كتاب يناقش السلطة السياسية وحماية الإصلاح من السلطة الدينية

الأربعاء 23/يناير/2019 - 01:59 م
طباعة كتاب يناقش السلطة روبير الفارس
 
.بمناسبة مرور 500 عاما علي الاصلاح الانجيلي الذى قاده مارتن لوثر . صدر عدد من الكتب التى تحي تاريخ الاصلاح وتبحث عن اثره . وكان من  واهمها كتاب " الاصلاح الديني بين الغرب والشرق " للقس رفعت فكري  وقدم له الفيلسوف الكبير الدكتور مراد وهبه وجاء في تقديمه المهم 

خمسة ازمنة 
هذا الكتاب يصدر فى خمسة أزمنة متلازمة: الزمن الأول: هو زمن الاحتفال بمرور خمسة قرون على الإصلاح الدينى بقيادة لوثر, والزمن الثانى: هو زمن هيمنة الأصولية الدينية على عقول سكان كوكب الأرض، وإن شئنا الدقة قلنا إنه زمن الإرهاب باعتبار أنه أعلى مراحل هذه الأصولية, والزمان الثالث: هو زمن التجديد الدينى, أو الإصلاح الدينى, أو ما شابه ذلك من مصطلحات, والزمن الرابع: هو الزمن الذى ندعو فيه إلى تأسيس الرشدية العربية, التى من شأنها أن تُدخلنا فى حوار مع الرشدية اللاتينية التى أخرجت أوروبا من العصور الوسطى المظلمة, إلى العصور الحديثة المتنورة, والزمن الخامس: هو زمن الرئيس عبد الفتاح السيسى, الذى من غيره لا يمكن أن يتم أى إصلاح للفكر الدينى، إذ شرط هذا الإصلاح، فى رأى صاحب هذا الكتاب كما هو فى رأينا، يتم بسُلطة سياسية علمانية, وهذه السُلطة هى كذلك الآن.
  ومع ذلك كله, فإن هذه الأزمنة الخمسة تستلزم إفاقة المثقفين من سُباتهم الدوجماطيقى, ومن هنا فإن صاحب هذا الكتاب يؤنبهم بل يحذرهم من فقدان صفتهم كمثقفين إذا لم يفيقوا, وهذا التأنيب بل هذا التحذير الذى قال به صاحب هذا الكتاب فى سياق الأزمنة الخمسة هى على النحو الآتى:
"كل مثقف لا يعتبر مشكلة الأصولية الدينية بمثابة المشكلة الأساسية لعصرنا الحديث لا يمكن أن يكون فى عداد المثقفين بأى حال من الأحوال". 
  
فهل يستجيب المثقفون لهذا النداء؟
  إذا استجابوا فيها ونعمت، أما إذا لم يستجيبوا فنهاية الحضارة قادمة بلا مقاومة.
وهذا هو مغزى هذا الكتاب فى الأزمنة الخمسة المتلازمة.
ويري القس رفعت ان تاريخ الاصلاح يسبق مارتن لوثر فيقول في الفصل الاول الذى جاء تحت عنوان 

إنجيليون منذ القرن الأول
  يقول البعض: إن يوم 31 أكتوبر سنة 1517 ليس هو اليوم الحقيقي لبداية الإصلاح, وذلك لأن فكر الإصلاح كان موجودًا بالفعل قبل أن يعلق "مارتن لوثر"  (1483- 1596), أطروحاته الخمسة والتسعين على باب كنيسة ويتنبرج, فالبعض يقولون: إن الإصلاح ابتدأ في عهد "جون ويكليف" (1325- 1384 ), أو "جون هس" (1369- 1415), قبل لوثر بحوالي مائة عام, ويقول آخرون: إن الإصلاح ابتدأ مع أنسليم في القرن الثاني عشر, حيث ابتدأ يعمل على فكرة التبرير القانوني أو الشرعي, وآخرون يقولون: إنه ابتدأ مع أغسطينوس في القرن الخامس عندما قاوم بلاجيوس حول عقيدة الخطية الموروثه في الإنسان, لكن في كل الأحوال ظل وسيظل يوم الحادي والثلاثين من أكتوبر, هو العيد الذي يحتفل فيه العالم بالإصلاح الإنجيلي, فهو بحق التاريخ الفعلي لميلاد الإصلاح البروتستانتي, وهو يٌعتبر نقطة تحول في التاريخ, ليس بالنسبة لتاريخ الكنيسة فحسب, بل نقطة تحول في حضارة الغرب أيضًا, إنه اليوم الذي أثار فيه الراهب الألماني (مارتن لوثر) عدة أسئلة وتقارير ضد بيع صكوك الغفران, وسمرها وعلق قضاياه الخمس والتسعين على أبواب كاتدرائية (وتنبرج) , ولكن القارئ للكتاب المقدس, ولتاريخ كنيسة العهد الجديد سيجد "أن جذور الفكر الإنجيلي موجودة في الكنيسة منذ عصرها الأول, ولم تفارقها في وقت من الأوقات, لأن الكنيسة مؤسسة على الإنجيل, لكن ظروفًا متنوعة, كانت تلقي ظلالًا وغبارًا على نقاوة الفكر الإنجيلي في الكنيسة بين حين وآخر, وفي كل عصر من العصور, نستطيع أن نجد نفرًا من رجال الله, يسعون لإحياء الميراث النقي الذي تسلموه من المسيح رب الكنيسة, ورسله الأطهار, ليحيوه من جديد, ويزيلوا ما تراكم عليه من عادات وتقاليد وثنية على مر الأيام والسنين, كان هؤلاء ينجحون تارة, ولفترة من الزمن, وتارة أخرى يفشلون, أو يتعرضون للمقاومة من سلطات الكنيسة الرسمية, التي كانت تسعى للحفاظ على مراكزها وسلطانها على الشعب" .
