مسؤول حكومي و4 ضباط شرطة باكستانيين يُقتلون في تفجير لداعش شمال غرب البلاد

الخميس 03/يوليو/2025 - 02:05 ص
طباعة مسؤول حكومي و4 ضباط حسام الحداد
 
بيشاور، باكستان - قُتل مسؤول حكومي رفيع وأربعة من ضباط الشرطة الباكستانية في هجوم "نوعي" تبناه تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في إقليم خيبر بختونخوا شمال غرب باكستان. ويأتي هذا التفجير في سياق تصاعد وتيرة الهجمات التي تستهدف مسؤولين أمنيين ومدنيين في المنطقة.
وقالت وكالة أعماق، الذراع الإعلامية لتنظيم الدولة الإسلامية، إن مقاتلي التنظيم فجّروا دراجة نارية مفخخة صباح اليوم الخميس، مستهدفين مركبة كانت تقل المسؤول الحكومي على طريق "ناواجي" بمقاطعة باجور. وأسفر التفجير عن تدمير المركبة بالكامل ومقتل جميع من كانوا على متنها وإصابتهم.
وبحسب مصادر أمنية، فإن المسؤول الحكومي الذي قُتل في الهجوم هو مساعد المفوض لمنطقة ناواجي، وقد كان برفقته أربعة من ضباط وعناصر الشرطة الباكستانية. ويُعد هذا الهجوم ضربة قوية للسلطات المحلية في المنطقة التي تشهد نشاطًا مكثفًا للجماعات المتطرفة.
لطالما كانت مقاطعة باجور مسرحًا للعديد من العمليات التي يشنها مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية، مستهدفين قيادات وعناصر حكومية وشرطية، بالإضافة إلى نشطاء وأعضاء في أحزاب سياسية "ديمقراطية". ويؤكد هذا الهجوم الأخير على استمرار التحديات الأمنية التي تواجهها باكستان في المناطق القبلية المحاذية للحدود الأفغانية.
وتشهد مناطق شمال غرب باكستان تصاعدًا في أعمال العنف التي تتبناها جماعات مسلحة، بما في ذلك تنظيم الدولة الإسلامية، الذي يسعى إلى زعزعة الاستقرار في البلاد. وتكثف السلطات الباكستانية جهودها لمواجهة هذه التهديدات، لكن الهجمات المستمرة تسلط الضوء على مدى تعقيد الوضع الأمني في المنطقة.

دلالات عملية "باجور": 
لا تُمثل العملية الأخيرة التي استهدفت مسؤولاً حكوميًا وأربعة من ضباط الشرطة الباكستانية في مقاطعة باجور مجرد حادث أمني فردي، بل تحمل في طياتها دلالات عميقة تشير إلى تصاعد وتيرة التطرف وتحديات أمنية متزايدة في المنطقة. تبني تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) لهذا الهجوم النوعي يلقي الضوء على عدة نقاط رئيسية تستدعي التحليل.

أولاً: عودة ظهور وتصاعد قدرة داعش في المنطقة:
تؤكد هذه العملية على أن تنظيم الدولة الإسلامية، ورغم الضربات التي تلقاها، لا يزال يحتفظ بقدرة على التخطيط والتنفيذ لهجمات معقدة و"نوعية" تستهدف شخصيات بارزة. استهداف "مساعد المفوض" ليس مجرد استهداف لمسؤول حكومي، بل هو رسالة واضحة بأن التنظيم قادر على اختراق الأجهزة الأمنية والوصول إلى أهداف ذات قيمة رمزية وعملياتية. هذا يشير إلى أن قدرة التنظيم على التجنيد والتخطيط والتحرك لم تُقضَ عليها بالكامل، بل ربما شهدت انتعاشًا في بعض الجيوب.

