"الأرامل السوداء".. وسيلة جديدة لـ"بوكوحرام" لتنفيذ العمليات الانتحارية

الأحد 25/أكتوبر/2015 - 10:03 ص
طباعة الأرامل السوداء..
 
مع مواصلة العمليات الإرهابية التي تقوم بها جماعة "بوكوحرام"، في نيجيريا، سيطر مسلحو الجماعة على مدينة كيراوا على الحدود الكاميرونية النيجيرية، في ذات الوقت سقط عدد من القتلى والجرحى في هجوم استهدف مسجدًا في ولاية بورنو بشمال شرق نيجيريا.
الأرامل السوداء..
ووفق ما أوضحت المصادر أن هناك تعزيزات عسكرية للجيش الكاميروني وصلت إلى المكان، ويبلغ عدد سكان كيراوا خمسين ألف نسمة، وتقع في منطقة كولوفاتا شمال الكاميرون التي تتعرض بانتظام لهجمات بوكو حرام.
من جانب آخر، قُتِلَ 28 شخصًا على الأقل في هجوم "انتحاري" استهدف مسجدًا خلال أداء صلاة الفجر في مدينة مايدوجوري في ولاية بورنو بشمال شرق نيجيريا، وفق وكالة الصحافة الفرنسية نقلًا عن شهود.
ولم تعلن أي جهة مسئوليتها عن الهجوم، لكن المتحدث باسم وكالة الإغاثة الوطنية عبد القادر إبراهيم وجه الاتهام إلى بوكو حرام.
 ويقول محللون: إن التفجيرات التي وقعت، أول أمس الجمعة 23 أكتوبر، وهزت ضاحية مولاي بمدينة مايدوجوري، شمال شرقي نيجيريا، تعيد إلى المشهد استغلال الجماعة الإرهابية للانتحاريات والدفع بهن كورقة لمواجهة الجيش النيجيري.
ويشير المحللون إلى أن التنظيمات الجهادية تجد في "الأرامل السوداء" تكتيكًا فعالًا في عملياتها؛ لما يتمتعن به من ميزات لا تتوفر لدى الانتحاريين الذكور.
وتعتبر الانتحاريات، هي وسيلة "سرية" لارتكاب بوكوحرام المزيد من العمليات التفجيرية.
وتتجه الأرامل وفق ما أكد مراقبون إلى وسيلة الانتحار كنوع من الهروب من حياتهن البائسة، وهذا ما تستغله الجماعة للقيام بالمزيد من العمليات الإرهابية.
الجدير بالذكر أنه على مدار الشهر الجاري، لقي أكثر من عشرين شخصًا مصرعهم في تفجير استهدف مسجد بضاحية مولاي، ووفق التقارير تم نسبة التفجيرات إلى ثلاث نساء نجحن في اختراق المصلين ودخلن المسجد محملات بعبوات ناسفة تحت ملابسهن سرعان ما انفجرت في ثاني هجوم من نوعه يطال مدينة مايدوجوري في أقل من ثلاثة أيام.
التقارير أوضحت أن الانتحاريات ينتمين لجماعة بوكوحرام، التي تسيطر على المدينة والمعروفة باستخدامها للنساء بشن الهجمات الإرهابية.
وتتبع جماعة بوكوحرام نفس نهج التنظيم الإرهابي "داعش"؛ حيث إنها قامت بمبايعة الأخير من قبل، ولكن بوكوحرام فاقت العمليات الانتحارية التي يرتكبها داعش بمراحل.
وعلى عكس استخدام داعش للانتحاريين الذكور، تستخدم بوكوحرام، الانتحاريات، ويعتبر حوالي نصف الانتحاريين الذين اعتمدت عليهم جماعة بوكوحرام، والتي عرفت نفسها باسم "ولاية السودان الغربي"، من النساء.
وتعود بداية استخدام الانتحاريات إلى ما يعرف بالجماعات الـ"ماركسية" والتي بدأت في استخدام النساء كانتحاريات، خلال النصف الثاني من القرن العشرين، ففي لبنان، في منتصف الثمانينيات، قامت ناشطات في الحزب السوري القومي الاجتماعي بهجمات عن طريق سيارات مفخخة استهدفت الجيش الإسرائيلي وجيش لبنان الجنوبي لأنطوان لحد.
كذلك كانت أبرز الحركات الثورية التي استخدمت النساء في عملياتها المسلحة فكانت حركة "نمور التأميل السريلانكية الانفصالية"؛ حيث تمكنت إحدى الانتحاريات التابعة للحركة من اغتيال رئيس الوزراء الهندي السابق راجيف غاندي في عام 1991، بعد أن وضعت إكليلًا حول عنقه في اجتماع سياسي حاشد.
الأرامل السوداء..
