خطر القاعدة في سوريا: تقرير أمريكي يحذر من محاولات النفوذ في حكومة الشرع

الثلاثاء 12/أغسطس/2025 - 04:13 م
طباعة خطر القاعدة في سوريا: علي رجب
 
رغم الإعلان الرسمي لتنظيم حراس الدين، الفرع السوري لتنظيم القاعدة، عن حل نفسه في يناير الماضي عقب سقوط نظام بشار الأسد، فإن تقريرا استخباراتيا أمريكيا حديثا يكشف عن استمرار جهود عناصر من التنظيم للحصول على نفوذ داخل الحكومة السورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع.

تقييم وكالة استخبارات الدفاع الأمريكية
أفاد مسؤولون في وكالة استخبارات الدفاع الأمريكية، وفقا لتقرير نشره موقع "المونيتور" الأمريكي، أن بعض الجماعات المرتبطة بتنظيم القاعدة استمرت في العمل بدرجة معينة من الاستقلالية تحت رعاية "هيئة تحرير الشام"، مما يتيح لعناصر حراس الدين السابقين حرية الحركة والتأثير.

وأشار التقييم إلى أن تنظيم القاعدة ربما يسعى إلى التأثير في تشكيل الحكومة الجديدة في دمشق وسياساتها المستقبلية، وذلك رغم الانتقال الظاهري للسلطة إلى أحمد الشرع، الذي كان منافسا سابقا لهذه الجماعات الجهادية.

خلفية تنظيم حراس الدين
تأسس تنظيم حراس الدين في فبراير 2018 كفرع رسمي لتنظيم القاعدة في سوريا، بعد خلافات مع هيئة تحرير الشام بشأن قطع الأخيرة لعلاقاتها مع تنظيم القاعدة. وقد ضم التنظيم بين 3500 إلى 5000 مقاتل، وفقا لتقديرات منظمة الأمم المتحدة لعام 2020.

عانى التنظيم من ضغوط مستمرة من قبل هيئة تحرير الشام من جهة، والضربات الأمريكية من جهة أخرى، حيث قتلت قوات العمليات الخاصة الأمريكية عشرات من قيادات التنظيم في غارات بطائرات بدون طيار منذ تشكل الجماعة.

الإعلان الرسمي عن الحل
أعلن تنظيم حراس الدين في 28 يناير 2025 عن حل نفسه رسميا، مبررا ذلك بـ"انتهاء مهمة التنظيم في سوريا بسقوط بشار الأسد وانتصار الثورة السورية". لكن الخبراء اعتبروا هذه الخطوة "تكتيكية" أكثر من كونها استراتيجية.

يقول الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الجهادية حسن أبو هنية إن "إعلان حراس الدين حل نفسه لا يعني نهاية القاعدة في سوريا، والقرار جاء انسجاما مع مركز قيادة التنظيم في خراسان".

التحديات الأمنية المستمرة
تشير التقارير الأمريكية إلى أن المقاتلين المرتبطين بتنظيم القاعدة في سوريا لا يزالون خارج السيطرة العملياتية للإدارة الجديدة، حتى بعد مرور أكثر من سبعة أشهر على الإطاحة بنظام الأسد.

وأكد تقرير صادر عن فريق مراقبي العقوبات التابع للأمم المتحدة أن تنظيم حراس الدين احتفظ بحوالي 2000 مقاتل، وأن قرار الحل كان "رمزيا إلى حد كبير". كما أشار التقرير إلى أن بعض أعضاء التنظيم "يستكشفون إمكانية الانتقال إلى أفغانستان أو أفريقيا أو اليمن تحت قيادة القاعدة".

موقف الحكومة السورية الجديدة
من جانبها، تسعى الحكومة السورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع إلى ترسيخ سيطرتها وكسب الشرعية الدولية. وقد اتخذت خطوات لإثبات قدرتها على ضبط الوضع الأمني، بما في ذلك إحباط عدة مؤامرات لتنظيم داعش في عام 2025.

وفي هذا السياق، أصدرت الحكومة الجديدة قرارات بحل جميع الفصائل المسلحة وإدماجها في الجيش السوري الموحد، وهو ما يشمل نظريا بقايا تنظيم حراس الدين وغيره من الجماعات المسلحة.

التحديات الإقليمية والدولية
تواجه الحكومة السورية الجديدة تحديات معقدة في التعامل مع الإرث الجهادي في البلاد. فمن ناحية، تحتاج إلى طمأنة المجتمع الدولي بقدرتها على منع استخدام سوريا كقاعدة للعمليات الإرهابية، ومن ناحية أخرى، تحتاج إلى دمج الآلاف من المقاتلين السابقين في مؤسسات الدولة الجديدة.

وقد أشار مسؤولون أمريكيون إلى أن المخاوف بشأن الدائرة الداخلية لأحمد الشرع لا تزال قائمة في واشنطن، خاصة أن التنظيمات الجهادية السابقة قد تحتفظ ببعض النفوذ في هياكل الحكم الجديدة.

الجهود الأمريكية لمواجهة التهديد
تواصل الولايات المتحدة عملياتها ضد البقايا الإرهابية في سوريا، حيث أعلنت القيادة المركزية الأمريكية مؤخرا عن تصفية قيادات بارزة في تنظيمات مرتبطة بالقاعدة. وكان آخرها اغتيال أبو دجانة التركستاني، أحد قادة تنظيم حراس الدين، في يناير الماضي.

كما تحتفظ الولايات المتحدة بحوالي 900 جندي في شمال شرق سوريا لمحاربة تنظيم داعش بالتعاون مع قوات سوريا الديمقراطية، وهو ما يمنحها قدرة على مراقبة التطورات الأمنية في المنطقة.

تقييم الخبراء للوضع الراهن
يرى الخبير في الجماعات الجهادية عروة عجوب أن تنظيم حراس الدين "لم يعد له وجود فعلي منذ عام 2021، عندما شكلت غرفتا عمليات تضم فصائل محلية غاضبة من النهج البراغماتي لزعيم هيئة تحرير الشام آنذاك أبو محمد الجولاني".

ويضيف عجوب أن "الجولاني استطاع لاحقا، بالتعاون مع التحالف الدولي، القضاء على تنظيمي داعش وحراس الدين داخل مناطق سيطرته"، مستبعدا أي مستقبل لتنظيم القاعدة في سوريا بعد تحول هيئة تحرير الشام إلى السلطة.

مستقبل حراس الدين
تكشف التقارير الاستخباراتية الأمريكية عن استمرار التحديات الأمنية في سوريا رغم سقوط نظام الأسد وإعلان تنظيم حراس الدين حل نفسه. وبينما تسعى الحكومة السورية الجديدة إلى ترسيخ سيطرتها وكسب الشرعية الدولية، تواصل عناصر من التنظيمات الجهادية السابقة محاولاتها للحفاظ على نفوذها والتأثير في المشهد السياسي الجديد.

يبقى نجاح الحكومة الجديدة في دمج هذه العناصر أو تحييدها بالكامل أحد أهم التحديات التي ستحدد مستقبل الاستقرار في سوريا وقدرة البلاد على تجنب عودة ظهور التنظيمات الإرهابية على أراضيها.

شارك