ثانياً: استهداف رموز الدولة والحكم:
اختيار أهداف مثل المسؤولين الحكوميين وضباط الشرطة ليس عشوائياً. يهدف التنظيم من خلال هذه الهجمات إلى:
زعزعة ثقة المواطنين في قدرة الدولة على توفير الأمن: عندما يُقتل مسؤول حكومي رفيع وضباط شرطة، تتزعزع ثقة السكان المحليين في فعالية الأجهزة الأمنية، مما قد يدفع البعض إلى البحث عن بدائل أو الانصياع لسلطة الجماعات المتطرفة.
تقويض سلطة الدولة: تسعى الجماعات المتطرفة إلى إضعاف قبضة الحكومة المركزية والمحلية، وخلق فراغات أمنية وإدارية يمكنها استغلالها لفرض نفوذها.
معاقبة المتعاونين مع الحكومة: تُرسل هذه الهجمات رسالة ترهيب لأي شخص يفكر في التعاون مع السلطات، مما يزيد من صعوبة عمل الحكومة في هذه المناطق.

ثالثاً: تكتيكات متطورة ومرونة التنظيم:
استخدام دراجة نارية مفخخة يشير إلى مرونة التنظيم في استخدام تكتيكات مختلفة تتناسب مع طبيعة المنطقة والظروف الأمنية. هذا النوع من الهجمات أقل تكلفة وأسهل في التنفيذ مقارنة بالعمليات المعقدة، ولكنه يمكن أن يكون فعالاً للغاية في تحقيق أهدافه من حيث الخسائر المادية والبشرية والنفسية.

رابعاً: الأثر على تنامي التطرف في المنطقة:
لهذه العملية، وغيرها من العمليات المماثلة، تداعيات خطيرة على تنامي التطرف:
تعزيز الدعاية المتطرفة: تستخدم الجماعات المتطرفة مثل هذه الهجمات كأداة دعائية لإظهار قوتها و"نجاحها" في مواجهة الدولة. هذا يمكن أن يجذب مجندين جدد، خاصة الشباب الذين قد يشعرون بالإحباط من الأوضاع الأمنية أو الاقتصادية.
خلق بيئة من الخوف وعدم الثقة: يؤدي استمرار الهجمات إلى خلق بيئة من الخوف وعدم الثقة بين السكان والسلطات، مما يسهل على الجماعات المتطرفة العمل وتوسيع نفوذها.
دفع بعض الفئات نحو التطرف: في ظل غياب الأمن وشعور البعض بالعجز، قد يلجأ الأفراد أو الجماعات إلى التطرف كشكل من أشكال المقاومة أو للبحث عن حماية من الجماعات المسلحة التي تقدم نفسها كبديل للدولة.
تقويض جهود التنمية: الأوضاع الأمنية المتدهورة تعيق أي جهود للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، مما يزيد من حدة الفقر والبطالة، وهما عاملان رئيسيان يساهمان في تغذية التطرف.

خامساً: السياق الإقليمي ودور الحدود الأفغانية:
لا يمكن فصل هذا الهجوم عن السياق الإقليمي، خاصة الوضع في أفغانستان المجاورة. لطالما كانت المناطق الحدودية بين باكستان وأفغانستان ملاذاً آمناً للجماعات المتطرفة، وانسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان وصعود طالبان قد أثرا بشكل أو بآخر على ديناميكيات الجماعات المسلحة في المنطقة، مما قد يمنح تنظيم الدولة الإسلامية مساحة أكبر للتحرك أو إعادة تنظيم صفوفه.

الخلاصة:
تُعد عملية باجور بمثابة جرس إنذار للسلطات الباكستانية والمجتمع الدولي بأكمله. إنها تؤكد على أن خطر التطرف لا يزال قائماً ويتجدد، وأن مكافحته تتطلب مقاربة شاملة لا تقتصر على الجانب الأمني فحسب، بل تمتد لتشمل المعالجة الجذرية للأسباب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تغذي التطرف، بالإضافة إلى تعزيز قدرات الدولة على بسط سيادتها وتوفير الأمن والخدمات لمواطنيها في جميع المناطق.

شارك