رعب الذاكرة ... 12عاما علي دماء مجزرة سيدة النجاة بالعراق

الثلاثاء 01/نوفمبر/2022 - 12:28 م
طباعة رعب الذاكرة ... روبير الفارس
 

  مرت مؤخرا الذكرى الثانية عشرة لمجزرة كنيسة سيدة النجاة .التي مازالت تحفر الم مرعب في وجدان مسيحيو العراق .حيث  اقتحم ارهابيون تابعون لتنظيم القاعدة الارهابي  كنيسة سيدة النجاة للسريان الكاثوليك  في منطقة الكرادة في العاصمة بغداد و تسببوا بمقتل اكثر من 57  شهيدا . اصغرهم "ساندرو جان يونان " وكان يبلغ من العمر  اربعة اشهر . واكبرهم "نذير عبد الاحد غسان " وكان يبلغ من العمر 67 عاماً وعاش  هولاء الضحايا لمدة اثنتي عشر ساعة من الثامنة صباحاً حتى الثامنة مساءً  في رعب لم يعبر عنه بشر حتى ذقوا الموت . فقد ظل الرهائن  داخل جدران الكنيسة والسلاح موجه اليهم  وهم يشاهدون  احبتهم اشلاء وجثث هامدة تنزف  حتى الموت وينتظرون  دورهم لتستقر في اجسادهم  رصاصة الموت. وفي الذكري الثانية عشر اصدر المجلس الشعبي الكلداني السرياني الاشوري(سورايا)بيانا  جاء فيه

تمر علينا اليوم الذكرى الثانية عشرة لمجزرة كنيسة سيدة النجاة التي اقترفتها جماعات ارهابية مسلحة في كنيسة سيدة النجاة للسريان الكاثوليك في منطقة الكرادة اثناء اداء مراسيم القداس والتي انتهت بحادثة تفجير المسلحين الارهابيين انفسهم مما ادى الى استشهاد وجرح المئات ممن كانوا بداخل الكنيسة.

يعيش المسيحيون في العراق من بعد عام 2003 مأسي ومضايقات من تهجير واختطاف وقتل على الهوية ناهيك على التهميش لدورهم ومشاركتهم في مناصب الدولة التي بنيت اساسا على الطائفية والمحاصصة المقيتة تضاف الى مآسيهم قبل 2003 بعد هذه المجزرة الدموية المروعة في الكنيسة وما تلاها من استهداف دور المؤمنين وكان اخرها تهجير المسيحين من بلداتهم في سهل نينوى على يد تنظيم داعش الارهابي في 6/8/2014 الذي ادى الى هجرة عشرات الالاف منهم وترك ديارهم وتعرض المئات الى الاختطاف والقتل والسبي والاغتصاب.

نحن في المجلس الشعبي الكلداني السرياني الاشوري نستنكر هذه الفاجعة المؤلمة ونستذكر الشهداء الذين سقطوا في مذبحة الكنيسة من الاباء الابرار الاب ثائر عبدال والاب وسيم القس بطرس ورفاقهما الشهداء والشهيدات الذين سفكوا دمائهم الزكية قرابين حب على مذبح الاخلاص ذودا عن ايمانهم والتزامهم الكنسي واخلاصهم وتجذرهم في ارض الاباء والاجداد رغم كل الصعاب والتحديات والمحن والاضطهادات ومعاناة الاقتلاع والتهجير القسري.

نعاهد شعبنا على المضي قدما نحو تحقيق اهداف شعبنا الكلداني السرياني الاشوري (سورايا) في نيل حقوقه المشروعة والمتمثلة بالحكم الذاتي في مناطق تواجده التاريخية وتثبيته في دستور العراق واقليم كوردستان ومطالبتنا بان يكون لشعبنا التواجد والتمثيل الحقيقي في جميع مفاصل الدولة في الحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم كذلك وقف نزيف الهجرة والتجاوزات على دور واراضي ابناء شعبنا.

