دراسة جديدة عن أنشطة جماعة الإخوان المسلمين في مقدونيا الشمالية

الأربعاء 24/فبراير/2021 - 12:52 ص
طباعة دراسة جديدة عن أنشطة حسام الحداد
 
هل سيحظى الإسلام السياسي كما قدمته جماعة الإخوان المسلمين بمساحة للنجاح في البلدان التي يسكنها مسلمون أصليون في أوربا الشرقية والوسطى؟ وهل سيختلف نجاحه وفقاً لأشكال التدين الإسلامي في هذه البلدان، والتكوين المؤسس للمجتمعات الإسلامية ومستوى الاندماج أو التمييز أو الوجود من القوى الإسلامية الراديكالية؟
تلك الأسئلة المتعلقة بنشاط جماعة الإخوان الإرهابية كانت محور دراسة من عدد من المراكز البحثية الغربية وفي مقدمتها مركز جلوبال ومشروع مكافحة التطرف وقد أصدر المركزين عدد من التقارير للإجابة عن هذه الأسئلة وقام مركز مينا للدراسات بالاستعانة بهذه التقارير وترجتمها للقارئ العربي
وتتركز الدراسة التي أعدتها مؤسسة مينا مينوتور حول الإسلام السياسي عن المنظمات والجمعيات والتيارات الإسلامية في مقدونيا الشمالية؛ إضافة إلى البلدان الأخرى المذكورة أعلاه التي شملتها عدة دراسات ستنشر لاحقاً؛ وفيها أوجه تشابه للنشاط الإخواني. وحاول المركز إجراء مقاربات عن حالات تشابه للنشاط الإخواني فيها مع بيان خصوصية كل بلد على أن تكون هذه الدراسة متعلقة بمقدونيا الشمالية؛ وسننشر دراسات أخرى عن بقية البلدان المذكورة.
وتؤكد الدراسة أن حركة الإخوان المسلمين تشكل إلهاماً لشريحة معينة من السكان المسلمين المحليين لها رغبة في تمدد الإسلام السياسي أوروبياً، لذلك تم إنشاء المنظمات الطلابية والشبابية لهذا الأمر منذ عقود وبدأت تدريجياً في احتلال مساحة هامشية في المجتمعات الإسلامية هناك، حيث يعمل قادتها بعيداً عن الأنظار. 
وأن هناك فئة ثانية من المنظمات وهي المجموعات الرئيسية ولديها نطاق واسع للعمل، ومع ذلك، فإن هذه الجماعات “انغمست في دائرة أيديولوجية الإسلام السياسي لفترة وجيزة فقط في مرحلة ما من ماضيها من خلال الاتصال بالمؤسسات التي تتخذ من الغرب مقراً لها، والتي يُفترض أنها مرتبطة بالإخوان المسلمين.
أما الفئة الثالثة فهي تحتوي على العديد من النشطاء السياسيين المنظمين في عدة تجمعات منها المنظمات الشبابية؛ وجميعهم يدعمون بشكل علني حراك الإخوان في مصر، كما يدعمون الحراك الشعبي والسياسي لما يسمى الربيع العربي في مصر الذي حدث في 2011-2013، وهم يستلهمون من أيديولوجية الإخوان أفكارهم، ويحافظون على الروابط معهم ومع مؤسساتهم في بروكسل، أما الفئة الأخيرة فتشمل المنظمات التي تقترب ببطء من مجال الإسلام السياسي بمساعدة جهات فاعلة غير جماعة الإخوان.
الجبهة الشبابية الإسلامية بمقدونيا وعلاقتها بحركة الإخوان المسلمين
الجبهة الشبابية الإسلامية غير المرتبطة رسمياً بأي حزب سياسي في مقدونيا الشمالية، قد نظمت في أغسطس2011 مؤتمراً بعنوان "الإسلام في أوروبا (الخطر أو الخلاص)" اجتذب اهتماماً عاماً كبيراً بسبب صلاته المشبوهة بالتطرف الإسلامي، حيث كان المتحدث الضيف الإخواني هاني رمضان شقيق طارق رمضان وحفيد حسن البنا.
وأعربت منظمة IVZ في مقدونيا الشمالية عن مخاوفها بشأن هذه الأحداث لأنها تعتقد أن مشاركة المنظمات غير الحكومية في تنظيم اجتماعات ومحاضرات دينية وكذلك أنشطة جمع التبرعات تعني تدخلاً في الشؤون الدينية، وهي مسؤولية المجتمع، ولكن من المثير للاهتمام ملاحظة أنه لا يوجد أي ذكر لهذا المؤتمر في حسابات FRI الحالية على وسائل التواصل الاجتماعي، باستثناء التسجيل على قناتها على YouTube.
وعلاوة على ذلك، فإن أحدث المنشورات المتاحة تعود إلى ثماني سنوات، مما قد يدل على نأي المنظمة بنفسها عن هذا الحدث الماضي وانعكاساته. وقد أشار أحد الخبراء الذين تمت مقابلتهم إلى أن FRI تتمتع حالياً بسمعة طيبة وأن التنظيم غير مرتبط بجماعة الإخوان.
