تقدم بوابة الحركات الإسلامية أبرز ما جاء في الصحف ووكالات الأنباء العربية، بخصوص جماعات الإسلام السياسي وكل ما يتعلق بتلك التنظيمات، بكافة أشكال التناول الصحفي (أخبار – تعليقات – متابعات – تحليلات) اليوم 7 أكتوبر 2025.
الاتحاد: حرب غزة تدخل عامها الثالث وسط أزمة إنسانية كارثية
تدخل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، اليوم، عامها الثالث، وسط أزمة إنسانية كارثية، وانتشار المجاعة ونزوح مئات آلاف الفلسطينيين، ودمار غير مسبوق في تاريخ القطاع.
وأعلن المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، أمس، أن نسبة الدمار في القطاع بلغت نحو 90% بعد عامين من الحرب الإسرائيلية.
ولفت المكتب، في بيان، إلى أن 38 مستشفى دمرت أو تعطلت، و95% من المدارس تضررت جزئياً أو كلياً بفعل القصف، فيما يسيطر الجيش الإسرائيلي على 80% من مساحة القطاع.
وأكد أن أكثر من 200 ألف طن من المتفجرات ألقيت على غزة منذ بدء الحرب.
وقال المكتب إن حصيلة القتلى والمفقودين بلغت 76639 شخصاً، بينهم 9500 مفقود، فيما بلغت حصيلة المصابين 169583، بينهم 4800 حالة بتر، و1200 شلل.
وكشف المكتب الإعلامي الحكومي عن أن 2700 أسرة أبيدت بالكامل، وتم تسجيل أكثر من 12 ألف حالة إجهاض بسبب نقص الغذاء والرعاية، فيما توفي 460 فلسطينياً بسبب الجوع وسوء التغذية جراء الحصار ونقص الإمدادات.
ولم تقتصر الحرب الإسرائيلية على تدمير العمران الحديث والبنى التحتية والمنازل في قطاع غزة، بل امتدت لتطول غالبية المعالم التاريخية والآثار.
ومنذ 7 أكتوبر 2023، دمرت نحو 208 مواقع أثرية وتراثية من أصل 325 موقعاً في القطاع، بحسب آخر إحصائيات المكتب الإعلامي الحكومي.
كما قتل 233 خطيباً وواعظاً وإماماً في هجمات إسرائيلية استهدفت أنحاء مختلفة من القطاع، وفق مدير المكتب الإعلامي الحكومي.
مقتل 1152 جندياً
أعلنت وزارة الدفاع الإسرائيلية، مقتل 1152 عسكرياً وشرطياً منذ 7 أكتوبر 2023.
وقالت الوزارة في بيان: «قتل 1152 جندياً إسرائيلياً منذ 7 أكتوبر»، مبينة أن «هذه الأرقام تتضمن جنوداً، وعناصر شرطة، وجهاز الأمن العام (الشاباك)، وقوات العمليات الخاصة، وأعضاء فرق الاستعداد الذين قاتلوا في قطاع غزة ولبنان والضفة الغربية المحتلة».
مفاوضات غير مباشرة بين حماس وإسرائيل في مصر
انطلقت في مدينة شرم الشيخ المصرية، أمس، اجتماعات غير مباشرة بين وفد حركة حماس ووفد الحكومة الإسرائيلية، لتهيئة الترتيبات الأمنية والميدانية، اللازمة لإتمام عملية تبادل الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين والرهائن الإسرائيليين، وفقاً لخطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بحسب ما أكدته مصادر لـ«الاتحاد».
وأشارت المصادر إلى افتتاح الجلسة الأولى للاجتماعات بكلمة من الوسيطين المصري والقطري ركزت على أهمية التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار وإبرام صفقة تبادل بين الجانبين، مؤكدة أن الاجتماعات ناقشت التفاصيل التقنية المرتبطة بتنفيذ المرحلة الأولى من خطة الرئيس الأميركي والتي تتضمن الإفراج عن جميع الرهائن الإسرائيليين الأحياء والأموات في غضون 72 ساعة، مقابل إفراج إسرائيل عن عدد من الأسرى الفلسطينيين.
ولفتت المصادر إلى أن وفد حماس طالب بضرورة التوصل لاتفاق يقضي بوقف العمليات العسكرية وتحليق الطيران الحربي والاستطلاع والاتفاق على خطوط الانسحاب للجيش الإسرائيلي خلال المرحلة الأولى، مؤكدة أن الحركة تطالب بمنحها المزيد من الوقت كي تعمل على تجميع الرهائن وجثامين الضحايا العالق بعضها في الأنفاق المستهدفة بمناطق متفرقة في غزة.
وأشارت المصادر إلى وجود مقترح بأن تتولى اللجنة الدولية للصليب الأحمر عملية تسلم وتسليم الرهائن الإسرائيليين ونقل جثامينهم إلى إسرائيل بالتعاون مع الجانب المصري، موضحة أن النقاشات تجري حول المرحلة الأولى فقط على أن يتم التطرق للمراحل الأخرى للاتفاق في جلسات أخرى.
وعلمت «الاتحاد» أن حركة حماس نقلت مطالبها في اجتماع منفصل إلى الجانب المصري، حيث تتمسك بمناقشة بعض القضايا ضمن إطار وطني فلسطيني، وفي مقدمتها مسألة سلاح الحركة والجهة التي تتولى إدارة قطاع غزة، وكذلك القوات المزمع نشرها بعد وقف إطلاق النار.
واعتبر خبراء ومحللون أن خطة الرئيس الأميركي تُعد تحولاً لافتاً في جهود وقف الحرب وفرصة جديدة لإحياء المسار السياسي المتعثر، مؤكدين أن الخطوات الجارية إيجابية في طريق وقف شامل لإطلاق النار، لا سيما إذا التزمت جميع الأطراف بجدية التنفيذ.
وأوضح هؤلاء، في تصريحات لـ«الاتحاد»، أن الخطة الأميركية الرامية لإنهاء الحرب في غاية الأهمية، لكنها مجرد بداية، في ظل عدم وجود خريطة طريق واضحة للسلام النهائي، مما يجعلها نقطة انطلاق لمفاوضات لاحقة، مشددين على ضرورة الالتزام ببنودها.
وقال المحلل السياسي الأميركي، توت بيليت، في تصريح لـ«الاتحاد»: إن خطة ترامب وموافقة حماس على بعض بنودها تمثلان خطوة أساسية وحاسمة نحو السلام، إذ إن حماس تُدرك أن هناك الكثير من التفاصيل التي يجب حلها، لا سيما فيما يتعلق بالتخلص من أسلحتها، والتنسيق حول التفاصيل الفعلية لتبادل الأسرى.
من جانبه، أوضح المحلل السياسي الأميركي، إريك هام، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن حماس وافقت على خطة ترامب، ولكن الأمر كله يتعلق بالتفاصيل، والأهم من ذلك هو التنفيذ، مشيراً إلى أن إدارة الرئيس الأميركي السابق بايدن سبق أن توصلت إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، لكنه سرعان ما انهار.
وأكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة جورج واشنطن، الدكتور نبيل ميخائيل، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن الخطوة الأخيرة نحو إنهاء الحرب في غزة في غاية الأهمية، مع التأكيد على أنها مجرد بداية، في ظل عدم وجود خريطة طريق واضحة للسلام النهائي، موضحاً أن إسرائيل لا تزال تعارض فكرة حل الدولتين، مما يطرح تساؤلات حول مستقبل المفاوضات.
كما قالت جاكلين هيلمان، أستاذة القانون الدولي، في تصريح لـ«الاتحاد»: إن الخطة الطموحة التي طُرحت في البيت الأبيض تتضمن بنوداً جيدة حول السلام، لكنها تفتقر إلى الضمانات الحقيقية التي تراعي حقوق الفلسطينيين.
الخليج: نتنياهو: حرب غزة اقتربت من نهايتها
أشار رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إلى قرب انتهاء حرب غزة، وذلك بالتزامن مع انتهاء أول جولة مفاوضات بين إسرائيل وحماس في شرم الشيخ المصرية حول خطة ترامب للسلام.
وقال نتنياهو، الثلاثاء: «نقترب من نهاية حرب غزة.. وتبقى بعض المهام»، إلا أنه أكد أن حماس لم تدمر بعد، مضيفاً: «سنصل إلى ذلك».
وأشار رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى أن حزب الله والحوثيين تلقوا ضربات قاسية.
وانتهت أول جولة من المباحثات بين الوسطاء وحماس في شرم الشيخ المصرية، في إطار المفاوضات الجارية لإنهاء الحرب في غزة.
وتحيي إسرائيل اليوم الذكرى السنوية الثانية للهجوم غير المسبوق الذي شنّته حركة حماس في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، وأشعل فتيل حرب مدمّرة لا تزال متواصلة في قطاع غزة.
عامان وغزة تحترق.. والآمال معلقة على صفقة تنهي المأساة
بعد عامين على هجوم 7 أكتوبر 2023، واندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، لا يزال لهيب هذه الحرب يلفح وجوه مئات آلاف المدنيين الذين تحولوا إلى ضحايا محرقة تدار على شكل مذبحة يومية قتلت وأصابت نحو ربع مليون فلسطيني، وباتت توصف بالإبادة الجماعية في معظم المحافل الدولية، بينما تم ترسيم المجاعة أممياً ودولياً بعد الحصار المطبق وإغلاق كل منافذ إدخال المساعدات وقطع المياه والكهرباء، وتدمير كل مقومات الحياة في قطاع غزة. ومع ذلك، وصلت إلى عمق مدينة غزة، ومعها تتكرر حرب التهجير القسري إلى مناطق وصفت بأنها آمنة، لكن سرعان ما تبين أنها ليست آمنة، بل مهزلة، وفق الأمم المتحدة. وسط كل هذا الوضع المأساوي والكارثة الإنسانية المروعة، وقبل نحو أسبوع واحد فقط من الذكرى الثانية لهجوم 7 أكتوبر، طرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خطته المؤلفة من 20 بنداً لإنهاء الحرب واستعادة الرهائن المحتجزين، ضمن رؤية أوسع تشمل السلام الإقليمي برمته، ووسط آمال بإمكانية قلب الواقع الذي تعيشه المنطقة رأساً على عقب، خصوصاً بعد موافقة حركة «حماس» عليه، وإذا تمكنت الخطة من تجاوز التحديات الكبيرة التي تواجهها، خصوصاً وأنها تحد من مطامع اليمين الإسرائيلي المتطرف، وتدفع باتجاه تسوية تاريخية يفترض أن تقود إلى «حل الدولتين»، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة.
خطة ترامب
وبغض النظر عن تفاصيل خطة ترامب، فإنها من الناحية العملية دفعت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أخيراً إلى الموافقة على شروط لإنهاء الصراع تؤمن مستقبله السياسي. لكن الخطة، بشكل عام، تجبر الدول العربية على تحمل جميع التحديات الكبرى تقريباً، بينما تسمح للإسرائيليين بالقول إنهم قبلوا الصفقة، وفق ما تقول «وورلد ستريت جورنال». وبطبيعة الحال، قد تُمنى خطة ترامب بالفشل في نهاية المطاف، لأسباب تتعلق بحسابات نتنياهو ومناوراته بالدرجة الأولى، أو تحت ضغط قوى اليمين المتطرف، ما يعني أن الحرب ستستمر في عامها الثالث، وهو ما يعيد المنطقة إلى حالة التوتر التي سادت قبل أسابيع قليلة.
النظام الإقليمي
غير أن كل ذلك، يبرز الحاجة إلى تقييم الكيفية التي غيّر بها تعدد الأزمات وجه الشرق الأوسط، واحتمالات تطور مساراته خلال الأشهر المقبلة، إذ إن ما يطرح في هذه المرحلة الحاسمة أسئلة كبرى ترسم ملامح النظام الإقليمي الجديد، وما إذا كانت إسرائيل، من موقعها الجديد بصفتها القوة المهيمنة، ستتمكن من رسم ملامح النظام الإقليمي المقبل، إذ بإمكانها استثمار ما تعتبره مكاسب ميدانية كنقطة انطلاق نحو إطار أمني إقليمي يكرّس اندماجها في الشرق الأوسط. لكن ذلك يقتضي إنهاء الحرب في غزة، وتسريع وتيرة التطبيع مع الدول العربية، وتقديم أفق سياسي موثوق للفلسطينيين، إضافة إلى فتح باب المصالحة مع سوريا ولبنان ودول عربية وإسلامية أخرى. غير أن المسار الذي ينتهجه نتنياهو يبدو أكثر تطرفاً، إذ سارع إلى إفشال المبادرات الدبلوماسية لإنهائها من خلال استهداف فريق التفاوض التابع لحركة «حماس» في الدوحة. مفاوضات الأسرى
في هذا الشأن، ينبغي الإشارة إلى أنه منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة في أكتوبر 2023، تم إجراء سلسلة من المفاوضات بين إسرائيل و«حماس» لتبادل الرهائن الإسرائيليين بالأسرى الفلسطينيين. توسطت في المفاوضات قطر ومصر والولايات المتحدة، وكانت جزءاً من اتفاقية وقف إطلاق النار في غزة 2023. وأطلقت إسرائيل سراح 240 أسيراً فلسطينياً، 107 منهم أطفال، وثلاثة أرباعهم لم تتم إدانتهم بارتكاب جريمة. وفي المقابل، أطلقت حماس سراح 105 مدنيين، من بينهم 81 شخصاً من إسرائيل و23 تايلاندياً وفلبينياً واحداً. وهناك تاريخ من عمليات تبادل الأسرى بين العرب وإسرائيل في القضية الفلسطينية، وأبرزها صفقة شاليط في عام 2011.
من جهة أخرى، وعلى مدار عامين، ارتكبت إسرائيل جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة، أسفرت عن مقتل وإصابة نحو 240 ألف فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، إضافة إلى عدد من المفقودين تحت الأنقاض، ودمار غير مسبوق في المنازل والمنشآت والبنية التحتية، والمستشفيات والمراكز الصحية والجامعات والمدارس، ومجاعة أزهقت أرواح 459 فلسطينياً بينهم 154 طفلاً.
