تصاعد معركة "فصل الدين عن السياسة" بين "حزب النور" وتيارات اسلامية
الأحد 11/أكتوبر/2015 - 04:25 م
طباعة
ليست تلك هي المرة الاولى ولا نجزم ان تكون الاخيرة في تناول موضوع شائك بالنسبة للعاملين في حقل الاسلام السياسي، فرغم ان كثير من شيوخ التيار السلفي غير المرتبطين بالدعوة السلفية يؤكدون على اهمية حل الدعوة السلفية وحزب النور وان ممارستهم للسياسية تدخل في اطار المحرمات- كما اشرنا هنا من قبل -الا ان الدعوة السلفية وحزب النور مصريين على ممارسة السياسة بإيجاد تخريجات فقهية مختلفة وفتاوى تناقض في كثير من الاحيان فتاواهم القديمة التي تحرم العمل الساسي!! وكذلك تكفر الديموقراطية .
ومؤخرا نشبت معركة إسلامية سلفية، حول فصل الدين عن السياسة، بعدما قال قيادي سلفي، إنه لا يوجد فصل بين السياسة والدين، وأن السياسة جزء من الدين، مستشهدا بأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يعقد الاتفاقيات مع الكفار. السياسة جزء من الدين وقال
الشيخ زين العابدين كامل، الداعية السلفي، إن الشريعة الإسلامية تشمل الاقتصاد والسياسة والاجتماع، وأنها شريعة شاملة لكل نواحي الحياة، موضحا أن السياسة جزء من الدين. وأضاف في تصريحات لـ"اليوم السابع" أن من يتأمل القرآن والسنة الذين هما أصل هذه الشريعة، رأى شمولها، ففي القرآن والسنة ذكر الشعائر التعبدية من صلاة وغيرها، وأن فيهما بيان طبيعة الحكم والتشريع، وعلاقة الحاكم بالمحكوم، وفيهما بيان أحكام العلاقات الدولية من حرب وسلم وهدنة، وبيان أحكام الجهاد وأحكام الجنايات والحدود، والقصاص وغير ذلك. وتساءل كامل: "ألم يمارس رسول الله صلى الله عليه وسلم السياسة في حياته؟ ألم يعقد رسول الله صلى الله عليه وسلم المعاهدات مع الكفار بنفسه؟ ألم يجاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في ميدان القتال؟ ألم يراسل رسول الله صلى الله عليه وسلم الملوك والرؤساء؟ ألم يعقد الاجتماعات مع الوفود بعد فتح مكة وغزوة تبوك ويقبل الجزية؟".
من جانبه رد
الدكتور كمال الهلباوى، القيادي السابق بجماعة الإخوان، إن تصريحات بعض قيادات الدعوة السلفية، حول عدم فصل الدين عن السياسة هي مفاهيم مغلوطة، فالدين عبارة عن قيم، وتظهر هذه القيم في النواحي السياسة والاجتماعية والاقتصادية. وأضاف القيادي السابق بجماعة الإخوان، أنه لا يجوز استغلال الدين في الانتخابات البرلمانية، ويظهر لنا من يتكلم باسم الله على الأرض بدعوى أنه يمثل الدين، موضحا أن هناك عدة مذاهب في الإسلام، ولا يوجد نسخة واحدة من الفقه، كي يتحدثون حول عدم الفصل بين الدين والسياسة.
وفى نفس السياق قال
قال الشيخ أسامة القوصي، الداعية السلفي، إنه لا يوجد شيء اسمه سياسة إسلامية أو صناعة إسلامية أو زراعة إسلامية، فكل هذه الأمور لها قواعدها الدينية "داعيا الدعوة السلفية أن تحل نفسها بنفسها، وينضم شيوخها إلى وزارة الأوقاف، أو الأزهر الشريف، أو المؤسسة الدينية الرسمية. وأضاف القوصي في تصريحات خاصة :"أنصح حزب النور أن يحل نفسه بنفسه، ويرجع إلى أبناء الوطن، فلا يوجد شيء اسمه سياسة إسلامية، فحزب النور ديني ومن يشك في ذلك عليه أن يعرض نفسه على طبيب". وأكد أن حزب النور يكرر نفس أخطاء جماعة الإخوان بمشاركته في المشهد السياسي، موضّحًا أن هناك سلفيون منتمون للدعوة السلفية، لا يؤمنون بالممارسة الديمقراطية.
