عـالـم "الإرهاب الافتراضي" الانترنت: التجنيد.. التعليمات.. صناعة المتفجرات.. والتمويل

الأربعاء 14/مايو/2014 - 08:49 م
طباعة عـالـم الإرهاب الافتراضي
 

مدخل

تعتبر الشبكة العنكبوتية هي السبب الرئيسي لنجاح تنظيم القاعدة في القيام بهجمات الحادي عشر من سبتمبر، حينما اعتمد التنظيم بشكل رئيسي على الإنترنت في التخطيط لـغزوة "منهاتن"، وتعد الجماعة الإسلامية من أولى الحركات الإسلامية التي استخدمت الإنترنت، وصمّمت عليه مواقع في منتصف التسعينيات، ولكن الانتشار الفعلى للحركات الجهادية على الإنترنت بدأ مع الحرب الأمريكية على الإرهاب، وحاليا يمكن تصفح العشرات من المواقع المرتبطة بالجهاد بشكل أو بآخر، فهناك مواقع مرتبطة بتنظيمات بعينها مثل القاعدة، ومواقع أخرى تتسم بالمواراة، تقوم بدور الدعاية غير المباشرة للحركات الجهادية المختلفة
عـالـم الإرهاب الافتراضي
أولاً المشاركون في الجهاد على الإنترنت:
1- القيادات: يسعون إلى ممارسة تأثير أيدولوجي، والتواصل مع القاعدة الجماهرية من خلال الحضور المرئي أو الصوتي الذي يُرفع على الإنترنت مثل قادة القاعدة.
2- شيوخ السلفية الجهادية: يبررون شرعية الجهاد من خلال إصدار فتاوى ونشر مواد دينية مثل فقه الجهاد على الإنترنت.
3- التنظيمات المسلحة: تعمل على نشر رسائلها ومعلومات متعلقة بالجماعة إلى العالم من خلال الإنترنت.
4- القاعدة الجماهرية الأصولية: تعد الأكبر عدداً، وتتكون من مؤيدي الجهاد الناشطين وغير الناشطين، ويتصفحون العديد من المواقع والمنتديات لتحديث معلوماتهم عن مسائل الجهاد، والوعي بأحدث التطورات، لكن تظل القاعدة العريضة من المشاركين غير مشتركين بشكل مباشر في العمليات الجهادية. 
5- المرأة: يعطي الإنترنت مساحة كبيرة للمرأة لتظهر في مشهد التطرف، فالصورة التقليدية للمرأة عند الجهاديين تقلل من أنشطة المرأة، أما العالم الافتراضي فيعطي المرأة الفرصة للمشاركة الفعالة، وفي هذه الحالة لا يقتصر دورها على تربية الأولاد على أيديولوجية الجهاد، ولكن تصبح المرأة نفسها لها دور مباشر .