.الرحمة على ارواح الشهداء كافة والامن والسلام لبلادنا نصلي كي ينير الله عقول الذين يتجاهلونه على الارض لنبذ كل انواع العنف والشر"

رسالة البطريرك

وبمناسبة الذكرى السنوية الثانية عشرة لمذبحة كاتدرائية سيّدة النجاة ارسل البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، رسالة إلى مار أفرام يوسف عبّا رئيس أساقفة بغداد والمدبّر البطريركي لأبرشية الموصل وتوابعها وأمين سرّ السينودس المقدس، وإلى الآباء الخوارنة والكهنة والمؤمنين في أبرشية بغداد،  جاء في نصها

"سيادة أخينا الحبر الجليل مار أفرام يوسف عبّا الجزيل الاحترام

رئيس أساقفة بغداد والمدبّر البطريركي لأبرشية الموصل وتوابعها وأمين سرّ السينودس المقدس

وحضرات أعزّائنا الروحيين الآباء الخوارنة والكهنة والمؤمنين المبارَكين في أبرشية بغداد العزيزة بعد إهدائكم المحبّة الأبوية والدعاء والسلام بالرب يسوع فادينا، نقول:نكتب إليكم لنشارككم بالروح في ذبيحة القداس التي تقيمونها في هذا المساء المبارك في كاتدرائية سيّدة النجاة، أمّ الشهداء، الشاهدة للإيمان بالرب يسوع والشهيدة من أجله، والتي تضرّجت حناياها في مثل هذا اليوم منذ اثنتي عشرة سنة بدماء إخوةٍ وأخواتٍ لنا في الإيمان، قدّموا ذواتهم ذبائح محرقة على مذبح الشهادة، وعمّدوا بدمائهم الزكية أرض الوطن الغالي.

نعم لقد كان الكاهنان الشابّان ثائر عبدال ووسيم القس بطرس، والأطفال، والشبّان والشابّات، والآباء والأمّهات، في ليلة عيد جميع القديسين يصلّون ويشاركون في ذبيحة القداس الإلهية. في مثل هذا الوقت، باغتهم المجرمون الجُبناء، بالتفجير والتكفير والقتل دون هوادة، فامتزجت دماؤهم بدم الحمل الإلهي المذبوح فداءً عنّا وعن العالم بأسره. فبهم يعظم اعتزازنا وافتخارنا، وقد أضحوا للعالم أجمع رمزاً حيّاً وفريداً للشهادة للمحبّة التي لا تميّز، وللاستشهاد من أجل نشر السلام والعدالة والأخوّة والمساواة.

في هذا اليوم المبارك، نشترك في الصلاة الحارّة، وفي التأمّل العميق، وفي تجديد الأمانة لذكرى شهدائنا الحيّة في قلوبنا، راجين معكم، يا أخانا صاحب السيادة مار أفرام يوسف عبّا، ومع جميع أفراد الإكليروس والمؤمنين، أن تكتمل دعوى تطويبهم لدى مجمع دعاوى القديسين في الكرسي الرسولي، كي نتمكّن من الاحتفال بإعلان تطويبهم ورفعهم على المذابح في أقرب وقت، ونحن فخورون ببطولتهم، وراسخون في الإيمان، وثابتون في الرجاء، لأنّ الرب الفادي وعدنا أن يبقى معنا في حياتنا ومماتنا، ووعده هذا لا ولن يخيب أبداً!

إنّ ما كابده شهداؤنا الأبطال، مساء ذاك الأحد، وما تحمّلوه من آلام واضطهاد، شبيهٌ بما قاسَتْه الألوف المؤلَّفة من آبائهم وأجدادهم على مرّ العصور، والذين تعذّبوا أو قُتِلوا أو شُرِّدوا ما وراء البحار والمحيطات، لأنّهم أرادوا أن يبقوا أمناء لمخلّصهم الربّ يسوع، المعلّم الذي أوصاهم بأن يحبّوا الجميع حتّى الأعداء، وأن يسامحوا مبغضيهم ويُحسنوا إليهم! وهم يهتفون مع رسول الأمم مار بولس: "من سيفصلنا عن محبّة المسيح؟ أشدّةٌ أم ضيقٌ أم اضطهادٌ أم جوعٌ أم عريٌ أم خطرٌ أم سيف..؟" (رو 8: 35).