عشرات آلاف الضحايا
وأكدت وزارة الصحة الفلسطينية في تقاريرها الدورية أن الفظائع المتصاعدة في فلسطين نتيجة العدوان الإسرائيلي المتواصل تتجاوز مجرد التقارير الرقمية، وتشكّل انتهاكات خطرة لجميع حقوق الإنسان. ويتم استهداف النظام الصحي بشكل معتمد، وهو ما يصل إلى حد الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني. ووفق بيانات الصحة في غزة، فمنذ بدء حرب الإبادة وحتى الرابع من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، وصل العدد الإجمالي للضحايا إلى 67074 قتيلاً، ونحو 169430 مصاباً يعاني العديد منهم صدمات شديدة وظروفاً تهدد حياتهم، فيما لا يزال عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات، حيث تعجز طواقم الإسعاف والإنقاذ عن الوصول إليهم حتى اللحظة. ومنذ 18 مارس/ آذار الماضي حتى اليوم، بلغت حصيلة الضحايا 13486 قتيلاً و57389 مصاباً. وأكدت تقارير وزارة الصحة والمؤسسات الدولية والأممية أن 34 مستشفى من أصل 36 مستشفى كانت تعمل في القطاع قبيل حرب الإبادة، تضررت كلياً أو جزئياً، حيث شن الجيش الإسرائيلي أكثر من 400 هجوم على المرافق الصحية والعاملين فيها. ويعمل حالياً عدد من المستشفيات جزئياً، أبرزها مستشفى الشفاء والأهلي العربي «المعمداني» في مدينة غزة، ومستشفى شهداء الأقصى في دير البلح، ومستشفى العودة في النصيرات، ومستشفى ناصر في خان يونس، إلى جانب عدد من المستشفيات الميدانية التي أقيمت خلال الحرب. كما دمر الجيش نحو 150 مركبة إسعاف، واستهدف طواقم الإسعاف، ومنعها من أداء عملها في الوصول إلى المصابين والمرضى.
إقرار أممي بالمجاعة
في 22 أغسطس/ آب الماضي، أكد تصنيف دولي لانعدام الأمن الغذائي، تشارك فيه الأمم المتحدة، حدوث المجاعة في محافظة غزة وتوقع انتشارها إلى محافظتي دير البلح وخان يونس. وقال التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي إن أكثر من نصف مليون شخص في قطاع غزة يواجهون ظروفاً كارثية، أي المرحلة الخامسة من التصنيف، ومن خصائصها الجوع الشديد والموت والعوز والمستويات الحرجة للغاية من سوء التغذية الحاد.
وقالت وكالات الأمم المتحدة إن «التطورات الأخيرة، بما فيها تصاعد القتال وتكرار النزوح وتشديد الحظر على الوصول الإنساني، فاقمت الوضع الإنساني». وذكرت أن الأثر التراكمي لتلك العوامل دفع غزة إلى كارثة غير مسبوقة حيث يُقيد بشدة وصول غالبية السكان إلى الغذاء والمياه النظيفة والخدمات الأساسية. ويُعد ذلك أسوأ تدهور للوضع منذ أن بدأ التصنيف تحليل انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية في غزة، والمرة الأولى التي يتم فيها تأكيد حدوث مجاعة بشكل رسمي في منطقة الشرق الأوسط.
النزوح القسري
أكدت وكالة «الأونروا» أن 1.9 مليون شخص نزحوا قسراً في قطاع غزة منذ بدء حرب الإبادة، مشيرة إلى أن الغالبية العظمى من سكان القطاع نزحوا مرة واحدة على الأقل. وأعلنت الأمم المتحدة نزوح أكثر من مليون و200 ألف شخص جراء العدوان الإسرائيلي على مدينة غزة منذ منتصف مارس/ آذار الماضي.
دماء أبناء غزة تغرق إسرائيل في عزلة دولية واسعة
لم تمض الجرائم الإسرائيلية، التي لا تحصى في غزة بلا ثمن، فبعد عامين من الحرب العدوانية ها هي إسرائيل تغرق في عزلة دولية واسعة جراء ما سفكته من دماء للأبرياء ومنذ اقتراب انتهاء العقد الثامن على تأسيسها، تشهد إسرائيل عزلة دولية لم تشهد لها مثيلاً، بينما تتوالى الاعترافات بالدولة الفلسطينية من أقرب حلفائها وحلفاء الولايات المتحدة. وتتبدّى هذه العزلة اليوم بوصفها أحد أبرز التحولات في النظام العالمي المعاصر، ليس فقط لكونها تعبّر عن انكشاف دبلوماسي نادر لدولة لطالما تمتَّعت بدعم غير مشروط من قوى غربية كبرى؛ بل لأنها تذكّر المجتمع الدولي، في لحظة حرجة من الفوضى والصراعات، بضرورة التمسك بمفهوم الدولة والمنظمات الدولية حتى لو كانت في أسوأ حالاتها. ففي أسبوع واحد من شهر سبتمبر الماضي، توالت الضربات السياسية على الدبلوماسية الإسرائيلية: إدانة صريحة من الرئيس الأمريكي دونالد ترمب للضربة العسكرية التي استهدفت قادة «حماس» في الدوحة، ثم بيان بالإجماع في مجلس الأمن يدين العملية ويدعم قطر، وأخيراً التصويت الساحق في الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح مبادرة فرنسية ــــ سعودية لإقامة دولة فلسطينية، حيث أيَّدها 142 بلداً من أصل 164. ثم توالت الاعترافات بالدولة الفلسطينية من دول أوروبية وغربية وازنة، لطالما اعتبرت حليفة تاريخياً لإسرائيل، وهي مؤشرات تعكس مشهداً غير مسبوق من العزلة، يكشف عن أنه حتى حلفاء الأمس بدأوا يعيدون حساباتهم، وأن إسرائيل فقدت غطاءها الدبلوماسي التقليدي. وحدها الولايات المتحدة وقفت بجانب إسرائيل، وواصلت توفير التغطية السياسية لها وحمايتها في المحافل الدولية، واضطرت لاستخدام حق «الفيتو» 6 مرات في مجلس الأمن لمنع وقف إطلاق النار في غزة، لكنها في النهاية، وجدت نفسها هي في عزلة عن المجتمع الدولي، وبدأت تترسخ لديها القناعة بأن إسرائيل تواجه عزلة دولية حقيقة بسبب جرائمها في غزة، إلى الحد الذي بدأت تفقد رصيدها ليس فقط في الشارع الأمريكي، وإنما في داخل البيت الأبيض، وهو ما عبر عنه ترامب ووزير خارجيته ماركو روبيو في الأيام الأخيرة. وكل هذه العوامل تعني أن شرعية إسرائيل السياسية والأخلاقية تآكلت وفي طريقها لمرحلة ما بعد العزلة. وهو تحول يعيد إلى الأذهان لحظة عزلة نظام الفصل العنصري بجنوب إفريقيا في الثمانينات، حين مهّد الضغط الدولي لانهيار منظومة سياسية بدت عصية على التغيير.
العدوان يدمر آثار غزة الأثرية والتاريخية
لم تقتصر الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين منذ عامين على تدمير العمران الحديث والبنى التحتية والمنازل في قطاع غزة؛ بل امتدت لتطول غالبية المعالم التاريخية والآثار التي تشهد على حضارات متعاقبة عمرها آلاف السنين.
