"بن علي يلديريم".. رجل أردوغان "المخلص" وذراعه السياسي الجديد

الأحد 22/مايو/2016 - 03:34 م
طباعة بن علي يلديريم..
 
أعلن الناطق باسم حزب "العدالة والتنمية" أن الحزب الحاكم عين وزير النقل التركي "بن علي يلديريم" الخميس الماضي 19 مايو 2016م، مرشحًا لخلافة رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو على رأس الحزب، على أن يكلفه الرئيس التركي لاحقًا بتشكيل حكومة جديدة.
وكان داود أوغلو أعلن قبل نحو ثلاثة أسابيع نيته في التنحي من قيادة الحزب والحكومة بسبب خلافات مع أردوغان، لكنه رفض في الوقت ذاته التطرق للخلافات، وقال إنه يفضل الإبقاء على "رفاقه أكثر من أي منصب".
وحذر أوغلو في مؤتمر صحفي في حينه من الإساءة لشخص أردوغان، وقال: إن "شرف الرئيس من شرفي ولن أسمح لأي شخص بأن يتحدث عنه".

مولده

مولده
ولد بن علي يلديريم في 20 ديسمبر 1955 في محافظة أرزنجان شمال شرق تركيا.

دراسته

انتقل يلدريم إلى مدينة إسطنبول في طفولته، وأنهى المرحلة الإعدادية في مدرسة "بيري ريس" عام 1970، وأتم المرحلة الثانوية في ثانوية "قاسم باشا" عام 1973، كما أدى الخدمة العسكرية عامي 1980 و1981.
وخلال هذه المرحلة تزوج من المدرّسة سميحة عام 1975، ولديه ثلاثة أولاد "بولنت، أرقم، بشرى"، كما أن لديه ستة إخوة.
كان يلدريم يرغب بدراسة الهندسة الميكانيكية، غير أن امتلاء المقاعد بالكلية بجامعة إسطنبول التقنية جعله يقدم على التسجيل بكلية العلوم البحرية وبناء السفن، بناء على نصيحة أحد المدرسين.
تخرج يلديريم في كلية العلوم البحرية وإنشاء السفن بجامعة إسطنبول التقنية، ثم انتقل إلى السويد حيث واصل دراسته بجامعة الملاحة البحرية الدولية التابعة للمنظمة الدولية للملاحة البحرية.

