أجهزة استخبارات أوروبا في مواجهة خلايا داعش

الجمعة 18/يناير/2019 - 03:20 م
طباعة أجهزة استخبارات أوروبا حسام الحداد
 
الكتاب: اجهزة استخبارات اوروبا في مواجهة خلايا داعش (ترهل اجهزة استخبارات اوروبا) 
المؤلف: للباحث جاسم محمد
الناشر: المكتب العربي للمعارف 2017

صدر الكتاب الذي بين أيدينا الآن بنسخته العربية والانكليزية، للكاتب والخبير في قضايا الارهاب والاستخبارات جاسم محمد، وهو كاتب عراقي مقيم في المانيا. والكتاب هو الاصدار السادس للكاتب في قضايا مكافحة الارهاب والاستخبارات.
ويعد الكتاب دراسة نقدية لاستراتيجيات وسياسات دول اوروبا في محاربة الارهاب والتي اعتبرها الكاتب بانها استراتيجيات ناقصة ولا تقوم على الفهم الحقيقي الى الارهاب، وما تقوم به من اجراءات هي ردود افعال سريعة لا ترتقي الى الاستراتيجيات. كما ينتقد الكاتب دول اوروبا والغرب في معالجة الارهاب وجذوره والتي انحصرت رؤيتها فقط في مواجهة المقاتلين الاجانب دون معالجات حقيقية الى مسببات الارهاب في دول المنطقة. وكذلك يقدم نقدا لسياسات اوروبا وتعاملها في قضية اللاجئين، واعتبر إجراءاتها، غير قانونية وتؤكد تخلي اوروبا عن التزاماتها الاخلاقية، فيما يطالب الكاتب بضرورة الفصل ما بين اللاجئين وما بين المندسين من الجماعات المتطرفة داخل موجات اللاجئين. ويتناول الكاتب العمليات العسكرية التي تدار ضد تنظيم داعش في معاقله في العراق وسوريا وربما في ليبيا، ونجاح قوات التحالف خلال الاشهر الاخيرة باصطياد رؤوس تنظيم داعش خاصة من قيادات الخط الثاني وقادة ميدانيين في التنظيم. وناقش الكاتب تواري زعيم التنظيم ابو بكر البغدادي عن الانظار، ويؤكد الكاتب بان ابو بكر البغدادي لا يدير التنظيم وهو زعيم ظل، ويستبعد ان يكون يكون متواجدا في معاقله. 
يتناول الباب الاول تحت عنوان "اجهزة الاستخبارات الاوروبية، ثغرات امنية واخفاقات"، قدرات وامكانيات اجهزة الاستخبارات الاوروبية خاصة الاستخبارات البلجيكية التي وصفت بانها الحلقة الاضعف في دول اوروبا وربما يعود ذلك الى التركيبة الديموغرافية والتعقيد السياسي في بلد مثل بلجيكا، والاخفاقات عند الاستخبارات الفرنسية، بفشلها بالكشف عن عمليات محتملة وبتعاملها مع المعلومات، بالإضافة الى النقص في الموارد البشرية والتمويل. ماعدا ذلك اعتمدت فرنسا مواجهة الارهاب بالطرق الصلبة عسكريا بتمديد حالة الطوارئ ونشر القوات اكثر من اعتمادها  المعلومات والبيانات. اما الاستخبارات الالمانية والبريطانية، فيبدو انهما افضل حال مقارنة مع استخبارات دول اوروبا الاخرى، كونهما حافظتا على فرض الامن، ماعدا عمليات محدودة منفردة ، لم تؤثر كثيرا على رصيدهما.
حيث ادركت استخبارات دول اوروبا، بأنها امام تحدي كبير خارج قدراتها، واكتشفت بوجود ثغرات امنية تتعلق داخليا، في العلاقة والتنسيق بين اجهزة الاستخبارات والشرطة ضمن الدولة الواحدة، وكذلك بالتعاون الاستخباراتي وتبادل المعلومات داخل دول الاتحاد الاوروبي، بسبب عدم وجود ثقة بين الاطراف. لذا فشلت هذه الدول بأنشاء جهاز استخباراتي موحد. يبدو ان اجهزة اوروبا تعاني الكثير من الترهل وربما تحتاج بضعة سنوات للنهوض بقدراتها واعادة سياساتها.
أما الباب الثاني والذي جاء بعنوان "خلايا داعش النائمة في اوروبا"، والذي ناقش فيه الكاتب الخلايا النائمة لتنظيم داعش وكيفية ادارتها وعلاقاته التنظيمية الخيطية، وكشف الكاتب ولأول مرة علاقات هذه الخلايا المنفردة بمكتب الاستخبارات والامن في التنظيم والتي تدار بشكل مباشر من قبل مكتب عمليات خارجية، سميت باللجنة الرباعية تدار من على الاراضي التركية. وتناول الكاتب استراتيجية تنظيم داعش، بالتحول الى تنفيذ عمليات في اوروبا، امام خسارته في معاقله في سوريا والعراق وليبيا، وشرح الاختلاف والخلط ما بين خلايا منفردة مرتبطة بالتنظيم وما بين الذئاب المنفردة. واكد الكاتب بان ما يحصل في اوروبا هو خلايا مرتبطة بالتنظيم، لكنها على غرار الذئاب المنفردة وهذا ما حصل في فرنسا وبلجيكا والمانيا وبريطانيا.