وها نحن نتعزّى بشفاعة هذه الكوكبة من الشهداء الأبرار بنشيدٍ رائعٍ من طقسنا السرياني، يتغنّى بشهادتهم البطولية:: "أيّها الشهداء المبارَكون الذين قُتِلتُم في سبيل مخلّصنا، وصعد دمكم بخوراً طيّباً أمام منبر المسيح. تضرّعوا إلى ربّكم كي يحلّ أمانه وسلامه في جهات المسكونة الأربع".

إنّ إيماننا المشترك بالإله الواحد، خالق الكون ومدبّره، عليه أن يوحّد قلوبنا ويشركنا في بناء الوطن الواحد في العيش الفاعل والمتفاعل، والمؤسَّس على مبدأ المواطنة الواحدة للجميع. إنّها حضارة المحبّة، إليها يدعونا اليوم شهداؤنا وجرحانا، فلا نخيّب أملهم. على مثالهم لنكن "صانعي السلام"، فنستحقّ أن نُدعى "أبناء الله". كما لا يسعنا أن نغفل واجب تأمين الحرّيات المدنية والدينية لجميع المواطنين، والحقيقة كما ينبّهنا قداسة البابا بندكتوس السادس عشر أنّه: "لن يكون هناك سلامٌ وعدلٌ في عالمنا إن لم تُحترَم الحرّيات الدينية للجميع".

نسألكم، أيّها الأحبّاء، أن تجدّدوا، رغم معاناتكم الأليمة ورغم بشاعة الشرّ وهول الآلام التي أحدقت بكم، فعل "الرجاء فوق كلّ رجاء" بالعناية الإلهية. رجاءٌ يجعلنا واثقين بأنّ التضحية التي قدّمها شهداؤنا وجرحانا لن تمرّ عبثاً، بل لا بدّ وأن تثمر خيراً ونِعَماً لبلدكم الحبيب ولشعوب مشرقنا قاطبةً.

نحن معكم واثقون بأنّ الله، سبحانه وتعالى، الذي خلقنا جميعاً ويرعانا بمحبّته وعدله من دون تمييز، لا بدّ وأن يصغي لتنهّداتكم ويستجيب إلى تضرّعاتكم، فينعم عليكم بولادة عراق جديد واحد موحَّد، يضحي مثالاً بمؤسّساته المدنية وبالديمقراطية الحقّة التي تطمئن وتحمي جميع مواطنيه بالمساواة ودون تمييز.

وإنّنا إذ نبارك بانتخاب فخامة الرئيس عبد اللطيف جمال رشيد رئيساً لجمهورية العراق، والحكومة الجديدة برئاسة دولة الرئيس محمّد شياع السوداني، نتمنّى لهما ولجميع الوزراء النجاح والتوفيق في هذه المهمّة الوطنية، لما فيه خير العراق وطناً وشعباً، وعودته إلى سابق عهده من التطوّر والازدهار.

إلى الرب يسوع المسيح، الفادي الإلهي والحمل المذبوح فوق ذروة الصليب، نضرع كي ينعم على العراق وبلاد الشرق والعالم بالسلام والأمان، وعلى جميع الناس، وبخاصّة على المؤمنين باسمه القدوس، بالطمأنينة والاستقرار والعيش الكريم. فيرتفع إليه من الجميع نشيد التمجيد والتسبيح، في وحدة أبيه وروحه القدوس، وبشفاعة والدته مريم العذراء، سيّدة النجاة، وجميع قديسينا وشهدائنا وشهيداتنا الأبرار.

نختم بمنحكم بركتنا الرسولية عربون محبّتنا الأبوية، والنعمة معكم."

اغناطيوس يوسف الثالث يونان

بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي

شارك