نهاية الإخوان ..بين المطاردة في الغرب والسقوط في الشرق

الثلاثاء 15/ديسمبر/2020 - 10:03 ص
طباعة نهاية الإخوان ..بين روبير الفارس
 
توالي الضربات علي تنظيم الإخوان الإرهابي  سواء أكانت ضربات أمنية ام فكرية بالتأكيد تترك اثار قوية علي بنيته الأساسية وتطعن في دعايته الكاذبة الأمر الذي يعد مؤشرا مهما علي حالة التهاوي التي يعاني منها في الغرب والشرق في إطار يقظة دولية ضد تنظيمات الاسلام السياسي وقد رصد الكاتب 
عبداللطيف حامد في دراسته المنشورة في مجلة المصور أثر هذا التداعيات فكتب يقول 

غالبية الشواهد الواقعية، وأكثرية المؤشرات التحليلية إلى جانب العديد من التحليلات السياسية، والأسس المنطقية، تجزم أن تنظيم الإخوان الإرهابى أصبح آيلا للسقوط لا محالة، وفى طريقه للزوال قريبا، لأن قطار الفشل للجماعة الإرهابية تتابع محطاته من عاصمة عربية إلى الثانية، ومن دولة غربية إلى الأخرى بسرعة المجرى، والأهم أن الرفض للفكر الإخوانى يأتى من بوابة الشعوب، وليس الأنظمة الحاكمة أو مؤسسات الدولة فقط، وشتان بين الأمرين، فالأخير يتيح مجالا واسعا لتسرب أرائهم الشيطانية، ومنهجهم الخبيث كالماء تحت التبن، وكالنار فى الهشيم، لكن الأول يعنى أن مسام اختراق جسد المجتمعات أغلقت فى وجوه قواعد التنظيم قبل كوادره، فلا اللعب بوتر الدين نافع، ولا رفع لواء المظلومية شافع، وحتى حرب الشائعات المصطنعة فى أوكار الميليشيات الإلكترونية أو استديوهات الفضائيات الإجرامية ضد الأوطان، سيطفؤها أهلها بحسوات من التراب على أرض الواقع، وبوعى مستنير فى العقول، بعد أن انكشف كل شئ وبان، فلا هم ولا شاغل لجميع فروع التنظيم الممتدة كالأخطبوط فى بلدان عدة، وأقطار مختلفة إلا السطو على كرسى الحكم، وحياكة مخطط الأخونة بلا هوادة، للبقاء أبد الأبدين، وإلا أشعال النار فى الأبدان، وقتل المعارضين، واغتيال الوطنيين، ووضع أيديهم فى يد الأعداء لتشويه كل إنجاز، وإفساد كل فرحة، ووأد كل أمل على غرار ما يقومون به ضد المصريين على مدى أكثر من سبع سنوات بعد إسقاط حكم المرشد.
وقال عبد اللطيف حامد 
فى ظنى أن مصير الجماعة محتوم، وأمرها نهايته معلومة، وكما يقول المثل الشعبى المعتبر "اللى ميشفش من الغربال يبقى أعمى"، فلا يعقل أن يردد كهنة الإخوان، ومنظريها المغيبون أنه مازال لهم ظهير شعبى بين الناس فى الوقت الذى تؤكد فيها كل الدلائل عكس تلك التراهات، وهذه الأراجيف، فالأنباء الوارده من بعض الدول العربية وأحدثها المملكة العربية السعودية تقول بالصوت والصورة إن هناك خطة محكمة، واستراتيجية مدروسة لمحاصرة الفكر الإخوانى الظلامى، وفى اعتقادى أن المسؤولين بالمملكة استوردوا النموذج المصرى المتمثل فى وزير الاوقاف د. مختار جمعة فى مطاردة مخططات الجماعة الإرهابية فى شخص وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد الشيخ الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ، والذى يسعى إلى فضح فساد منهج جماعة الإخوان، وكشف أساليبهم فى إغواء الشباب وبيان مخططاتهم، وبالفعل تقود وزارته تنفيذ البرنامج الدعوى للتحذير من خطر جماعة الإخوان الإرهابية، على مدى شهرين عبر محاضرات وندوات وكلمات ومقاطع فيديو يشارك فى تنفيذها أكثر من 3684 داعية من الرسميين والمتعاونين مع الوزارة، بالإضافة إلى إقامة محاضرات نسائية تقدمها نخبة من الأخوات الداعيات المتخصصات فى الأمن الفكرى فى المساجد والجوامع وعبر تطبيقات إلكترونية، فضلا عن تكليف أكثر من 69 داعية بالمشاركة فى لقاءات تلفزيونية عبر القنوات الفضائية والإذاعية ومنصات التواصل الاجتماعى.
وقال حامد 
ومن الدول العربية التى حققت نجاحات كبيرة فى معركتها ضد الإخوان مؤخرا دولة الأردن الشقيقة التى لقن شعبها درسا قاسيا لكتلة حزب "جبهة العمل الإسلامى"، المحسوب على الجماعة، بانتخاب مرشحين منافسين لها فى بعض الدوائر التى كانت بمثابة معقل تاريخى للإخوان وحلفائهم من التيارات المتشددة، ولم يتمكن من حصد المقعد النيابى سوى 10 مرشحين من بين 80 مرشحا فى تحالف ضخم به 41 مرشحا لهذا الحزب، وبقراءة بسيطة بعيدا عن أى تهويل أو مبالغة، التنظيم يتراجع إلى الخلف، ويواصل افتقاده للتواجد على الأرض حتى صناديق الانتخابات لا تتكلم إخوانيا، ومزاج الناخبين لم يعد يعدله شعارات الجماعة الجوفاء، فالجماهير تتخوف من تداعيات حكم المرشد على مستقبل البلاد، والدخول فى نفق مظلم يصعب الخروج منه بدون خسائر فادحة.

