العقل والخيال المفقود في محاربة التطرف

الخميس 10/مارس/2016 - 09:46 م
طباعة
 
بدعوة كريمة من مركز القدس للدراسات السياسية شاركت مؤخرًا في مؤتمر حول صورة الآخر في المناهج التعليمية في العاصمة اللبنانية بيروت، بمشاركة عدد من المفكرين والمثقفين ونواب برلمانيين يمثلون 6 دول عربية وهى لبنان، الأردن، العراق، فلسطين، سوريا ومصر،  من أجل التوصل إلى استراتيجية واضحة لتنقيح المناهج التعليمية من الأفكار المتطرفة، والتي تعد بيئة خصبة لظهور التنظيمات الإرهابية مثل تنظيم الدولة الاسلامية "داعش".
وانصبت الانتقادات على حشو المناهج التعليمية بالأفكار التي تحض من الآخر، سواء المختلف في الدين، أو المذهب، أو النوع الاجتماعي، وبالرغم من الحديث المستمر عن التعددية وقبول الآخر واحترام الاختلاف، إلا أن الأنظمة العربية المستبدة اعتادت على إقصاء المختلف معها، تحت مزاعم مختلفة، وتعزيز ثقافة الرأي الواحد، وما ترتب عليه من تغير الخريطة السياسية والديموغرافية للمنطقة العربية بعد ما أطلق عليه "ثورات الربيع العربي".  
الغريب في الأمر انه بينما كانت الانتقادات تتوالى للحكومات العربية بشان عدم جديتها في مكافحة التطرف واقتلاع الأفكار التي تسمح بظهور ارهابيين يثيرون قلاقل في المجتمعات العربية والأوروبية، كانت وسائل الاعلام اللبنانية تهتم متابعة الأزمة الخليجية مع لبنان، وتداعيات الموقف السعودي من وقف دعم الحكومة اللبنانية نتيجة عدم توافق المواقف السياسية بين بيروت والرياض، إلى جانب تسليط الضوء على محاولات تنظيم داعش بإقامة ما "إمارة اسلامية" في بن قردان التونسية، بعد محاولة فاشلة لاستهداف المقرات العسكرية في تونس.
ويبدو أنه لا توجد إرادة من البرلمانات والحكومات العربية لاقتلاع الأفكار المتطرفة من الجذور، وأصبح الأمر منصب على الاهتمام شكليا بمحاولة تطوير المناهج كي تتوافق مع المرحلة الراهنة، دون الاهتمام بالتطور العلمي الهائل ودون تطوير المناهج كي تتماشى مع النظم التعليمية الحديثة في الغرب، وكأن الأمر يقتصر على وضع عدد من الشعارات التي تعمل على تعزيز المواطنة والتعددية واختلاف التنوع الديني والسياسي، دون الانشغال بالمضمون، وكيفية تطويعه من اجل إعداد الأجيال القادمة بصورة أفضل تتناسب مع التطوير المذهل في مجال التعليم بالخارج.
حتى الآن لم تفرز لنا الحكومات العربية الحالية الخيال المرجو من الصورة المستقبلية للعالم العربي 2050، وهو ما يعزز من تكريس السياسات القمعية الحالية، وتطويع أدوات الحكم لخدمة الأنظمة دون احترام عقول المواطنين، ودون الاستغلال الأمثل للثروة البشرية الهائلة التي تتوفر فى المنطقة العربية.
  والتحدي الذي يفرض نفسه حاليا، هل تستطيع البرلمانات العربية من مناقشة أزمة التعليم بما يسمج بتطويره فى الشكل والمضمون أم لا؟، هل سيتم اطلاق الحرية الاكاديمية والتوسع فى حرية التعبير أم لا؟، وهل ستتمكن من تقديم حزمة تعديلات دستورية وقانونية على التشريعات الحالية لخدمة التعليم والبحث العلمي أم لا؟.
هذا هو الرهان!
لبنان الذى كان يشتهر بالتعددية أصبح يعانى من أزمة اقتصادية طاحنة وشغور منصب الرئيس وسط غياب التوافق السياسي حول مرشح معين، ومصر بلد الحضارة والثقل السياسي والدور الإقليمي المحوري تعانى من أزمات اقتصادية كثيرة ولاتزال مؤسسات الدولة فى مرحلة إعادة البناء، والسعودية مهتمة بأزمة اليمن وخلافاتها مع إيران، والأردن لديه مشكلة كبيرة بسبب تنامي عدد اللاجئين السوريين، أما فلسطين فلا تزال الأزمات الداخلية والخارجية تمنعها من تحقيق طموحات مواطنيها، أما عن سوريا فحدث ولا حرج، لا تزال أنقاض دولة فى ظل تقاطع المصالح الدولية والإقليمية واشتداد الحرب بالوكالة على الأراضي السورية، ناهيك عن الاستقطاب السياسي والطائفي فى العراق، وضربات الارهاب الموجعة لتونس، وتفكك الدولة الليبية، و....الخ
الخلاصة.. فى ظل كل هذه الأزمات هل ينجح العربي فى اقتلاع جذور التطرف أم يظل الأمر بحثا عن تغيير الصورة شكليا؟، وهل يستفيد العالم العربي من أخطاء الماضي ام لا، فالغرب استفاد من أفكار ابن رشد بشأن اعمال العقل، بينما تم حرق مؤلفات ابن رشد فى الشرق وإعلاء أفكار ابن تيمية الذي نهلت منه كل الجماعات والتنظيمات الإرهابية حاليا.
هل نتعلم الدرس؟
مجرد أمنية!

شارك