أعماله

بدأ يلدريم حياته العملية عام 1978؛ حيث شغل مناصب إدارية في المديرية العامة لصناعة السفن، وتعرّف خلال عمله في المديرية على الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان.
أُعجب أردوغان حينها بالمشاريع التي كان ينجزها يلدريم، وعندما اعتلى أردوغان منصب رئاسة بلدية إسطنبول، عيّنه مديراً لشركة الحافلات البحرية التابعة للبلديته. 
استمر يلدريم في ذلك المنصب بين عامي 1994 و2000، ونفذ خلال تلك الفترة مشروعات هامة من أجل تحويل وجهة النقل العام في إسطنبول باتجاه البحر، وتمكن من جعل "شركة الحافلات البحرية بإسطنبول"، بين أكبر الشركات في مجالها على مستوى العالم.
وحصل يلدريم عام 1999، على جائزة الجودة من نادي SKAL الدولي، بسبب إسهاماته في مجالي النقل البحري الجماعي، والسياحة.
وتولى يلدريم وزارة النقل لأطول فترة في تاريخ الجمهورية التركية، حيث تولى المنصب لمدة 11 عاما، في الحكومات رقم 58 و59 و60 و61 و62 و64 للجمهورية التركية.
وشهدت الفترة التي تولى فيها يلدريم وزارة النقل، التوصل لحلول للعديد من المشكلات التي استمرت لسنوات في مجالي النقل والمعلوماتية، كما شارف عدد من المشاكل الأخرى على الحل.
وفي فترة وزارة يلدريم، نفذ العديد من المشروعات في مجال النقل، ووضع حجر الأساس لعدد آخر منها. ومن تلك المشروعات، القطار السريع، وخط مترو "مرمراي"، الذي يعبر بين شطري إسطنبول الأوروبي والآسيوي أسفل مضيق البوسفور، وجسر "ياووز سليم" فوق مضيق البوسفور، ومطار إسطنبول الثالث، ونفق "أوراسيا" للسيارات الذي يمر تحت مضيق البوسفور.
ويقول يلدريم عن نفسه: "أتحدث قليلا، وأعمل بسرعة اسم عائلتي"؛ لأن "يلدريم" تعني الصاعقة باللغة التركية.
ويجيد يلدريم اللغة الإنجليزية بدرجة جيدة، ويحب المشي والسباحة.
وخلال فترته الوزارية، أُنجز 24 ألف و280 كم من الطرق الرابطة بين الولايات التركية، وخفضّت المسافات بين ولايات كبرى من خلال إنجاز مشاريع القطار السريع، الذي يربط بين أنقرة - أسكي شهير، وأنقرة - قونية، وأنقرة - إسطنبول، حيث جرى مد ألف و805 كم من خطوط السكك الحديدية، بينها ألف و213 كم للقطار السريع.
وأُنجز خط مترو أنفاق "مرمراي" الذي يربط بين الشطرين الآسيوي والأوروبي لمدينة اسطنبول، والانتهاء من مشروع الطريق الساحلي على البحر الأسود، وفتحه لخدمة المواطنين.
وأطلق مشروع خط سكة حديد دولي، يربط بين باكو (أذربيجان)- تبليسي (جورجيا)- قارص (تركيا)، الذي من المتوقع أن يدخل الخدمة نهاية العام الحالي.
كما أُطلق، في عهد يلدريم، مشروعا الجسر المعلق الثالث "السلطان ياوز سليم" (سليم الأول العثماني)، الواصل بين شطري إسطنبول، و نفق "أوراسيا" المخصص للمركبات في مضيق البوسفور باسطنبول، الذي سيربط بين طرفي المدينة.
كما أن جسر "عثمان غازي"المعلق، والمار فوق خليج إزميت، شمال غربي تركيا، وصل إلى المراحل الأخيرة من الاكتمال. ويربط الجسر بين ولايتي كوجا إيلي، ويالوفا، شمال غربي تركيا، ويعد رابع أطول جسر معلق في العالم.

"العدالة والتنمية"

العدالة والتنمية
أسهم يلدريم في تأسيس حزب "العدالة والتنمية" مع الرئيس رجب طيب أردوغان، وأصبح بعد الانتخابات البرلمانية، التي أجريت في 3 نوفمبر 2002، نائبًا في البرلمان عن إسطنبول، ووزيرًا للمواصلات.
اختار حزب "العدالة والتنمية" يلدريم للترشح نائبًا عن مدينة إزمير، التي كانت متأخرة في مجال البنى التحتية والمواصلات، وتغير وجه المدينة بمشاريع اقترحها يلدريم، مثل القطار السريع وتقوية البنية التحتية والانترنت وخدمات الخطوط الجوية التركية والطرق السريعة.
واستطاعت هذه المشاريع الصناعية والصحية والتعليمية التي أنجزتها أن تفتح مدينة إزمير لحزب العدالة والتنمية، التي كانت عصية عليه في الفترات السابقة، ولم يكن يتوقع أحد أن يفوز فيها بالانتخابات.

رجل "أردوغان" المخلص

يوصف "بن علي يلدريم"، بأنه رجل الرئيس، رجب طيب أردوغان، المخلص؛ ذلك لأنه لازمه منذ أن كان أردوغان رئيسا لبلدية اسطنبول، وتأسيسه حزب العدالة والتنمية عام 2001، وكان مستشارًا له وموضع ثقته، طوال هذه المدة.
ترشح في يلدريم مارس 2001 لرئاسة بلدية إزمير، ولكنه أخفق في ذلك، واختاره أردوغان بعدها ليكون مستشارًا له في مجال الاستثمار.
وكان اسمه واردًا لخلافة أردوغان في رئاسة حزب العدالة والتنمية، وتولي رئاسة الوزراء أيضًا، لكن مؤتمر الحزب اختار أحمد داود أوغلو، وبقي يلدريم في منصبه وزيرًا للمواصلات.

