الإخوان في الأردن يرفعون الراية البيضاء.. إسقاط تيار الصقور والمشاركة بالانتخابات

الإثنين 13/يونيو/2016 - 03:01 م
طباعة الإخوان في الأردن
 
أعلنت جماعة الإخوان المسلمين في الأردن، غير المرخصة، تشكيل "لجنة مؤقتة" لإدارة شئونها، بقيادة عبدالحميد الذنيبات، خلفاً لقيادتها السابقة وهو ما يعتبر لجنة عزل للراقب العام همام سعيد، بالتزامن مع إعلان "حزب جبهة العمل الإسلامي"، الذراع السياسية للجماعة المشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة.

قيادة جديدة

قيادة جديدة
أعلن المكتب الإعلامي لجماعة الإخوان المسلمين، عن تشكيل اللجنة المؤقتة لإدارة الجماعة، برئاسة النائب السابق المهندس عبدالحميد إبراهيم الذنيبات، بدلًا من المراقب العام الحالي همام سعيد، والذي يحسب على تيار الصقور.
الجماعة وبثقة مرصودة أظهرت قدرة كبيرة على المرونة والتكتيك السياسي والتنظيمي، فبقرار واحد مرتبط بأجندة الجماعة الزمنية نفسها وليس غيرها تم عملياً «حل القيادة» الحالية وتشكيل لجنة مؤقتة تدير الجماعة إلى أن تحصل فيما يبدو انتخابات داخلية جديدة، على أمل تخفيف التوتر مع السلطات بعد إغلاق المقرات واعتبار الجماعة غير قانونية وغير مرخصة.
وتم اختيار ستة أعضاء من الشخصيات غير المعروفة كثيرًا على المستوى السياسي ولا علاقة لها بالأزمة مع السلطات وتغلب عليها الشخصيات المعتدلة جدًّا والمسيسة.
والستة الذين تم اختيارهم لإدارة الجماعة هم كل من المهندس عزام الهنيدي نائباً لرئيس اللجنة، والمهندس بادي الرفايعة أميناً للسر، وبعضوية كل من الدكتور شاكر الفياض الخوالدة، والدكتور المهندس محمد الشحاحدة، والأستاذ زياد الميتاني، والدكتور رامي ملحم، والمهندس عارف حمدان، والأستاذ معاذ الخوالدة.
وأضافت: "إذ تعلن الجماعة عن ذلك؛ ليتقدم الأخ الرئيس من الإخوة فضيلة المراقب العام السابق د. همام سعيد وأعضاء المكتب السابق بالشكر والتقدير على جهودهم الخيرة في قيادة الدعوة عن المرحلة السابقة". وجاء في بيان الجماعة، أنها اختارت عزام جميل الهنيدي نائباً للرئيس، وبادي محمد الرفايعة أميناً للسر، وعضوية شاكر الخوالدة ومحمد الشحاحدة وزياد الميتاني ورامي ملحم وعارف حمدان ومعاذ الخوالدة.
بموجب الترتيب الجديد في المطبخ الإخواني يترجل الشيخ همام سعيد عن موقعه كمراقب عام بعد سلسلة طويلة من الاتهام له بخطف الجماعة، وتشكيل جماعة سرية داخلها، ثم يبتعد تكتيكيًّا عن الأضواء الشيخ زكي بني إرشيد نائب المراقب العام والرجل الثاني.
ابتعاد الثنائي "سعيد وبني إرشيد" يعني أن الجماعة تتقدم خطوة باتجاه طلب التحاور والتلاقي في مسافة منطقية من التفاعل مع المعطيات الإقليمية والداخلية والأهم يعني أن الجماعة لا تميل للمواجهة والتصعيد.
وفاجأ هذا الإعلان جميع الأطراف السياسية في البلاد، إذ وضع في قيادة الجماعة مؤقتًا، نخبة من القيادات المسيسة والنقابية والوسطية التي تستطيع تحقيق نوع من التواصل مع الدولة في هذه المرحلة الحرجة للجماعة، بحسب ما ذكر مراقبون.
وكان الأمن الأردني قد أغلق في 13 أبريل الماضي مقر جماعة الإخوان الرئيسي في عمان بالشمع الأحمر، ثم أغلق مقرها في جرش. وأعلنت الجماعة أن قوات الأمن أغلقت خمسة مقرات لها بالشمع الأحمر في شمال وشرق وجنوب المملكة.
وتعتبر السلطات أن الجماعة باتت غير قانونية لعدم حصولها على ترخيص جديد بموجب قانون الأحزاب والجمعيات الذي أقر في 2014. لكن الجماعة تقول إنها سبق أن حصلت على الترخيص في عهدي الملك عبد الله الأول عام 1946 والملك حسين بن طلال عام 1953.