ثانياً: الخطوط والعناوين العريضة للمواقع الجهادية
تتصدر الآيات القرآنية تلك المواقع، وخاصة الآيات التي تحض على الجهاد، وتبرز جزاء المجاهد يوم القيامة، تعتمد تلك المواقع على الخطاب العاطفي القائم على إظهار شرور الآخر، وتقسيم العالم إلى خندقين: خندق للمؤمنين، فتلك المواقع توحد المؤمنين من مختلف الأعراق والجنسيات، تحت الراية السوداء للجهاد ضد الخندق الآخر وهم "أعداء الله ورسوله"، وفي تلك الحرب تستخدم هذه المواقع كل أنواع الملتيمديا من مؤثرات سمعية وبصرية، لإضفاء طابع نفسي عاطفي على الخطاب، والذي يثير الشجن ويحفز العاطفة ويعبئ للقتال "في سبيل الله"، وبالذات عبر الأناشيد الدينية التعبوية، والتي تعد بالنصر المبين وتحفز للمعركة الكبرى، وأيضًا مقاطع الفيديو التي تصور غزواتهم، وكذلك تستعرض هذه المواقع أهم ما جاء في وسائل الإعلام العربية والدولية حول قضايا الجهاد والإرهاب لتفنيدها، والرد عليها من منظور القائمين على تلك المواقع، كمحاولة للحد من تأثير التيارات الإسلامية المعتدلة، ودحض المراجعات الفكرية للقادة السابقين في التيارات المتشددة.
عـالـم الإرهاب الافتراضي
ثالثاً: أنواع المواقع الجهادية على الإنترنت
1- المواقع الرسمية:
تتمثل في مواقع المنظمات الجهادية على الإنترنت ومواقع شيوخ السلفية الجهادية، تعمل هذه المواقع على نشر أفكار صاحب الموقع، سواء أكان شخصًا أو تنظيمًا من خلال نشر كتب ومقالات، وكذلك صور للعمليات الجهادية المختلفة وفيديوهات عالية الجودة، وغالبًا ما تَنشر هذه المواقع تاريخ التنظيم وسبب وجوده وأهم عملياته، وهي مواقع غير ثابتة وصعبة التتبع، ومن الأمثلة على تلك المواقع "الجماعة السلفية للدعوة والقتال"(قبل انضمامها إلى تنظيم القاعدة ويصبح اسمها تنظيم القاعدة عام 2006 في بلاد المغرب الاسلامي) ويحتوي موقعها على العديد من عمليات التنظيم، ويعتبر موقع  الشيخ "ابو محمد المقدسي" "منبر التوحيد والجهاد" من أهم مواقع شيوخ السلفية الجهادية، ويحتوي على مكتبة زاخرة بأدبيات الجهاد تمتد من ابن تيمية، وتصل إلى رسائل أيمن الظواهري.
2- المنتديات والمدونات الشخصية:
تعتبر ظاهرة حديثة ووظيفتها الرئيسية هي نشر المواد "الجهادية"، وغالبًا ما تكون متخفية تحت موضوعات عامة مثل السياسة والاقتصاد والأسرة، والتي تُعرض من وجهة نظر الجهاديين، وكان أشهر مثال على تلك المنتديات "الحسبة"، والآن "البراق".
3- مواقع التوزيع:
 تضم مواقع متنوعة تشترك في هدف واحد، وهو الإبقاء على البنية التحتية للجهاد على الشبكة، وهي عبارة عن دليل يوفر قائمة محدثة من الروابط للمواد الصوتية والمرئية، ومثال على تلك المواقع موقع "دليل مشاور" وموقع "القاعدون" الذي أنشأته مجموعة من المتعاطفين مع المجاهدين، ويعيدون نشر إصدارات تنظيم القاعدة على الإنترنت.