ومنذ 7 أكتوبر 2023، دمرت إسرائيل نحو 208 مواقع أثرية وتراثية من أصل 325 موقعاً في القطاع، بحسب آخر إحصاءات المكتب الإعلامي الحكومي، الذي أكد أن غالبية المواقع الأثرية كانت بمدينة غزة القديمة، التي تُعرف بـ«البلدة القديمة»، وهي مدينة أثرية من الحضارة الفينيقية وتعود إلى نحو 1500 عام قبل الميلاد. وتضم البلدة القديمة الأحياء الأربعة؛ الشجاعية، والزيتون، والتفاح والدرج، وهي مناطق تعرضت لقصف إسرائيلي جوي ومدفعي واسع. وشملت المواقع الأثرية المتضررة المسجد العمري بالبلدة القديمة في غزة
وهذه أبرز المواقع الأثرية المتضررة:
* البلدة القديمة: المسجد العمري، والذي يعد من أكبر وأعرق مساجد غزة، وثالث أكبر مسجد في فلسطين بعد المسجد الأقصى في القدس، ومسجد أحمد باشا الجزار في عكا.
* كنيسة القديس برفيريوس: وهي أقدم كنيسة في غزة وثالث أقدم كنيسة في العالم، ويعود تاريخ تأسيسها للقرن الخامس الميلادي. وتقع هذه الكنيسة في حي الزيتون، وسميت نسبة إلى القديس برفيريوس، حيث تحتضن قبره.
*مسجد كاتب ولاية: ويشترك بجدار واحد مع كنيسة برفيريوس، ويعد من المساجد الأثرية المهمة بغزة، وتقدر مساحته بنحو 377 متراً مربعاً.
* مسجد السيد هاشم: يقع في حي الدرج شرقي مدينة غزة، ويُعتقد باحتضانه قبر جد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم هاشم بن عبد مناف، والذي ارتبط اسمه باسم المدينة «غزة هاشم».
* المستشفى الأهلي العربي «المعمداني»: تُعتبر من مستشفيات القطاع القديمة، وتتبع للكنيسة الأسقفية الأنجليكانية في القدس حيث تم تأسيسها عام 1882 ميلادية، على يد البعثة التبشيرية التي كانت تابعة لإنجلترا.
* قصر الباشا: يقع في حي الدرج وهو أحد الشواهد العمرانية الذين تمزج بين الحضارتين المملوكية والعثمانية.
الشرق الأوسط: لماذا لم يتحقق توحيد المؤسسة العسكرية الليبية رغم الدعم الدولي؟
رغم تكرار المواقف الأميركية والأوروبية المؤيدة لتوحيد المؤسسة العسكرية الليبية، فإن الواقع الميداني يعكس أوضاعاً مختلفة تقود إلى استمرار الانقسام بين غرب البلاد وشرقها.
وفي ظل امتناع عسكريين - ينتمون إلى المؤسسة - عن الخوض في أسباب ذلك، يرى خبراء ومحللون أن «الانقسامات المتجذرة في التركيبة العسكرية تتعمق وسط فوضى السلاح وتباين رؤى الأطراف الدولية».
ويقول الباحث الليبي المتخصص في الدراسات الأمنية والعسكرية محمد السنوسي، إن حديث بعض الأطراف الدولية والغربية عن توحيد المؤسسة العسكرية «غير واقعي»، وهو ما عزاه في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى «تباين الرؤى بشأن توحيد الجيش الليبي».
ويضيف السنوسي أن بعض الأطراف الدولية «لا تدرك بدقة طبيعة التعقيدات الأمنية والعسكرية في البلاد، فيما يستفيد آخرون من حالة السيولة الأمنية والاقتصادية إلى حين ضمان مصالحهم مع السلطة القادمة المنتخبة».
وبدا الدعم الأميركي المعلن لتوحيد الجيش الليبي، واضحاً مؤخراً في تصريح القائم بالأعمال الأميركي لدى ليبيا جيريمي برنت، خلال لقائه وكيل وزارة الدفاع في حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة عبد السلام زوبي، إذ أكد دعم واشنطن لتوحيد المؤسسة المنقسم بين غرب ليبيا وشرقها.
وقد عبَّر عن الموقف ذاته خلال اجتماعه مع رئيس أركان «الجيش الوطني» خالد حفتر في أغسطس (آب) الماضي. غير أن هذه المواقف، بحسب مراقبين، لم تُترجم إلى خطوات ملموسة على الأرض.
أما المبادرات الأوروبية، فبدت هي الأخرى «رمزية»، إذ اقتصر الدعم على مجالات محدودة مثل تدريب 30 مسؤولاً بحرياً من طرابلس وبنغازي ضمن عملية «إيريني» لمكافحة تهريب السلاح، من دون أن تشمل أي برنامج جاد لتوحيد المؤسسة العسكرية.
أبرز العوائق
يرى الباحث الليبي معمر الكشر أن «التدخلات الأجنبية» تمثل «العقبة الكبرى» أمام أي مسار لإعادة هيكلة الجيش الليبي، وعدَّ في دراسة نشرتها الأكاديمية الليبية بمصراتة، أن تلك التدخلات «أسهمت منذ عام 2011 في انتشار الميليشيات والجريمة المنظمة والاتجار بالبشر، ما يجعل بناء جيش وطني رهيناً بتقليص النفوذ الأجنبي أولاً».
وخلال اجتماعات الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، الشهر الماضي، أكدت واشنطن وشركاؤها الأوروبيون أهمية «التكامل الأمني» بين شرق ليبيا وغربها؛ لكن الباحث في الأمن القومي فيصل أبو الرايقة قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «مجرد الحديث عن التكامل الأمني يبقى في نطاق الأمنيات ما دامت لا توجد حكومة موحدة أو رئيس منتخب».
ورغم أن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا طرحت هذا الصيف «خريطة طريق» سياسية تقود إلى الانتخابات، فإنها، وفق محللين، أرجأت الملف العسكري المعقد. فقد ركزت لقاءات المبعوثة الأممية هانا تيتيه مع المشير خليفة حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني»، واجتماعات اللجنة العسكرية المشتركة «5+5»، على الترتيبات السياسية دون التركيز على توحيد الجيش.
داخلياً، تواجه المؤسسة العسكرية الليبية «إشكاليات بنيوية موروثة منذ عهد الرئيس الراحل معمر القذافي»، كما يقول المحلل العسكري محمد السنوسي، وهو ما يصفه بأنه «نتيجة لاعتماد نظامه على استراتيجية تخالف المسارات الاحترافية للجيوش؛ من خلال اللجنة العامة المؤقتة للدفاع التي كانت تتماهى مع النظام الجماهيري».
وبعد انهيار نظام القذافي، ووفق رؤية السنوسي، «لم تتبلور رؤية وطنية أو عقيدة عسكرية موحدة أو نوع تسليح محدد حتى الآن»، مشيراً إلى أن «الانقسام السياسي ألقى بظلاله على المؤسسة العسكرية التي تواجه إشكالية التباين في تسلسل القيادة بين شرق وغرب البلاد».