أما تونس الخضراء، فلا تتوقف مؤامرات حركة النهضة الإخوانية ضد الوطن، ورغم أنهم فشلوا فى إقالة البلاد من عثرتها بعد السيطرة على الأمور منذ الإطاحة بحكم زين العابدين بن على فى عام 2011، وإشعال فتيل أحداث ما سمى بالربيع العربى فى عدة بلدان كالقطط المشتعلة، بالتنسيق مع قوى خارجية مختلفة، وأجهزة استخباراتية شتى، وكانت الانتخابات الرئاسية الأخيرة كاشفة كالشمس لتراجع شعبيتهم فى الشارع التونسى، فخسر مرشحها الرئيسى والاحتياطى، ووصول إلى الحكم الرئيس قيس سعيد، فسارعوا بوضع العراقيل المرة تلو الأخرى أمامه، وكلما جاءت حكومة على غير هوى الجماعة، قام راشد الغنوسى وإخوانه بممارسة الضغوط عليها لعرقلتها على غرار ما يحدث مؤخرا من مطالبات لحركة النهضة بإدخال تعديلات على حكومة المشيشى من أجل تغيير بعض الوزراء الذين ليسوا على وفاق مع الإخونجية، وإلا خد منهم مؤامرات متتالية لتفجير الأوضاع الداخلية، وتوظيف كل الازمات الاقتصادية، واستغلال القضايا الاجتماعية القديم منها والجديد لشل حركة النظام الحاكم، كعادتهم من بوابة البرلمان، وفى اعتقادى أن التونسيين لن يكرروا هذا الخطأ مرة ثانية فى الانتخابات البرلمانية القادمة، فلا يلدغ المؤمن جحرا مرتين، ولن يكون للنهضة وحلفائه سطوة من جديد على المجلس النيابى.

أما فى القارة العجوز أوربا فإن مطاردات العناصر الإخوانية لا تتوقف، ومنها إصرار مجلس العموم البريطانى على طرد الإخوان من البلاد، وتحصين المواطنين من أفكارهم المتشددة، منذ عهد رئيس الوزراء الأسبق ديفيد كاميرون، وتحول حادث "جسر لندن" الإرهابى إلى نغمة تعزفها السلطات الأمنية، والمنظمات الأهلية لحصار التنظيم الدولى فى المملكة المتحدة، والتحقيق مع المتواجدين منهم على أراضيها لرصد علاقتهم المشبوهه ببعض عناصر تنظيم داعش الإرهابى المتورطين فى هذا العمل الإرهابى، إلى جانب التحذير من استغلال الإخوان للسوشيال ميديا لنشر الكراهية والتطرف فى بريطانيا، وفى النمسا تستمر المداهمات للشرطة على مناطق تواجد جماعة الإخوان الإرهابية، على خلفية حادث فينا الإرهابى، وبالفعل تم تنفيذ أكثر من 60 عملية أمنية فى إطار مكافحة الإرهاب، واعتقال 70 مشتبها بهم مع حملات تفتيشية ضد الجمعيات التى يشتبه بأنها تابعة لتنظيم "الإخوان"، ومصادرة مبالغ ضخمة، أما فى ألمانيا يقود حزب البديل لأجل ألمانيا حملة لمحاصرة الجماعة لأنها العقل المدبر الذى يقف خلف شبكة الإسلام الراديكالى المنتشرة هناك.