رابعاً: الأهداف الريئسية للمواقع الجهادية
1- نشر الفكر والدعاية للجهاد:
أصبحت الشبكة العنكبوتية عبارة عن مكتبة افتراضية للمواد الجهادية، توفر الحصول على مواد سياسية وفكرية وفتاوى للجهاد، ومالتيميديا متنوعة، وذلك باعتراف الجهاديين أنفسهم، كما يتضح في رسالة أحمد الواثق بالله، نائب أمير الجبهة الإعلامية الإسلامية العالمية، الصادرة بتاريخ 2003، والتي يصف فيها الإنترنت بأنها جامعة القاعدة للعلوم الجهادية.
2- التواصل وإنشاء مجتمع الكتروني:
يعتمد نشر الفكر الجهادي على إنشاء قاعدة عامة للجهاديين على الإنترنت، من خلال وسائل اتصال وإنشاء قنوات اتصال على الإنترنت، ومنها ما هو حصري على مستوى الجهاديين، ومنها ما هو للعامة، ومنها ما هو باتجاه واحد مثل إصدارات قيادة القاعدة من رسائل مصورة، إلى جمهوره الداخلي الجهاديين والخارجي غير الجهاديين، ومنها ما هو تبادلي مع الجمهور من خلال الإجابة على الاسئلة وإصدار الفتاوى.
3- التدريب:
انتقلت معسكرات التدريب التقليدية اليوم من مواقع  الجهاد الشهيرة مثل افغانستان إلى العالم الافتراضي حيث يوجد الان في المنتديات اقسام للخلايا الجهادية حيث تتوفر كتيبات للتدريب العسكري واشهرها "موسوعة الاعداد للجهاد" الصادرة عن تنظيم القاعدة والتي يتم تحديثها بنسخ جديدة بشكل مستمر .
4- القرصنة:
تحاول بعض الكتائب الإلكترونية مثل "جيش الفاروق الإلكتروني" و"جيش الهكرز الإسلامي"، الهجوم على المواقع الحكومية لبعض الدول، وتهديد الاقتصاد العالمي من خلال اقتحام مواقع البرصة، وشن هجمات من خلال اختراق برامج الاتصال في المطارات، ولكن مازالت هذه المحاولات تحت السيطرة إلى حد كبير. 
5- التجنيد:
هناك نوعان من التجنيد، تجنيد مباشر كتجنيد أشخاص للحاق بالمجاهدين في مواقع الجهاد، وكذلك ما يقوم به أعضاء المنتديات من "قسم البيعة" لمشاهير القادة الجهادين مثل أسامة بن لادن سابقًا، وأيمن الظواهري حاليًا، وتجنيد غير مباشر من خلال الاقتناع بالأفكار الجهادية وتنفيذها بشكل فردي مستقل عن التنظيم. 
6- الاستطلاع: 
يستغل المجاهدون المعلومات المتاحة على الإنترنت، مثل الخرائط وجداول مواعيد الهبوط وإقلاع الطائرات، وخرائط محطات مترو الأنفاق، فضلًا عن أنهم يرفعون على الإنترنت معلومات هامة وحساسة، مثل الأهداف الاستراتيجية التي تُستغل في أغراض جهادية.
7- الدعم المالي:
تستغل الجماعات الجهادية الإنترنت للحصول على دعم مادي من خلال الدعاية لعملياتهم، الأمر الذي يجعل مؤيدي المنظمات الجهادية الذين لا يشاركون في عمليات بشكل مباشر، يرسلون الأموال كنوع من الدعم والجهاد غير المباشر.

خامسًا: مكافحة الجهاد على الإنترنت
أعطى الإنترنت للجهاد بُعدًا آخر، ورفع من أداء الجماعات الجهادية، وأدى إلى تكثيف الهجمات وتقويتها، فضلاً عن أنه ضاعف من فرص التخفي، لصعوبة تحديد هوية عدد من المستخدمين، غير أن هذه المواقع توفر معلومات كثيرة عن التنظيمات وأفكارها ومستوياتها الهيكلية، وبالتالي تَعتبر هذه المواقع نفسها، مصدرًا مهمًا لأجهزة مخابرات الدول التي تكافح الإرهاب لمنع هجمات محتملة، لذلك هناك حيرة حول مدي جدوى إغلاق هذه المواقع، فمن جانب ستخسر الجهات الأمنية قدرًا كبيرًا من المعلومات بعد الإغلاق، فضلًا عن صعوبة إغلاق جميع المواقع الجهادية تقنيًا، حيث إن الموقع الذي يتم غلقه ينقل جميع مشاركته ومواده إلى موقع آخر جديد يظهر على الإنترنت، وعلى الجانب الآخر ترك هذه المواقع يضفي نوعًا من الشرعية عليها، ويعطي الفرصة لمزيد من الانتشار.
وتثير مكافحة الجهاد على الإنترنت جدلًا واسعًا بين الأوساط الحقوقية، لما يستلزمه هذا النوع من المكافحة والتضييق على حرية الوصول إلى المعلومات وانتهاك الخصوصية الفردية، لكن المكافحة تظل في النهاية محدودة الأثر ومقصورة على حصار الأنشطة الجهادية على الإنترنت من تمويل وتخطيط لهجمات محتملة.

شارك