وفي هذا الباب أيضا يلفت الكاتب الانتباه إلى استغلال التنظيم نمط جديد اطلق عليه” الجهاد الاكتئابي”، اي بدأ التنظيم بتجنيد اشخاص يعانون من الاضطراب النفسي واصحاب السوابق الجنائية لتنفيذ عمليات انتحارية، والابتعاد عن الجماعات الاسلامية المتطرفة، كون تلك الجماعات ربما تكون بعيدة عن رادار اجهزة الاستخبارات والشرطة. وهنا يكمن استثمار داعش هؤلاء الاشخاص حيث يحولهم من السجل الجنائي الى سجل الارهاب المنظم، بسبب ما تملكه هذه الجماعات من خبرات بالإفلات من المراقبة والرصد.
أما الباب الثالث والذي جاء تحت عنوان "تسرب عناصر داعش ضمن موجات اللاجئين في اوروبا"، فقد استعرض الكاتب، موجات اللاجئين والهجرة غير الشرعية التي ضربت اوروبا خلال عام 2015 و 2016، وكشف تفاصيل تسلل اعداد من خلايا داعش مع موجات اللاجئين والتي قدرت ب 1400 عنصر من تنظيم داعش. واكد الكاتب على ضرورة التفريق ما بين اللاجئين اللذين هربوا من مناطق النزاع والمندسين من تنظيم داعش وشدد على عدم  التعميم وعدم وضع اللاجئين في دائرة الشبهات. ماعدا ذلك انتقد جاسم محمد الطريقة التي تتعامل بها اجهزة اوروبا في استقبال اللاجئين، وذكر بان بعض الثغرات الامنية في دول اوروبا تتعلق بإجراءات اللجوء والهجرة عند الدوائر المعنية. ويقول الكاتب بان التأخر في الإجراءات، يعطي الوقت  الى عناصر داعش لتنفيذ عمليات انتحارية، وفي نفس الوقت ممكن ان يتحول اعداد من الشباب الى التطرف بسبب احباط، وتحرك جماعات اسلامية متطرفة عليهم داخل نزل اللاجئين.
وجاء الباب الرابع والأخير والمعنون "استراتيجية داعش الجديدة وانكساره"، والذي تناول فيه الكاتب العمليات العسكرية التي تدار ضد تنظيم داعش في معاقله في العراق وسوريا وربما في ليبيا، ونجاح قوات التحالف خلال الاشهر الاخيرة باصطياد رؤوس تنظيم داعش خاصة من قيادات الخط الثاني وقادة ميدانيين في التنظيم. وناقش الكاتب تواري زعيم التنظيم ابو بكر البغدادي عن الانظار، ويؤكد الكاتب بان ابو بكر البغدادي لا يدير التنظيم وهو زعيم ظل، ويستبعد ان يكون يكون متواجدا في معاقله في سوريا والعراق. وشدد الكاتب على ان التنظيم يبقى” فكرة وعقيدة” ضمن ايدلوجية التنظيم ، وان التنظيم ممكن اضعافه عسكريا وربما القضاء عليه في معاقله، لكن يبقى “فكر متشظي” والعودة الى”الكر والفر”.
وشدد الكاتب على  فكرة مواجهة الارهاب جذريا، اي ايجاد حل سياسي في مناطق النزاع خاصة سوريا، وهذا من شأنه ان يضع حد الى الجماعات المتطرفة في المنطقة وفي أوربا والعالم. وان الخيار العسكري وحده غير كافي مالم يكن هناك حل سياسي وتنفيذ حزمة إجراءات غير صلبة في محاربة الارهاب فكريا واجتماعيا. التنظيم لا يوجد له بنى تحتية  ثابته في معاقله، ماعدا البنى الادارية في ادارة المدن و ”الولايات” اما قيادات التنظيم الاستراتيجية فهي في الغالب غير موجودة في معاقله وتتحرك وتتنقل كثيرا، فالقضاء على التنظيم في معاقله لا يعني القضاء على التنظيم، ما نحتاجه هو حل سياسي في سوريا على وجه التحديد، ووضع استراتيجية واضحة وليس ردود افعال لمحاربة التنظيم والتطرف.
التنظيم يعتبر منظومة عسكرية استخباراتية على غرار مخابرات الانظمة الشمولية، تتحرك وتنفذ عملياتها، استخباراتيا، اكثر ما تكون جماعة متطرفة، وهذه الميول سوف تظهر اكثر مع تصاعد الضغوطات على معاقله.

شارك