو تنظيم «الدولة «داعش”» فى منطقة الساحل إلى توسيع عملياتهم. كان يشار إلى مقاتليهم العاملين هناك فى ذلك الوقت محليا بلغة الهوسا باسم «لاكوراوا» (المجندين).
وفى الوقت نفسه، أصبحت الأنشطة فى بنين أكثر حداثة، حيث أعلن تنظيم الدولة «داعش» فى الساحل مسؤوليته عن عمليتين فى مقاطعة أليبورى فى يوليو ٢٠٢٢. ووفقا للدعاية الخاصة بتنظيم «الدولة «داعش”» فى الساحل، كان هذا جزءا من التوسع المستمر للجماعة فى مناطق جديدة.
ومع ذلك، من المحتمل أن تكون أنشطة تنظيم «الدولة «داعش”» فى الساحل فى بنين سابقة للعمليات المزعومة، ولكنها تظل سرية إلى حد كبير فى طبيعتها. ويأتى الوجود المعلن لتنظيم الدولة «داعش» فى منطقة الساحل فى بنين على خطى توسع أوسع وسريع للمسلحين فى جميع أنحاء منطقة الساحل والأجزاء الشمالية من الدول الساحلية فى غرب أفريقيا.
وفى حين انتقل كل من تنظيم الدولة «داعش» فى الساحل وجماعة نصرة الإسلام والمسلمين فى وقت واحد إلى مناطق جديدة فى السنوات الأخيرة، واجه مقاتلو تنظيم الدولة «داعش» فى الساحل صعوبة فى الحفاظ على وجودهم وتعزيزه فى هذه المناطق، كما رأينا فى المناطق الشرقية والوسطى الشمالية فى بوركينا فاسو وفى وسط مالى.
ومع ذلك، فقد تمكنوا من فرض هيمنتهم على معاقلهم التقليدية وتوسيع نفوذهم فى المناطق المجاورة. ويبقى أن نرى ما إذا كانت بنين ستصبح استثناء من الاتجاه السائد.
نمط العنف والأنشطة
يظهر مقاتلو داعش فى الساحل نمطا متميزا من الصراع يتميز بالعنف على نطاق واسع ضد مجموعة متنوعة من الخصوم والمدنيين. أحد الجوانب المهمة لعنف تنظيم الدولة «داعش» فى الساحل هو أنه يميل إلى أن يكون عشوائيا: لا يميز تنظيم الدولة «داعش» فى الساحل بين المقاتلين والمجتمعات المدنية بين القوات المتعارضة.
وعلى هذا النحو، انخرط مقاتلو تنظيم «الدولة «داعش”» فى الساحل مرارا وتكرارا فى حلقات من العنف الجماعى ضد القوات العسكرية والميليشيات والمسلحين المنافسين والمدنيين فى البلدان التى يعملون فيها بشكل أساسى.
وجاءت الحلقة الأولى من هذا العنف ردا على العمليات التى قامت بها الميليشيات المدعومة من فرنسا فى عام ٢٠١٨ واستهدفت مختلف مجتمعات الطوارق والدوساهاك فى منطقة ميناكا فى مالى.
وفى بوركينا فاسو المجاورة، ارتكبوا أيضا سلسلة كبيرة من المذابح ضد مجتمعات موسى وفولسى وسونجاى وبيلاه فى منطقة الساحل والوسط والشمال بين عامى ٢٠١٩ و٢٠٢١، بالتزامن مع الهجوم المذكور أعلاه ضد القوات الحكومية فى بلدان الساحل الوسطى الثلاثة من منتصف عام ٢٠١٩ إلى أوائل عام ٢٠٢٠.
وفى النيجر، ارتكب تنظيم «الدولة «داعش”» فى الساحل فظائع جماعية واسعة النطاق ضد مجتمعات جرمة والطوارق العرقية فى منطقتى تيلابيرى وتاهوا، وانخرط فى مواجهات مميتة مع رجال ميليشيا جرمة والطوارق من ميليشيات الدفاع عن النفس الوليدة آنذاك، والتى تشكلت ردا على العنف المفرط الذى مارسه تنظيم «الدولة «داعش”» فى الساحل وأنشطته المفترسة فى منطقتى تيلابيرى وتاهوا.
فى مارس ٢٠٢٢، وبالتزامن مع تصنيفها كمقاطعة قائمة بذاتها، شنت الجماعة هجوما فى منطقتى ميناكا وجاو على نطاق غير مسبوق. خلال الهجوم الذى استمر ستة أشهر بين مارس وأغسطس ٢٠٢٢، قتل أكثر من ألف شخص، من بينهم مدنيون، وحركة إنقاذ أزواد الموالية للحكومة، وميليشيا «مجموعة امجاد الطوارق للدفاع عن النفس» وحلفائها، ومقاتلون منافسون من جماعة نصرة الإسلام والمسلمين.