وقد نجح لوثر مع جهود من سبقوه ومن لحقوه, بأفكارهم الثورية التنويرية, بإعادة الفكر الإنجيلي إلى ماكان عليه في القرن الأول الميلادي.

السلطة السياسية وحماية الإصلاح من السلطة الدينية
هذا الفصل من اهم فصول الكتاب لانه يطرح اسئلة قوية ومهمة وصعبة في ذات الوقت منها هل كان يمكن للإصلاح الإنجيلي أن يحدث دون أن يجد مساندة من السلطة السياسية؟, وهل كان من الممكن أن يكون مصير لوثر هو نفس مصير من سبقوه ممن دعوا للإصلاح لولا مساندة ملك ساكسونيا له؟!! وهل نستطيع أن نقول: أن السلطة السياسية ساندت الإصلاح الإنجيلي نكاية في السلطة الدينية, ورفضًا لطغيان البابا؟ !! هذا ما سنحاول أن نناقشه. 
"فى عام 1521 أصدر البابا حكما بحرمان لوثر, وكان لوثر كان قد أصدر فى عام 1520 رسالة عنوانها "إلى النبالة المسيحية فى الأمة الألمانية", يحث فيها الامبراطور وأمراء ألمانيا على استعمال سلطانهم من أجل تخفيف الطغيان الدينى, ثم أصدر فى مارس 1923 كتابًا عنوانه:"عن السلطة العلمانية" وكان يقصد من هذا العنوان أن السلطة العلمانية المتمثلة فى الأمراء, قادرة على حماية الإصلاح الدينى, ومعنى ذلك أن ثمة علاقة عضوية بين الإصلاح الدينى والسلطة السياسية العلمانية, ومعنى ذلك أيضًا أن الإصلاح الدينى, لا ينشأ وينمو إلا فى مناخ علمانية السلطة السياسية. " .
في مدينة فورمس، حَملت الأركان الأمامية لقاعدة النصب التذكاري الذي يخلِّد ذكرى مارتن لوثر،" اسمَيْ أبرز زعيمين سياسيين للحركة البروتستانتية الألمانية، وهما: فيليب حاكم هيسي، وفريدريك الثالث الأمير المختار لساكسونيا الملقَّب بالحكيم؛ فدُونَ حماية الأمير فريدريك وورثته، لما أمكن للوثر أن يُفلت من المرسوم الذي صدر ضده وضد أتباعه في فورمس، ودُونَ النفوذ العسكري والسياسي الذي تمتَّع به فيليب — المناصِر للحركة البروتستانتية من بدايتها — لما أمكن للبروتستانتيين صَد محاولات الإمبراطور شارل الخامس لعرقلة حركة الإصلاح الديني" , وفي حقيقة الأمر نحن "لا نعرف إلا القليل كيف بدأت العلاقة بين لوثر والملك فريدرك, فإن البعض يعتقد بأن ملك ساكسونيا (فريدرك) سمع مرة لوثر يعظ فأُعجب به وقال: "إن هذا الراهب ليس إنسانًا جاهلًا", فارتبط به من ذلك الوقت, ويقول البعض الآخر: بأنه لم يره إلا مرة واحدة, والبعض الآخر يعتقد بأنه لم يتكلم مع المصلح أكثر من عشرين دقيقة, وعلى مايبدو فإن الملك فريدرك كان يحب لوثر ويحترمه كثيرًا فهو الذي سهل له وسيلة السفر, والعناية بحراسته في رحلته إلى هيدلبرج, ومن تلك اللحظة لم يتخل الملك فريدرك عن الدفاع عن المصلح والوقوف إلى جانبه"  . 