وأوضح قائلاً: «في شرق البلاد توجد قيادة عامة للجيش تخضع لسلطة القائد الأعلى، في حين تغيب هذه القيادة في غرب البلاد، حيث يُعتمد على نظام رئاسة الأركان العامة، في ظل غياب إرادة سياسية لحسم هذا الملف».
«العدالة المهنية»
ويشكو عسكريون قدامى من فقدان ما يسمونه «العدالة المهنية» داخل المؤسسة العسكرية، ما يُضعف فرص إعادة بنائها.
ويقول العقيد المتقاعد مختار شهوب، الرئيس السابق لـ«المجلس العسكري» في الزنتان، إن «الجيش فقد جزءاً من هيبته منذ عام 2011، حيث تُمنح الرتب بلا معايير واضحة وتُهمل حقوق الضباط القدامى، مما يحوّل المؤسسة إلى ساحة نفوذ وولاءات».
أما فريق آخر من المراقبين فيرى أن تشظي الفصائل المسلحة في غرب البلاد، يمثل «صخرة عنيدة» أمام جهود التوحيد؛ إذ يوضح المحلل العسكري محمد الترهوني أن «هذا التشظي يفرغ أي مشروع لتوحيد الجيش من جدواه، ويعيد الملف إلى دائرة التدخلات الخارجية».
ومنذ سقوط نظام القذافي وحتى اليوم، تقف ليبيا عند محطة انقسام مؤسساتي بين «الجيش الوطني» الذي يسيطر على شرق البلاد وأجزاء واسعة من الجنوب، وميليشيات في الغرب تتبع حكومة «الوحدة».
ومن منظور استخباراتي، يرى اللواء محمد رشاد، وكيل جهاز الاستخبارات المصري الأسبق، أن «التناقض بين المواقف الغربية والواقع الميداني، يشكل أحد أبرز معوقات توحيد المؤسسة العسكرية»، موضحاً أن «المواقف الأميركية والأوروبية تركز على الشعارات، بينما تحكمها في الواقع اعتبارات اقتصادية وأمنية».
ولفت إلى توقيع واشنطن مؤخراً اتفاقات نفطية مع طرابلس «دون أي ضغط حقيقي باتجاه إعادة بناء المؤسسة العسكرية».
ولا تزال جهود تبذلها واشنطن بشأن «تشكيل قوة مشتركة» لتأمين الجنوب الليبي، قيد المشاورات بين القيادات العسكرية في شرق ليبيا وغربها.
الإعدام لمحامٍ سوداني واعتقال عضو هيئة دفاعه قبل صدور الحكم
طالبت هيئة عدلية طوعية بإلغاء حكم بالإعدام شنقاً حتى الموت، أصدرته محكمة سودانية ضد المحامي أبو بكر منصور، وشددت الهيئة على ضرورة إعادة النظر في قضيته، معتبرة الحكم «سياسياً وانتهاكاً خطيراً لمبدأ سيادة القانون وضمانات العدالة».
كما دعت الهيئة للإفراج عن محامي الدفاع الذي جرى اعتقاله للحيلولة دون مشاركته في الدفاع عن موكله، وحملت السلطات الأمنية المسؤولية الكاملة عن المعتقلين.
وأصدرت محكمة جنايات مدينة سنجة، يوم الأحد، حكماً بإعدام المحامي منصور بعد أن كان قد صدر بحقه في وقت سابق حكم بالسجن المؤبد تحت المواد (50/51) من القانون الجنائي لسنة 1991، وتهم أخرى تنص على تقويض النظام الدستوري، وإثارة الحرب ضد الدولة، التي تُعاقب بالإعدام أو السجن المؤبد.
وقالت هيئة «محامو الطوارئ»، وهي جماعة عدلية طوعية، في بيان، إن الحكم بالإعدام جاء بعد استئناف تقدمت به هيئة الدفاع أمام محكمة الاستئناف التي قضت بإسقاط بعض التهم، وإعادة الملف إلى المحكمة العامة لسماع بينات إضافية.
وأشار البيان إلى أن القاضي عبد اللطيف آدم محمد علي، عرّفه البيان بأنه منتدب خصيصاً للنظر في القضايا ذات الطابع السياسي، قد استبق موعد الجلسة المقررة في 9 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، وأصدر حكمه بإعدام المحامي دون سماع البينات المطلوبة، وفي غياب هيئة الدفاع ومن دون إخطارها، أو تمكينها من حضور جلسة النطق بالحكم.
وقال البيان إن الأجهزة الأمنية اعتقلت عضو هيئة الدفاع، المحامي أبو بكر الماحي، قبل صدور الحكم بخمسة أيام، وحالت بينه وبين أداء مهامه القانونية أو التواصل بحرية مع موكله، مضيفة أن «هذا الحكم يمثل خرقاً مباشراً لقرار محكمة الاستئناف، وانتهاكاً صريحاً لحق الدفاع، وضمانات المحاكمة العادلة المكفولة في الدستور الانتقالي والمواثيق الدولية».
ورأت هيئة «محامو الطوارئ» في الحكم واعتقال محامي الدفاع تسييساً واضحاً لمؤسسات العدالة، وتدخلاً مباشراً من الأجهزة الأمنية في عمل القضاء، وتقويض استقلاله وتهديداً لمبدأ سيادة القانون.
ووصفت القضية بأنها جزء مما أسمته «سياقاً متسعاً من التضييق على العمل الحقوقي»، واعتبرتها استهدافاً للمحامين والمدافعين عن حقوق الإنسان، في محاكمات وإجراءات «تعسفية تتنافى مع التزامات السودان الدولية، بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب».
ودعت لحماية مهنة المحاماة والحق في الدفاع، باعتبارها حجر أساس لـ«أي نظام عدلي عادل»، قائلة: «صون استقلال القضاء شرط أساسي لاستعادة الثقة في العدالة وسيادة القانون».
يذكر أن هيئة «محامو الطوارئ» دأبت على نشر تقارير تضمنت مئات الأحكام الإيجازية التي تصدرها المحاكم السودانية في عدد من مدن البلاد، بالإعدام والسجن المؤبد أو لسنوات طويلة، ضد مواطنين تحت ذريعة «التعاون» مع «قوات الدعم السريع».
البيان: تزايد الاعترافات الدولية يحيي جهود حل الدولتين
بعد عامين من الحرب في غزة، عادت القضية الفلسطينية إلى الواجهة الدولية، بعدما كانت قد تعرضت للتهميش. حيث إنه خلال الأيام الماضية، اعترف 11 بلداً بدولة فلسطين، وهي: بريطانيا وكندا وأستراليا والبرتغال ولوكسمبورغ وبلجيكا وأندورا وفرنسا ومالطا وموناكو وسان مارينو، ليرتفع بذلك عدد المعترفين إلى 159 من أصل 193 دولة عضواً بالأمم المتحدة.