سبب اختيار الذنيبات؟

سبب اختيار الذنيبات؟
جاء اختيار النائب السابق في البرلمان الأردني المهندس عبد الحميد الذنيبات لرئاسة اللجنة المؤقتة لجماعة الإخوان، أولًا لمحاولة ترطيب "الأجواء" داخل الجماعة باعتبار الرجل محسوبًا على خط الاعتدال، وله موقف موضوعي- إن لم أقل محايدًا- من ملفات "إشكالية"، مثل العلاقة مع حماس.
والأمر الآخر والأهم أن موقف عبد الحميد الذنيبات من الدولة الأردنية منذ أن كان نائبًا اتسمت بالتوازن والهدوء، وبالتالي فإن اختياره قد يكون رسالة حسن نوايا تجاه القواعد الإخوانية التي شعرت بالقلق من القيادات السابقة، وأيضًا تجاه الدولة التي يبدو أنها حسمت موقفها من الجماعة أو أوشكت على ذلك، عبر إشهار مراجعات حقيقية تفصل فيها بين النشاط الدعوي والنشاط السياسي، عادة "التوافق" إلى داخل الجماعة، خاصة مع تيار الحكماء وبعض القواعد الشبابية، وهو الأمر الذي عكسته قرارات شعبة الكرك التي انحازت للجمعية المرخص، ومن المتوقع أن تنضم شعب أخرى إذا ما استمرت الأزمة وتعمقت داخل الجماعة.
فوق ذلك يمكن القول: "إن الشيخ عبد الحميد الذنيبات من الشخصيات المعتدلة جداً، والتي يمكن أن تكون مقبولة في حالة إقامة حوار جانبي يعيد ملف الجماعة من المربع الأمني للمربع السياسي، خصوصاً وأن وزير الداخلية الأردني سلامة حماد لا يبدو عدائياً تجاه الجماعة، كما أن رئيس الوزراء الجديد هاني الملقي لم يصدر عنه ما يوحي بالعدائية حتى الآن على الأقل".
كما يأتي رد اختيار عبد الحميد الذنيبات جاء كرد من الجماعة "غير مرخصة" على عبد المجيد الذنيبات المراقب العام لجمعية الإخوان المسلمين المرخصة، بما يعنيه ذلك من ارتكاز على البعد "العشائري" الذي تحرص الجماعة على استدعائه عندما تحاصرها الأزمات، فالزعيم المؤقت الجديد لمطبخ الإخوان المسلمين موثوق جداً بالنسبة لأطر الجماعة وقياداتها ويرد في الوقت نفسه على ابن عشيرته الذي خذل الجماعة، وانسحب معها، ويسعى حالياً لإغلاق كل مقراتها المراقب العام الأسبق الشيخ عبد المجيد الذنيبات.
ولا يوجد في سجل الزعيم المؤقت الجديد للإخوان المسلمين ما يوحي بالتأزيم مع السلطة أو ما يسجل ضده، لكن اللجنة المؤقتة أيضاً حفلت بالرموز المعتدلة والتي سبق أن أدارت حوارات مع طغيان واضح للتركيبة البرلمانية على اللجنة عنوانه هذه المرة نائب رئيس اللجنة المؤقتة الشيخ عزام الهنيدي، وهو رئيس سابق لكتلة الجبهة الإسلامية في البرلمان الأردني، إضافة لتسعة مهندسين نشطاء في جانب النقابات المهنية تسلموا السلطة التنفيذية المؤقتة للجماعة وعلى رأسهم النقابي البارز بادي الرفايعة.

