تركيا تورط أوروبا معها.. فرار مئات الدواعش الأجانب من سجون قسد

الإثنين 14/أكتوبر/2019 - 07:49 م
طباعة تركيا تورط أوروبا معاذ محمد
 
على إثر العدوان التركي على سوريا، منذ الأربعاء 9 أكتوبر 2019، سيطرت حالة من القلق على عدد من الدول الأوربية، خصوصًا عقب فرار المئات من عناصر تنظيم «داعش»، الذين كانوا في سجون تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية «قسد»، والتي تحاول بدورها التصدي للهجوم التركي.
وفي هذا الصدد، أصدر المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، دراسة بحثية جديدة تحت عنوان: «ما هي خيارات أوروبا في أعقاب التوغل التركي شمال سوريا؟»، ناقش خلالها الأوضاع المتاحة أمام بعض الدول الأوروبية للتعامل مع الأزمة.

زعزعة الاستقرار
وبحسب الدراسة، فإن القلق الأوروبي حول التوغل العسكري التركي في شمال سوريا، كان واضحًا في ردود أفعال دول أوروبا، وخصوصًا فرنسا التي أكدت على لسان وزيرتها لشؤون الاتحاد الأوروبي أميلي دومونشالان: «لن نقف مكتوفي الأيدي في مواجهة موقف صادم بالنسبة للمدنيين ولقوات سوريا الديمقراطية ولاستقرار المنطقة».
وأوضحت الدراسة، أن ألمانيا شددت على طلبها من تركيا بإلغاء حملتها العسكرية في شمال سوريا، وقال متحدث باسم وزارة الخارجية إنهم على صلة مستمرة مع واشنطن، وعبرت عن رغبتها في استمرار وجود القوات الأمريكية في شمال سوريا وتنسيق خطواتها اللاحقة مع الشركاء الآخرين.
من جانبه، قال جوزيبي كونتي، رئيس الوزراء الإيطالي: إن العملية التركية في سوريا تهدد بزعزعة استقرار المنطقة وإلحاق الضرر بالمدنيين.
وأوضحت دراسة المركز، أن المخاوف الأوروبية لم تتحدد في جزئية الإرهابيين الأجانب وعناصر داعش المحتجزين لدى قوات سوريا الديمقراطية «قسد» فقط، وإنما تتركز بشكل أكبر في زعزعة الأمن والاستقرار في سوريا وتغيير موازين القوى، مشيرةً إلى أن البعض يرى أن العدوان التركي؛ يهدف إلى إحداث تغيير ديموجرافي وعرقي في الشمال السوري، والسعي إلى القيام بتطهير عرقي في المنطقة.
وأضافت الدراسة، أن المخاوف الأوروبي تشمل أيضًا الإرهابيين الأجانب، مشيرةً إلى احتمالية التحاقهم بتنظيمات متطرفة من جديد أو التسلل إلى القارة عبر تركيا والعودة إلى أوطانهم بشكل غير مباشر، خصوصًا أنهم أصبحوا على دراية وخبرة بمسالك تهريب البشر وتزوير الوثائق.
ويعلق رودريش كيزفيتر، عضو لجنة الشؤون الخارجية التابعة للبرلمان الألماني، على هذا الوضع قائلًا: إن هذا يمس مباشرة مصالحنا الأمنية ولا يساعد البلاد في تحقيق الاستقرار المنشود، متابعًا: «ورغم أن تأثيرنا على التطور هنا محدود، فإنني مقتنع من أن الحكومة الألمانية ستبذل كل ما في وسعها؛ لإيجاد حل أمريكي تركي في قضية السجناء».

نساء «داعش» 
وتشير دراسة المركز، إلى أن قوات سوريا الديمقراطية، تحتجز أكثر من 12 ألف شخص، بينهم 2500 أوروبي، 800 منهم إرهابيين يشتبه بأنهم أعضاء في تنظيم داعش، محتجزين في 7 سجون، موضحة أن بعض مقرات الاحتجاز  قريبة من الحدود التركية.
وتقول كلاوديا دانتشكه، مديرة مؤسسة المشورة «حياة»: إنه بسبب العمليات الحربية قد ينقطع الاتصال بالمعسكرات الموجودة في منطقة الحرب، وتحديدًا في معسكر الهول الذي يضم العدد الأكبر من نساء وعائلات عناصر تنظيم داعش الإرهابي، مشددة على أن النساء الموجودات هناك، يرغبن في إحياء «دولة الخلافة».
وتوضح الدراسة، أنه على الرغم من اتخاذ دول أوروبا بعض الإجراءات في وقت سابق، حول عودة الإرهابيين إلى أوطانهم، إلا أن التحقيقات كشفت أنه لا يمكن تتبع دخول هؤلاء إلا بعد فترة من دخولهم، مشيرة إلى أن السبب في ذلك يعود أحيانًا إلى عدم وجود تصاريح باعتقالهم، وبعض دول القارة تحتاج إلى جمع الشواهد والأدلة.
وعن محاولة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تخفيف المخاوف الأوروبية بفرار مقاتلي داعش خلال العمليات العسكرية للجيش السوري بقوله: إن أنقرة سوف تتسلم مسؤولية الاحتفاظ بسجناء تنظيم داعش، أكدت دراسة المركز، أن دول أوروبا غير مقتنعة أبدًا بذلك؛ بسبب عدم وجود ثقة بين أوروبا والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مشددة على أن تورط الأخير مع التنظيم لم يعد سرًا.

