على خطي فرنسا.. احتجاجات "السترات الحمراء" في مواجهة حركة "النهضة"

الجمعة 07/ديسمبر/2018 - 12:45 م
طباعة على خطي  فرنسا.. فاطمة عبدالغني
 
استلهامًا لفكرة احتجاجات "السترات الصفراء" في فرنسا، اجتاحت مواقع التواصل في تونس حملة بعنوان "السترات الحمراء" أطلقها عدد من النشطاء للحشد من أجل التظاهر في الشارع بهدف إسقاط الحكومة ورئيسها تحت شعار "تونس غاضبة"، وأسّسوا صفحة على موقع "فيسبوك" باسم "السترات الحمراء (Gilets rouges)، وحظيت الحملة بانضمام ومتابعة آلاف التونسيين، كما لاقت دعما كبيرا من التونسيين، الذين يعانون من الفقر والبطالة وغلاء المعيشة وتأزم الأوضاع الاقتصادية التي أرهقت المواطنين.
في أعقاب ذلك أعلنت منظمات مدنية وطلابية تونسية تنظيم سلسة مسيرات، الاثنين القادم، بسترات حمراء، ضغطًا على حكومة يوسف الشاهد للكشف عن حقيقة الجهاز السري للإخوان.
وقال الناشط السياسي التونسي رياض جراد في تصريح له إن هذه المسيرات "ستكون بالآلاف، وستضم كل الفاعلين في المجتمع المدني في تونس وعلى رأسها الاتحاد العام لطلبة تونس (أكبر منظمة طلابية) والاتحاد المدني لمناهضة الإخوان، ومئات المحامين والحقوقيين".
وكانت هيئة الدفاع عن السياسيين أعلنت مطلع ديسمبر الجاري، أنها ستتقدم بدعوى قضائية للمطالبة بحل حزب "حركة النهضة" بدعوى ارتباطه بـ"الإرهاب"، أو تجميد نشاطها خمس سنوات، استناداً لقانون مكافحة الإرهاب الذي يخول حل أي حزب أو جمعية يثبت ارتباطها بالإرهاب، حيث صرح عضو هيئة الدفاع، علي كلثوم، "بأن الهيئة سترفع قريبا دعوى قضائية ضد حركة النهضة للمطالبة بحلها وذلك حسب الفصل السابع من قانون "مكافحة الإرهاب" الذي يخول حل أي حزب أو جمعية لارتباطها بالإرهاب"، وأوضح كلثوم "أن هيئة الدفاع أعلنت ذلك خلال مرافعة أمام هيئة المحكمة التي نظرت في قضية الشهيد شكري بلعيد يوم الجمعة".
وتعليقًا على رفض حركة النهضة تناول مجلس الأمن القومي قضيتي الاغتيال وملف الجهاز السري للحركة، وعلى هامش ندوة وطنية للهيئات العامة في الحمام أكد القاضي الإداري أحمد صواب "إن البعض يرغبون في تطويع الديمقراطية كما يريدون"، وأضاف "أن مجلس الأمن القومي سينظر في مسألتين منفصلتي، مسألة اغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي ومسألة الجهاز السري للحركة من عدمه".
وأوضح أن القضية الأولى نظر فيها القضاء وشهدت أخطاء فادحة، في حين أن القضية الثانية تحصل القضاء على وثائق متعلقة بها ولم يبت فيها، وأكد على أن الملف القضائي عندما يتعلق بالشأن العام يتناوله الإعلام وعندما يتناول الإعلام في تونس قضية الاغتيال فلا يجب أن يعتبر ذلك مسا بالقضاء.
وتساءل صواب بخصوص الجهاز السري للحركة، قائلاً "هل حدث تفقد في وزارة الداخلية للوقف على خروقات واضحة داخلها؟ وهل حدث تفقد في وزارة العدل للوقف على التجاوزات لعدد من القضاة التي تقوم بخرق واضح للاختصاص والتعهد؟.
وتابع صواب "خلط الأوراق والحيلولة دون السير الطبيعي لأجهزة الدولة بالنسبة لحركة النهضة هو سعي لتتليف الجرة وعلى القضاء أن يتحمل مسؤوليته في فتح كل الوثائق بحضور هيئة الدفاع".