المشاركة في الانتخابات

المشاركة في الانتخابات
كما أعلن محمد الزيودي الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي- الذراع السياسي لجماعة الإخوان في الأردن- أن الحزب سيشارك في الانتخابات البرلمانية المقبلة المقررة في 20 سبتمبر بعد أن قاطع معظم الدورات الانتخابية السابقة، وسط أزمة قانونية مع الحكومة الأردنية، وفي ظل تراجع شعبية الإخوان في المملكة، وفي المنطقة ككل.
وكان قرار المشاركة في الانتخابات متوقعاً، في ضوء اتساع الفتور السياسي بين الحزب والمؤسسة الرسمية منذ بداية «الربيع العربي» في المنطقة، ومهّدت له قيادات حزبية عبر بوابة القبول المبدئي بقانون الانتخاب الذي ترك نظام الصوت الواحد. وأعرب الحزب مرات عن رغبته في كسر المقاطعة للانتخابات، بعد تشكيك لسنوات في نزاهتها.
وأكدت قيادة الحزب في مؤتمر صحافي عُقِد أمس في مقره في العبدلي، وسط عمان، حرصها على المشاركة في الانتخابات؛ نظراً إلى الأزمة التي تمر بها المنطقة، نافية أن يكون القرار بموجب «تسوية» سياسية مع المؤسسة الرسمية في الأردن.
وقال الأمين العام للحزب محمد الزيود خلال المؤتمر: «ليست لدينا أي تسوية. نعمل في الهواء الطلق». وذكر أن الحزب استند إلى موافقة 76 في المئة من كوادره وقواعده، إلى جانب موافقة 81 في المئة من عيّنة وطنية شملها استفتاء ضم شخصيات بارزة في البلد.
وكشف الناطق الإعلامي باسم الحزب مراد العضايلة أن جماعة «الإخوان» التي تصفها الحكومة الأردنية بأنها غير قانونية، كانت بين الجهات التي شملتها المشاورات قبل قرار التخلي عن مقاطعة الانتخابات. ولم تُخفِ قيادة الحزب موقفها المتشدّد من رفض أي تدخُّل محتمل في الاقتراع، تاركةً الباب مفتوحاً أمام الانسحاب أو إعادة النظر في حجم المشاركة، في حال رصد أي تجاوزات قانونية في العملية الانتخابية. وكان البرلمان الأردني أقر في مارس الماضي قانون انتخاب جديداً، تخلى عن نظام الصوت الواحد ضمن الدوائر الانتخابية الضيقة، واعتمد نظاماً يضمن للناخب الصوت المتعدد للقائمة النسبية المفتوحة، على مستوى حدود الدائرة.
ويرى المراقبون أن الإعلانين يَصُبَّان في خانة واحدة، فقرار اللجنة المؤقتة ينطوي على رسالة سلام وهدوء وانحناء للعاصفة بدلًا من مواجهة مفتوحة مع السلطات، خصوصًا عشية الانتخابات المقبلة التي اعتبر الإخوان أن المشاركة فيها قد تكون الخيار الأمثل بدلًا من المقاطعة.
وكانت جماعة الإخوان في الأردن قاطعت آخر ثلاثة انتخابات برلمانية وبررت مقاطعتها لآخر دورة انتخابات منها، والتي جرت في يناير 2013، بما اعتبرته آنذاك "عدم وجود إرادة حقيقية للإصلاح في المملكة"، لكن يبدو أن المجموعة التي انشقت عنها، وأسست "جمعية الإخوان" ترغب في سلك نهج آخر مع السلطات في الأردن.

صراع داخلي

صراع داخلي
ومنذ مارس 2015، تشهد جماعة الإخوان المسلمين في الأردن خلافات مع أعضاء قياديين سابقين فيها، وعلى إثرها قام هؤلاء الأعضاء المنشقون بتأسيس جمعية جديدة باسم "جمعية الإخوان المسلمين".
وتقدم عدد من قيادات الجماعة في الأردن وعلى رأسها عبدالمجيد الذنيبات بطلب إلى رئاسة الوزراء لتصويب أوضاع الجماعة وتنظيمها وفق القانون، وأعلنت هذه القيادات أن ما تقدمت به هو مبادرة مستقلة، وأنها فعلت ذلك بعدما فشلت في إقناع قيادة الجماعة بتوفيق أوضاعها وفق القانون.
وفي تاريخ 3 مارس 2015 أعلنت وزارة التنمية الاجتماعية في الأردن عن تسجيل جماعة الإخوان المسلمين كجمعية اجتماعية دعوية، وحصل القائمون على الجمعية على ترخيص رسمي من السلطات الأردنية، معتبرين أن هذه الخطوة تصويب للوضع القانوني لجماعة الإخوان في الأردن، وبموجبه أُلغيت تبعية جماعة الإخوان في الأردن للجماعة الأم في مصر.
وتشهد الجماعة منذ ذلك الحين خلافات مع أعضاء قياديين سابقين فيها، اعتبروا أن خطوة تأسيس جمعية الإخوان "انقلاب على شرعية الجماعة وقيادتها المنتخبة وفق اللوائح الشورية داخلها".
وتعتبر السلطات أن الجماعة باتت غير قانونية لعدم حصولها على ترخيص جديد بموجب قانون الأحزاب والجمعيات الذي أقر عام 2014.
وكان العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني أصدر الأربعاء قراراً ملكياً يقضي بإجراء الانتخابات النيابية في البلاد. وبعيد القرار الملكي قرار مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخاب اعتبارًا من يوم الثلاثاء 20 سبتمبر 2016 يوما للاقتراع والفرز في كافة الدوائر الانتخابية في المملكة.
وحل الملك عبدالله الثاني مجلس النواب نهاية مايو الماضي، وبناء على ذلك أقال حكومة عبدالله النسور كاستحقاق دستوري، وكلف هاني الملقي بتشكيل حكومة جديدة.

المشهد الأردني

المشهد الأردني
يبدو أن جماعة الإخوان "غير شرعية" قد قررت التراجع أمام خسائرها الإخوان في الوطن العربي، واتخاذ طريق حركة النهضة في تونس بالتراجع خطوة إلى الوراء أفضل من الغرق في دوامة السقوط الشعبي، كما حدث للجماعة الأم في مصر، وقرار المشاركة في الانتخابات النيابية، مع تعيين إدراة جديدة للإخوان وسيطة وليست من تيار الصقور يشير إلى أن الإخوان في الأردن قررت المهادنة واختيار البقاء على السقوط في دوامة النسيان.. فهل سيتقبل الشارع الأردني الجماعة "غير شرعية"، في ظل وجود جمعية "الإخوان المسلمون" المرخصة من قبل الحكومة الأردنية؟

شارك

موضوعات ذات صلة