ورغم أن تزايد الاعتراف العالمي بفلسطين قد لا يغير موازين القوى على الأرض، لكنه يمثل ثغرة في جدار الصمت الدولي، الذي كان دائماً يميل لجهة إسرائيل، حيث اخترقت القضية الفلسطينية جدار العزل الدولي، وبدأ العالم يصغي لفلسطين، وارتفع منسوب الوعي الشعبي في الغرب بشكل غير مسبوق بمأساة غزة وضرورة وقف الحرب، وبدأت الحكومات تواجه ضغوطاً داخلية متزايدة من الناخبين، والمؤسسات الحقوقية والأكاديمية، حيث إن الاعتراف الفرنسي، ومعه خطوات دول أخرى، يأتي في إطار تعطيل استراتيجية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، التي تهدف لإفشال حل الدولتين، وجر المنطقة إلى حرب مفتوحة بلا أفق.
كما أن الاعتراف البريطاني يحمل بُعداً تاريخياً خاصاً، كون لندن اشترطت في كل المناسبات أن يكون الاعتراف بفلسطين نتيجة لمفاوضات سلام، لذلك فإن هذه الخطوة تمثل تحولاً كبيراً في السياسة البريطانية تجاه القضية الفلسطينية، وأن هناك تحولاً تدريجياً في المزاج السياسي الأوروبي تجاه القضية الفلسطينية، مدفوعاً بالاقتناع المتزايد بأن استمرار الصمت الدولي تجاه إسرائيل قد بات يهدد السلم والاستقرار في المنطقة والعلم بأسره.
الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة وتجسيدها على أرض الواقع ليس حلماً؛ بل تشبث بحق طال كفاح الشعب الفلسطيني من أجله وساندته جميع شعوب العالم المُحبة للسلام.
ورغم أن هذه الاعترافات الدولية أعطت زخماً قوياً للقضية الفلسطينية، إلا أنه من المستبعد أن تغير هذه الإجراءات سياسة الولايات المتحدة في الأجل القريب. لكنها مفيدة في التدليل عملياً على أن عهد «الشيك على بياض» الذي يقدمه الغرب لإسرائيل يصل إلى نهايته، فقد زادت الدعوات العالمية إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وتمثل الاعترافات التي تتوالى يوماً بعد يوم ما هي إلا رافعة لتثبيت الحقوق الفلسطينية على الأرض.
معركة الشعب الفلسطيني الراهنة رغم كل التراجعات هي إعادة الاعتبار للجغرافيا، إذ إن إعلان خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسلام في غزة بعد فشل محاولاته المتكررة في تهجير أهلها وتصفية القضية الفلسطينية، يمثل في جوهره نجاحاً كبيراً لفلسطين.
الاعترافات الأخيرة تشكل خطوة مهمة، حيث مارست الدول الكبرى ضغوطاً كبيرة على «إسرائيل» للانخراط في مفاوضات جدية لإنهاء حرب غزة فوراً، وترسيخ فكرة حلّ الدولتين كطريق وحيد لتحقيق تسوية للصراع.
عامان ثقيلان.. حرب غزة حركت العالم دون أن تتحرك!
لا توجد كلمات يمكن أن تصف الحرب الطاحنة التي دارت رحاها في غزة على مدار العامين الماضيين، فكل المفردات على نحو: حرب، مجزرة، إبادة، محو، تهجير، تطهير.. كلها استنفدت، ولم يبق مصطلحات تدخل في عالم الحروب: صواريخ، مسيّرات، قذائف، طيران.. جميعها استهلكت.
لقد تداعت على غزة حروب عدة، وتعاقبت عليها ملمات، لكن هذه الحرب الطاحنة، التي تدور رحاها منذ 7 أكتوبر 2023، ليست ككل الحروب، أحياء كاملة سويت بالأرض، وشوارع تحولت إلى تلال من ركام، الرعب والخوف يخيمان في ذلك المشهد الدامي، ولم يعد في غزة غير انعدام الحياة، حيث قتلت إسرائيل أكثر من 67 ألفاً من أهالي القطاع وجرحت نحو 170 ألفاً آخرين.
غارت عيون غزة في جسدها الذي أنهكته الحرب، وذوى شجرها وذاب حجرها، وقتل أهلها وهجروا، هدمت المنازل، وتمزقت الخيام، وأصاب النازحين ما أصابهم من ويلات القصف، حتى بدا دوي الصدمة يطغى عما سواه، فالحرب حرّكت العالم بأسره، لكنها أبت أن تتحرك قبل أن تطفئ شمعتها الثانية.
ارتحل الأطفال والنساء والرجال والشيوخ غير مرة، تارة وهم يرتجفون تحت وطأة البرد، وأخرى وهم يتصببون عرقاً تحت لهيب الشمس، وناحت العجائز على ما أصاب غزة، وقد تجمدت الدموع في العيون، ولم تعد المقابر تتسع لأعداد الضحايا، بينما بدت المستشفيات عاجزة عن علاج الجرحى والمصابين، وأكل الناس أوراق الشجر، واصطفت الطوابير أمام التكايا، للحصول على جرعة ماء، أو طبق حساء.
ظلمات بعضها فوق بعض، عتمة غزة، وظلام الحرب، ودخان الغارات، وانسداد المسارات السياسية على مدار عامين، لم يعد أحد يميز بين الليل والنهار، فماذا بقي من لغات يستطيع أهل غزة مخاطبة العالم بها؟ بعد أن نفدت كل النداءات والاستغاثات والمناشدات لوقف الحرب الهستيرية، التي نجحت إسرائيل في اعتمادها لغة للعقاب الجماعي ودوافع الانتقام من مدنيين عزل، رغم كل القرارات الدولية والحراكات العالمية.
بين يدي هذا الملف، تتناول «البيان» المآسي التي حلت بسكان قطاع غزة، ولا زال الضحايا يتساقطون بالعشرات وأحياناً المئات، وبشكل يومي، فمن نجا من الغارة الأولى، فسيكون القتل بانتظاره في الثانية، ومن نجا من الثانية فسيرث الموت من الثالثة. يصف النازح وسام النجار المشهد في غزة بعد عامين على الحرب، فيقول: أي حال هذا الذي وصل إليه أهل غزة، لقد مللنا النزوح والتشريد والبحث عن رمق الحياة، ونعيش في مسلسل قتل يومي، تختار فيه الطائرات الإسرائيلية المقاتلة أهدافاً عشوائية داخل مراكز النزوح وخيام النازحين، فتضرب وتقصف بعنف، فيسقط الأبرياء، وتتكرر أسطوانة القتل على مدار الساعة.
ويواصل لـ«البيان»: عجز أهل غزة من كل حلول الأرض، والحل فقط من رب السماء، الكل هنا يلهج بالدعاء بأن تتحقق المعجزة وأن تتكلل المساعي الأخيرة بوقف الحرب، بعد أن عجزت كل المنظمات والهيئات الدولية عن إلزام إسرائيل بوقف الجحيم.. نعم لقد عجزنا عن الحلول الدنيوية، ولم يعد لدينا الأمل إلا برب السماء.
وتابع: منذ عامين، لم نذق طعماً للراحة ولم نشعر بالحياة، أفواج من النازحين مرت علينا، وأصوات الطائرات تصم الآذان، ورائحة الموت تنبعث من كل مكان، والكل هنا يترقب لحظة الإعلان عن وقف الحرب، ولا شيء غير ذلك.