«قسد» ومسجونو داعش
أوضح المركز في دراسته، أن قوات سوريا الديمقراطية «قسد» حاليًا في حالة دفاع عن نفسها وأراضيها، منوهة إلى أن معايير القوى العسكرية تميل الى الجيش التركي، من حيث التسلح والعدد والقدرة والإمكانيات، مؤكدة أنها في وضع لا يسمح لها بحراسة السجون والمخيمات التي يقبع بها عناصر داعش.
وأضافت الدراسة، أن قوات «قسد» تشعر بالإحباط والخذلان؛ بسبب التخلي الأمريكي عنها، خصوصًا بعد تقديمها الكثير من التضحيات؛ لمحاربة الإرهاب وتنظيم داعش، وآخرها معركة الباغوز، خلال مارس 2019، مشيرة إلى أن سوريا الديمقراطية من الممكن أن تقوم بإطلاق سراح عناصر التنظيم.
وعن تدخل أوروبا عسكريا في سوريا بعد الانسحاب الأمريكي؟ ذكرت الدراسة أن المعطيات السياسية والعسكرية تشير إلى أن دول القارة لا تستطيع الإقدام على ذلك لعدة أسباب أهمها عامل الوقت، فقد أشار المركز في دراسته إلى أن العمليات العسكرية للجيش التركي جاءت سريعة، وانسحاب واشنطن كان صدمة إلى دول أوروبا التي لم تتوقع ذلك.
لكن أوضحت الدراسة، أن الوجود الاستخباراتي إلى دول أوروبا قائم في سوريا والعراق، خصوصًا إلى فرنسا وألمانيا وبريطانيا، مؤكدة أن بعضهم يستهدف المقاتلين الأجانب وجمع المعلومات والبيانات حولهم، والبعض الآخر يعمل على أن يكون قريبًا من التنظيمات المتطرفة لمعرفة ما يجري، وهناك من لا يتردد في دعم تلك التنظيمات لخدمة مصالحها هناك.

الخيار العسكري بعيد
وعن تعامل أوروبا المنتظر مع التوغل التركي في سوريا، اعتبرت الدراسة، أن الخيار العسكري بعيد، وإن حدث سيكون محدودًا، ومن الممكن أن يتمثل في ضربات جوية ينفذها الطيران الفرنسي أو البريطاني على الأغلب، مؤكدة أن الخيار السياسي سيظل قائمًا، رغم أن التقديرات تقول: بإنها لن تأتي نفعًا.
وتقول الدراسة: إنه بعد القضاء على معاقل تنظيم داعش في الموصل والرقة، يبدو أن أنشطة التحالف الدولي لمحاربة التنظيم تقلصت، وتركزت فقط على الجهد العسكري الأمريكي، مشيرة إلى أن هذا ظهر خلال عمليات الباغوز السورية، مارس 2019، والتي لم تشهد نشاطًا عسكريًا بارزًا لدول أوروبا، مشددة على أن انسحاب واشنطن من سوريا والعراق وضع نهاية للتحالف.
ووفقًا لدراسة المركز، يبدو أن تخلي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن القوات الكردية، جاء من أجل الإطاحة بطموحاتهم بقيام دولة في الشمال السوري، من شأنها تغير موازين القوى، إضافةً أن سحب قواته يعتبر إرضاء لـ«أردوغان» من جهة، وتوريطه في عمليات عسكرية تستنزف قدرات بلاده الاقتصادية والعسكرية من جهة أخرى.
واعتبرت دراسة المركز الأوروبي، أن التوغل العسكري التركي في الشمال السوري، مرتبط بكلمة أبي بكر البغدادي، زعيم تنظيم داعش في 15 سبتمبر 2019، والتي وعد فيها «بفك أسر عناصر وعائلات التنظيم من السجون والمخيمات»، مشددة على أنه «ما جاء في الرسالة ينفذه الآن أردوغان».

شارك