فعندما تم استدعاء مارتن لوثر في 7 أغسطس سنة 1518 ليحضر إلى روما, ومرفق مع الدعوة ورقة مكتوبة من "بريرياس", عنوانها: "محاورة ضد استنتاجات مارتن لوثر الوقحة" لكن اللغة كانت متطرفة جدًا وبروح متعجرفة, بحيث بالكاد يمكن تسميتها حوارًا, فقد ذَكرَت بوضوح أنه بسبب قوة البابا المطلقة, وعصمته من الخطأ, فلاضرورة للجدال مع هرطوقي, وعلم لوثر أن رحلته إلى روما ستؤدي به مباشرة إلى الحرمان الكنسي والموت, فاستأنف لدى الأمير الناخب فريدريك حاكم سكسونيا كي يتدخل, وعند هذه النقطة لعبت السياسة دورًا نافعًا, فكان البابا متشوقًا إلى كسب صداقة فريدريك, وكان الامبراطور مكسمليان مشرفًا على الموت, وكان في إمكان فريدريك أحد سبعة ناخبين,  أن يساعد جديًا في انتخاب الامبراطور التالي حسب رغبات البابا "ليو", لذلك لما طلب فريدريك أن تعقد جلسة الاستماع إلى لوثر في ألمانيا وافق البابا, عندئذ تلقي لوثر دعوة للمثول أمام الكاردينال كاجيتان الممثل البابوي في "أوجسبرج" بألمانيا يوم 12 أكتوبر سنة 1518, ولما كان كاجيتان على وعي بالعناصر السياسية في الموقف, صار على أتم استعداد للتفاهم مع لوثر, فكانت هناك ثلاث جلسات استماع حاول فيها كاجيتان اقناع لوثر بأن ينكر بياناته السابقة, أظهر لوثر نفسه كمن يرغب في تلقي العلم من العالم العظيم لكن ما لم يتبرهن الخطأ من الكتاب المقدس وتعاليم آباء الكنيسة, فليس في مقدوره أن يتخلى عن شئ, بالرغم من محاولات كاجيتان كي يتراجع لوثر عن موقفه, وازداد الحوار حدة قرب انتهاء الجلسة, لما شكك لوثر في عصمة البابا, بل ذهب بعيدًا إلى حد التأكيد على أن مجمع بازل كان مصيبًا في إصراره على أن البابا يمكن أن يخطئ, وعندما افترقا في اليوم الثالث, طلب كاجيتان من لوثر أن لايعود إلى أن يغير رأيه, حاول كاجيتان بعد ذلك أن يؤثر على لوثر عن طريق "ستوبيتز", الذي استطاع أن يقنع لوثر بأن يكتب خطاب اعتذار عن أسلوبه العنيد, لوثر كتب أيضًا لصديقه كارلستاد شارحًا انطباعاته عن كاجيتان,"قد يكون كاجيتان أحد المشهورين من أتباع توما الأكويني لكنه لاهوتي غامض ينقصه الذكاء,..... ومن هنا, فقيامه بإصدار حكم في هذه المسألة يقارن بحمار يعزف على قيثار", بناء على قرار كاجيتان طلب البابا من فريدريك أن يرسل لوثر إلى روما للمحاكمة, لكن فريدريك رفض قائلًا:"إنه يسلم لوثر فقط إذا ثبت أنه مذنب من قاض منصف أو من مجمع", لقد ربح لوثر الآن صديقًا قويًا وحليفًا هو فريدريك, أرسل البابا مندوبًا آخر في شخص"كارل فون ميلتيتز", بهدف كسب دعم فريدريك, وحثه على تسليم لوثر إلى أصحاب السلطة في روما, وقدم ميلتيتز "وردة من ذهب" إلى فريدريك كهدية, اعترافًا بخدماته للبابوية, لكنه وجد أن فريدريك يرفض تسليم لوثر, على أي حال أقنع ميلتيتز فريدريك أن يرتب لعقد اجتماع له مع لوثر, ولو أن أوامر البابا كانت أن لا يتعامل مع لوثر مباشرة, بل يعود بتقرير إلى روما, يبدو أن الاجتماع كان وديًا للغاية, فقد اتفق ميلتيتز ولوثر على أن يكف الجانبان عن الدعوة للقضية أو الكتابة عنها, إلى أن يمكن عرضها على أسقف "سالسزبورج" ,كذلك وعد لوثر أن يستحث الناس ليكونوا مخلصين للكنيسة, إنه أي لوثر يكتب إلى البابا باتضاع مُقرًا بأنه لم يكن لديه النية لإيذاء الكنيسة, لكن رسالة لوثر كانت تحتوي على دفاع قوي عن أعماله, وأن ميلتيتز بلغها للبابا بطريقة يُفهم منها أن لوثر تأسف لأعماله الهرطوقية, وكان البابا سعيدًا أن يصدق أحسن خبر ويرحب بعودة "الابن الحبيب" إلى الكنيسة.