وفي وقت سابق أصدر
الداعية السلفي محمد سعيد رسلان فتوى جديدة له عبر موقعه الرسمي حرم فيها تأسيس الأحزاب السياسية، وبالأخص الأحزاب ذات التوجه الإسلامي، معتبرًا الأمر تشبهًا بالشيعة والخوارج.. ولم يكتف رسلان بتحريم تأسيس الأحزاب فحسب بل حرم الالتحاق بها والانضمام إلى فعالياتها، مطالبًا المواطنين بمقاطعة هذا العمل، واختص الداعية السلفي المقيم في المنوفية في فتوى سابقة له حزب النور؛ حيث أكد أنه حزب لا يمت للسلفيين بأي صلة ولا يجوز المشاركة فيه على وجه الخصوص لمتاجرته بدينه..
وفي نفس الصدد، كان
كان الشيخ محمود الرضواني- الداعية السلفي الشهير- قد أصدر فتوى هو الآخر حرم فيها المشاركة في الأحزاب السياسية، والتصويت في أي انتخابات، مهاجمًا هو الآخر حزب النور على وجه الخصوص، وحرم المشاركة فيه متهمًا إياه بأنه حزب إخواني تكفيري قطبي مُختفٍ في رداء السلفية.
وفي إطار التناقض الشديد الذي تشهده فتاوى شيوخ الدعوة السلفية، التي تحرم وتحلل كل شيء، وكأنهم نصبوا أنفسهم رسل الله على الأرض وأحكامهم واجبة التنفيذ، وتتغير أحكامهم وفق مصالحهم الخاصة، أطلق
"ياسر برهامي" أحد أقطاب الدعوة السلفية وحزب النور، الذي لم يهدأ يومًا بإصدار فتاوى شاذة تبعًا لأغراضه ومصالح حزبه، فتوى أخرى حرم خلالها الانتخابات البرلمانية بشكل عام، ومشاركة المرأة فيها بشكل خاص، تحت زعم أنها مفسدة للنفس وتضييع للوقت.
وجاءت فتواه متناقضة مع ما فعله حزب النور السلفي، والمحسوب عليه "برهامي"، إبان انتخابات برلمان 2012، فكانت المرأة متواجدة على قوائمهم الانتخابية وممثلة لعدة مناطق، ولم تخلُ قائمة للحزب من وجود امرأة واحدة على الأقل وكذلك في هذه الانتخابات التي يجري التصويت عليها في الشهر الجاري اكتوبر 2015.
وأكد فقهاء إسلاميون أنه لا صحة لفتوى "برهامي" ، فالمرأة لها حق العمل والمشاركة السياسية، وكان الرسول - صلى الله عليه وسلم- يأخذ بمشورة السيدة عائشة رضي الله عنها، واصفين فتاوى حزب النور السلفي بأنها "متنطعة".
وقال
أشرف سعد، العالم الأزهري، إنه لا صحة لما يروج له "برهامي" في أصل الدين، فوجود المرأة في البرلمان يشبه كل الأعمال في المجتمع التي تشارك فيها، مشيرًا إلى أنه ما يُحرم على المرأة فقط هو الخلافة ولا وجود للخلافة الآن، وأضاف أن حزب النور السلفي متأثر بالدعوة السلفية، لأنه خرج من رحمها وفتواها تؤثر بشكل كبير على الحزب، إلا أن الدخول في العملية السياسية يحتم عليه التخلي عن بعض المبادئ والمعتقدات.
وأشار إلى أن المرأة كانت موجودة على قوائمهم الانتخابية، وإن كانوا يخفون في قرارة أنفسهم فكرة إقصاء النساء، مؤكدا أن خطورة السلفيين باتت أشد من خطورة الإخوان وهم أكثر "غباءً" منهم.
وأكد
أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، أنه لا صحة لما يروج له أصحاب الدعوة السلفية، فالمرأة في الإسلام لها حق المشاركة المجتمعية والسياسية، كما أنه لا يوجد نص قرآني أو سني يحرم وجود المرأة في الانتخابات، بما يدل على إجازته، فضلا على أن الإسلام ساوى بين الرجل والمرأة في كل شيء.
