مجلة الكلمة تكشف دور الملالي في الإحتلال الأمريكي للعراق

الأربعاء 06/مايو/2020 - 09:55 ص
طباعة مجلة الكلمة تكشف روبير الفارس
 
مرت سبع عشرة سنة على الغزو الأمريكي للعراق في 2003. سبع عشرة سنة مملوءة بالدماء والحطام والفساد والقهر. منّ َ العراق. وبهذه المناسبة نشرت مجلة الكلمة في عددها الأخير مايو ٢٠٢٠ دراسة مهمة للباحث رميز نظمي  حول هذا الاحتلال وفي ثنايا الدراسة وثق  الباحث الدور الخفي الذي لعبه الملالي في  هذا المضمار ومما جاء بالدراسة
 
قبيل الاحتلال، جرى حوار أمريكي/ إيراني كشف عنه زلماي خليلزاد، المسؤول الأمريكي، من أصول أفغانية، والمنتمي لزمرة المحافظين الجدد الصهيونية. خليلزاد احد أهم الذين خططوا ونفذوا السياسة الأمريكية تجاه العراق، خصوصا تحت أدارة الحزب الجمهوري، وكان مبعوث واشنطن لدى 'المعارضة العراقية والمشرف على مؤتمرها الذي عقد في لندن في 15-14  / ديسمبر 2002، وبعد الاحتلال عين سفيرا في بغداد خلال الفترة 2005-2007. ذكر في كتابه "المبعوث" بأنه عقدت مباحثات سرية في سويسرا بين مسؤولين في الإدارة الأمريكية، وهو من ضمنهم، مع وفد من النظام الإيراني ترأسه محمد جواد ظريف، وزير الخارجية الحالي. الغرض من هذه المباحثات التوصل إلى تفاهم ما بين الطرفين تمهيدا للاحتلال، وفعلا تم الحصول على تعهد إيراني بالإحجام عن التعرض للطائرات الحربية الأمريكية، وعلى أن تشجع إيران عراقيين شيعة للمشاركة البناءة في حكومة ما بعد الاحتلال.
 ويقول رميز نظمي
ان  خليلزاد  أعلم الوفد الإيراني بأنه ليس لدى الإدارة الأمريكية أيّة نية لتوسيع عملياتها العسكرية ضد العراق إلى داخل الأراضي الإيرانية، وأن محمد جواد ظريف أعرب عن تفضيله أن تسلم واشنطن الحكم، سرعان ما يتم الاحتلال، إلى مغتربين عراقيين، وحسب خليلزاد دعى ظريف كذلك إلى إلغاء الأجهزة الأمنية العراقية، وإلى استئصال المنتسبين لحزب البعث العربي الاشتراكي (6/3/2016 , نيويورك تايمز). ومن المعلوم أن تأسيس مجلس حكم محاصصي (50٪ شيعة، 20٪ اكراد، 20٪ عرب سنة، 10٪ طوائف أخرى) غالبيته من المغتربين، وحل الجيش العراقي واجتثاث البعثيين كان من أول الإجراءات التي قام بها الاحتلال. ربما من قبيل الصدفة أن هذه الإجراءات كانت هي ما دعت اليها طهران أثناء مباحثاتها مع واشنطن!

وفي هذا الخصوص كتب البروفيسور ستيفن زونز، أستاذ العلوم السياسية في جامعة سان فرنسيسكو "لم يكن 'العداء التاريخي' المزعوم من ولد الصراع الطائفي الذي اجتاح العراق وأدى إلى نفوذ إيراني وطيد، بل من خلقه كانت السياسة الأمريكية الحمقاء. أدى القرار الأمريكي بحل الجيش العراقي، وفصل غالبية العاملين في الحكومة العراقية، عمليا إلى تدمير المعقلين الرئيسيين للهوية الوطنية العراقية. القوات المسلحة الجديدة تم تكوينها من ميليشيات شيعية طائفية (بعضها، وليس كلها، متحالفة مع إيران)، والتي اعتقدت واشنطن أنها ستكون اكثر فعالية في محاربة البعثيين والعشائر السنية والجماعات السلفية وغيرهم ممن عارضوا الاحتلال الأمريكي" (تروث أوت، 19/1/2020). وفي نفس السياق، صرح السفير الأمريكي السابق في كابول، جيمس دوبنز، "عندما غزت الولايات المتحدة العراق، عرض الإيرانيون، كما فعلوا في أفغانستان، استعدادهم للتنسيق والتباحث (مع واشنطن)، حيث ان الغزو ازال احد اهم القوى المهددة لهم إقليميا، ولأنهم كانوا يأملون في احتواء اي تهديدات مستقبلية". ( واشنطن انستتيوت، 13/9/2016). ويضيف رميز نظمي قائلا
 
في مقال مفصل لخليلزاد (بوليتكيو، 28/3/2016) ذكر فيه "بصفتي المبعوث الأمريكي الخاص للمعارضة العراقية، كان علي اجراء مباحاثات بخصوص عراق ما بعد صدام مع جماعات المعارضة المتمركزة في ايران. ضغطت طهران في نهاية المطاف على عبد العزيز الحكيم، زعيم اكبر جماعة إسلامية شيعية لضمان موافقته للتعامل مع احزاب المعارضة الأخرى المدعومة من الولايات المتحدة". وكتب أيضا انه اثناء فترة عمله كسفير في بغداد" كانت لدى الإدارة الأمريكية سياسات متناقضة: تتحدث بنبرة عالية ضد ايران، ولكن لم تكن على استعداد للتصدي للأنشطة الإيرانية في العراق". وفي هذا السياق، ريان كروكر، الذي تقلد منصب سفير الولايات المتحدة، خلفا لخليلزاد، خلال الفترة 2007- 2009، صرح "لقد اعطينا للشيعة ما لم يكونوا يحلموا به قبل 2003".

من نافل القول، عندما يشير المسؤولون الأمريكيون إلى الشيعة فأنهم يقصدون زمر شيعة السياسة ذوي النزعة الطائفية الفتنوية، وليس إلى الغالبية الشيعية ذات النزعة الوحدوية العروبية. في تصريح اخر لكروكر (فرنتلاين، 20/2/2018) ذكر فيه بالنسبة للإيرانيين الحرب الايرانية/ العراقية توقفت في 1988 ولكنها لم تنته. وينوون اخيرا اعلان النصر "بخلقهم مجموعة من الظروف التي ساعدنا في تهيئتها لهم". التنسيق ما بين واشنطن وطهران أكده أيضا محمد علي أبطحي، نائب الرئيس الإيراني السابق، محمد خاتمي. ففي محاضرة ألقاها في 13 / يناير 2004 في مؤتمر "الخليج وتحديات المستقبل" نظمه مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، صرح أبطحي بأنه "لولا إيران لما سقطت كابول وبغداد". يبدو واضحا، إذاً، لكل من واشنطن وطهران كان هدف استباحة العراق من الأهمية القصوى، بحيث من اجل تحقيقه لم يغض الطرفان النظر عن اي خلاف بينهما فحسب، بل أيضا لم يجدا غضاضة في تكاتفهما ومد يد العون الخفية لبعضهما البعض.

شارك