هذا وقد شن حزب العمال الكردستاني، في أواخر التسعينيات عدة هجمات ضد أهداف عسكرية وأمنية تركية باستخدام الانتحاريات؛ حيث قام العديد من ناشطات الحزب بتثبيت أجهزة التفجير حول الجزء الأوسط من أجسادهن للإيهام بأنهن من الحوامل.
يرى مراقبون أنه منذ حوالي عقد من الزمن، تبنت التنظيمات المسلحة هذه سياسة هجومية عن طريق استخدام الانتحاريات؛ حيث كانت بدايتها مع الجهاديين في الشيشان، بين عامي 2000 و2004؛ حيث هاجمت الانتحاريات اللاتي غالبًا ما يشار إليهن باسم "الأرامل السوداء"، أهدافًا عسكرية روسية في الشيشان وعلى المدنيين في روسيا، كما حاولن اغتيال الرئيس الشيشاني أحمد قديروف.
وتعود أشهر العمليات الانتحارية لامرأة جهادية عراقية تدعى "ساجدة الريشاوي"، في نوفمبر عام 2005، حين استهدفت فندقًا في العاصمة الأردنية عمان، ذهب ضحيته العشرات، من بينهم المخرج العالمي مصطفى العقاد.
وتتمتع الانتحاريات بميزات لا تتوفر لدى الانتحاريين الذكور فالنساء يسهل عليهن عبور الحواجز الأمنية دون التعرض إلى كثير من التفتيش؛ حيث إن هناك تقاليد اجتماعية وثقافية في بعض البلدان الإسلامية تمنع تفتيش النساء، وغالبًا ما تغطي النسوة وجوههن بما يعرف بـ"البرقع" أو "النقاب"، وبالتالي يمكن إخفاء المتفجرات بسهولة تحت هذا النوع من الملابس.
ولجأت بعض التنظيمات إلى استخدام رجال يرتدون ملابس نسائية في بعض عملياتهم نظرا لعدم توفر العدد الكافي من العنصر النسائي، ومن هنا لجأت جماعات مثل بوكو حرام إلى عمليات اختطاف النساء والفتيات بقصد استخدامهن كحاملات للعبوات الناسفة.
كان في العام الماضي وبالتحديد في أبريل 2014 أثارت قضية اختطاف جماعة بوكوحرام لـ 276 تلميذة من شيبوك وهي عملية واحدة من جملة العمليات التي تنسب للجماعة، ضجة عالمية؛ ما يؤكد على أن الجماعة الإرهابية تقوم بجمع النساء للدفع بهن في مواجهة عملياتهم الإرهابية.
الأرامل السوداء..
ويقول خبراء: إن ارتفاع عدد النساء الانتحاريات في صفوف جماعة بوكوحرام النيجيرية، والذي قدر بـ50 امرأة خلال عام، وهو أكثر رقم مسجل إلى الآن، له غرض مزدوج فاستخدام النساء في الهجمات الانتحارية يساعد بوكوحرام على مواصلة حربها، وفي نفس الوقت يقلل من عدد الأفواه التي يجب إطعامها، خاصة بعد أن فقدت الكثير من مناطق النفوذ التي كانت تسيطر عليها وتمدها بالتمويل.
الجدير بالذكر أنه في يوم 27 نوفمبر عام 2014 وبعد أيام من إعلان بوكوحرام مبايعتها لأبو بكر البغدادي زعيم "داعش" نفذت انتحاريتان تنتميان لـ"بوكو حرام" عملية تفجير؛ ما أدى إلى مقتل وإصابة 78 من أبناء شمال نيجيريا من رواد أحد أسواق ولاية مايدوجوري الشمالية، وكان ذلك إيذاناً بتحول نوعي جديد في أسلوب عمل التنظيم باعتماده بصورة أكبر على النساء اللاتي كان دورهن قاصراً على أعمال الإخفاء، ونقل الإمدادات وإيصال الرسائل والأموال لأعضاء التنظيم من الذكور.
وقدرت أجهزة الاستخبارات النيجيرية في معرض رصدها لهذه الظاهرة امتلاك "بوكو حرام" ما لا يقل عن 44 سيدة انتحارية موزعين في مناطق العمليات شمالي البلاد وشمال غرب الكاميرون.
ويقول محللو المعلومات في الاستخبارات النيجيرية: إن طبيعة المجتمع النيجيري المحافظة تجعل من الصعب قيام رجال الأمن حتى الشرطة النسائية بالتفتيش الدقيق للنساء في ريف نيجيريا وهو أمر استفاد منه تنظيم "بوكوحرام" في شن عملياته الدموية.
ويعتبر استخدام الانتحاريات وسيلة معروفة على مستوى تنظيم القاعدة في العراق الذي ورثه تنظيم داعش الآن وكذلك في تنظيم طالبان الأفغاني وأذرعته الإرهابية النشطة في باكستان، والتي تستخدم بكثافة الانتحاريات في تنفيذ عملياتها الإرهابية.

شارك

موضوعات ذات صلة