التأثيرات الخارجية للوجود الإخواني في مقدونيا (إخوان تركيا مثالاً)
على الرغم من عدم وجود مؤشرات على وجود جماعة الإخوان في مقدونيا الشمالية، فقد لوحظ هناك وجود جهات أجنبية أخرى لها تأثير كبير على السياقات السياسية والدينية في البلاد وفي جميع المحادثات، كما ثبت أن لتركيا وحزب العدالة والتنمية تأثيراً كبيراً في مقدونيا الشمالية؛ على غرار صربيا، ولكن يوصف تأثير تركيا بأنه مؤسسي ومنهجي.
ذكر أحد الذين تمت مقابلتهم أن المنظمة التركية TİKA دائماً حاضرة في خلفية التطورات المهمة في مقدونيا الشمالية؛ ويمكن تفسير ذلك بسبب العلاقات مع تركيا بما فيها التأثيرات التاريخية والثقافية للإمبراطورية العثمانية في البلقان، وبخاصة مقدونيا الشمالية، بالإضافة إلى وجود نسبة جديرة بالملاحظة من الأتراك بين السكان. بالإضافة إلى ذلك، فإن الصلات الشخصية للسكان المقدونيين بتركيا واضحة للعيان فالكثير من الألبان لديهم أقارب وأصدقاء في تركيا، والعديد منهم تلقوا تعليمهم في تركيا. 
ووفقاً لعدة روايات، يتمتع حزب بيسا بخلفية إسلامية، وتمولها دول أجنبية، ولا سيما تركيا! بينما تنفي قيادة حزب بيسا وجود روابط مباشرة، ولديها محررون معروفون لمنافذ إعلامية موالية لأردوغان ويتبعون خط أردوغان بشكل علني 
ويشكل الألبانيون الأصليون التعداد الأكبر للمسلمين في البلاد ولهم ثقل سياسي واجتماعي بارز، وتركيا تعتزم استخدام هذا التأثير كجزء من هدفها الاستراتيجي المتمثل في العثمانية الجديدة من خلال سياسة أردوغان الواضحة في أوروبا كلها.
أخونة الشباب المسلم في مقدونيا والبلقان
يُنظر إلى الأجيال الشابة على وجه الخصوص، على أنها معرضة لمثل هذه التطورات المحتملة حيث من المرجح أن يقاتلوا من أجل "القضية الإسلامية" أكثر من "القضية الألبانية" كما فعل الجيل الأكبر سناً، وكتلخيص لكلمات أحد الخبراء الذين تمت مقابلتهم، نقول "الافتقار الحالي العلني إلى الإسلام السياسي لا يستبعد إمكانية تطوره في المستقبل" وقد واصلت منظمة ICBiH العمل على الحد من تأثير المتطرفين ومنع الراديكالية الدينية؛ حيث تبنى في عام 2007 المجلس الإسلامي لبريطانيا العظمى وأيرلندا الشمالية المادة 5 من دستوره بشأن المذهب الحنفي كممارسة في جميع المساجد، لتقليل التفسيرات الأخرى للإسلام؛ والصراعات المحتملة في قضايا الخلافات الدينية.
على الرغم من جهود منظمة ICBiH لمنع التطرف، غالباً ما يتم انتقادها لكونه ذات رد فعل ضعيف على انتشار التأثيرات الأجنبية غير المرغوب فيها، ومحدود الفاعلية ضد المخالفات، ولقد اتُهم رئيس العلماء السابق مصطفى سيريتش بالسماح للوهابيين بالاستقرار في البلقان ونشر أيديولوجيتهم، دون أي تحرك ضدهم أو محاولة الحد من نشاطاتهم، وتوجد آراء متباينة في كل من الدوائر الأكاديمية والسياسة، حيث يرى البعض أن ICBiH قد اتخذ العديد من الخطوات لمنع التطرف، واقترح البعض الآخر أن سيرتش كان أكثر اهتماماً بتطوير موقفه السياسي في البلاد.
وتختتم الدراسة بأن تواجد الإسلام السياسي اليوم في مقدونيا يعدّ واضحاً؛ ولكنه غير علنيّ، كما بات يشكل خطراً على الهوية الوطنية للبلاد من خلال التخوفات التي تنذر أو قد تؤدي إلى صراع بين مكونات الاجتماعية المقدونية حول: هل المرجعية المقدونية هي إسلامية أم وطنية؟. ولكن الأهم في ذلك؛ الميل باتجاه الهوية الإخوانية مما يعني أن هناك أيديولوجية سياسية تتوالد بهدوء وسرية، تعتمد فكرَ الإسلام السياسي مرجعاً له، وخصوصاً الفكر الإخواني؛ وهذا يعني بشكل أو آخر أن يكون الانتماء لمنتسبي تلك الجماعات عابر لحدود الوطنية، وحامل لأيديلوجية دينية لا تقيم وزناً للهوية الوطنية، وهذا ما يستحق النظر فيه بعمق ودراسته بروية؛ حتى لا يحدث للمجتمع المقدوني ما لا يحمد عقباه في المستقبل.

شارك