لا مدارس.. لا مستشفيات
بينما يروي النازح سالم عليان مشاهد مرعبة، تنوعت بين النزوح والبحث عن الطعام، موضحاً: «أحياناً في اليوم الواحد نفقد 80 أو 100 مواطن، أطفال وشباب في مقتبل العمر قضوا بفعل الحرب، لم يبق منازل ولا مدارس ولا مستشفيات ولا مساجد، والكل ينتظر دوره في طوابير الموت».
ويضيف: تكررت ألفاظ «التهدئة» و«الصفقة» آلاف المرات، لكن ظلت الحرب تفتك بأهل غزة، لقد اعتدنا مشاهد القصف والقتل والدمار، ونتطلع ليوم يرفع فيه هذا الظلم عن أهل غزة.
أهوال ومقارنات
وفق تقرير استخباراتي أمريكي، فقد ضربت إسرائيل قطاع غزة بما يعادل ما ألقي على هيروشيما 8 مرات، مع ملاحظة أن مساحة المدينة اليابانية 900 كيلومتر مربع، بينما مساحة غزة لا تزيد على 360 كيلومتراً مربعاً، بينما تفوق القوة النارية التي ضرب غزة مجموع حربي العراق وأفغانستان مجتمعتين، مشيراً إلى أن نصف ذخائر إسرائيل التي استخدمتها في حربها على قطاع غزة كانت عبارة عن قنابل «غبية» أي غير موجهة.
وفي الإطار، قال المركز الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إن كمية المتفجرات التي ألقيت على غزة تمثل أكثر من 30 ألف طن من المتفجرات بقنبلة واحدة، حيث استعملت إسرائيل خليطاً يعادل أكثر من 1.34 من مادة «تي أن تي» التفجيرية المعروفة، وأن إسرائيل أسقطت أكثر من 200 ألف طن من المتفجرات على غزة.
وقد تبدو الأرقام مجردة وصمّاء، ولكن لدى مقارنتها بالحروب والتاريخ، تتضح الصورة أكثر، بأن قطاع غزة تعرض لواحدة من أشد الحروب في العصر الحديث، وهي حرب أعادت تشكيل المشهد الغزي، وفاقت حدود المعاناة الإنسانية، إذ كمية القوة النارية التي انصبت على قطاع غزة، نادراً ما أُطلقت على منطقة واحدة عبر التاريخ، وهي غير مسبوقة في بقعة جغرافية صغيرة ومكتظة بالسكان كقطاع غزة، الذي تعرض لمستويات من الغارات تضاهي حروب منتصف القرن العشرين كاملة.
دمار
في المنطق العسكري الإسرائيلي، يُبرر مسؤولون إسرائيليون الحرب على غزة، بأنها تستهدف البنية التحتية لحركة «حماس»، بأسلحتها وأنفاقها، وتصفية قادتها، إلا أن حجم الدمار الذي لحق بقطاع غزة، يتجاوز بكثير الضرورة التكتيكية هذه، فماذا يعني استهداف الأبراج السكنية، والأحياء الشعبية ومخيمات النزوح؟
يجيب المحلل السياسي محمـد دراغمة، إن الهدف الاستراتيجي لرئيس الحكومة الإسرائيلية هو «حرب بلا نهاية» على قطاع غزة، ويعكس الاستخدام المكثف للقنابل والصواريخ الفتاكة، حسابات نتانياهو الشخصية والسياسية والحزبية، ولذا أصبحت مشاهد هدم الأبراج الشاهقة في غزة، وتدمير مختلف المرافق الحيوية، تأخذ شكل الحرب الاستعراضية.
ويضيف: مشاهد استهداف النازحين العزل، تكررت مراراً، وكل مكان يفرون إليه يجدون القتل يتربص بهم.. هي لعبة القتل، والنزوح تحت تهديد السلاح، والتهجير من خلال التدمير التي انتهجتها إسرائيل، إلى جانب بعض الأهداف العسكرية المحدودة، وفي ذلك رسالة للغزيين، باستحالة العيش على هذه الأرض، بعد أن فتحت عليها أبواب الجحيم.
الحرب على غزة، تبدو وكأنها غير مصممة للانتهاء، هكذا يقرأ مراقبون، الأوضاع في القطاع المنكوب، مع طي السنة الثانية للحرب، التي استهدفت الوجود الفلسطيني، لكن صبر واشنطن بدأ ينفد، فهل يبقى قرار الحرب في يد إسرائيل، أم سنشهد نهاية لهذا الاستهتار بحياة البشر، وتولد غزة من جديد؟
الكاتب والمحلل السياسي هاني المصري، يستعرض السيناريوهات المطروحة، مبيناً أن الـ«النعم» الواضحة والكبيرة التي قالتها حماس للخطة الأمريكية، تبقي الأبواب مفتوحة أمام الحل، منوهاً بأن من بين المسائل التي ستبرز لاحقاً، تراجع دور حركة «حماس» كطرف أساسي في المفاوضات فور إنجاز صفقة التبادل، في ظل وجود موقف إقليمي ودولي يطالب بإخراجها من الحكم، وموافقتها المبدئية على ذلك.
ويرى المصري، أن المضي بتنفيذ صفقة تبادل الأسرى ووقف الحرب، بات السيناريو الأقرب، حيث يرتكز الرئيس الأمريكي على إنجاز ملموس وسريع، يعزز صورته كصانع سلام، من دون الغوص في تفاصيل الاتفاق، كما أن هذا السيناريو يحقق مكاسب إنسانية مباشرة، وأهمها الإفراج عن الأسرى، ووقف الحرب.
مسؤولون فلسطينيون لـ«البيان»: الحرب كانت مبيّتة
اعتبر قياديون فلسطينيون أن الحرب التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة، كانت مبيّتة، بينما كانت إسرائيل مأخوذة بدوافع الانتقام من أهل غزة، ودلل على ذلك الاستهداف العنيف للمدنيين العزل، وعرقلة المساعي السياسية في أكثر من مناسبة، بل وخرق الهدنة الوحيدة التي تحققت خلال الحرب في 19 يناير.
وأضافوا: خلافاً لما زعمته بالرد على هجوم 7 أكتوبر واستهداف حركة «حماس» وقادتها وترسانتها العسكرية، استهدفت كل أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، واصل أبو يوسف، إن حكومة بنيامين نتنياهو المتطرفة، استغلت الأوضاع في قطاع غزة بعد هجوم 7 أكتوبر، لشن حرب دموية، استهدفت خلالها النازحين بالقصف العنيف والحصار والتجويع، مشدداً: «كان موعد الانتخابات الإسرائيلية قريباً، وعادة ما يكون السباق الانتخابي الإسرائيلي بدماء فلسطينية».
وأبان أبو يوسف في تصريحات لـ«البيان» أن القيادة الفلسطينية كانت تدرك، منذ البداية، أن هذه الحرب ستكون مفتوحة على مصراعيها، ويمكن أن تطول، في ظل إمعان الجيش الإسرائيلي ومغالاته في سفك دماء المدنيين العزل في قطاع غزة، ومدى قسوة الغارات التي شاهدها العالم، لا سيما في الأيام الأولى للحرب.