في الواقع كان "ليو" مصممًا على اكتساب فريدريك إلى جانبه في الانتخابات الملكية, حتى أنه أهمل قضية لوثر لمدة سنة تقريبًا, ولما مات الإمبراطور الروماني مكسميليان الإمبراطور الروماني المقدس في يناير 1519 حول "ليو" كل جهده لإقناع فريدريك أن يكون مرشحًا, أو على الأقل مدعمًا لفرنسيس الأول حاكم فرنسا, بل عرض أن يُعين أحد أصدقاء فريدريك كردينالًا, (وقد تساءل المؤرخون عما إذا كان "ليو" قد فكر في لوثر), واختار الناخبون شارل الخامس ملك أسبانيا, الذي كان في الحقيقة, ألمانيًا, وكان تحت تأثير القادة الألمان إلى حد كبير جدًا, لقد أثار انتخاب شارل صعوبات جديدة للبابا, ليس أقلها التعامل مع المصلح الألماني مارتن لوثر" . 
"أرسل لوثر للبابا خطابًا, المفروض أنه قصد به كسب صداقته, لكن بعد الكلمات الرقيقة القليلة, وعبارات التحية, اندفع في هجوم معيب على البابوية,:"كنيسة روما سابقًا أقدس كل الكنائس, أصبحت مغارة لأعتى اللصوص الخارجين على القانون, أكثر وقاحة من كل بيوت الدعارة, المملكة الفعلية للخطية والموت والجحيم, حتى أن عدو المسيح, لو قدر له أن يأتي, ما كان يمكنه أي إضافة إلى شرها".......... مرسوم الحرمان كان في طريقه إلى لوثر, وبداية حقبة جديدة من الصراع والاختبار للوثر كانت وشيكة"  . 
"لم تجد الإدارة البابوية طريقًا آخر سوى حرمان الراهب الألماني, فلقد جعل الأمر واضحًا في ذلك الوقت, بأنه هو نفسه سيمضي في إصلاح الكنيسة ولو بدون الإدارة البابوية, إنه التجأ مباشرة إلى العلمانية, وكان هذا ذنبًا لا يُغتفر, أي الهرطقة الحقيقية, ولو أنها لم تكد تذكر في مرسوم الحرمان, مندوبو البابا أرسلوا لنشر المرسوم في كل أوروبا, لكنهم وجدوا معارضة متزايدة عند اقترابهم من المناطق الألمانية, في ليبزج رفض الحكام الإعلان عن المرسوم, في أمكنة أخرى أبادوها وشيعوا المندوبين بأغاني ساخرة, مجلس كلية ويتنبرج رفض أن ينشر المرسوم, عرضوه على الأمير فريدريك الحكيم الذي طلب مشورة ايرازموس, اقتراح ايرازموس أن جريمة لوثر تتضمن "المساس بتاج البابا المثلث ومعدة الرهبان", عندئذ قرر فريدريك رفض أي عمل ضد لوثر.... وتحت تأثير فريدريك الحكيم, أرسل شارل الخامس إلى لوثر, دعوة ليحضر إلى "دايت", ويوم 26 مارس نشر الياندر مندوب البابا أمرًا رسميًا لمصادرة مؤلفات لوثر واستدعائه إلى "ويرمز" ليسحب أقواله, لكن أصدقاء لوثر عندما تذكروا ماحدث لجون هس في مجمع كونستانس, حاولوا إقناعه بعدم الذهاب, لكنه أجاب:"حتى إذا كان هناك كثرة من الشياطين في "ويرمز" بعدد بلاطات الأسطح فما زلت أنوي الذهاب إلى هناك", وصل لوثر إلى "ويرمز" برفقة عدد من أصدقائه وظهر أمام الإمبراطور والمندوبين المجتمعين في يوم 17 أبريل, توقع أن ينهمك في مناقشات لاهوتية وكان مستعدًا للدفاع عن موقفه, بدلًا من ذلك أطلعوه على مجموعة من مؤلفاته وسألوه إذا كانت حقيقة من تأليفه, ولما قال إنها كتبه, سألوه إذا كان مستعدًا أن ينكر هذه الكتب أو أي شئ فيها, أجاب لوثر:" أنه في حاجة إلى