دولة "داعش".. الخيار الأمريكي

السبت 26/سبتمبر/2015 - 10:22 م
طباعة
 
منذ أيام قليلة نشرت بعض الصحف الأمريكية مقالات لعدد من الكتاب بأن داعش أمر واقع يجب أن نتعامل معه مثل حركة طالبان، وقالوا، إن داعش سيطر على أرض ضعف دولة إسرائيل، هذه هى البشرى الأمريكية القادمة للعرب بأن داعش واقع لابد من التعامل معه على أساس الاعتراف بدولة داعش، ولا يغرنك الحرب العذراء التى تشنها الولايات المتحدة الأمريكية على داعش، فهذه الحرب يدفع تكلفتها العرب قرابة الـ١٠٠ مليون دولار يوميا، ومع ذلك داعش يمتد على الأرض ويحتل مناطق جديدة فى سوريا والعراق، وبالأمس القريب ارتكبت داعش جريمة نكراء ضد الإسلام، وضد الإنسانية والحضارة ألا وهي تدمير الآثار التدمرية بمدينة تدمر الأثرية التى تدل على حضارة العرب الملكة زانوبيا، وهذه الجريمة أكبر دليل على عمالة هذه الجماعات المتأسلمة للعدو الصهيوأمريكى، الذى يسعى جاهدا لمحو آثار المنطقة العربية من النيل إلى الفرات وأثناء الغزو الأمريكى لبغداد كانت مع القوات الأمريكية مجموعة كوماندوز إسرائيلية مهمتها اقتحام متحف بغداد والاستيلاء على الآثار العراقية وأهمها لوحات الأسر الآشور لبنى إسرائيل، وكذلك لوحات الأسر البابلى بقيادة الملك بخت نصر لبنى إسرائيل وإن أكبر سارق للآثار المصرية هم الإسرائيليون وعلى رأسهم وزير الدفاع السابق موشى ديان، وقد عاش جيل الصحابة رضوان الله عليهم فى دمشق عاصمة الخلافة الأموية بجوار الآثار التدمرية والفينيقية، وعاشوراء فى بغداد عاصمة الخلافة العباسية بجوار آثار الآشورية والكلدانية والبابلية لم تمتد أيديهم بتدمير وتخريب هذه الآثار، ولو أن الدين أمر بتدميرها لكانوا هم أول من فعل ذلك، ولكنهم يمثلون حقيقة الإسلام الذى أمر بالتفكير فى آثار الأمم السابقة، وقال تعالى «أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِى الْبِلَادِ وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ...»، وقد عاش الصحابة والتابعون لهم بإحسان إلى يومنا هذا بجوار آثار عاد وسمود والفراعنة فى مصر وآثار بلاد الشام والعراق وغيرها حتى آثار بلاد الهند والنوبة والسودان لم تمتد أيديهم إليها بالتدمير والتخريب، لأنهم كانوا يعلمون بأن هذه آثار الحضارات الإنسانية وتاريخ الأمم والشعوب ومحو هذه الآثار وتدميرها، هو محو لذاكرة الشعوب وقطع صلتها بماضيها الذى يسهل بعد ذلك تزييفه كما ترى الحركة الاستعمارية فى المنطقة بمحو ذاكرة شعوبها من أجل تزييف التاريخ، فهذه الحركات المجرمة التى تدعى الإسلام تخدم أهداف المخطط الصهيونى بمحو ذاكرة الشعوب والتمهيد لتزييف تاريخ المنطقة وكذلك الجهلة من الجماعات المنتسبة زورا للسلف الصالح فى مصر عندما وصل الإخوان للحكم، كان أكبر همهم هو وضع نقاب لتمثال أم كلثوم وتمثال النهضة، أولى فتاواهم هى إخفاء التماثيل بطبقة من الشمع وقاموا بتدمير تمثال طه حسين لأنهم جهلة لا يفقهون الفرق بين التمثال والصنم، فالصنم هو ما يعبد من دون الله حتى لو كان حجرًا لا تصوير فيه، أما التماثيل فهى آثار الأمم السابقة وقد ذكر الله فى كتابه عن سيدنا سليمان النبى صلى الله عليه وعلى نبينا محمد فى قوله تعالى «يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ».
وصدق سول الله صلى الله عليه وسلم أن من علامات الساعة أن يتخذ الناس رؤوسا جهالًا، فهؤلاء الجهلة الذين يتصدرون مشهد ما يسمى الإسلام السياسى وإخوانهم من الخونة والعملاء أمثال داعش ومن على شاكلتهم ما هم إلا مقدمة للاستعمار الجديد لمنطقة الشرق الأوسط وعلى شعوب المنطقة أن تعى تماما أن هؤلاء لا يمثلون الدين الإسلامى الصحيح وقد ذكرنا بأن الصحابة هم أفضل أجيال الإسلام فهمًا وعلمًا كيف تعاملوا مع هذه الحضارات والآثار الإنسانية، لأن هدفهم كان هو خدمة الدين الإسلامى والإنسانية، أما خدمة الأهداف الاستعمارية هى التى تدمر الآثار، وتمحو ذاكرة الشعوب ونحن ننتظر بعد شهور قليلة إعلان فشل الحرب العالمية الأمريكية على داعش لتفرض علينا أمريكا أمرا واقعا علينا أن نتعامل معه، بعد أن تمده أمريكا بالسلاح والقوة اللازمة لاستمراره، فقد استفادت أمريكا من استيلاء داعش على بترول العراق وسوريا وليبيا ليباع فى الأسواق بثمن بخس أدى إلى تدنى أسعار البترول، وهو هدف أمريكى لوقف الخطط التنموية الطموحة لروسيا بقيادة بوتين، ويكفى أن روسيا أعلنت أن خسائرها بسبب تدنى أسعار البترول، وصلت إلى ١٨٠ مليار دولار وأن إسرائيل هى أكبر مشترٍ لبترول داعش وإقليم كردستان هى تركيا، ويكفى أن إسرائيل قامت بشراء ٢١ مليون برميل من بترول كردستان العراق و١٩ مليون برميل من بترول داعش من ليبيا وسوريا والعراق وتنقل السفن القطرية والتركية البترول الليبى إلى إسرائيل، كل ذلك بمباركة أمريكية، فلا ننخدع بالحرب الأمريكية على داعش، وعلينا أن نعد العدة للقضاء العضوى على داعش وأخواتها من جماعات التضليل والعنف باسم الدين وإلا سوف نتجرع ما يتجرعه الشعب السورى والليبى واليمن وغيرهم من جرائم ترتكب باسم الدين، وهى أبعد ما يكون وأن من أسباب إعلان الحرب على سوريا وتسليح الجماعات المتطرفة والسماح لأعضائهم بالحضور إلى سوريا من قرابة الـ٦٠ دولة أمرين، الأول مطالبة الحكومة السورية باشتراك الإخوان فى الحكم وإعطائهم وزارات سيادية فرفض النظام السورى هذا الطلب، وطلبوا من النظام السورى السماح بمد خط أنابيب للغاز القطري يدخل تركيا إلى أوروبا لضرب خط الغاز الروسى الذى يمد أوروبا بالغاز فرفضه النظام السورى، فكان لابد من تدمير هذا النظام وإحلال نظام عميل يقبل بما يريده العم سام، وهذا ما نحذر منه وهو رغبات العم سام فى وصول عملائه للحكم أو المشاركه فيه.

شارك