ولفت أبو يوسف إلى أن إسرائيل، وخلافاً لما زعمته بالرد على هجوم 7 أكتوبر واستهداف حركة «حماس» وقادتها وترسانتها العسكرية، استهدفت كل أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وإلا فماذا يعني قصف المنازل المأهولة فوق رؤوس ساكنيها والمواطنين الآمنين في مراكز النزوح والخيام، وتحويل المدارس والمساجد والمستشفيات إلى ركام؟وأضاف: غالبية ضحايا الحرب، الذين تجاوزوا الـ67 ألفاً، كانوا من الأطفال والنساء والمرضى والمسنين، وهذه شواهد دامغة على أن إسرائيل استهدفت المدنيين، وأوغلت في دماء الفلسطينيين، كما يدلل على ذلك العزلة الدولية التي فرضت على إسرائيل بفعل جرائمها في قطاع غزة.
وأشاد أبو يوسف بالجهود والمساعي السياسية، والمنابر الدولية، التي وقفت إلى جانب الشعب الفلسطيني، وهو يئن تحت وطأة حرب دامية، مشدداً على أن أيام الحرب وإن طالت، إلا أنها ستنتهي.ولم يكن ينقص قطاع غزة الذي كان يعاني ويلات الحصار منذ أكثر من 17 عاماً، إلا أن يجد نفسه على خط حرب طاحنة، وضعت المنطقة برمتها على شفير حرب إقليمية.
وفي الإطار، اعتبر الأمين العام لحزب المبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي، أن الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، عاش أياماً ثقالاً، ولم يسبق أن عاش أصعب منها على مدار عامي الحرب، لكن وهج الاحتضان الدولي لقضيته، والذي عبّرت عنه سلسلة الاعترافات بدولة فلسطين وحقوق الشعب الفلسطيني، أربكت إسرائيل وعزلتها، نظيرغيها ضد النازحين المجوعين في قطاع غزة.
وأضاف في حديث لـ«البيان»: «لم يهنأ الفلسطينيون في قطاع غزة بالراحة ولا الأمان طوال عامين، لم تتوقف فيهما الغارات العنيفة، والقصف بالصواريخ والطائرات الحربية والمسيّرات والمدافع الثقيلة، وما حدث في قطاع غزة، لم يعهده الشعب الفلسطيني حتى في نكبة العام 1948، خصوصاً لجهة المجاعة التي تفشت سريعاً، ومشاهد النزوح التي تكررت، والأهوال المرعبة وغير المسبوقة».
وتابع: «لقد دفع الناس في قطاع غزة، ثمن قرارهم البقاء في أرضهم، ورفض مخططات التهجير، فدمرت المنازل فوق رؤوسهم، وأصابهم الجوع والخوف، وباتوا اليوم ينتظرون معجزة لوقف الحرب».
وام: الجهود العربية.. حائط صد أمام مخططات إسرائيل في التهجير وتصفية القضية
بعد جهود عربية حثيثة لدعم صمود الشعب الفلسطيني، والعمل على وقف الحرب في غزة، جاء إعلان حركة «حماس»، يوم الثالث من أكتوبر الجاري، عن موافقتها على خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الصراع ووقف الحرب، ليشكّل محطة جديدة في مسار الأزمة المستمرة منذ عامين.
الوصول إلى هذه النقطة، سبقه ماراثون عربي متواصل لدعم صمود الشعب الفلسطيني، والعمل على إنهاء الحرب المستعرة على مدار عامين متواصلين، ولعبت الإمارات ومصر وقطر، وعدد من الدول، دوراً محورياً في الوساطة الدبلوماسية، بالتنسيق مع الولايات المتحدة، وفي الحراك داخل أروقة الأمم المتحدة، في محاولة للوصول إلى وقف إطلاق نار شامل. تكاملت هذه التحركات السياسية مع مبادرات إنسانية ولوجستية، تمثلت في إرسال الإمارات قوافل مساعدات عربية غذائية وطبية، ودعم مالي لمشاريع وكالة الأونروا، إلى جانب بحث عدد من الدول العربية خطط إعادة إعمار غزة، بما يعكس إصرار العواصم العربية على تنسيق موقف مشترك، يوازن بين الإغاثة العاجلة والبحث عن تسوية مستدامة.
يرى الدكتور أيمن الرقب أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، والقيادي في التيار الإصلاحي بحركة فتح، أن الأمة العربية تاريخياً، تعتبر القضية الفلسطينية قضيتها الأولى، وأنها قضية أمن قومي عربي كامل، بمعزل عن المحاولات التي سعت لتحويل الصراع إلى نزاع فلسطيني- إسرائيلي محض، فبقي في عمقه صراعاً عربياً مع إسرائيل. الحرب على غزة، التي طالت المدنيين والإنسانية بشكل عام، بحسب الرقب، أثمرت حركة عالمية من التضامن، مثل «أسطول الصمود»، وقد كان للدول العربية دور محوري في دعم صمود الشعب الفلسطيني، وإبقاء القضية في صدارة الأولويات.
وأضاف أن دولة الإمارات مثّلت نموذجاً عملياً في هذا الدعم، من خلال مشاريع نوعية انسانية حيث كان السند لأهل غزة.
وفي عام 2025، تواصلت التحركات العربية عبر القمم والاجتماعات، كان أبرزها القمة العربية الطارئة، التي انعقدت في القاهرة في مارس، والتي رفضت أي انتهاكات لحقوق الفلسطينيين، بالتوازي مع لقاءات وزارية بين السعودية ومصر والأردن والإمارات وقطر، لتنسيق المواقف، والتأكيد على وحدة الصف العربي.
ولم تقتصر الجهود على الجانب الدبلوماسي، بل امتدت إلى العمل البرلماني، عبر مؤتمر برلماني عربي في فبراير 2025، أقرّ خطة دعم من 15 بنداً، لصمود الفلسطينيين، وأكد على رفض أي محاولات للتهجير أو تصفية القضية. هذه التحركات، جاءت جميعها لتعكس تصميم الدول العربية على توحيد الموقف، والضغط باتجاه إنهاء الحرب. وقال خبير الشؤون الإسرائيلية، أحمد فؤاد أنور، إن الرد الفلسطيني على خطة ترامب، جاء موفقاً، إذ تميز بالمرونة، عبر قبول بعض البنود، والسعي للتفاوض حول أخرى.
وأوضح أن هذا الموقف الذكي، ضيّق هامش المناورة أمام اسرائيل، وحدّ من قدرتها على إفشال مسار التسوية. وأضاف أن المرحلة الحالية، تمثل فرصة تاريخية لرأب الصدع الفلسطيني الداخلي، مشدداً على ضرورة تغليب المصلحة الوطنية العليا.
وفي ما يخص الدور العربي في دعم القضية الفلسطينية، ثمّن أنور مواقف عدة دول عربية، بينها الإمارات ومصر وقطر والسعودية، ساهمت في تعزيز الاعتراف الدولي بفلسطين، ودعمت وقف الحرب، إلى جانب جهود الوساطة العربية، التي نجحت في تحقيق مكاسب سياسية ملموسة، وحماية القيادات الفلسطينية.
وختم بالتأكيد على أن الرفض العربي الواسع لخطط التهجير، ودعم صمود الفلسطينيين، عبر الجهود القانونية والإغاثية، يشكل سداً منيعاً أمام أهداف إسرائيل، ويمهد الطريق نحو مرحلة جديدة من العمل العربي المشترك، لإرساء حل عادل وشامل.