وأعطى مثالا على ذلك بالسيدة "أم سلمه" رضي الله عنها، حين أشارت على النبي "محمد" صلى الله عليه وسلم، أثناء "صلح الحديبية" بأن يخرج إلي الناس ويحلق رأسه كي يتحلل من الإحرام، ويذبح أضحية أمام الناس الذين يريدون أداء فريضة الحج شوقًا للبيت الحرام، وأخذ النبي بمشورتها.
وأضاف أن السيدة عائشة رضي الله عنها، كانت لها آراء عديدة فيما يخص السياسية، وكانت من الصحابة الذين يُؤخذ برأيهم في كل الأمور أثناء خلافة الإمام علي بن أبي طالب.
وأكد أن المرأة لها دور سياسي ومجتمعي كبير، مشيرًا إلى قول النبي – صلى الله عليه وسلم- "لا يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة" الذي يستدل به المتنطعون من السلفية خاص بابنة الملك "كسرى" حاكم الروم، فهو مقيد على تلك الحالة وليس مطلقا في كل الحالات.
وأوضح أنه إذا كان هناك في الماضي إقصاء للمرأة، فإن حقوق المواطنة تتفق مع الشريعة الإسلامية، ولا تنكر على المرأة حقها في المشاركة السياسية، مصداقًا لحديث "ابن القيم" الذي قال فيه: "حيثما كانت المصلحة فثم شرع الله".
وعن رؤية السلفية "المدخلية" او ما يطلق عليهم "الرسلانيين" نسبة للشيخ السلفي محمد سعيد رسلان، للسلفيين والانتخابات والوضع السياسي الحالي، يقول
هشام محمد زكي، أحد مؤسسي التيار الرسلاني في بني سويف، مدرس لغة عربية إعدادي بقرية كوم أبو خلاد بمركز ناصر: "نحن نرفض الخروج على الحاكم، والإمام أحمد بن حنبل رغم ما تعرض له من إيذاء وتعذيب أثناء فتنة القول بخلق القرآن إلا أنه أمر بالسمع والطاعة للحاكم، وإذا قارنا اليوم بين السيسي والحكام المعتزلة في عهد أحمد بن حنبل، لرأينا مدى أفضلية الرئيس عبدالفتاح السيسي".
وحول الانتخابات قال زكي: "لن نشارك في الانتخابات البرلمانية المقبلة، ونحن بعيدون عنها ولا نؤيد أحد من أي اتجاه في الترشيح أو الانتخاب فكلها مخالفات شرعية تغضب الله، وكنا نتمنى أن يقوم الرئيس السيسي بتعيين البرلمان كله من ذوي الكفاءة، فالانتخابات فتنة ولا يقرها الشرع، وكان المفروض على الرئيس أن يختار هيئة استشارية له من ذوي الكفاءة وليس هناك داعٍ لإجراء انتخابات برلمانية من الأساس".
وأضاف زكي: "الانتماء لأي حزب سياسي أو جماعة دينية، هو مخالفة للشرع ولما كان عليه السلف الصالح، فالسلفيون اليوم وحزب النور التابع لهم مخالفون لمنهج السلف، والسلفيون يشكلون خطرًا على الإسلام وعلى الشعب المصري، والدولة المصرية، أكثر من الأحزاب العلمانية، قال تعالى "ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا" (الروم 30)، فهذه الآية دليل صريح على خطأ تصرفات هؤلاء وتقسيمهم الأمة لأحزاب سياسية وجماعات دينية.
وتابع زكي أن الشيخ محمد حسان، الذي أيد تلك الأحزاب السلفية ورحب بتأسيسها ودعا للانضمام إليها، كان قبل ثورة 25 يناير من أشد المحاربين لفكرة الأحزاب، وقال وأفتى بتحريمها، وذلك مسجل له بالصوت والصورة، موضحا أن الشيخ محمد حسان أيضًا كان يحرم التظاهر في عهد مبارك ويحرم الخروج على الحاكم، ولكن بعد ذلك رأيناه يقف مع الإخوان والجهاديين والسلفيين في خندق واحد في عهد محمد مرسي، عند جامعة القاهرة، ويتظاهر ويقود المسيرات، وأصبح مؤيدًا لفكر الخوارج، بحسب قوله.
واختتم زكي: "نحن كأتباع لفكر الدكتور محمد سعيد رسلان، نحرم الدعاء على الحاكم أو السلطان، ونرى أنه من السنة الدعاء له، والبدعة كل البدعة في الدعاء عليه".