علي مبروك.. مساهمة في نزع أقنعة التقديس (1)

السبت 20/مارس/2021 - 09:26 ص
طباعة علي مبروك.. مساهمة حسام الحداد
 
لم يكن علي مبروك أستاذا للفلسفة الإسلامية بجامعة القاهرة وفقط، بل كان مشروعًا فكريَّا وثقافيًّا لم يمهله الوقت ليكتمل المشروع، فكان يفكر في قضايا وإشكاليات علمية خاصة بالمرحلة الراهنة فهو امتداد لمدرسة تشق طريقها في الفكر العربي بصعوبة شديدة، وهي مدرسة مُساءلة التراث بالعقل، فهو يربط القضايا التراثية بالواقع المعيش والحاضر، فضلًا عن عدم إغفاله للبعد التاريخي لهذه الظواهر.
ويعد علي مبروك، واحدًا من أهم الكتاب والمفكرين المصريين والعرب الذين ناقشوا التراث الإسلامي، في العقود الأخيرة.. من مؤلفاته "النبوة...من علم العقائد إلى فلسفة التاريخ"، "عن الإمامة والسياسة، والخطاب التاريخي في علم العقائد"، "لعبة الحداثة بين الجنرال والباشا"، "ما وراء تأسيس الأصول.. مساهمة في نزع أقنعة التقديس"، "الخطاب السياسي الأشعري.. نحو قراءة مغايرة"، "السلطة والمقدس.. جدل السياسي والثقافي في الإسلام"، "ثورات العرب.. خطاب التأسيس"، "في لاهوت العنف و الاستبداد - الفريضة الغائبة في تجديد الخطاب الديني"، "الدين والدولة في مصر - هل من خلاص؟"، "أفكار مؤثمة؛ من اللاهوتي إلى الإنساني"، "القرآن والشريعة؛ صراعات المعنى وارتحالات الدلالة"، "نصوص حول القرآن؛ في السعي وراء القرآن الحى".
ولد الدكتور علي مبروك في 20 أكتوبر عام 1958م، حصل مبروك على درجة الماجستير في الفلسفة الإسلامية - علم الكلام عام 1988، وعلى درجة الدكتوراه في الفلسفة عام 1995، من جامعة القاهرة.
عمل الدكتور علي مبروك في العام 2003 أستاذًا مساعدًا للدراسات الإسلامية، بقسم الدراسات الدينية، بكلية الإنسانيات في جامعة كيب تاون، بجنوب أفريقيا، كما شغل منصب عضو مجلس تحرير مجلة "أدب ونقد"، والتي تصدر في القاهرة، بالإضافة إلى مقالاته بجريدة الأهرام.

هبة طنطاوي: من أجل مشروع فكري حي...

هبة طنطاوي: من أجل
معروف أن الفكر الواقع في فخ الايديولوجيا يميل دائما لحصر جميع المشاكل في مشكلة واحدة، وتقديم حل واحد  لجميع المشكلات وكأنه يقدم الحقيقة الكاملة.  
     ودائما ما انتبه علي مبروك لإيديولوجيات المفكرين وخاصة أصحاب المشاريع الفكرية الهامة، وقد عمل على نقدها سواء في كتبه أو محاضراته، ولكن يبدو أن فخ الايديولوجيا لا ينجو منه المفكر بسهولة، فلم يدرك مبروك أنه قد وقع هو الاخر في فخ الأدلجة الفكرية حينما كرس معظم جهده وإنتاجه الفكري لتفكيك ونقد النسق الأشعري، والعمل على تضخيم دور الفكر الاشعري وامتداد تأثيره إلى اليوم، حتى أصبح الفكر الأشعري وعاء يحوي كل أسباب مشكلاتنا المعاصرة وهو الأساس الأوحد الذي يعتمد عليه الاستبداد السياسي في وجوده واستمراره، ما جعله في بعض الأحيان يقوم بافتراض بعض الفروض بدون أساس قوي ويبني عليها نتائج، وأيضا الوقوع في المغلطات التي طالما حاربها مثل الانتقاء من التراث، والأطلقة الفكرية.
     ولا يمكن بالطبع إنكار تأثير التراثي في واقعنا الحالي ولكن التراث متنوع ومتعدد الجوانب والانساق ولا يمكن افتراض تأثير نسق فكري واحد، وفي المقابل حالة من التشظي والتشتت الفكري في الواقع لا يمكن حصر أسبابها بالكامل وردها إلى نفس النسق الفكري.
     ويجب أن ننوه أن النقد ليس إنكار لمجهود المفكر وليس هدم لمشروعه وإنما هو نقطة إنطلاق لما هو أفضل، ولجعل المشروع حي، فمحاولات تفكيك ونقد فكر مبروك ما هو إلا دلالة على اهمية مشروعه الفكري وتأثيره.

جمال عمر: هل يمكن بناء جديد دون تفكيك القديم في الوعي الجمعي؟

جمال عمر: هل يمكن
تقريبا كل عمليات التجديد الديني منذ القرن التاسع عشر حاولت أن تجدد تحت ضغط الحداثة لكنها في معظمها جددت في الفروع في الفقه وفي مسائله، وكانت عمليات إعادة النظر في الأصول وخصوصا أصول التصورات والعقائد الدينية معدودة ومحدودة، ولذلك فبعد قرن ونصف من التجديد الديني فالحصاد ضعيف وهزيل وشكلي.
فكانت جهود علي مبروك وتركيزها على أصول الدين، وعلى التصورات الأشعرية استكمالا لجهود استاذه حسن حنفي وإعادة نظر نقديا في جهود أستاذه. كل محاولة لاعادة النظر نقديا في عقائد المسلمين وأصولها كانت تُقابل بعنف، وهذا ما حدث مع خطاب مبروك منذ تسجيله أطروحته للماجستير عن النبوة في علم العقائد، ومحاولة إخراجه من السلك الجامعي. وأطروحته للدكتوراة عن الإمامة اللتان أخذتا عقد ونصف من عمر مبروك، وعقدين من العمر للترقية لاستاذ مساعد ثم استاذ، في محاولة لتضيع أقدمية علي مبروك، فلا يكوّن تلامذة ولا مدرسة علمية داخل الجامعة.
رغم كل ذلك فقد قدم خطاب علي مبروك بنية العقائد الأشعرية والخطاب الاعتزالي والخطاب الشيعي الجعفري، وقدم واحد من أهم خطابات نقد الخطاب الأشعري في كتاباته المختلفة. تلك الجهود التي تحتاج إلى أن نستكملها ونبني عليها. من أجل تجديد ومن أجل حداثة أكثر عمقا وفاعلية.

للمزيد عن علي مبروك

شارك