فيما أشار الأمين العام لحزب المستقبل الطاهر بن حسين، في تصريح له أمس الخميس، أن حركة النهضة حولت تونس إلى "مزرعة" إخوانية لنهب المال العام والاستحواذ على ثروات البلاد.
وأضاف الطاهر، "أن حركة النهضة تسعى إلى تمرير قانون يصادق على تعويض أنصارها وقواعدها الذين تصادموا سياسيا مع نظام زين العابدين بن علي بمبلغ قيمته 590 مليون دينار، أي ما يعادل 200 مليون دولار، عبر ما يسمى بـ"صندوق الكرامة".
إلا أن الكتلة البرلمانية لحزب "نداء تونس" رفضت هذا القانون، معتبرة أن حركة النهضة بدأت في حملتها الانتخابية على حساب المال العام في ظرف اقتصادي صعب تعيشه البلاد.
وأوضح الطاهر أن صندوق الكرامة هو محاولة إخوانية لاستمالة قواعدهم الانتخابية على حساب الشعب التونسي، الذي بلغت نسبة الفقر فيه 20%، بما يعنى أن هناك أكثر من 2 مليون تونسي يعانون من الفقر المدقع.
وقال الطاهر "إن تحالف رئيس الحكومة يوسف الشاهد مع الإخوان سيضعف من شعبيته لدى الأطراف السياسية، التي تؤمن بالمدنية وتعارض حكم الإسلام السياس"، وتابع الطاهر "يجب على يوسف الشاهد ألا يستجيب لسياسات تنظيم الإخوان في نهب المال العام وسرقة أموال الشعب التونسي خدمة لأجندات إقليمية".
وتوقع أن هذا التحالف لن يستمر لحين إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية لسنة 2019، مؤكدا أن كليهما يحمل خلفية فكرية مختلفة، ومن ثم فإن الصدام بينهما سيأتي في قادم الأيام.
فيما صرحت بسمه خلفاوي عضو حزب الجبهة الشعبية في تونس وأرملة شكري بلعيد أنها أخبرت رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي إثر لقائها به أن "الشعب التونسي يتوقع "حربًا أهلية" بسبب امتلاك حركة النهضة للسلاح.
وأضافت الحلفاوي في مداخلتها عبر أمواج إذاعة "Ifm" لقد أخبر السبسي أن الناس يقومون بتخبئة المواد الغذائية "من سكر وزيت" تحضيرًا لهاته الحرب!!.
وسبق أن توقعت بوابة الحركات الإسلامية وبحسب المراقبون أن الأسابيع القادمة ستكون صعبة على حركة النهضة في الظل التهم الموجهة لها بإدارة جهاز سري لاستهداف خصومها، وتحالفها مع تنظيم أنصار الشريعة المحظور، واختراقها مؤسسات الدولة السيادية، وتنصتها ورصدها لشخصيات سياسية وإعلامية وثقافية، فضلاً عن تجسسها على دول شقيقة وصديقة، وتعاونها على ذلك مع عناصر من جماعة الإخوان المصرية المحظورة، وتخطيطها في العام 2013 لاغتيال الباجي قائد السبسي قبل أن يصبح رئيساً للبلاد والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند خلال زيارته لتونس في يونيو من ذات العام، فضلاً عن أن تضارب مواقف النهضة إلى حد التناقض، لا يعد تعبيرًا عن مقتضيات التغيرات السياسية، بقدر ما يعكس منهج عمل يتناسب مع خصائص المرحلة الراهنة، خاصة في ضوء  تزايد الضغوط على الحركة، ما يدفع بها إلى وضع  أكثر حساسية لانعكاسات ربما باتت تهدد بانفجار داخلي قد يعجز الغنوشي عن احتوائه. خاصة أن الضغوطات التي تعاني منها النهضة لم تقتصر فقط على الجانب السياسي، بل وصلت إلى تبني النهضة لحكومة مُتعثرّة اقتصاديًا، مما يجعل الحركة مسؤولة عن جميع الأخطاء الاقتصادية والسياسية التي تعانيها البلاد.

شارك