قوات مدعومة من رواندا تتقدم شرق الكونغو وتدفع آلاف المدنيين للنزوح

الأربعاء 10/ديسمبر/2025 - 05:11 م
طباعة قوات مدعومة من رواندا حسام الحداد
 
شهد شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية تطوراً خطيراً يوم الثلاثاء 9 ديسمبر، بعدما تمكّنت قوات حركة إم 23، المدعومة بشكل مباشر من الجيش الرواندي، من دخول ضواحي مدينة أوفيرا الاستراتيجية، وذلك بعد أيام قليلة فقط من المصادقة على اتفاق سلام بين كينشاسا وكيجالي برعاية واشنطن. ويُعد هذا التقدم العسكري ضربة موجعة للاتفاق الوليد، الذي وصفه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأنه "معجزة" لإنهاء الصراع المزمن في المنطقة.

دلالات التقدم المفاجئ
يمثل اختراق حركة إم 23 لمدينة أوفيرا نقطة تحول عسكرية وسياسية، فهذه المدينة تقع على الحدود مع بوروندي وتتحكم في أحد أهم الممرات الحيوية المطلة على بحيرة تنجانيقا. كما أنها تأتي بعد عام تقريباً من الهجوم الواسع الذي مكن الحركة وحلفاءها الروانديين من السيطرة على مدينتي غوما وبوكافو، في أكبر تقدم تشهده الجبهة منذ سنوات.
وبحسب خبراء الأمم المتحدة، فإن الحركة تعتمد على دعم يقدّر بين 6000 و7000 جندي رواندي، ما يجعلها قوة عسكرية فعلية على الأرض تتجاوز كونها ميليشيا محلية، وهو ما يضع علامات استفهام كبيرة حول التزام رواندا بالاتفاق الذي تم توقيعه في واشنطن قبل أيام فقط.

مشاهد انهيار وفوضى
ومع دخول مقاتلي إم 23 الأجزاء الشمالية من أوفيرا، بدأ الجيش الكونغولي بالانسحاب بشكل واسع في مشاهد وُصفت بالفوضوية، حيث فرّت وحدات كاملة من الجنود باتجاه الجنوب، بينما لجأ آخرون إلى البحيرة في محاولة للهروب عبر القوارب. كما سجلت شهادات متعددة أعمال نهب قام بها بعض الجنود المنسحبين، شملت متاجر وصيدليات وهواتف السكان، ما يعكس انهياراً سريعاً في الانضباط داخل القوات الحكومية.
وخلال أسبوع واحد فقط، فرّ أكثر من 30 ألف مدني إلى داخل الأراضي البوروندية هرباً من القتال، في موجة نزوح جديدة تزيد الضغط على الدول المجاورة.

تحذيرات دولية وتصاعد المخاطر الإقليمية
دعت الولايات المتحدة وعدد من الدول الأوروبية كلاً من حركة إم 23 ورواندا إلى وقف الهجوم فوراً، محذرة من أن استمرار القتال يقوّض الجهود السياسية ويهدد استقرار المنطقة. كما تشير المعطيات الأمنية إلى أن بوروندي — التي تنشر نحو 18 ألف جندي في شرق الكونغو منذ 2023 — تنظر لسيطرة الحركة على أوفيرا باعتبارها تهديداً مباشراً لأمنها القومي، إذ يعزلها ذلك عن الحدود الكونغولية ويقرب قوات متمردة مدعومة من رواندا من عاصمتها الاقتصادية بوجومبورا.
وكان الرئيس البوروندي إيفاريست ندايشيميي قد حذر مراراً من انزلاق الصراع إلى مواجهة إقليمية واسعة، وهو سيناريو سبق للأمم المتحدة أن أشارت إليه خاصة مع زيادة التدخلات العسكرية غير المعلنة في منطقة البحيرات العظمى.

الآثار المحتملة
يُتوقع أن يترتب على هذا التطور عدد من النتائج الخطيرة:
تراجع فعلي لاتفاق السلام الذي أُبرم في واشنطن قبل أن تجف أحباره.
تعميق الطابع الإقليمي للصراع واحتمال انزلاق بوروندي إلى مواجهة مباشرة مع حركة إم 23.
تفاقم الأزمة الإنسانية مع موجات نزوح جديدة قد تتجاوز عشرات الآلاف.
إعادة خلط الأوراق السياسية داخل الكونغو، وتصاعد الضغط الشعبي على حكومة تشيسكيدي.
زيادة التوتر بين رواندا والدول الغربية بعد اتهامات متزايدة بالتورط العسكري المباشر في شرق الكونغو.
وبذلك يبدو أن منطقة شرق الكونغو تقف أمام مرحلة جديدة من عدم الاستقرار، مع تعثر مسارات التسوية وتزايد مؤشرات تحول الحرب من صراع داخلي إلى أزمة إقليمية مكتملة الأركان.

شارك