هناك بعد آخر يميز تنظيم «الدولة «داعش”» فى الساحل عن نظيره فى تنظيم «القاعدة» يتعلق بالاستراتيجية والتكتيكات التى يستخدمونها. إن أسلوب العمل المفضل لدى تنظيم «الدولة «داعش”» فى الساحل هو الكمائن وتكتيكات الحشود من خلال الهجمات المسلحة بالدراجات النارية والمركبات، فى حين تستخدم جماعة نصرة الإسلام والمسلمين نسبة أعلى بكثير من العنف عن بعد من مسافة بعيدة من خلال استخدام المتفجرات والمدفعية وقذائف الهاون، وهى تكتيكات نادرا ما يستخدمها مقاتلو تنظيم «الدولة «داعش”» فى الساحل
وبصرف النظر عن الأنشطة العنيفة لتنظيم «الدولة «داعش”» فى الساحل، يمثل استخراج الموارد من خلال سرقة الماشية والابتزاز وجمع الزكاة بعدا مهما من ذخيرة التنظيم. ومع ذلك، فإن المنافس الجهادى ل تنظيم «الدولة «داعش”» فى الساحل، جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، يتفوق عليه بثلاثة أضعاف من حيث هذه الأنشطة.
إلى جانب مقتل الزعيم المؤسس لتنظيم الدولة «داعش» فى الساحل أبو وليد الصحراوى، تم القضاء على القيادة الأساسية لداعش فى الساحل. ومع ذلك، حل أمير جديد، أبو البراء الصحراوى، إلى جانب كادر من القادة المحليين، محل القيادة السابقة، وبعضهم كانوا بالفعل مقاتلين متمرسين وتم إعدادهم لسنوات لتولى زمام الأمور وتوفير الاستمرارية جنبا إلى جنب مع الأجيال الجديدة من المقاتلين.
وقد تطورت الظروف السياسية أكثر لصالح تنظيم الدولة «داعش» فى منطقة الساحل، حيث تفكك التحالف الإقليمى لمكافحة الإرهاب بقيادة فرنسا فى نهاية المطاف فى أعقاب الانقلابات المتتالية فى مالى وبوركينا فاسو.
من الواضح أن صعود قوة داعش فى الساحل تزامن مع انسحاب القوات الفرنسية من مالى، والذى بدأ فى منتصف عام ٢٠٢١. لم تتمكن القوات المشتركة الموجودة حاليا فى مالى، بما فى ذلك القوات المسلحة المالية، ومجموعة فاجنر، ومقاتلو جماعة نصرة الإسلام، ومختلف الميليشيات والجماعات المتمردة السابقة، من ردع أو احتواء عنف تنظيم الدولة «داعش» فى الساحل.
وقد تشكلت تحالفات معزولة وعشوائية على المستوى المحلى، لكن العداء والمصالح المتباينة لمختلف الجهات الفاعلة المسلحة المعارضة لداعش فى الساحل تجعل من غير المرجح بذل جهد مشترك كبير. وإلى أن تبذل القوات الحكومية والجماعات المسلحة المختلفة فى المنطقة جهودا متضافرة لمواجهة الجماعة، من المرجح أن يواصل تنظيم الدولة «داعش» فى الساحل هجومه.
الخلاصة
والواقع أن تنظيم «الدولة «داعش» فى الساحل» بصدد إنشاء دولة «خلافة» بدلا من التى تم تفكيكها فى العراق والشام، تشمل المناطق الريفية الممتدة من جاو فى الشمال إلى دورى فى الجنوب ومن نتيليت فى الغرب إلى منطقة تاهوا الحدودية فى الشرق. فالعديد من البلدات، بما فى ذلك أندريرامبوكان وإنديليمان وتين حماة، على سبيل المثال لا الحصر، هى بمثابة عواصم شبه إدارية لدولة الساحل الزائفة التى ينظمها تنظيم «الدولة «داعش”»، والتى تتشكل تدريجيا.
سيسعى مقاتلو تنظيم الدولة «داعش» فى الساحل إلى تأكيد نفوذهم من خلال العنف على نطاق واسع وتوسيع العمليات فى المناطق التى يواجهون فيها معارضة ضعيفة، بينما يعملون فى بيئة صراع فوضوية تتميز بالعديد من الجهات الفاعلة المسلحة التى أثبتت حتى الآن عدم قدرتها، سواء بمفردها أو فى تحالفات، على احتواء تنظيم الدولة «داعش» فى الساحل.
يمكن القول إن تلك العوامل سهلت بدرجة كبيرة مهمة هذه الجماعات إلى الوصول إلى مبتغاها من خلال الاعتماد على التنسيق والتعاون مع السكان المحليين مقابل أن توفر لهم الحماية وتؤمن لهم التجارة غير المشروعة
الصراعات الحدودية بين الدول، وانتشار الجماعات المسلحة، أتاح فرصًا لهذه الجماعات الإرهابية للنمو والتكاثر وجذب التأييد، والدخول فى تحالفات وعلاقات، سواء مع بعض الحكومات أو بعض الجماعات المسلحة، فى تبادل مصالح

شارك