بعض الوقت ليتبصر في إجابته", منحه المجلس 24 ساعة وبعد قضاء ليلة في الصلاة, رجع لوثر يوم 18 أبريل سنة 1521 وأذاع إعلانه الشهير:"ما لم أقتنع بشهادة الكتاب المقدس أو بسبب واضح لأني لا أثق في البابا, ولا في المجامع وحدها, حيث من المعروف أنهم كثيرًا ما أخطأوا وناقضوا أنفسهم, فأنا ملتزم بأقوال الكتاب المقدس التي أقتبسها, وضميري أسير كلمة الله, إني لا أستطيع, وسوف لا أنكر أي شئ, فإنه ليس مأمونًا ولا صوابًا, أن نخالف الضمير لذلك لا أستطيع أن أفعل شيئاً خلافاً لذلك, هنا أثبت ليت الله يعينني"..... ويوم 5 أبريل تلقى لوثر بأن الامبراطور قرر أن يتحرك ضده فترك "ويرمز" في اليوم التالي وخوفًا من أن لا يفي الإمبراطور بوعده بالتصرف المأمون مع لوثر, رتب أصدقاؤه مع الأمير فريدريك أن يتم خطفه على الطريق, وإيداعه قلعة "وارتبورج", مكث مارتن لوثر في قلعة وارتبورج من مايو 1521 إلى مارس 1522, قليلون جدًا من أقرب أصدقائه, هم الذين عرفوا محل إقامته, كانت هناك فعلًا إشاعات بأنه مات أثناء فترة وجوده في القلعة, عاش لوثر شخصية علمانية تحت اسم "سكوير جورج", وأطلق لحيته وخلع رداء الراهب"  .
"أعظم إنجاز لإقامة لوثر المؤقتة في "وارتبورج" وربما في كل مسيرة حياته ,كان ترجمة العهد الجديد إلى اللغة الألمانية,...... وتميزت هذه الترجمة, بأن لوثر استخدم صيغة اللغة الألمانية التي استعملت من عهد قريب استعمالًا شاملًا,..... هذه الترجمة نُشرت على الفور, ولقيت استحسانًا شعبيًا سريعًا, كل انسان أسرع ليشتري نسخة ويقرأها,...... إن ذيوع "كتاب" لوثر المقدس بواسطة فن الطباعة المكتشف حديثًا, كان المثل الأول لوسيلة إعلام شامل, الذي تسرب داخل المجتمع العام لذلك الزمان,..... كتاب العهد الجديد الذي ترجمه لوثر تضاعفت أعداده, وانتشر بواسطة أصحاب المطابع, حتى إن الخياط والاسكافي, نعم حتى النساء والجهلاء, الذين قبلوا الإنجيل اللوثري الجديد وأمكنهم قراءة الألمانية قليلًا, درسوه بشغف يجل عن الوصف, كينبوع لكل الحق, بعضهم حفظوه عن ظهر قلب ومضوا به يحملونه داخل صدورهم في شهور قليلة, اعتبر الناس أنفسهم متعلمين إلى الحد الذي لم يكونوا فيه يخجلون من الجدال حول الإيمان والإنجيل, ليس فقط مع العلمانيين الكاثوليك, لكن حتى مع الكهنة والرهبان ودكاترة اللاهوت" , واستمر فريدريك في دعمه للوثر ولحركة الإصلاح. 

لقد حدث الإصلاح الدينى فى أوروبا, فماذا حدث للإصلاح الدينى فى العالم الإسلامى؟
"انتابه الفشل بسبب غياب علمانية السلطة السياسية، فقد قيل عن الشيخ محمد عبده إنه من رواد الإصلاح الدينى ولكنه مات فى ظروف غامضة، إذ لم يكن على علاقة حميمة مع السلطة السياسية التى كانت غارقة فى الدعوة إلى الخلافة الإسلامية" .
ياتُرى, ماذا لو لم يساند فريدرك لوثر ويقف بجانبه ويُخبئه ويحميه من طغيان السلطة الدينية؟!!, وماذا لو أن زواجًا كاثوليكيًا, كان قائمًا بين السلطتين:السياسية والدينية؟, هل كان سيحدث الإصلاح الديني؟!!  والان مارايك سيدي القاريء

شارك