ماذا قالوا عنه؟

ماذا قالوا عنه؟
يقول محللون: إن يلدريم هو رجل تكنوقراطي لا يمتلك أي موقف واضح حول القضايا المثيرة للجدل.. لديه القليل الكاريزما ولا يمتلك مجموعة من الأنصار وراءه، يُعرف عنه التحدث ببطء، على الرغم منه أنّه بارع في الحديث، يلدريم هو الشخص المثالي الذي يعمل كثيرًا، ويتحدث قليلًا، كما وصفه أحد مؤيدي أردوغان عندما تحدث عن توقعات الحزب حول رئيس الوزراء الجديد.
وهذا هو السبب في أن بعض المعلّقين السياسيين الأتراك قد اقترحوا مؤخرًا أنّه مع رحيل داود أوغلو ووصول يلدريم، أصبح منصب رئيس وزراء تركيا مثل "كرات العث" على حد وصفهم، من الآن فصاعدًا، سيتحول رؤساء الوزراء إلى مساعدين للرئيس، الذي يمتلك كل السلطة السياسية.
ومن الممكن أن يحل مكتب رئيس الوزراء في وقت قريب إذا حصل أردوغان على النظام الرئاسي بموجب صياغة دستور جديد، حيث كان أحد الشكاوى من داود أوغلو أنّه تحدث فقط عن هذا التحوّل، ومن المتوقع أن يكرس يلدريم نفسه لهذا الهدف، والذي سيصل سوف إلى حدّ إلغاء منصب يلدريم.
ويرى محللون أيضا أن أردوغان والمرشح الجديد لخلافة داود أوغلو في رئاسة الحزب والحكومة، قد يتفقان فكرياً حول مسألتي تغيير دستور البلاد، والانتقال بالبلاد من النظام البرلماني القائم، إلى النظام الرئاسي المنشود في تركيا.

ترشحه لرئاسة الوزراء

في أعقاب استقالة داود أوغلو، بسبب خلافاته مع أردوغان، ترددت شائعات عن تعيين صهر أردوغان لرئاسة الوزراء، ولكن الاختيار وقع على يلدريم، الذي ما زال مقربا من الرئيس ويكاد يكون في الدرجة الأولى منذ فترة حكمه.
وصرح الرئيس التركي، أنه سيكلف بن وزير الاتصالات علي يلدريم بتشكيل الحكومة الجديدة فور استقالة أحمد داود أوغلو، من رئاسة حزب "العدالة والتنمية" الحاكم في تركيا.
وقال أردوغان: "إن المؤشرات تدل على وجود إجماع كبير في صفوف حزب العدالة والتنمية على التوجه إلى المؤتمر العام بمرشح واحد لرئاسة الحزب".
يشار إلى أن النظام الداخلي للحزب الحاكم في تركيا ينص على أن يتولى رئيس الحزب رئاسة الحكومة.
وقال يلدريم في خطاب ألقاه بعد ترشيحه: "سنعمل بانسجام تام مع كل الرفاق في الحزب على كل المستويات، بدءا برئيسنا المؤسس والقائد رجب طيب أردوغان"، الذي رافقه منذ انتخاب الأخير رئيسًا لبلدية اسطنبول في عام 1994، قائلا: "ليس هناك أي خلاف بيني وبين الرئيس حول أي نقطة". 
ويرى مراقبون أن المهمة الرئيسية لرئيس الحكومة ستكون تنفيذ مشروع التغيير الدستوري الذي يريده أردوغان لتحويل النظام السياسي التركي إلى نظام رئاسي.
وكان البرلمان التركي  أقر إصلاحًا دستوريًّا مثيرًا للجدل يرمي إلى رفع الحصانة عن نواب مهددين بإجراءات قانونية بحقهم، بينما تعيش البلاد على وقع معارك دامية بين قوات الأمن التركية ومتمردي حزب العمال الكردستاني.

شارك