 وإذا تحدثنا عن فرنسا، نجد قرارات متتالية بحل المنظمات المرتبطة بجماعة الإخوان لاتهامها بنشر خطاب التطرف والكراهية مما جعل مجالس إدارات تلك الكيانات تسارع بتصفية نشاطها، والانتقال إلى دول أخرى، وطالما الشيء بالشيء يذكر، هذا يدفعنى للإشادة بالريادة المصرية للرؤية الإسلامية المعتدلة والعالم الإسلامى القابل للتعددية واحترام الآخر، بعدما طلبت باريس المساعدة والدعم المصرى خلال زيارة الرئيس السيسى الأخيرة لفرنسا من أجل مكافحة "موجة التطرف" فى العواصم والبلدان الأوربية بفعل التنظيم الدولى للإخوان وحلفائه من التنظيمات المتطرفة، حسبما أكدت دراسة لـ "مركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية"، أنه يؤكد الاعتراف الأوربى عموما والفرنسى تحديدا ببعد نظر الدولة المصرية فى تحذيرها المتكرر بكافة المحافل الدولية خلال السنوات السبعة الماضية بخطورة تجاهل الفكر المتطرف على أمن الشعوب والدول معا، وأنه لو أنصت العالم لتلك النداءات مبكرا، كان عداد ضحايا الإرهاب فى تراجع وليس تصاعد شرقا وغربا، لكن العودة إلى الحق فضيلة، وهذا أول خطوة فى الاتجاه الصحيح. وفي إطار توقع نهاية تنظيمات الاسلام السياسي 
كتب  الباحث محمد عبد العاطي تحت عنوان حركات الإسلام السياسي بين مطرقة الهوية وسندان الوجود
يقول
تعيش حركات الإسلام السياسي المشاركة في الحكم ببلدانها، كما هو الحال مثلا في المغرب وتونس،  مأزقا وجوديا منبعه تلاشي الهوية، وتهاوي أسس مشروعها الفكري، وذلك بعد أن أجبرتها إكراهات الواقع ومتطلبات السياسة على التماهي مع مواقف الأنظمة التي كانت من قبل تعارضها.

فقد منَّت تلك الحركات الجماهير بالتغيير وفقاً لرؤية مغايرة ادّعت أنها تملكها، فلما خاضت ميدان السياسة وشاركت في الحكم، ورأت صعوبة تحقيق تلك الشعارات، وأحست بالبون الشاسع بين الرغبات والقدرات، تخلّت عن ذلك كله. 

وإلى عهد قريب كانت لا تزال مستمرة في وصف نفسها بصفة الإسلامي، وتبذل تبعا لذلك جهدا في إيجاد المسوغات الشرعية لمسلكها، فكانت تُكثر من مقولات: المصالح المرسلة، فقه الواقع، فقه الوقت، فقه الأولويات، دفع المضرّة مقدّم على جلب المنفعة، ارتكاب أخف الضررين ... وغير ذلك من مقولات تخوّل لصاحبها استعمال الشئ ونقيضه في آن معاً.
 
ومع الاستمرار في المشاركة بالحكم أعلنت تلك الحركات أنها أحزاب سياسية وحسب، وأنها لم تعد بعد اليوم أحزابا "إسلامية". 

لقد التجأت إلى ذلك رفعاً للحرج، وتخلّصاً من الإطار المرجعي الحاكم لتصرفاتها، وتخليًّا عن مسطرة المعايير "القديمة" التي كان الرأي العام يقيس أداءها بناء عليها.
وقال عبد العاطي
لكن كانت النتيجة التي لم تتحسب لها أن أصبحت، بعد التخلي عن مرجعيتها الدينية، تنظيمات بلا هوية تميّزها عن غيرها، فلا هي إسلامية ولا علمانية. لقد صارت مسخاً مشوهاً، كيانات زئبقية تتشكل على أية هيئة وفقاً للقالب الذي تختار بحجة المرونة تارة وفطانة التكيّف تارة أخرى.

لقد أضحت أزمة الهوية التي تعيشها تلك الحركات راهناً تهدد وجودها ذاته بعدما ظنت أنها ستحافظ عليه بالتخلي عن وسم نفسها بالإسلامية. 

على أية حال، تبدو حالة السيولة الفكرية وخلخلة المفاهيم التي يعيشها العقل المسلم حاليا مفيدة إذا ما نظرنا إليها باعتبارها حرث للتربة، ومحاولة لاقتلاع الجذور العفنة، تمهيدا لإعادة تخطيطها وبذرها وزرعها مجددا. 
لكن يبقى السؤال الأصعب: زرعها بماذا؟ ما هي البذور؟ وهل تصلح لتربتنا؟ ومن هو الزارع؟ وهل هو مؤهل للزراعة أم سيأخذ وقتا نكون نحن فيه بالنسبة له حقل تجارب؟!

شارك